لوپى دى ڤـِگا
لوپه ده ڤـِگا Lope de Vega | |
---|---|
وُلِد | مدريد، اسبانيا | 25 نوفمبر 1562
توفي | 27 أغسطس 1635 مدريد, اسبانيا | (aged 72)
الوظيفة | شاعر وكاتب مسرحي |
الحركة الأدبية | الباروك |
أهم الأعمال | Fuente Ovejuna The Dog in the Manger La Arcadia |
التوقيع |
فيليكس لوپه ده ڤـِگا إ كارپيو Félix Lope de Vega y Carpio (عادة ما يسمى ببساطة لوپه ده ڤـِگا) (مدريد، 25 نوفمبر 1562 - 27 أغسطس 1635) ملك المسرح الاسباني. كان أحد أهم الكتاب المسرحيين والشعراء في أدب الباروك في القرن الذهبي الاسباني. صيته في عالم أدب الاسبانية لا يبزه سوى سرڤانتس، بينما الحجم الهائل لانتاجه لا قرين له، مما يجعله أحد أغزر الكتاب في الأدب العالمي.
كثر كتاب المسرحية في ذلك العصر النشيط كثر الشعراء. كان المسرح هنا، شأنه في إنجلترا المعاصرة، بدعة مرتجلة إلى ذلك الحين، فالممثلون الجوابون يسرحون بفنهم على المدن مفلسين، ومحكمة التفتيش تصدر حظرا على جميع التمثيليات (1520) في كفاحها للهيمنة على جلافة تمثيلياتهم الفكاهية فلما أصبحت مدريد مقرا للملك (1516)، استأذنت فرقتان تمثيليان الملك في الاستقرار فيها، فأذن، ورفع الحظر الكنسي (1572)، وبنى مسرحان، تياترو دلا كروز (مسرح الصليب) وتياترو دل برنسيبي (مسرح الملك) - يعبر الاسمان عن أهم ولاءات اسبانيا وأقواها. وما وافى عام 1602 حتى قامت المسارح أيضا بلنسية، واشبيلية، وبرشلونة، وغرناطة، وطليطلة، وبلد الوليد، وفي عام 1632 كان في مدريد ألف ممثل، وفي قشتالة ستة وسبعون من الكتاب المسرحيين، وكن الخياطون والباعة والرعاة يكتبون التمثيليات. ولم تحل سنة 1800 حتى كانت أسبانيا قد استمعت إلى ثلاثين ألفا من مختلف التمثيليات. ولا يذكر التاريخ بلدا آخر، حتى إنجلترا الاليزبيثية، انتشى بمثل هذه النشوة المسرحية.
وتطور شكل المسرح من الأفنية - المحاطة بالبيوت والمواقف المؤقتة - التي كانت تمثل فيها المسرحيات الأولى؛ وصممت المسارح الدائمة صفوفا من المقاعد وألواحاً تحيط بمكان مسيج، وكانت الملابس أسبانية أياً كان مكان التمثيلية أو زمانها، ولا نظارة خليطاً من جميع الطبقات، والنساء يختلفن إلى المسرح ولكنهن يجلسن في قسم خاص بهن ويلبسن الاقنعة الثقيلة. وكان الممثلون يعيشون عيشة قلقة هبطت بمعنوياتهم، بين المجاعات والولائم، يتعزون عن الفاقة والتشرد بالفوضى وحلو الاماني. ونال بعض »النجوم« الذكور من الثراء والشهرة ما أدار رؤوسهم، فراحوا يختالون في أهم شوارع مدريد وهم يصلحون سيوفهم ويفتلون شواربهم، ونامت بعض كبريات المغنيات مع الملوك في مضاجعهم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
