مارسل پروست
مارسـِل پروسـْت | |
---|---|
Marcel Proust | |
وُلِدَ | |
توفي | 18 نوفمبر 1922 | (aged 51)
المثوى | Père Lachaise Cemetery |
التعليم | Lycée Condorcet |
المهنة | |
العمل البارز | في البحث عن الزمن الضائع |
الوالدان | Adrien Achille Proust Jeanne Clémence Weil |
الأقارب | Robert Proust (brother) |
التوقيع | |
مارسـِل پروسـْت (النطق الفرنسي: [maʁsɛl pʁust]؛ 10 يوليو 1871 – 18 نوفمبر 1922)، روائي، ناقد، كاتب مقالات فرنسي اشتهر برواية À la recherche du temps perdu (في البحث عن الزمن الضائع؛ والتي طبعت على سبع أجزاء فيما بين 1913 و1927.
"الفنان هو شخص يحيا وحيدا ولا يعتبر الأشياء المرئية ذات قيمة مطلقة، ولايمكنه العثور علي تدرجية القيم إلا في نفسه". الروائي الفرنسي مارسيل بروست "1871-1922" من خلال عمله الذائع الصيت: "في البحث عن الزمن الضائع" ويمكن القول أن هذا العمل الهائل كما وكيفا هو سيرة بروست منذ الطفولة وحتى سنوات الشباب عندما استهواه الأدب.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حياته
ولد مارسيل بروست بالقرب من باريس لأب كاثوليكي وأم يهودية ودرس القانون والأدب، تخرَّج في إحدى مدارس الليسيه الفرنسية المرموقة كما درس في السوربون، وعاش حياة اجتماعية واسعة مختلطاً بالطبقة الراقية التي شكلت مادة خصبة لكتاباته الروائية.
عانى من مرض الربو منذ طفولته، وأصبح مبتعداً عن المجتمع مع حلول عام 1897 بعدما ازدادت حالته الصحية سوء. كما أثرت وفاة والدته في عام 1905 على جعله أكثر انعزالاً.
ولكنه علي الرغم من صحته الهشة، واصابته المبكرة بالربو، إلا أنه كان شابا ممتلئا حيوية. بل أنه في سنوات المراهقة أسس مجلة أدبية سماها "المائدة" ولم تكفه المعارف التى حصل عليها بجهده الخاص، بل حصل على شهادات عليا في الفلسفة والقانون.
وقد ساعده اهتمامه بالناقد الفنى الانجليزى روسكين على الالمام بأسرار الفنون التشكيلية والموسيقى والفن المعماري. أما ثقافته الواسعة فقد منحته القدرة على كتابة مقالات نقدية من طراز رفيع، حول سانت بوف وفلوبير وميشليه و ارنست رنان وآخرين.
شهرة بروست
في بداية 1919، كان مارسيل بروست مريضا. ولم يكن يملك القوة لا لتنقيح وتصحيح عمله "في البحث عن الزمن الضائع"، ولا حتى لفتح الرسائل التي كانت تصله.
وكان المجلد الأول من العمل المذكور قد صدر على نفقته الخاصة. واما الثاني فكان قد صدر عن دار غاليمار التي لم تكن تصدر حسب قوله غير اعمال عدد محدود من الكتاب من امثال بول سوران وبول كلوديل واندريه جيد وشارل بيغوي، وكانت تلك الفترة صعبة جدا بالنسبة له.
فصاحبة المنزل كانت ترغب في بيعه. لذا كان عليه ان يدفع الايجار الذي لم يدفعه منذ ثلاثة اعوام، والا فإن الطرد سيكون مصيره. وبسبب القلق الذي كان يعاني منه، كان يشرب القهوة تلو الاخرى حتى يتجاوز العشرين احيانا.
وبدأت تظهر بارقة امل عندما أعلمه صاحب دار "غاليمار" انه سيصدر المخطوط خلال اسبوعين. غير ان جاك ريفيير الذي كان يدير "المجلة الفرنسية الجديدة" التابعة للدار المذكورة، عرض عليه نشر فقرات من المخطوط في العدد الذي سيصدر أول الصيف.
وبما ان ذلك سوف يؤجل اصدار الكتاب، فإن مارسيل بروست رفض العرض بشدة. ثم ازدادت الظروف سوءا عندما اضطر الى ترك بيته القديم ليسكن في شارع صاخب ضاعف من مرضه وخوفه من الموت. بالاضافة الى ذلك كان جيرانه يؤرقونه ليلاً ونهاراً بصراخهم حتى انه كان احيانا يعتقد أن هناك رجالا ونساء "يذبحون من الوريد الى الوريد".
