فريد زين الدين
الدكتور فريد زين الدين (1909 - 17 يناير 1973) من الشخصيات السياسية الدرزية السورية الفذّة، التي ظهرت في القرن العشرين، وهو يُعتبر من ألمع الدبلوماسيين العرب, ومن افصح الخطباء والمبعوثين من الشرق الأوسط في المنظمات الدولية، ومن أكثر المندوبين الذين ظهروا على منبر هيئة الأمم المتحدة بلاغة وقوة حجة, وقد كان عام 1945 من واضعي دستور هيئة الأمم المتحدة، قبل الإعلان عن تأسيسها. وكان شخصية إجتماعية مرموقة, ومؤلِفاً بارعاً ورجلاً مثقفاً, أتقن اللغات الانجليزية، والفرنسية والألمانية والروسية الى جانب اللغة العربية.
ينحدر من عائلة زين الدين, التي ورد في كتب التاريخ, انها كانت تسكن جرمانة بجانب دمشق,وقد قدِم أحد أفرادها في القرن التاسع عشر، الى قرية عين قنية والتحق بخدمة آل جنبلاط. وقد برز من العائلة الشيخ زين الدين بن حسن خطيب (1907-1935) الذي اتصل بآل جنبلاط, ونال عندهم رتبة أمير أمراء، وحصل على لقب باشا من الآستانة. وإبنه محمد (1917-1859) الذي تخرّج محاميا من الآستانة, وتولى رئاسة محكمة الشوف. والمحامي سليمان بك زين الدين (1935-1865) الذي عُين مديراً للشوف. والدكتور سعيد زين الدين (1954-1877) المدّعي العام في لبنان والقدس, ورئيس محكمة الإستئناف الأولى في لبنان ووظائف أخرى. ومن مشاهير الأسرة الكاتبة الأديبة نظيرة زين الدين (1976-1907)، التي هزّت العالم الدرزي والإسلامي عام 1928، عندما أصدرت كتابها (السفور والحجاب)، وكذلك الشيخ علي زين الدين، رئيس مؤسسة العرفان التوحيدية.(معجم أسماء الأسر والأشخاص ص. 402)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
النشأة
ولد الدكتور فريد زين الدين، في قرية عين قنية، الشوف، وكان والده المحامي محمد زين الدين، من ألمع القضاة بعلمه ونزاهته وعدله, وكان شاعراً ظريفا رقيق الديباجة, مرهف الحس, وكان مخلصا صادق الوداد لأصحابه (معجم أعلام الدروز ج 2 صفحة 17). تعلّم في الجامعة الأميركية في بيروت، وحصل على البكالوريوس عام 1925 وعمره ست عشر سنة فقط, ثم تعلم في جامعة السوربون في باريس، ونال الدكتوراه في الحقوق عام 1932, ودرس في جامعة برلين، وحصل على الشهادة الدولية في الإقتصاد والمال والعلوم.
عمل استاذاً جامعيا في العراق عام 1933 لمدة سنتين. استُدعي عام 1937 لدمشق وعين مديراً للشؤون الخارجية في وزارة الخارجية السورية. عين عام 1944 مديرا عاما للتموين. وفي عام 1945 انضم للوفد السوري, برئاسة فارس الخوري لمؤتمر سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة، لوضع ميثاق الأمم المتحدة. وقد أصاغ الدكتور فريد زين الدين, الفصليْن الأوليْن من الميثاق المتعلقين بالمنطق والنظم الأساسية التي تعمل المؤسسة بموجبها. (الضحى العدد الخامس ص 58) . وقد عين فيما بعد سفيراً لسوريا في الأمم المتحدة, حتى علم 1957 وكان من أهم المندوبين العرب في أروقة الأمم المتحدة, وقد اشتهر بفصاحته وخُطبه المنطقية البليغة التي ألقاها في الجمعية العامة ومجلس الأمن, وكان المندوبون يستمتعون بخطبه وينتظرونها. وفي تلك الفترة كان وزيرا مفوضاً في المكسيك. وعين بعد ذلك سفيرا في ألمانيا الغربية. وكان من الساعين لتأسيس الوِحدة بين مصر وسوريا فقد كانت له مساع ٍ حميدة في التقارب والتفاهم بين الرئيسين جمال عبد الناصر وشكري القواتلي، وقد عُين وزير دولة ونائباً لوزير خارجية الجمهورية العربية المتحدة. وقد تأثر من إنفصال الوحدة، وكان في القاهرة وهاجم الإنفصاليين بعنف في خطاب شهير أذيع في حينه من راديو القاهرة، ولم يعد الى سوريا إلا بعد انقلاب البعث عام 1970 واعتزل الحياة السياسية.