شهرته
في عام 1647 اضطرت محكمة التفتيش إلى حظر "قانون إيمان" منشور مطلعه "أؤمن بلوبي دي فيجا ضابط الكل، شاعر السماوات والأرض". ولعل كاتبا آخر في التاريخ لم يحظ بمثل هذه الشهرة في جيله. ولم يقتصر معظم هذه الشهرة على أسبانيا دون غيرها من الاقطار إلا لصعوبة ترجمة الشعر المقفى، ولكن حتى مع هذا القيد كانت مسرحياته تمثل بالاسبانية في نابلي وروما وميلان، وانتحل اسمه في فرنسا وإيطاليا لمسرحيات لم يكتبها، وذلك اغراء للجماهير بحضورها. كان لوبه دي بيغا رجلاً واسع الثقافة الأدبية، وحالة استثنائية من الحيوية وسيلاً متدفقاً من الإبداع، كتب في كل الأجناس الأدبية التي كانت معروفة في زمانه باستثناء رواية الصعلكة Novela picaresca. ومع أن وفرة أعماله المسرحية المذهلة (يقال إنه ألّف أكثر من 1800 عمل مسرحي) قد طغت على جوانب إبداعه الأدبي الأخرى، إلا أن له مؤلفات واسعة في الشعر لا تقل ضخامة وأهمية عن مسرحه، بل إن أعماله الشعرية كانت من الكثرة بحيث لا يمكن حصرها وتصنيفها. وهو واحد من أفضل الشعراء الغنائيين في الشعر الإسباني، وتتبدى حساسيته الغنائية في القصائد التي كتب كلماتها لتغنى. فقد كان يعرف كيف يلتقط روح ما هو شعبي ليعيد صياغته فنياً، محتفظاً بالجو التقليدي الشعبي في عمل فني جديد. ومعظم مسرحياته، المشهورة منها على الأقل، ترتكز على أغنية شعبية مجهولة المؤلف، يعرف لوبه دي بيغا كيف يضعها في موقعها المناسب. وتطل هذه الروح الشعبية ذات العذوبة المرهفة لكي تُغني أغنيات الحصاد، والسهر على الموتى، وأغنيات المهد، أو أغنية ملكة أعياد الربيع، فتندمج في الأصل الشعبي اندماجاً كاملاً حتى لا يعود ممكناً معرفة ما هو شعبي وأين يبدأ لوپى دي بيگا.
سيرته
ولد في مدريد قبل مولد شكسبير بعامين لأسرة فقيرة ولكنها - كما يؤكدون - عريقة. فلما ناهز الرابعة عشرة هرب من البيت والمدرسة وتطوع في الجيش وشهد بعض المعارك الدامية في الازورة. ثم أحب، ولكنه أنقذ نفسه دون ان يصاب بجراح طفيفة، وكتب »ابجرامات« سافلة في حق السيدة النبيلة، فقبض عليه بتهمة القذف، ونفي من مدريد. ولكنه تسلل إلى المدينة، وفر مع ايزابيل دي أوربينا، وتزوجها، فطورد، والتحق بالارمادا تهربا من القانون. وقد شارك في هزيمة الاسطول، ومات أخوه القتيل في المعركة بين ذراعيه. وتركه موت زوجته حرا ولكنه تورط في مشاكل أخرى. فقد انجب طفلين من الممثلة ميكالا دي لوخان(41)، وتزوج ثانية، واصبح موظفا في محكمة التفتيش (1609)، ثم فقد زوجته الثانية، ورسم قسيسا (1614؟) ووقع في أكثر من غرام(42).