وفي العاشر من ديسمبر 1919، منح جائزة "غونكور" الشهيرة. وكتبت عنه وعن عمله عشرات المقالات وهكذا اطمئن مارسيل بروست الذي ظل ينتظر الشهرة، اذ اصبح بين عشية وضحاها من مشاهير الكتاب في فرنسا.
مرددا: "علي الكتابة أن تكون مفتوحة علي كل الجهات، أن تكون سفرا من دون بداية ونهاية، وعلي الكاتب أن يحلم بمثل هذا السفر دائما".
مفهوم الأجيال الصاعدة
الأدب الفرنسي |
---|
بالتصنيف |
تاريخ الأدب الفرنسي |
العصور الوسطى |
كتـّاب الفرنسية |
قائمة زمنية |
بوابة فرنسا |
بوابة الأدب |
فى أواخر القرن التاسع عشر، كان مارسيل بروست يكتب ملاحظاته الفنية والأدبية في أجندته الخاصة . وكانت هناك ملاحظة عن "الأجيال الصاعدة" وردت في الجزء الثاني من روايته " في البحث عن الزمن الضائع" المسمى "في ظلال ربيع الفتيات" كتب مارسيل بروست في ملاحظته متسائلا عن مدى تأثير الأعمال الأدبية والفنية في المناخ الأدبي العام من حيث خلق جيل جديد صاعد، هو ابن شرعي لهذه الطفرة الإبداعية. فالعمل الفريد كالقائد الذي يتقدم المسيرة ويفتح الطريق لمن يأتى بعده.
يوضح مارسيل بروست : أن الأجيال القادمة أو الصاعدة هي أجيال العمل الإبداعي الفريد. ولكن إذا صدر هذا العمل الفريد وتم تجاهله واختفاؤه وعدم الالتفات إليه مدة طويلة خلال عصره، ثم تم اكتشافه ولفت الأنظار إليه على يد الأجيال الأحدث، فإن هذه الأجيال لن تكون" الأجيال القادمة" بل سيكونون جماعة من المعاصرين توقفت بهم حركة التطور مدة اختفاء أو إهمال ذلك العمل الأدبي حتى وقت الالتفات إليه وإدراك قيمته !
إذن ـ في رأى بروست ـ أن الأجيال "الصاعدة" هي التي تتخلق بذرتها من بزوغ عمل فريد عبقري معاصر لها، يؤثر فيها ويدفعها إلى إدراك نواحي الجمال الفريد فيه، التي لم تتوفر في أي عمل آخر معاصر له .
في البحث عن الزمن الضائع
- مقالة مفصلة: في البحث عن الزمن الضائع
"إن فرض الكتابة هو فرض العثورعلي الذات إزاء الآخرين بل حتي ضدهم"
صدرت أول أعماله عام 1896 تحت عنوان "الملذات والأيام" أما أهم أعماله على الإطلاق فهي رواية "في البحث عن الزمن الضائع" التي صدرت في 15 جزءاً و7 مجلدات في الفترة ما بين عامي 1913 و1927، وهي تُعتبَر واحدة من أهم الأعمال الروائية المعاصرة.
ورغم أن بروست كان كاثوليكي النشأة فرنسي الثقافة لا يرتبط عقائدياً أو وجدانياً باليهودية، فإن كثيراً من الأدبيات والمراجع اليهودية تُصنِّفه باعتباره يهودياً، فإن تناول بروست للشخصية اليهودية في روايته "في البحث عن الزمن الضائع" دفعت البعض لوصفه بمعاداة اليهود.
فروايته تضم ثلاث شخصيات يهودية رئيسية، وتتميَّز شخصياته اليهودية بالتَكبُّر الشديد ولكنه تكبُّر يخفي وراءه شعوراً عميقاً بعدم الأمان، فاليهود في نظر بروست أقلية مضطهدة يتملكها جنون الإحساس بالاضطهاد والارتياب الشديد في الآخرين، وهم "جنس ملعون" أشبه بالشواذ جنسياً، على حد قوله. قدم من خلالها رسم دقيق لأماكن ارتادها ولنساء ورجال التقاهم معظمهم من الفئات البورجوازية والارستقراطية واستعراض لاحداث سياسية وثقافية وفنية عاشها الكاتب أو عايشها.
وفي بداية كتابته للرواية كان يتسائل: هل أنا روائى؟
يقول خيري عبد الجواد عن هذه الرواية : أنها مغامرة كائن رائع الذكاء، مريض الاحساس ينطلق منذ طفولته في البحث عن السعادة المطلقة، فلا يلقاها في الأسرة ولا في الحب ولا في العالم كله، ويرى نفسه منساقا الى البحث عن مطلق خارج الزمان، شأن المتصوفين من الرهبان، فيلقاه في الفن، مما يؤدى الى اختلاط الرواية بحياة الروائى.