لقد اشتهر بمواقفه السياسية الواضحة, فقد كان نشيطا عام 1925 في عصبة العمل القومي، ودعم الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش. وكان من مناوئي الإستعمار الفرنسي، وقد وافق ان يقوم ببعض الوظائف بشروط, وعندما كان يجابه معارضة لسياسته كان يستقيل. وقد اعتُقل أكثر من مرة. أيّد ثورة رشيد علي الكيلاني في العراق عام 1941. وكان من المعارضين لصيغة جامعة الدول العربية, لأن هذه الصيغة اعتمدت على الحكومات وليس على الشعوب. وكانت الدول العربية في عهده ما زالت غير مستقلة. وعارض توقيع اتفاقيات هدنة منفردة بين اسرائيل وبعض الدول العربية, وكان رأيه في هذا، أنه " اذا لم يكن مفر من عقدها, فيجب ان تكون بين الدول العربية مجتمعة من جهة, وبين اسرائيل من جهة أخرى".( الضحى، عدد 5 ص 59). كان خبيراً في مواضيع المياه الدولية الإقليمية, وقد اشترك في حل عدة خلافات دولية من هذا القبيل. وكان له دعم وتعاطف مع الحركات الوطنية في الدول العربية التي لم تكن مستقلة. وقد قدّم الإستشارات وتولى الدفاع في بعض المحاكم ممثلاً القطاع التجاري والسلطات العامة والمستثمرين. وكان من مؤسسي مصرف سوريا المركزي.
كان الدكتور فريد زين الدين بالإضافة الى كونه سياسيا ودبلوماسيا وخطيبا, كان أديبا بارزا,ً وكاتبا ضليعا,ً وقد أحب الشعر الرصين, وأجاد اللغة العربية وله بها مؤلفات . ومن مؤلفاته كتاب" نظام المراقبة على الإنتدابات الدولية" و"التحرر القومي في اوروبا في القرن التاسع عشر". وقد حصل على عدة أوسمة وشهادات تقدير.
نهاية العمر
سكن في سنواته الأخيرة في قريته عين قنية الشوف، وكان قريباً من رجالات الطائفة الدرزية في لبنان. وكان نشيطاً في أوساط الطائفة الدرزية. وقد انتقل الى رحمته تعالى في السابع عشر من كانون الثاني عام 1973, وقد جرت له جنازة كبيرة جداً بحضور الآلاف من الدروز وغير الدروز في كل المدن السورية. وقد أبّنه في حفلة الأربعين لوفاته، السفير محمد علي حمادة قائلاً:
وكتب عنه الأستاذ نجيب البعيني قائلاً :" كان من أبرز خلاله وصفاته، الصدق والأمانة والإستقامة, ومن أظهر أخلاقه الوفاء والتواضع والحكمة والحنكة، امتاز بذاكرة قوية شفافة فهو لا ينسى إنساناً التقى به لقاءً عابرا منذ سنوات بعيدة, ولا تغيب عن ذاكرته الأحداث التي عاصرها وعاش فيها لحظة بلحظة. (الضحى، عدد 5).
المراجع
- دكتور محمد خليل الباشا، معجم أعلام الدروز بيروت 1990.
- د. احمد ابو سعد ، معجم أسماء الأسر بيروت 1997.
- مجلة الضحى العدد الخامس تموز 1992.
المصادر
- الدكتور سلمان حمود فلاح. "من واضعي دستور هيئة الأمم المتحدة". العمامة، مجلة درزية.