أما أسبانيا فقد اغتفرت له خليلاته لقاء مسرحياته. فقد كتب منها زهاء ألف وثمانمائة، بالإضافة إلى أربعمائة »فصول مقدسة« قصيرة تمثل في الاحتفالات الدينية. وذاع عنه أنه ألف عشر تمثيليات في أسبوع واحد، وتمثيلية قبل الفطور، وتقهقر سرفانتس يائسا امام هذا السيل الجارف، وسمى منافسه »وحش الطبيعة«. كان لوبي »كوميديا فنية« في ذاته؛ فهو يؤلف المسرحية وهو يرتجلها. وإذا كان ينجب بمثل هذه الخصوبة المستهترة، فأنه لم يزعم لنفسه تفوقا في الفن أو الفلسفة. وقد اعترف بلطف في كتابه »الفن الجديد في كتابة المسرحيات« انه إنما يكتب ليرتزق، ومن ثم فهو يزود الجمهور بما يروقه(43). وما كان ليطبع تمثيلياته لولا قراصنة الناشرين الذين درجوا على ايفاد رجال ذوي ذاكرة معجزة إلى حفلاته، وكان في استطاعة هؤلاء الرجال بعد الاستماع إلى المسرحية ثلاث مرات أن يتلوها عن ظهر قلب ويقدموا نصا محرفا للناشرين الذين لا يدفعون للمؤلف فلسا واحدا. وذات مرة أبت فرقة لوبي أن تمضي في تمثيل المسرحية ما لم يطرد عجيبة من عجائب الذاكرة هؤلاء خارج القاعة(44) - فنشرها قد يهبط بعدد روادها. على أن لوبي نشر في عناية وحب رواياته الشعرية - اركاديا« وسان ايسيدرو، واورشليم المفتوحة، ولاهور موسورا دي أنجليكا، ولا دوروتيا، وكلها مشجية متوسطة الجودة.
ه قدر كبير من القصائد القصصية والوصفية المطولة، منها ما هو تاريخي ملحمي مثل: «دراغونتيا» (1598) La Dragontea التي يتغنى فيها بمغامرات القرصان الإنكليزي فرانسيس دريك Francis Drake وهزيمته وموته، و«تاج مأسوي» (1627) Corona trágica حول موت ماريا ستوارت María Stuart ومصيرها المأسوي. وقصص شعرية أخرى مستوحاة من تقاليد مدريد الشعبية والدينية والتاريخية، مثل «إيسيدرو» (1599) El Isidro وهي قصيدة مخمسات مترعة بالورع الديني الشعبي، ويتغنى فيها بالقديس إيسيدرو الفلاح، شفيع مدريد؛ ومثلها قصيدة «عذراء ألمودين» (1623) La Virgen de la Almuden. وهناك أشعار يحاكي فيها الشعر الملحمي الإيطالي في عصر النهضة، مثل: «جمال أنخليكا» (1602) La Hermosura de Angélica المستوحاة من الإيطالي لودوڤيكو أريوستو Ludovico Ariosto ويروى فيها غراميات أنخليكا وميدورو، و«غزو أورشليم» Jerusalém conquistada ، وقد استوحاها عن عمل مشابه للشاعر الإيطالي برناردو تاسو B.Tasso وصوّر فيها عالم الحروب الصليبية. كما نظم قصصاً شعرية ذات موضوعات أسطورية، إضافة إلى ملحمة تهكمية يروي فيها مغامرات قطَّين مغرمين بقطة طائشة، وهي بعنوان: «الملحمة القطية» (1634) La Gatomaquía.
لم يكن شعره الغنائي الذي يتفوق كثيراً على شعره القصصي أقل غزارة. وقد جمع بعضه في عدة مجموعات شعرية أهمها: «قواف» (1604) Rimas، و«قواف قدسية» (1614) Rimas Sacras، و«انتصارات إلهية وقواف قدسية أخرى» (1625) Triunfos divinos con otras rimas sacras، و«قواف إنسانية وإلهية للمجاز توميه دي بورغييّوس» (1634) Rimas humanas y divinas del licenciado Tomé de Burguillos. يضاف إلى هذا كله العدد الضخم من السونيتات، والأغنيات والرسائل الشعرية والمدائح ومنظومات المناسبات وغيرها من الأشعار المتفرقة التي نشرت منفصلة. وثمة مقاطع غنائية وافرة في مسرحياته مصهورة في الفعل المسرحي ومجدولة به.