صدر الجزء الأول من الرواية عام 1913 واكتملت في جزئها السابع عام 1927 ، بعد وفاة كاتبها بخمس سنوات.
ثلاثة عشر عاما هى ما استغرقته كتابة هذه الرواية الضخمه، واصل فيها بروست العمل ليل نهار حتى يستطيع اتمام مشروعه الأضخم في تاريخ الرواية العالمية دون كلل أو ملل حتي توفى في الحادية والخمسين من عمره.
"في البحث عن الزمن الضائع" رواية يركز فيها الكاتب على نظرته الى العالم عبر تفتت الزمن رواية تضم شخصيات متفسخة ومتآكلة ومندثرة تقول: ان زمنها - على الرغم من تشبثها به - قد انتهى أو كاد، ولابد من انتظار الشيخوخة البائسة والموت والزوال.
وهذه الرواية، وإن لم تكن سيرة ذاتية، إلا أنها تستمد كثيراً من شخصياتها وأحداثها من تجارب بروست وذكرياته الشخصية ويتخللها عدد من الأفكار المحورية التي تتكرر في أشكال مختلفة عبر جميع الأجزاء، مثل الإغراء الدائم للأرستقراطية الفرنسية، والشذوذ الجنسي، وفكرة الحب التي اعتبرها بروست نوعاً من المرض أو الوهم، ثم موضوع الزمن الذي اعتبره بروست السيد النهائي للإنسان والكون.
فالحياة في مجراها ليست إلا زمناً مفقوداً وأوهاماً زائلة، والذاكرة والفن هما السبيل الوحيد لاستعادة هذا الزمن المفقود وتحويل الأوهام إلى أشكال ملموسة من الجمال الأبدي.
وفى الجزء الأخير من الرواية يصرح بروست قائلا:"ان الحياة الحقيقية، الحياة التى تم أخيرا اكتشافها وتوضيحها، الحياة الوحيدة المعيشة بامتلاء، هى الأدب " .
ووفقا للنقاد يتميَّز أسلوب بروست الأدبي بانتمائه إلى التراث الأدبي الفرنسي الكلاسيكي، فقد تأثر بفلوبير وسان سيمون كما تأثر بالأدب الإنجليزي، وخصوصاً أدب ديكنز وجورج إليوت وراسكين، ويُقال أيضاً إنه تأثر بوردزورث ومفهوم الذاكرة عنده.
والذاكرة لدي بروست لها بعد خاص فهي ليست مستودعا للذكريات فحسب، بل هى طاقة للديمومة والتغيير، ويعتبر بروست من أهم الكتاب الذين أعاروا الذاكرة اهتماما بالغا.
وفي الرواية يقول: "أنا هنا، الآن، لأن الصراحة أتت إلي في هذه اللحظة عندما كنت اشرب الشاي مع قطعة الحلوى، حياتي متعلقة بهذه اللحظة، وأنا استنفر جميع قواي لأعطي نفسي لهذه الحالة، لأعيشها، لمعرفة ما يمكن لها ان تعطيني ... لتحيي جسدي وروحي الميتة، لاني لا استطيع ان احييها بنفسي وأملئها بالحياة، لا يمكن ان اشعر بالسعادة بالحب بالشجاعة من تلقاء نفسي... ولكني هنا أحاول ان امد هذه الحالة قدر الامكان، وان حالفني الحظ سأعرف الحقيقة، سأحيا".
مارسيل بروست والأجيال الصاعدة
ما علاقة مارسيل بروست بالأجيال الجديدة أو الصاعدة على حد تعبيره ؟ وهل كانت إشكالية ما يسمى بالأجيال الصاعدة موجودة في أواخر ذلك القرن البعيد بحيث يهتم بها مارسيل بروست صاحب " البحث عن الزمن المفقود " ؟
وهل كان يقصد بالأجيال الصاعدة تلك الأجيال الجديدة التي في بداية طريق الإبداع .. أم كان يقصد شيئا آخر ؟
فى أواخر القرن التاسع عشر، كان مارسيل بروست يكتب ملاحظاته الفنية والأدبية في أجندته الخاصة . وكانت هناك ملاحظة عن "الأجيال الصاعدة" وردت في الجزء الثاني من روايته " البحث عن الزمن المفقود " المسمى في "في ظلال ربيع الفتيات".
