لجنة أگرانات
لجنة أگرانات Agranat Commission، كانت لجنة وطنية للتحقيق، شُكـِّلت لتقصي الاخفاقات في القوات المسلحة الإسرائيلية عند بداية حرب أكتوبر، والتي توصلت إلى أن إسرائيل كانت غير مجهزة للهجوم المصري على خط بارلڤ وللهجوم السوري المتزامن على الجولان - المرحلة الأولى من الحرب والتي سقط فيها 2.182 جندي إسرائيلي.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خلفية
بعد حرب أكتوبر 1973 قامت إسرائيل بتشكيل لجنة لتقصى الحقائق وذلك برئاسة كبير قضاة المحكمة العليا الإسرائيلية، شيمون أگرانات، وقد أصدرت هذه اللجنة تقريرها في 1500 صفحة، لم ينشر منها سوى 40 صفحة فقط. وفي يناير عام 2005 وافق الكنسيت الإسرائيلي، على قانون يمنع نشر ذلك التقرير على الرغم من مرور 30 عام على صدوره في عام 1975.
بعد هزيمة إسرائيل في حرب أكتوبر، رفضت گولدا مئير وديان ومائير تحمل مسئولية عدم إستعداد إسرائيل. وقدم وزير العدل يعقوب س. شابيرو استقالته بعد فشله في إقناع ديان بتحمل المسئولية والاستقالة. هذه الأحداث عجلت بتشكيل لجنة أگرانات. يتيح القانون الإسرائيلى لمجلس الوزراء تعيين لجنة لتقصي الحقائق تملك القوة القانونية لتنفيذ التحقيقات، ومن ثم فقد قررت گولدا مئير، بعد كثير من التردد في أن تسير في ذلك الطريق.
تشكيل اللجنة
كان على أگرانات اختيار أعضاء لجنة تقصي الحقائق طبقاً لقرار مجلس الوزراء، لم يتهرب أگرانات من المسئولية كما فعل مجلس الوزارء فقد كان يستطيع تعيين أي رئيس للجنة وان يتجنب المشاكل، ولخطورة الموقف قرر أگرانات تحمل المسئولية وأن يكون رئيس اللجنة.
شكل أگرانات اللجنة من أعضاء منهم موشه لانداو ليكون بديل له في حال مرضه، وهو زميله ومحل ثقته منذ عملهم سوياً بمحكمة حيفا. بالإضافة إلى لاندو تم اختيار إسحق نبنتسال المراقب العام بالدولة، لم يكن أي من الثلاثة له خبرة عسكرية فعلية ولذا تم إضافة اثنين من الجنرالات إيگال يادين وحاييم لاسكوڤ.[1]
في 18 نوفمبر 1973 أنهى النائب العام الاستشارات الخاصة بتشكيل اللجنة. وفي 21 نوفمبر 1973 تشكلت اللجنة بهدف التحقيق في:
- المعلومات الإستخبارية للأيام التي سبقت حرب أكتوبر عن تحركات العدو ونوايا إطلاق الحرب، تقدير هذه المعلومات، والقرارات التي اتخذت من قبل الجيش المسئول والسلطات المدنية للرد على ذلك.
- الانتشار العام لجيش الدفاع في حالة الحرب، وحالة استعداده في اليوم الذي سبق الحرب، والعمليات التي قام بها لاحتواء العدو.[2]
ولم يتم التحري عن المراحل اللاحقة لتعرض جيش الدفاع الإسرائيلي للهجوم.
عندما أعلن أگرانات عن اللجنة المشكلة، أفاضت عليه وسائل الإعلام والسياسيين بالمديح. صحيفة هارتس عبرت عن رأيها بأن اللجنة تعطي اسرائيل فرصة تحويل الألم الذى تحملته إلى تصرف فعال، ورأت الصحيفة أنه من غير المحتمل أن تصدر اللجنة توصيات قبل انتخابات الكنيست القادمة في 31 ديسمبر 1973.
تم تأجيل الانتخابات إلى شهر ديسمبر بدلا من شهر أكتوبر 1973 وذلك لظروف الحرب، انتهت الانتخابات وكأن الحرب لم تحدث فقد فاز حزب العمل بها والذى يرأس قائمة مرشحيه گولدا مائير وأعضاء من مجلس الوزراء وقت الحرب بما فيهم موشى ديان، وظل حزب الليكود برئاسة مناحم بيگن بالمعارضة، وإن ارتفعت مقاعده بالكنيست إلى 39 مقعد، شغل أحدهم جنرال الاحتياط أريك شارون، الذي كان أحد مؤسسي ليكود. مع ذلك لم يهدأ غضب الشعب، وكان يقابل ديان بصيحات القاتل كما تلقت گولدا مائير نصيبها من عبارات الإهانة. طالب المتظاهرون ديان بالخروج من منصبه وأصروا على أن يتحمل المسئولية، أما گولدا مائير فقد تمسكت بالوضع الراهن.