مسرح لوبه دي بيگا
أعطى لوبه دي بيغا المسرح الاتباعي الإسباني شكله النهائي، وأبدع في الوقت نفسه أسلوباً مسرحياً جديداً، ووضع أسسه النظرية وكان أخصب كتّابه. فقد ذكر في إحدى قصائده عام 1620 أنه كتب أكثر من ألف وخمسمئة مسرحية، ولكن صديقه وكاتب سيرته مونتالبان Montalbán يؤكد بعد وفاة الشاعر أن عدد مسرحياته التي كتبها هو ألف وثمانمئة، ولكن ما بقي منها حتى اليوم هو 426 نصاً مسرحياً و42 تمثيلية دينية autos sacramentales. وقد بدأ لوبه دي بيغا إنتاجه المسرحي ببعض الفصول التمثيلية الدينية مثل: «خلاص الإنسان»La salvacion del hombre، و«رحلة الروح» El viaje del alma، و«اقتران الروح بالحب الإلهي» Las bodas del alma con el amor divino. أما أولى مسرحياته الدنيوية فهي «المحب الحقيقي» El verdadero amante التي كتبها وهو في الرابعة عشرة من عمره.
لقد حاول الباحث ألبيرتو ليستا Alberto Lista وضع تصنيف لأعمال لوبه دي بيغا كما يلي: مسرحيات العادات والتقاليد الشعبية مثل: «الحكيم في بيته» El Cuerdo en su casa، و«الآنسة تيودورا» La doncella Teodora؛ ومسرحيات العباءة والسيف مثل: «الحسناء القبيحة»La hermosa fia ، و«غراميات بيليسا» Los melindres de Belisa، و«مكافأة حُسن الكلام» El premio del bien halbar. ومسرحيات بطولية أو تاريخية مثل: «نجمة إشبيلية»La estrella de Sevilla، و«فوينتي أوبيخونا» Fuente Ovejuna. ومسرحيات مأسوية مثل «العقاب دون انتقام» castigo sin venganza، و«حكام قرطبة الفرسان»Los caballeros comendadores de Cordoba؛ ومسرحيات أسطورية «بيلاردو الغاضب» Belardo el furioso، و«الزوج الأكثر حزماً» El marido más firme؛ ومسرحيات عن حياة القديسين «القديس إيسيدرو» San Isidro، و«خلق العالم وخطيئة الإنسان الأول» La creació del mundo y el pecado del primer hombre. ومسرحيات مثالية أو فلسفية مثل: «رحلة الروح».
في قصيدته التعليمية حول فن التأليف المسرحي «الفن الجديد في تأليف المسرحيات» (1609)El Arte nuevo de hacer comedias عرض رؤيته لهذا الفن، ودعا إلى خرق القواعد الكلاسيكية التي وضعها أرسطو للمسرح، حسب ترجمات علماء جمال حركة الاتباعية الجديدة في فرنسة، وسخر منها، فألغى الفصل بين المأساة والملهاة وخلط بينهما محاولاً بذلك محاكاة الطبيعة والحياة الواقعية وإرضاء الذوق العام، ووضع قواعد «الكوميدية» Comedia (وهي التسمية التي أطلقها على كل عمل مسرحي طويل). وقسّم المسرحية (أو الكوميدية) إلى ثلاثة فصول فقط، حافظ فيها على وحدة الموضوع، إلا أنه استخف بوحدتي الزمان والمكان وتمرد عليهما، لأن المشاهد الإسباني يريد «أن تقدم له في ساعتين، قصة الخليقة حتى يوم الدين»، ولأنه لابد من إرضاء الجمهور «الذي يدفع الثمن». كما دعا إلى تجنب التقليد الأعمى للقدماء، والابتعاد عن البلاغة المفتعلة والخطابية الجوفاء.