ولم يكن بروست فقط هو الذي يتميز بإدخال مثل هذه الملاحظات أو مناقشة الكثير من نظريات الفن والثقافة والفلسفة في أعمالهم الأدبية. إذ كان هناك على سبيل المثال تولستوى في روايته "الحرب والسلام"،وديستوفيسكى في "الاخوة كرامازوف" ،و اندريه مارلو في روايته "الأمل"، وفى الكثير من أعماله الأخرى ، حيث يتجلى تأثير الثقافة ومعارف العصر .
كتب مارسيل بروست في ملاحظته عن الأجيال الصاعدة متسائلا عن مدى تأثير الأعمال الأدبية والفنية في المناخ الأدبي العام من حيث خلق جيل جديد صاعد،هو ابن شرعي لهذه الطفرة الإبداعية. فالعمل الفريد كالقائد الذي يتقدم المسيرة ويفتح الطريق لمن يأتى بعده .
يوضح مارسيل بروست : أن الأجيال القادمة أو الصاعدة هي أجيال العمل الإبداعي الفريد. ولكن إذا صدر هذا العمل الفريد وتم تجاهله واختفاؤه وعدم الالتفات إليه مدة طويلة خلال عصره ، ثم تم اكتشافه ولفت الأنظار إليه على يد الأجيال الأحدث، فإن هذه الأجيال لن تكون " الأجيال القادمة" بل سيكونون جماعة من المعاصرين توقفت بهم حركة التطور مدة اختفاء أو إهمال ذلك العمل الأدبي حتى وقت الالتفات إليه وإدراك قيمته !
إذن ـ في رأى بروست ـ أن الأجيال القادمة(الصاعدة) هي التي تتخلق بذرتها من بزوغ عمل فريد عبقري معاصر لها، يؤثر فيها ويدفعها إلى إدراك نواحي الجمال الفريد فيه، التي لم تتوفر في أي عمل آخر معاصر له .
على صعيد آخر،وبصورة مختلفة نسبيا، ولكنها تؤدى إلى نفس المنحى، يقول الكاتب اندريه مالرو أن الفنون العظيمة هي التي تخلق الفنون العظيمة ،أو أن الفنون العظيمة هي إفراز لفنون عظيمة سابقة . فهي تفتح آفاق الخيال والمخيلة وهى التي تخترق حواجز لم يكن يظن أنها تخترق أو قابلة للوجود ، وهذا هو سر التطور بل الطفرات التي تحدث في مجالات العلوم والفنون .
ويبدو أن مارسيل بروست كان يتنبأ بما سيحدث قبل أن تخرج روايته الضخمة إلى الوجود، ومدى الخسارة التي ستقع على الأجيال المقبلة ، إذا لم يلتفت إلى أهمية روايته بالنسبة لروايات ذلك العصر، وشعوره بأنه يهدى إلى الأجيال الصاعدة والمقبلة هذه الطفرة التي تفتح لهم سبلا جديدة في التعبير الإبداعي ، وإذا كان في مقدورهم أن يتمثلوها أو يتجاوزوها .
لفتت نظري ملحوظة مارسيل بروست،وتساءلت مع نفسي عن دورة التأثير والتأثر في أدبنا العربي بكل أجناسه ،وعن مدى إدراكنا ووعينا بالإنجازات الفريدة في تاريخنا الأدبي ومسيرتنا الإبداعية،سواء كانت من الأعمال الرائدة أو الأعمال الحديثة .
ولا أريد أن أندفع نحو ساحة الأسماء والأعمال التي مرت في حياتنا الأدبية،وعبرت ذاكرتنا ،وكأنها ما مرت ولا عبرت . وخشية النسيان ، فأنا أيضا واقع تحت تأثير العجلة الدوارة التي تهضم كل شئ لتحيله إلى تراب أو عدم . ولولا نشاط المجلس الأعلى للثقافة في مصر وعلى الساحة العربية والثقافة العالمية لانمحى كثير من الوجوه والأعمال التي أسست للحركة الثقافية الحديثة من ذاكرتنا . لقد قام المجلس الأعلى للثقافة في تنشيط الذاكرة واستعادتها بالنسبة للعديد من الكتاب والمفكرين مثل توفيق الحكيم ولويس عوض ويحيى حقي ويوسف إدريس ومحمود البدوي واحسان عبد القدوس وكثيرين غيرهم .
تساءلت عن التقاعس في إهمال عدد كبير من أعمالنا الأدبية والثقافية ، توارت خلف صفحات التاريخ ،من حيث أنها أعمال جديرة بالاهتمام ، وما زالت تحتفظ بجدتها رغم وجودها في ملفاتها القديمة ، وتستطيع أن تجدد أنماط الإبداع عندنا بدلا من استيرادها من الخارج ، والتي تكون في أحيان كثيرة بضاعة قديمة أو غير طازجة !
