لاصق
يُعرف اللاصق adhesive انطلاقاً من استخدامه الشائع بأنه مركب قادر على مسك المواد بعضها ببعض بربطها سطحياً. وقد توسع استخدام هذا المصطلح ليأخذ مضموناً عاماً يشمل مواد مختلفة مثل الملاط والغراء والصمغ النباتي والنشاء والعجين اللاصق. أما مصطلح الملصق adhered فيستخدم عامة للدلالة على جسم ما يُربط بجسم آخر بوساطة اللاصق.
تُدعى عملية اللصق أيضاً الربط bonding وهو مصطلح عام يحمل في طياته ما تعنيه مصطلحات أخرى تُستخدم في بعض المجالات الصناعية الخاصة مثل التغرية gluing والملط cementing. كما درج في هذا الصدد استخدام مصطلح «وصلة» joint في بعض الحالات الخاصة.
استعمل المصريون الغراء والصمغ العربي والبيض ومواد غيرها قبل 1500 سنة قبل الميلاد للصق قشور الخشب، كما استعمل الزيت ملاطاً في بناء برج بابل، واستعمل الإسفلت والقار لسد شقوق القوارب، واستعمل بياض البيض مادة لاصقة.
وقبل 150 سنة فقط كان عمال الطلاء يستعملون بياض البيض مادة رابطة للخضابات والأصبغة، وبعد ذلك استعملوا الغراء الحيواني والكازئين والنشاء للصق، ولكنهم كانوا يعانون وجود عيب في فسادها بالرطوبة بتأثير التعفن والجراثيم.
ارتبط استعمال المواد اللاصقة تاريخياً بتحضيرها من مصادر طبيعية، فبرز الغراء بوصفه مادة لاصقة حُضرت من البروتينات الحيوانية وارتبط استخدامه بالصناعات الخشبية، وكذلك العجين اللاصق ذو القوام اللدن المحضَّر من تسخين مزيج من النشاء والماء ومن ثم تبريده، وأخيراً الصمغ النباتي (الموسيلاج) mucilage المحضر من مزج الصمغ النباتي مع الماء، وشاع استخدامه في لصق الورق. ومع تطور علم الكيمياء عام 1930 ظهرت مواد لاصقة صنعية (تركيبية) من المطاط أو من الراتنجات المتلدنة بالحرارة التي تُبعثر داخل مذيبات عضوية، حيث تقوم بفعلها اللاصق بعد تطبيقها وفقدها للمذيب، وتميز هذا النوع من المواد اللاصقة بمقاومة جيدة للرطوبة والعفن. وكان الفينول فورم ألدهيد أول راتنج مُصنَّع استعمل في صناعة الأخشاب، وفي صنع الخشب المعاكس plywood، وجاءت بعده راتنجات اليوريا فورم ألدهيد، والريزورسينول فورم ألدهيد وغيرهما. كذلك تطلبت صناعة الطائرات فيما بعد وجود مواد مناسبة للصق المعادن أدت إلى تطوير الراتنجات الفينولية وتعديلها باحتوائها على مركبات مطاطية مصنعة أبرزت قوتها العالية ضد التقشر. وفي عام 1950 ظهرت في الأسواق لاصقات الإيبوكسي وهي ذات متانة عالية وتعد ثورة في عالم اللواصق.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تصنيف المواد اللاصقة
تُصنف المواد اللاصقة وفق طرائق عدة أهمها:
1- التركيب الكيميائي ويستند إلى تركيب المكونات الأساسية في المواد اللاصقة وهي نوعان:
ـ المواد الطبيعية: مثل النشاء والديكسترين والصمغ النباتي والبروتينات من مصادرها النباتية والحيوانية على حد سواء، مثل جلود الحيوانات وعظامها وجلود الأسماك والدم، والكازئين وطحين فول الصويا.
وهناك أيضاً مواد طبيعية أخرى مثل الإسفلت وصمغ اللك shellac والمطاط الطبيعي وسيليكات الصوديوم، وأوكسي كلوريد المغنزيوم وغيرها من المواد العضوية.
المواد الصنعية (التركيبية)
الراتنجات المتلدنة بالحرارة ومنها إسترات وإيترات السللوز، واسترات الألكيد والأكريليك، ومتعدد الأميد، ومتعدد الستيرين، والمطاط الصنعي، ومتعدد فينيل الكحول ومشتقاته.
الراتنجات المتصلدة بالحرارة ومنها اليوريا والميلامين والفينول والريزورسينول والفوران، والإيبوكسي وأخيراً متعددات الأستر غير المشبعة.
2- أنماط الاستخدام الرئيسة: تُصنف المواد اللاصقة وفق أنماط الاستخدام إلى: ـ المواد اللاصقة البنيوية structural adhesives: يُستعمل هذا النوع من المواد لربط سطحين والحصول على متانة عالية تجاه القص والتوتر أو التقشير كما هي الحال في لصق السطوح المعدنية والخشبية.