لقي مسرح لوبه دي بيغا تجاوباً شعبياً واسعاً، ربما لأنه كان من أفضل من ترجم مشاعر شعبه وتقاليده، بمثل ذلك العمق، وخصوصاً في أعماله المستوحاة من تاريخ إسبانية وأساطيرها وتقاليدها. فالمشاعر التي تهيمن على مسرحه هي أكثر المشاعر شيوعاً في عصره، أي المشاعر الدينية، وتوقير الملك، ومشاعر الشرف والسعي إلى إقرار العدالة، وتقديس الصداقة، فضلاً عن حب المرأة بكل ما عرفه عصره من رقة وفروسية.
والحبكة في مسرحياته هي كل شيء، أما الشخوص فقلما تحظى من مؤلفها بدراسة وثيقة، ويخيل للمرء أنه يصدق على هذه المسرحيات ما قاله ثورو في الصحف - وهو أنك لو غيرت أسماءها وتواريخها لا أكثر، لوجدت المحتوى دائماً هو هو. فالقصة تدور في كل الحالات تقريباً حول عاملين: الدفاع عن العرض، ثم من يضاجع السيدة. أما جمهور النظارة فلم يكن يمل قط من معالجة الموضوع الثاني في صور متنوعة، لأنه حرم ممارسة أي من صوره هو. وكان خلال ذلك يستمتع بالفكاهة العارضة،والحوار لذكي، والشعر العاطفي الذي يتدفق سريعا رشيقا من أفواه النساء الحسان والرجال البواسل. وهكذا اتخذت روح الرومانسيات، التي لم تنقرض قط، حياة جديدة على المسرح الأسباني.
مسرحية نجمة إشبيلية
- مقالة مفصلة: نجمة إشبيلية
وأشهر مسرحيات لوبي هي »نجمة إشبيلية« La Estrella de Sevilla. ففي هذه المسرحية يفد سانشو الشجاع ملك قشتالة على إشبيلية، فيطري بهاء شوارعها، ولكنه يطلب إلى مستشاره أرياس أن يزيده حديثا عن نسائها بنوع خاص:
- الملك: ثم نساؤها ذوات الحسن السماوي، لم لا تحدثني عنهن؟ ...قل لي، ألا تلتهب عواطفك ببهاء مفاتنهن؟
- أرياس: أن الدونا ليونور دي بييرا بدت لي كأنها السماء المنيرة ذاتها، ففي وجهها أشق ضياء شمس الربيع.
- الملك: إن في وجهها شحوباً كثيراً ... أريد شمساً تحرق ولا تجمد.
- أرياس: إن المرأة التي ألقت إليك الورود هي الدونا منثيا كورونيل.
- الملك: سيدة جميلة، ولكني رأيت أجمل منها... واحدة منهن تفيض حسنا ولم تذكرها ... فمن تلك التي لفتت نظري من شرفتها، فخلعت لها قبعتي؟ من هي التي أرسلت عيناها البرق كصواعق جوبيتر وراشت سهامها الفتاكة في قلبي ؟
- أرياس: اسمها الدونا ستيللا تابيرا، وتسميها اشبيلية نجمتها إطراء لها.