لذلك ستظل قطاعات كبيرة من أجيالنا لا تعرف ركائزها ولا تواصلها وستظل تدور في دوائر وجزر منفصلة، غائبة مغيبة، تحارب في مواقعها ومنها،دون تلاحم يعكس تيارا عاما متعدد الرؤى ، يثرى بعضه بعضا ، يرتكز على قاعدة سليمة التكوين من التاريخ والتراث الثقافي والأدبي .
لقد بادر أكثر من جيل بالتصدي لهذه الإشكالية بحلول من عنده محاولا الخروج من الأزمة . لكن لا بد من تضافر الجهود بين المؤسسات والهيئات الثقافية والجمعيات والنوادي الأدبية ومعها منابر النشر والدخول في حوار بناء مع الأجيال ومع أعلام الفكر في بلدنا لخلق منظومة قومية للثقافة العربية في ظل أسس ومنهج واضح ،وفى سبيل خلق العقل المنظم.
وما أدرانا بالعقل المنظم؟
هذا ما أثاره ملاحظة مارسيل بروست في روايته "البحث عن الزمن المفقود ".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عن أعماله
عالم مارسيل بروست بين الذاكرة والاسلوب - الشبحية في متّون البحث عن الزمن الضائع - عدنان المبارك
أصدر ميخائيل ماركوفسكي الباحث البولندي المختص بأدب مارسيل بروست كتابا ثمينا حوي تراجم لعدد من نصوص الكاتب الفرنسي التي كان قد كرسها لقضايا الأدب وغيره. وسبقت التراجم مقدمة لماركوفسكي يمكن إعتبارها دراسة مبسطة لبعض أبعاد إرث بروست. يتناول هذا الباحث ظاهرة ما يسمي بالشبحية لدي بروست الذي كان قد أومأ إليها لأكثر من مرة في أعماله، مثلا يكتب في الجزء المعنون (الوقت المستعاد) من مؤلفه الرئيسي: (الأشباح أثارت إهتمامي علي الدوام ...). ومعروف أيضا قوله بأن اللغة والأدب يملكان بعدا شبحيا.. وعامة هناك وصفه للعلاقات بين الناس وفق مراتب الشبحية والطيفية واللاحضور والبون ببعديه المكاني والنفسي.
وكان جيل ديلوز قد إستهل كتابه المعروف عن بروست (بروست والإشارات) من عام 1964، بالقول إن (في البحث عن الزمن الضائع) ليست بدراسة مكرسة للذاكرة أو طبيعة الزمن بل هي عمل يحكي عن تعلم بروست وشتي أنواع التمرين والتدريب التي مرّ بها، إنه صيغة حديثة لما يسميه الألمان برواية التعلم (بيلدونغزرومان) التي نلقاها في عدد من أعمال غيته مثلا. ففي مؤلف بروست نتابع التطور الفكري والروحي وسط إشارات يرسلها العالم وتأخذ شكل تفسير متلاحق. ومثل هذا التفسير ليس هو بمسلسل روائي حسب بل هوكامل الإرث الأدبي لبروست، ولذلك كان من المفيد الرجوع الي نصوصه المبكرة ولو أنها كانت الصيغة الأولي لتلك المقاطع المعروفة من أجزاء (في البحث عن الوقت الضائع) وكما هي الحال في مؤلفات جويس. معلوم أن العمل البروستي لا ينمو أفقيا كتوصيف يغور في تفاصيل أعمق فأعمق لأحوال حدس سابقة، ولدي كلي هذين الكاتبين يكون العمل النهائي ليس بلورة بل بالأحري أحوال عودة مفاجئة وسياقات محددة من جديد تمنح معني مغايرا للمقاطع السابقة. وبعد مطالعة (في البحث عن الوقت الضائع) قد ينشأ إنطباع بأن (سنوات التعلم) لدي الراوية تبلغ ذروتها في بضع لحظات حين يكشف في جزء من الثانية عن طبيعة الواقع، وأن هذه اللحظات هي من هبات الذاكرة. أن تلك الذروة لن تكون أمرا ممكنا بدون ذلك الوقت الضائع.. من دون وقت المحاولات والأخطاء حين يعثر الراوية في ذاته علي مختلف الأدلة علي الهوية وفي الوقت نفسه يكتشف استمراريتها. في هذا الكتاب نجد المقالات الطويلة والسكتشات التي يتقدم بروست فيها كمنّظر ومعن بالأستيكيا. ومعلوم أنه كانت في نية بروست تأليف كتاب كبير يناويء فيه مفاهيم سان ــ بيف. وتبين مقدمة الكتاب أن بروست لم يكون حازما في إختياره لأستيتيكا معينة، بل وقع ولأكثر من مرة في تناقضات بشأن خياراته الفلسفية عامة. إذ كانت إحالاته كثيرا