ـ المواد اللاصقة الرابطة bonding adhesives: يُستعمل هذا النوع من المواد لربط سطحين من دون الحاجة إلى أي مقاومة نوعية للإجهاد الخارجي كما هي الحال في تصنيع لصاقات القوارير وفي عمليات التغليف.
ـ المواد اللاصقة محكمة السد sealing adhesives: يُستعمل هذا النوع من المواد لسد الوصلة بين سطحين ملتصقين مؤلفة سداً محكماً تجاه الرطوبة والغازات والأبخرة من دون الحاجة إلى توفير متانة نوعية كما هي الحال في تغليف الأغذية والأدوية.
3- طبيعة السطح الملصق: تُصنف المواد اللاصقة وفق طبيعة السطح الملصق إلى:
مواد لاصقة للورق - مواد لاصقة للخشب - مواد لاصقة للمعادن - مواد لاصقة للبلاستيك (اللدائن).
قوى الالتصاق
يتضمن الالتصاق ربطاً ميكانيكياً من خلال تدفق المادة اللاصقة السائلة وتصلبها داخل مسامات السطح المراد لصقه وفجواته. يدعى هذا النوع من الربط العائد إلى التشابك بالالتصاق الميكانيكي mechanical adhesion. يحدث هذا النوع من الربط في حالة السطوح المسامية. وقد تطورت هذه النظرية حالياً لتعزو عملية الربط إلى قوى فيزيائية وكيميائية شبيهة بتلك التي تربط ذرات الملصق وجزياته بعضها مع بعض. تُصنف هذه القوى تحت قوى التكافؤ الأولية والثانوية، ويدعى هذا النوع من اللصق عندها اللصق النوعي specific adhesion ويُفسر وفق قاعدة إبهام اليد، أي إن المادة اللاصقة القطبية ترتبط مع السطح القطبي والمادة اللاصقة اللاقطبية ترتبط مع السطح اللاقطبي.
تتطلب عملية اللصق تبللاً فعلياً للسطح المراد لصقه بوساطة المادة اللاصقة حيث يضمن حدوث تماس يشمل الجزيء بكامل حجمه وأبعاده. يحدث اللصق الدائم عندما تكون الطاقة الحدية ما بين الوجوه لكل من اللاصق والملصق (السطح المراد لصقه) أقل من حاصل جمع الطاقات السطحية لكليهما.
تُعزى قوى الالتصاق إلى روابط أولية وثانوية. تتضمن الأولية منها الروابط الكهربائية والتشاركية والتشاركية التساندية المتضمنة انتقالاً للإلكترون أو المشاركة فيه بين ذرات وجزيئات المادة اللاصقة والملصق. يندر وجود الروابط الكهربائية في عملية اللصق. وأهم مثال عليها ارتباط معدن النحاس مع الكبريت في المطاط لدى لصق السطوح المعدنية. وعلى النقيض من ذلك يكثر وجود الروابط التشاركية بين المعادن والمركبات اللاعضوية. تسود الروابط التشاركية التساندية غالباً في الحالات المتضمنة مركبات عضوية كما هي الحال في الروابط الهدروجينية المتشكلة بين مادة لاصقة عضوية مع مادة تحوي على زمر هدروكسيل أو كربونيل مثل السيللوز.
تتضمن الروابط المعدنية التي تربط بين سطحين معدنيين حركة مستمرة لإلكترونات حرة بين الذرات. تؤدي هذه الحركة إلى تحريض قوى كهربائية على السطح تساوي وتعاكس في شحنتها حقل القوة للمادة الموجودة على تماس مع السطح المعدني، ولما كانت الشحنات متعاكسة تخلق هاتان القوتان رابطة قطبية قوية بين المادتين المتلامستين. ينشأ هذا النوع من الارتباط في العديد من السطوح المختلفة مؤدية إلى لصق متماسك ومتين.
أما الروابط الثانوية فتنتج من قوى فاندرفالس الناشئة من الطاقة المتبقية وتكون هذه القوى أكبر في حالة الجزيئات اللامتناظرة التي تملك توزعاًً إلكترونياً غير متساوٍ مما يؤدي إلى تشكل ثنائي قطب.
مراحل عملية اللصق
تتعلق جودة عملية اللصق بمواصفة كل من المادة اللاصقة والسطح المراد لصقه. تمر عملية اللصق بالمراحل الآتية:
- إعداد السطح لعملية اللصق وتتضمن معالجة السطح غالباً بطرائق كيميائية وميكانيكية.
- تحضير المادة اللاصقة ويتضمن تذويب المادة اللاصقة الأساسية أو صهرها وإضافة مواد مساعدة مثل المقسيات والمواد المالئة والمواد الملدنة وغيرها.