تقارير اللجنة
صدرت اللجنة ثلاث تقارير، كل تقرير جاء في جزئين، أحدهم طويل ومفصل وعلى أعلى درجات السرية والآخر قصير ومتاح للجميع.
التقرير المبدئي
قدمت اللجنة أول توصياتها في 1 ابريل 1974 والتي فجرت ضجيج هائل صدم الأمة وعرى الحكومة وعرض أگرانات ولجنته لنقد الشعب القاسي. تحول أگرانات واللجنة التي تحمل اسمه من منزلة رفيعة كمنقذين للأمة إلى مجموعة من المنحرفين الذين قدموا معروفاً غير مقبول.
اللجنة أخذت في الاعتبار نوعين من المسئولية، مسئولية الحكومة ومسئولية القيادة العسكرية. بالنظر للحكومة فقد حددت اللجنة سؤال المسئولية وهو هل گولدا مئير وموشى ديان يتحملان المسئولية البرلمانية بسبب فشلهم في توقع الهجوم؟ رأت اللجنة أن ذلك خارج سلطتها القضائية وأن هذا السؤال يدخل في اختصاصات المؤسسات السياسية (الكنيست، الأحزاب السياسية ومجلس الوزارء). ولذلك رفضت اللجنة اقرار المسئولية على قيادة الدولة وتركتها للشعب وممثليه ليكونوا القضاة.
لكن اللجنة لم ترفض مراجعة كافة الأمور المتعلقة بمسئولية القيادة السياسية. فأخذت على عاتقها مهمة تحديد ما إذا كان كلا من رئيسة الوزارء مائير أو وزير الدفاع ديان مسئولين مسئولية شخصية عن فشل إسرائيل في توقع الهجوم. وأن السؤال القانوني هو ما إذا كان كلا من مائير أو ديان مهملين في تأدية واجباتهم الرسمية السابقة للحرب. وقد توصلت اللجنة إلى أن أي منهم لم يكن مهملاً. ولأن اللجنة طرحت جانباً الحكم بالمسئولية البرلمانية وحيث أنها لم تجد المسئولية الشخصية فالنتيجة لا مائير أو ديان مسئولين.
على عكس ذلك فإن القيادة العسكرية لم تكن بهذا الحظ. لأن الضباط العسكريين هم بالأساس موظفين بالحكومة. بخلاف مئير وديان المنتخبين، فاللجنة لم تجد مشكلة في الحكم على تصرفاتهم. وكان الحكم واضحاً وقاطعاً فقد أوصت بفصل رئيس الأركان وجنرالين للفرق وعدد من الضباط الصغار. فقد لاحظت اللجنة أن القيادة العسكرية لديها كل المعلومات الضرورية لتوقع الهجوم ولكن فشل الجنرالات في قراءة ما هو واضح بسبب المفهوم السائد والذي يفترض أن مصر لن تدخل الحرب طالما أن القوة الجوية المصرية أقل من القوة الجوية الإسرائيلية، وأن البلاد العربية لن يدخلوا الحرب بدون مصر، وأن توسيع الحدود الإسرائيلية سيعطي الفرصة للجيش النظامى لصد أي هجوم بكفاءة لحين وصول قوات الاحتياط.
أيضاً الايمان بقدرة المخابرات الإسرائيلية بتحذير رئيس الأركان بوقت كافي. حرب أكتوبر أبطلت كل هذه الافتراضات، لأنهم سمحوا لأنفسهم ليكونوا أسرى المفهوم ولذا كان على هؤلاء الجنرالات الرحيل. بمقارنة الحكم على العسكريين فإن الحكم على الحكومة كان متساهلاً. الشعب والمراقبين كان لديهم مشكلة في فهم كيف أفلت مجلس الوزارء من هذه الكارثة الرهيبة وترك اللوم على القيادة العسكرية فقط. اشتعل غضب الشعب للشعور بأن النتيجة غير عادلة والاحساس بالمعايير المزدوجة.