ما تخص تقاليدا متعارضة. وحصل هذا الشيء حتي عام 1908 حين نشر بروست مقالاته الهجومية وبدأ كتابة مؤلفه الكبير. معلوم أنه في منتصف تسعينات القرن التاسع عشر كان يقرأ كارليل وإمرسن ورسكن مما يسمح بتحديد أي فلسفة للفن كانت في محط إهتمامه. وكان جيل ديلوز قد كتب عما سماه (أحوال الجوهر المثالية) التي كانت المعادل البروستي للأفكار الإفلاطونية. إلا أن أفلاطونية بروست لم تكن واضحة تماما، ويمكن القول بأنها جاءت محض تجربة ومحاولة وجدهما الباحث البولندي نوعا من الحساسية أو مناخا يقترن في الذهن بالمثالية الإفلاطونية. ويشير هنا الي مقال لبروست من عام 1896 إنتقد فيها الشعراء من جماعة مالارميه مشككا بصحة تكرسهم للقيم اللغوية وممارساتهم التجريبية، ومدافعا في الوقت نفسه عن وضوح اللغة وبساطتها. ولكن المفارقة تكمن هنا بأن هذا المقال كان أيضا دف8اعا عن الشعر الرمزي ولكن في بوتقة بودلير و جوتييه.. وفي واقع الحال كان بروست قريبا، من الناحية اللغوية، من الشعراء الذين وجّه نقده إليهم حتي أن لهجات مالارميه لم تكن غريبة علي نهج تفكيره وأسلوبه. وفي الحقيقة كان المقال في الجوهر مانفستا برنامجيا لبروست نفسه. وبعد محاولة فاشلة، في البدء، لكتابة رواية (جان سانتويل) يكرس بروست وقته لترجمة رسكن. وفي عام 1900 يرحل رسكن. كان بروست حينها في فينيسيا منهمكا في ترجمة مؤلف رسكن(إنجيل كاتدرائية آميين). وخلال السنوات الخمس التالية يصبح خبيرا برسكن، ويكتب عددا من النصوص التي يوضح فيها إنسحاره بهذا الشاعر والتشكيلي والناقد وأستاذ جامعة أكسفورد وفيلسوف الفن والروحاني الإنكليزي المعروف الذي وجد في دعوته تأكيد أحوال حدسه وذلك الإنبهار الأستيتيكي والإنسحار بالجمال وعبادة ظاهرة الفن مكررا مقولة رسكن المعروفة عن الدور المهم الذي يؤدية الفن في خدمة الحقيقة. ويقول هنا: (إن المتعة الأستيتيكية ستأتينا في وقتها). إذ أن الأهم هو البحث عن الواقع المثالي والنهائي.. يكتب ماركوفسكي أن إعجاب بروست برسكن تحوّل حينها الي نزوع طاغ للتطابق معه علي الرغم من التباعد القائم بين الاثنين في شتي الأفكار والتصورات . فرسكن وجد أن العصر الذهبي لأوربا كان في زمنين : اليوناني والوسيطي، في حين أن بروست كان علي يقين بأن جوهرالإنسان يتكشف في حقيقة طاقاته التطورية وأن المستقبل هو بعبارة أخري إكتشاف فضاء رحب لتلك الطاقات. يسوق ماركوفسكي مقطعا من (في البحث عن الوقت الضائع) ليعزز رأيه بأن بروست لم يضع اللغة الواضحة في كفة ميزانه وفي الأخري الرمزية المظلمة. فمثل هذا التعارض فقد أهميته ولأن الإشكالية تبدأ عند نقطة الإنطلاق أي في داخل اللغة . وبدل هذا التعارض يأخذ بروست بآخر:(الشيء في ذاته) وفق عمانوئيل كانت، والمعني الذي نعثر نحن بانفسنا عليه ــ المعني الذاتوي المرتبط ببعد واحد والخاضع لقوانين البصر التي هي ليست شرط النظر حسب بل هي حتمية التشويه والمختصرات أو نقلات الصورة الراهنة لدرجة أكبر أو أصغر. كذلك فهي كامل الرؤية الشبحية : التأملات،الإنعكاسات والأخري التي جاءت بها المصادفة، حالات الإيهام البصري وغيره. ويجد ماركوفسكي أن عالم بروست هو تناظرات غير متوقعة وتوازيات وحالات هذا التكرار وذاك، ولهذا كله معناه وأهميته في استراتيجية السرد التي أخذ بها بروست. وبالفعل فبوتقته كانت تستقبل كل المواد..