- تطبيق اللاصق بتحميله على السطح بطرائق عدة منها استخدام الفرشاة أو الطلي أو البخ أو الرش.
- التجميع أو مرحلة التجفيف بالهواء: تختلف المعالجة في هذه المرحلة حسب نوع المادة اللاصقة المستخدمة، فلدى استخدام المواد اللاصقة السريعة التصلب نتيجة تفاعل كيميائي كما هي الحال في الراتنجات المتصلدة بالحرارة، أو التصلب السريع بالتبريد لبعض أنواع المواد اللاصقة المصهورة، لابد والحالة هذه من تجميع السطوح المراد لصقها بسرعة. أما في حالات أخرى كما هي الحال في الراتنجات المتلدنة بالحرارة أو محاليل المطاط في مذيبات عضوية فتحتاج آنئذٍ إلى فترة من الزمن تسبق عملية التجميع يترك فيها السطح المراد لصقه في جو مفتوح يسمح بحدوث تبخر للمذيب، أو يُعمد إلى التجفيف بتيار من الهواء.
تطبيقات المواد اللاصقة
تستخدم المواد اللاصقة على نطاق واسع جداً وفي مجالات متعددة أهمها لصق الورق والكرتون وعمليات التغليف المختلفة، وفي لصق الأخشاب. ويُعد الغراء المصنع من البروتينات الحيوانية من أقدم المواد اللاصقة وأكثرها شيوعاً في لصق السطوح الخشبية. تستعمل المواد اللاصقة أيضاً في لصق السطوح المعدنية وقد أصبح هذا التطبيق مهماً جداً؛ لتعدد استخداماته في مجال صناعة الطائرات- التي تطورت مع الزمن- بسبب ضرورة الحصول على سطوح ملساء من دون نتوءات بارزة مقاومة للهواء على جسم الطائرة. وازداد كذلك استخدام المواد اللاصقة الصنعية في ربط السطوح اللدائنية؛ واستخدام المواد اللاصقة على شكل لفافات ورقاقات، وهي تُصنع بترسيب طبقة من المادة اللاصقة على سطح قماشي أو ورقي أو لدائني.
ميزات وحدود قدرات المواد اللاصقة
إن الميزة الأساسية من المواد اللاصقة هي قدرتها على وصل مواد متشابهة إلى مواد غير متشابهة ذات سماكات مختلفة وذلك من أجل تسهيل تصنيع أشكال معقدة ليس من الممكن إنتاجها بطرق الوصل الأخرى، ومن أجل تنعيم سطوح الوصلات الخارجية، والسماح بالتجميع الاقتصادي والسريع، وتوزيع الإجهاد بشكل متوازي على سطوح التماس بين القطع المتصلة، والحصول على تخفيض في الوزن في القطع الحرجة عن طريق تقليل الوصلات، وتخميد الاهتزازات، ومنع أو التقليل من التآكل الغلفاني، وتأمين عزل كهربائي أو حراري.
تعتمد حدود مقدرات المواد اللاصقة على طبيعة المواد اللاصقة والتطبيقات المستخدمة من أجله حيث أنها قد تحتاج إلى تحضير مسبق للسطوح، أو وقت معالجة طويل، حدود درجات الحرارة، فقدان للخواص أثناء المعالجة، سمية أو قابلية الاشتعال أثناء التجميع أو الاستخدام، وميل الكثير من المواد اللاصقة للزحف تحت الحمولات المستمرة.
كفاءة اللواصق
إنه من الصعب جداً اختيار المادة اللاصقة الأفضل من أجل الحصول على أفضل كفاءة ميكانيكية للاصق في عملية ما. عادة للحصول على روابط لاصقة جيدة يجب أن تتطابق كيميائية المادة اللاصقة مع طاقة السطح، قطبيته، وكيميائية المواد التي يتم لصقها. حيث أن معامل لدونة المادة اللاصقة لا يجب أن يكون أعلى من المواد التي يتم لصقها. تستخدم المواد اللاصقة في نوعين من التطبيقات، أحدها يحتاج متانة على القص والأخرى تحتاج خواص ميكانيكية بنيوية غالباً تكون متانة على القص الشد.
انظر أيضا
المصادر
فرانسوا قره بيت. "اللاصق". الموسوعة العربية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قائمة المراجع
- Lau, John H.; Wong, C. P.; Lee, Ning-Cheng; Lee, S. W. Ricky (2002). Electronics Manufacturing: With Lead-free, Halogen-free, and Conductive-adhesive Materials. McGraw-Hill Professional. ISBN 9780071386241.
{{cite book}}
: Invalid|ref=harv
(help) - Todd, Robert H.; Allen, Dell K.; Alting, Leo (1994). Manufacturing Processes Reference Guide. Industrial Press Inc. ISBN 0-8311-3049-0.
{{cite book}}
: Invalid|ref=harv
(help)