التقرير النهائي
الجزء الأخير من التقرير نُشر في 30 يناير 1975. بعد اكتماله احتوى التقرير على 1.500 صفحة، 746 صفحة مكرسة للقتال على الجبهة الجنوبية و311 للجبهة الشمالية. 42 صفحة تم نشرها للعامة، والصفحات الباقية ظل سرياً.[3][4] بالإضافة لإخفاقات جيش الدفاع تطرق التقرير للسيطرة المدنية والسياسية على الجيش ووجد أنه "لم يكن هناك تعاريف واضحة...". والمثير للدهشة أنه لم يكن هناك أي تصريح واضح للسيطرة المدنية على الجيش. زعموا أن القانون الأساسي: سلطة مجلس الوزراء (1968) ضمنية عندما ذكر أن لمجلس الوزراء سلطة على المناطق التي لا تغطيها تشريعات أخرى. فيما بعد وجه نقد بأن سلطة مجلس الوزراء أتت من تنظيم جيش الدفاع (1948) والذي منح وزير الدفاع السلطة لتشكيل الجيش. ظهرت أسئلة أخرى حول مئات الأوامر التي أصدرها رؤساء الأركان منذ ذ948 بدون تصريح من وزير الدفاع. هذه الاكتشافات أدتى إلى سن سريع للقانون الأساسي: الجيش (1975). وبنوده الرئيسية هي:
- الجيش يخضع لسلطة مجلس الوزراء.
- الوزير المسئول هو وزير الدفاع.
- القائد الأعلى للجيش هو رئيس الأركان.
- رئيس الأركان خاضع لسلطة مجلس الوزراء ومرؤوس من وزير الدفاع.
لا يزال القانون الجديد يترك بعض القضايا التي لم تحل، مثل من يعين رئيس الأركان؟ هل رئيس الأركان هو أقوى رتبة في الجيش؟
الجدل حول تقرير اللجنة
لماذا استنكر المراقبين للتقرير، كتقرير مشوه وغير عادل، كان هناك نقداً عاماً ونقداً محدداً ويحتوي على جدال سياسي وقانوني. النقد العام يلوم أن سبب حرب ليس الفشل في توقع الهجوم ولكن الرؤية العامة التى تكونت بعد حرب 1967. الرأي العام يرى أن الوضع الراهن مفيد لإسرائيل وأن التغيير مرحب به فقط في حالة إذا ما قبل العرب الشروط الإسرائيلية للسلام. يقول النقاد أن مفهوم مائير-ديان كان أم المفاهيم وولد بالتالي المفهوم العسكري الذي شجبته اللجنة. كما أن اللجنة فشلت كما قال النقاد في أنها لم تستطع تحديد الأشخاص المسئولين فعلاً عن الشعور بالنشوة بعد حرب 1967 وعدم تطوير الجنرالات لمفهومهم العسكرى.
بدأت اللجنة بهذا السؤال في تحليل لموضوع المسئولية الشخصية، ما هو المعيار الملائم للمراجعة؟ هل كان يجب أن تضع اللجنة في اعتبارها حقيقة أن ديان نفسه خبير عسكري وبطل حرب حاز على اعجاب الإسرائيلين منذ نشأة الدولة؟ أم كان يجب تجاهل مواصفات ديان الخاصة وتطبيق معيار وزير الدفاع العادي؟ لقد طبقت اللجنة على ديان معيار السلوك العادي. في نظر النقاد كان هذا لطمة قانونية وتحوير وتلاعب بالألفاظ لتبرئة ديان. الشعب فشل في فهم كيف تجاهلت اللجنة الخبرة العسكرية لديان والتي جعلته وزيرا للدفاع في عام 1967.
وبخلاف ما وصفته اللجنة كمعيار السلوك العادي بأنه كان مناسباً فإن الشعب يرى أنه غير مناسب. فالحقيقة أن ديان أصدر تصريحات متناقضة. على الرغم من توقعه الحرب في ربيع عام 1973، فقد استبعد أيضاً حدوث الحرب وأن حدود إسرائيل آمنة. في صيف عام 1973، أجرى ديان تغييرات هيكلية هامة أعطت فكرة خاطئة بأن الحرب غير وشيكة. وكان قرار استبدال الجنرال الخبير أريل شارون بآخر غير خبير وهو شموئيل گونين لرئاسة الجبهة الجنوبية. لو أن ديان آمن بوجود حرب فلماذا سلم أخطر الحدود لضابط غير خبير.