كان بروست يتهيأ لكتابة (رواية عظيمة) علي حد قوله. في البدء شمل هذا المشروع الهجوم علي أستيتيكا سان ــ بيف أيضا. يكتب حينها سكتشا شمل خواطره عندما ترجم أعمال رسكن ثم ينتقل فجاة الي الكلام عن (الخيالات التي تحشر نفسها بين عقلي وشيئه وكما يحصل في الأحلام (...) أنا لست قادرا علي مقاومة هذه النداءات التي ترتفع شبه غارقة في شفافية تفكيري ..). وفي روايته يعامل ظاهرة المكالمة الهاتفية كنشاط لتلك الأخيلة وظاهرة شبحية تلغي تماما كل البصريات. ومعلوم أن بروست تعامل مع المقولة الديكارتية المعروفة بطريقة خاصة به: التفكير هو ذو أبعاد ثلاثة ويخضع لقانون المنظور: الصوت في سماعة الهاتف ليس هو بحضور كامل بل هو بالأحري بديل له تماما كما يكون الوعي لعبة للحضور واللاحضور، للأصل والأثر، ومصدر الصوت وصداه.. في مقالته (ضد سان ــ بيف) يكتب بروست (مع كل يوم أعير وزنا أقل فأقل الي الذهن). الا أن هذا لايعني بأن بروست هو معاد لقدرات العقل بل لنمط معين من القدرات الذهنية التي تجسّد الأفكار العقلانية والإنسية. وفي الواقع لايقف بروست ضد التعريف الديكارتي للذات فقط بل نجده وقد حمل معوله لهدم معني وأهمية الزمن والذاكرة. وفي إحدي رسائله يكتب: (الذاكرة الطوعية، ذاكرة الذهن والعيون تعطينا الماضي في هيئة واحدة حسب، هيئة الشبه غيرالدقيقة التي تتذكرها كما تذكر لوحات مصورين رديئين بالربيع). الا أن هذا لا يعني بأن (الذاكرة الطوعية)، وقد يثيرها حافز جاء بالمصادفة مثل صوت إرتطام الملعقة في الصحن، هي المفتاح النموذجي الذي يفك أقفال الماضي. ففي أرشيف الذاكرة تهوّم الأشباح أيضا، إذ أنه عبارة عن مخطوطة مسح فيها نصّها السابق وهي مليئة بالتأملات المكرسة للماضي.
إن الذكريات التي يثيرها طعم تلك الحلوي التي كان يتناولها بروست في فترة معينة من حياته، تتحول الي سرد قصصي تتشابك في لغته العقد وتتفنتز وتضل وتبقي بالكاد علي سطح التيار. إن بروست هو من أرانا أن إرشيف الذاكرة هو فضاء غير مرتب ومقلق ملؤه الأزقة المقفلة والتفرعات الجانبية والدهاليز المموّهة.
وكان ديلوز محقا حين وجد (في البحث عن الوقت الضائع) تفسيرا للذات لا ينتهي . يلاحظ ماركوفسكي أن هوية السارد في (البحث عن الوقت الضائع) هي في حالة تقلب. فتارة يكون هو بروست نفسه وفي أخري يكون مارسيل الذي عرفناه من صفحات الرواية، أي أننا أمام ( يروست ــ غير ــ بروست). [1]
وفي مقاطع معينة يختفي صوت السيرة الذاتية تماما. وفي منطقة الذكريات الشخصية يقتحم الوهم الأدبي نطاقها، ويكتسب الإختراع فجاة قيمة بيوغرافية. إن الهوية تتعرض للمسح ولكن لنتذكر أن بروست يروي لنا قصة عن الهوية وما يحظي بإهتمامه هو لحظة الإثارة والتحريك بالإسم، أي تنفيذ عملية التطابق. وفي الحقيقة كان بروست يجد أن هذه هي مهمة الفنان. وفي مقاله (ضد سان ــ بيف) نقرأ: (الفنان هو شخص يحيا وحيدا ولا يعتبر الأشياء المرئية ذات قيمة مطلقة، ولايمكنه العثور علي تدرجية القيم إلا في نفسه). كذلك يقول إن فرض الكتابة هو فرض العثورعلي الذات أزاء الآخرين بل حتي ضدهم. وما دفع بروست الي معارضة سان ــ بيف إيمانه بأن معرفة سيرة الكاتب هي المفتاح لتفسيرنتاجه. ويتفق رولان بارت في كتابه (الميثولوجيا) مع بروست، فال(أنا) ينبغي أن تكون مفهومة وبكل قوة .. وكان كتاب ماركوفسي قد أثار شتي ردود الفعل. بعضهم وجده بانوراما كاليدسكوبية باهرة لتجارب بروست الفكرية، وآخر إعتبر الكتاب متابعة أمينة لشتي مراحل المحاولات الكتابية المبكرة التي قام بها بروست للوصول الي أسلوبه، أي أن كل ما كتبه قبل (في البحث عن الوقت الضائع) كان محض تمارين في الأسلوب. كذلك كشف الكتاب عن عناية فائقة في الإختيار الذي عرّفنا في النهاية علي (وصية) بروست: علي الكتابة أن تكون مفتوحة علي كل الجهات، أن تكون سفرا من دون بداية ونهاية، وعلي الكاتب أن يحلم بمثل هذا السفر دائما.
