معركة المذار
معركة المذار (17 أبريل 633) بين جيش الخلافة الإسلامية وجيش الساسانيين.
قبل أن يصطدم هرمز قائد الجيوش الفارسية في ذات السلاسل في الجنوب العراقي مع جيوش المسلمين بقيادة خالد بن الوليد، أرسل لـ 'كسرى' يطلب منه الإمدادات، ويعرفه بطبيعة الحال، ومكان خالد بن الوليد، فأرسل 'كسرى' لـ 'هرمز' إمدادات بقيادة القائد الكبير 'قارن بن قرباش'، وأمره بأن ينجد جيش 'هرمز'، وفي نفس الوقت يمنع مدينة 'الأبلة' من السقوط في أيدي المسلمين لأهميتها كمنفذ بحري وتجاري للفرس مع العالم الخارجي .
ونظرًا لثقل الجيوش الفارسية في التحرك، فإن خالد وجيشه سبقهم، وانفرد بـ 'هرمز' وجيشه وانتصر عليهم، وقتل هرمز، وعندها توجه 'قارن' وجيوشه ومن لحق به من فلول المنهزمين من جيش 'هرمز' في ذات السلاسل إلى منطقة 'المذار'، وجعل النهر وراء ظهره، ووضع السفن فيه استعدادًا للهروب إذا كانت الدائرة عليه، وبقدر الله ينشأ بين الفرس جدال وخلاف في كيفية مواجهة جيوش المسلمين؛ فالمنهزمين من جيش هرمز قد تقابلوا مع خالد والمسلمين من قبل، فلذلك يفضلون التحصن في المدينة انتظارًا لقدوم المسلمين، والإمدادات القادمة بقيادة 'قارن'، أما الفئة التي لم تر المسلمين من قبل ولم تذق من بأسهم رأوا أن يخرجوا للصدام مع خالد وجيوشه.
وكان خالد بن الوليد يعتمد في حروبه دائمًا على سلاح الاستطلاع الذي ينقل أخبار العدو، ولقد نقلت له استخباراته أن الفرس معسكرون في المذار، فأرسل خالد للخليفة أبي بكر يعلمه بأنه سوف يتحرك للمذار لضرب إمدادات الفرس هناك، ثم اتجه مباشرة للمذار بسرعة خاطفة، وأرسل المثنى بن حارثة كطليعة للجيوش، واقترب الجيشان، وكان تعداد الجيش الفارسي ثمانين ألفًا، في حين أن جيش المسلمين تعداده ثمانية عشر ألفًا، فلما اطلع خالد على أرض المعركة وجد أن الفرس قد وضعوا في نهر دجلة سفنًا خاوية استعدادًا للهروب، فأمر جنده عندها بالصبر والثبات في القتال .
وكان أول وقود المعركة هو خروج القائد الفارسي 'قارن' ـ وكان شجاعًا ـ للمبارزة؛ فخرج له رجلان: خالد بن الوليد وأعرابي من البادية اسمه 'أبيض الركبان معقل بن الأعشى' فسبق أبيض خالدًا، وانقض كالصاعقة على 'قارن' وقتله في الحال، وبعدها مباشرة انقض عاصم بن عمرو على القائد الفارسي الآخر 'الأنوشجان' فقتله، ثم انقض الصحابي الجليل عدي بن حاتم على القائد الثالث 'قباذ' فقتله في الحال! فأصبح الجيش الفارسي بلا قيادة، ولكن لم يمنعهم ذلك من القتال على حنق وحفيظة على المسلمين، ولكن لغياب القيادة اضطرب أمر الجيش الفارسي، وعمه الارتباك، وما لبث جنود الفرس حتى هربوا في كل مكان، وألقوا أنفسهم في النهر وهم عراة، وقتل منهم في أرض المعركة ثلاثون ألفًا غير من غرق في النهر .
بتلك المعركة استقر الجنوب العراقي في أيدي المسلمين، وسيطر المسلمون على أهم مواني الفرس، وهي الأبلة.