هذا النقد كشف عن شعور عميق بالخيانة للصفوف الأعلى بالقيادة العسكرية بعد صدور أول تقرير للجنة. صعق الضباط الذين تطلعوا لوقوف ديان بجانبهم - بعد صدور تقرير اللجنة - عندما علموا أن ديان يطور دفاع قانوني منفصل لتصويره كمدني برىء تم تضليله بواسطة فريقه من الخبراء العسكريين. بينما كان الضباط بصدد إتباع "كود الشرف" واطلاع اللجنة على الحقيقة، كان ديان الماكر يوظف مستشاريين لامعيين لتحوير الأدلة والهروب من المسئولية. لقد آمنوا بأن ديان يحاول التأثير على اللجنة كما نجح من قبل في التأثير على الجيش خلال السنين الماضية . وكانوا مقتنعين ان الجنرالان يادين ولاسكوف أعضاء اللجنة كان لهم الفضل في ذلك.
رد أگرانات
إعتقد أگرانات بشدة في التمييز بين المستويات المدنية والعسكرية ويرى أن ذلك صحيح وهام ولكن أسىء فهمه. من مبادئه أن اللجنة المعينة لا تقرر استمرار مجلس الوزراء في الحكم من عدمه لانها اساسا مسئولية الكنيست والأحزاب السياسية الممثلة وكان يرى أن الموقف الإنجليزي واضح في هذا الموضوع فالمسئولية البرلمانية يجب أن تراقب وتناقش بواسطة البرلمان. وفى مقابلة مع اجرانات كان يؤكد على نفس الوضع الذى حدث للرئيس الأمريكي، فالرئيس الأمريكي لا يتم عزله بواسطة لجنة تقصى الحقائق ولكنها مسئولية الكونجرس لأداء تلك المهمة.
ذكر أگرانات ابراهام لنكون - الرئيس الأمريكي خلال الحرب الأهلية والذى يحترمه أجرانات كثيرا- فقد عانى من عدد من الهزائم عندها تم استبعاد الجنرالات واستمر لنكولن في الحكم. آمن أجرانات بأن كلاً من مئير وديان يمكن استبعاده فقط بواسطة الإجراءات السياسية. وأصر أجرانات مع ذلك على أنه من الخطأ الجزم بأن اللجنة برّأت القيادة المدنية.
لم يكن سهلاً على أگرانات تقبل ادانة اللجنة لداڤيد أليعازر رئيس الأركان. كان منتبهاً للهوة الشاسعة بين تطبيق المعيار الصارم على أليعازر وانهاء خدمته والمعيار اللين الذى تم تطبيقه على ديان. يتذكر اجرانات ليلة مؤرقة قبل اضافة اسم اليعازار لتوصيات اللجنة . لقد كان قلقا من أن تلك التوصية الصارمة ستغطى على نجاح قيادته العسكرية التى ظهرت أثناء الحرب لكنه وجد نفسه غريبا وسط اجماع اللجنة ، وللمحافظة على اجماع اللجنة تقبل فكرة زملائه ، ولذا كان على اليعازار الرحيل.
اللجنة والصحافة
منذ نشر أول تقرير للجنة حتى ظهور التقرير النهائي بعام، أصبحت اللجنة هدفا لتغطية قاسية وحقودة ومريرة. تقارير الصحافة في ذلك الوقت تظهر أگرانات كرجل صامت، يرفض الأجابة على ما تكتبه الصحافة ويدخن غليونه باستمرار على الرغم بأن داخله يعكس ضغط شديد. لقد تألم أكثر عندما طالت تلك الحملة عائلتة، فإسم أجرانات غير مألوف وكان يتم التعرف على عائلته بسبب ذلك الاسم واحيانا يتم مضايقتهم.
المصادر
- ^ "لجنة أجرانات". حرب أكتوبر، الجزء13 من كتاب قاضي في أورشليم - رئيس العدل شيمون اجرانات والقرن الصهيوني. Retrieved 2013-10--6.
{{cite web}}
: Check date values in:|accessdate=
(help) - ^ Dayan, Moshe, "Story of My Life." ISBN 0-688-03076-9. 1976. Page 592.
- ^ Frankel, page 271.
- ^ Laquer, Pages 491,492.
قراءات إضافية
- The Yom Kippur War: The Epic Encounter That Transformed the Middle East by Abraham Rabinovich. ISBN 0-8052-4176-0
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وصلات خارجية
- Agranat Commission lexicon entry Knesset website (إنگليزية)