الراجع
- 1896 Les plaisirs et les jours
- 1904 La Bible D'Amiens; a translation of Ruskin's The Bible of Amiens
- 1906 Sésame et les lys; a translation of Ruskin's Sesame and Lilies
- 1913–27 À la recherche du temps perdu (In Search of Lost Time, also Remembrance of Things Past)
Vol. French titles Published English titles 1 Du côté de chez Swann 1913 Swann's Way
The Way by Swann's2 À l'ombre des jeunes filles en fleurs 1919 Within a Budding Grove
In the Shadow of Young Girls in Flower3 Le Côté de Guermantes
(published in two volumes)1920/21 The Guermantes Way 4 Sodome et Gomorrhe
(published in two volumes)1921/22 Cities of the Plain
Sodom and Gomorrah5 La Prisonnière 1923 The Captive
The Prisoner6 La Fugitive
Albertine disparue1925 The Fugitive
The Sweet Cheat Gone
Albertine Gone7 Le Temps retrouvé 1927 The Past Recaptured
Time Regained
Finding Time Again
- 1919 Pastiches et mélanges
- 1954 Contre Sainte-Beuve
- 1954 Jean Santeuil (unfinished)
انظر أيضاً
- في البحث عن الزمن الضائع
- ذاكرة تلقائية
- تأثير پروست
- "پروست"، مقال بقلم صمويل بكت
المصادر
- ^ جريدة الزمان، العدد 1524، 7 يوليو 2003
- Aciman, André (2004) The Proust Project. New York: Farrar, Straus and Giroux
- Albaret, Céleste (Barbara Bray, trans.) 2003 Monsieur Proust. New York: The New York Review of Books
- Bernard, Anne-Marie (2002) The World of Proust, as seen by Paul Nadar. Cambridge: MIT Press
- Carter, William C. (2000) Marcel Proust: A Life. New Haven: Yale University Press
- De Botton, Alain (1998) How Proust Can Change Your Life. New York: Vintage Books
- Deleuze, Gilles (2004) Proust and Signs: The Complete Text. Minneapolis: University of Minnesota Press
- Painter, George D (1959) Marcel Proust A Biography Vols. 1 & 2. London: Chatto & Windus
- Shattuck, Roger (1963) Proust's Binoculars: A Study of Memory, Time, and Recognition in À la recherche du temps perdu. New York: Random House
- Shattuck, Roger (2000) Proust's Way: A Field Guide To In Search of Lost Time, New York: W. W. Norton
- Tadié, Jean-Yves: MARCEL PROUST: A Life. Viking, New York, 2000
- White, Edmund (1998) Marcel Proust. New York: Viking Books
وصلات خارجية
- Le temps de Proust- a blog about (re)reading Proust and the associated secondary literature
- Reading Proust- A reader enjoys the new Penguin/Viking translations of In Search of Lost Time.
- Reinterpretation of Remembrance Of Things Past
- Why Proust? And Why Now? - an essay on the lasting relevance of Proust and his work
- A short Proust bibliography (bilingual)
- TempsPerdu.com- many useful links, including to online texts of Lost Time in French and English
- The Kolb-Proust Archive for Research
- Marcel Proust, a personal site in Italian
- Essay by Stephan Reimertz on Proust in Germany (in French)
- Marcel Proust's Album, Marcel Proust receives a tribute in this album of "recomposed photographs".
- Marcel Proust et l'aviation, Proust and airplanes.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نصوص أونلاين
- أعمال من Marcel Proust في مشروع گوتنبرگ French text of volumes 1-4 and Swann's Way in English translation
- University of Adelaide Library French text of volumes 1-4 and the complete novel in English translation