- الملك: وقد يخلق بها أن تسميها شمسها ... لقد قادني نجمي الهادي إلى اشبيلية ... فكيف السبيل إلى رؤيتها والتحدث إليها ايها الدون أرياس ؟
يا له من حلم تضطرم له أعماق نفسي!«(45)
على أن ستيللا تشق الدون سانتشو أورتيث، وهي تفرض في غضب ما عرضه عليها أرياس من السماح للملك بالتمتع بـ »حق السيد«. ولكن أرياس يرشو الخادمة لتدخل الملك إلى مخدع مولاتها، ويدخل بوستوس شقيق ستيللا الوفي في اللحظة التي يجب فيها الدفاع عن العرض، فيكف الملك، ويكاد يقتله، ولكنه إجلالاً لمنصبه يخلي سبيله، مزدري ولكن دون أن يمسه سوء. وبعد ساعة يشهد الملك جسد الخادمة التي قبلت الرشوة مشنوقا فوق سور قصره. ويرسل في طلب أورتيث، ويسأله هل ولاءه لمليكه لا يعرف الحدود، فيلتقي جواباً فخوراً مرضيا، ومن ثم يأمر بقتل بوستوس. ويلتقي أورتيث بوستوس ويتسلم منه رسالة من ستيللا تقول إنها تبادله الحب وتقبل تودده، فيشكره، ثم يقتله، ويكاد يختلط عقله، ويخشى الملك ثورة الشعب، فيخفي عنه أن اغتيال بوستوس كان بأمر منه. ويقبض على أورتيث ويكاد يعدم لولا أن ستيللا تجد الوسيلة لإطلاقه. ولكن القصة لا تنتهي نهاية سعيدة، فقد اتفق العاشقان على أن القتل قد سمم غرامهما إلى الأبد.
لقد أصبح لوبي معبود مدريد بعد أن أخرج ألف مسرحية من هذا النوع. وأغدق عليه الخاصة والعامة الاعجاب، وبعث إليه البابا بصليب مالطة ودرجة الدكتوراه في اللاهوت. وكان إذا خرج إلى الشوارع تزاحمت حوله الجماهير التواقة للقائه، وقبلت النساء والأطفال يديه طالبين منه البركة. وأطلق اسمه على كل شيء تميز في بابه: فهناك خيل لوبي، وشمام لوبي، وسيجار لوبي(46). اما الناقد الذي يجد فيه عيبا فيعيش كل يوم في خوف الموت على يد أنصار الشاعر الأوفياء.
سنواته الأخيرة والانتحار
على أنه لم يكن سعيدا برغم هذا كله. كان ينقد أجرا لا باس به عن مسرحياته، ولكنه ينفق أو يهب ماله بمجرد كسبه، وبعد أن أصاب هذا التوفيق الكثير أدركه الفقر واضطر إلى التماس المعونة من فليب الرابع-الذي أرسل له مهرا سخيا برغم إفلاسه. ولكن أحزانه كانت أفتك به من فقره. فقد دخلت ابنته مارثيلا الدير، والتحق ابنه لوبي بالبحرية وغرق، وهربت ابنته انطونيا مع كريستوبال تونوريو آخذة معها عددا كبيرا من تحف أبيها القيمة. وتبرأ منها لوبي، وهجرها كريستوبال. ووقر في نفس لوبي أن هذه المحن ليست سوى عقاب من السماء على آثامه، فحبس نفسه في حجرة وأضعف جسده بفرط الصيام حتى تلوثت الجدران بدمه. وفي 23 أغسطس 1635 نظم آخر قصائده «السيجلو دي أورو» (القرن الذهبي) ومات بعد أربعة ايام وقد بلغ الثالثة والسبعين. ومشت تصف مدريد في مشهده الذي عرج على الدير ليمكن ابنته من أن تقرئه تحية الوداع من نافذة صومعتها. وهكذا مُثَّل تمجيد الناس له على هذا المسرح الشعبي الكبير.
إننا لا نستطيع أن نعتبره ضريباً لشكسبير كما فعل فولتير. ولكننا تقول فيه إنه بعبقريته العامة، وشعره الجياش، وشخصيته المحببة المشرقة خلال ألف مسرحية، أرتفع إلى ذروة العصر الذهبي الأدبية التي لم يطاوله فيها سوى سرفانتس وكالديرون.
الهامش
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المصادر
صالح علماني. "بيغا كاربيو (لوبه فيليكس دي ـ)". الموسوعة العربية.
- ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.
- Hayes, Francis C. (1967). Lope de Vega. Twayne's World Author Series. New York: Twayne Publishers.