فارس (لقب)
الفارس knight[1] هو شخص مُنـِح لقب فخري للفروسية من ملك أو زعيم سياسي لخدمة أداها للملك أو للبلد، خاصة في المجال العسكري. وتاريخياً في أوروبا كانت ألقاب الفروسية تـُسبـَغ على المقاتلين الخيالة.[2] وفي العصور الوسطى العليا، كانت الفروسية تُعتبر طبقة من نبالة أقل. وبحلول العصور الوسطى المتأخرة، أصبحت الرتبة مقترنة بالمُثـُل العليا للفروسية chivalry، وهو مدونة سلوك للمقاتلين المسيحيين المرتبطين ببلاط ملكي. وكثيراً ما كان الفارس يعمل تابعاً (للورد)، ويتقاضي مقابل خدماته حق احتفاظ وانتفاع بأرض.[3] وكان اللوردات يأتمنون الفرسان، ذوي المهارات في ركوب الخيل. ومنذ مطلع العصر الحديث، فقد أصبح اللقب فارس knight هو لقب فخري تماماً، وعادة ما يمنحه ملك، كما في نظام الشرف البريطاني، وكثيراً ما يكون المنح لخدمات غير عسكرية أداها الممنوح للبلد.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تاريخ
من العادات الألمانية القديمة عادات التعليم العسكري، بعد أن تأثرت بأساليب المسلمين في بلاد الفرس، والشام، والأندلس وبالأفكار المسيحية المتصلة بالخشوع والأسرار المقدسة، من هذه كلها نشأ نظام الفروسية، وهو نظام لم يبلغ حد الكمال ولكنه نظام نبيل كريم.
كان الفارس شخصاً شريف المولد-أي ينتمي إلى أسرة تحمل لقباً شريفاً وتمتلك أرضاً. ولم يكن من حق جميع أصحاب "الأصول" (أي الذين يمتازون بانتسابهم إلى أسر نبيلة) أن يختاروا فرساناً أو يحملوا هذا اللقب، فالأبناء غير الابن الأكبر-عدا أبناء الملوك-لم يكن لهم في العادة إلا أملاك قليلة لا تفي بالنفقات التي تتطلبها الفروسية، ولهذا يبقى هؤلاء ضمن الأتباع إلا إذا حصلوا بجهودهم على أراضي وألقاب جديدة.
وكان الشاب الذي يتطلع إلى أن يكون فارساً يخضع لنظام تأديبي شاق طويل. فكان يعمل وهو في السابعة أو الثامنة من عمره وصيفاً عند أحد السادة، حتى إذا بلغ الثانية عشرة أو الرابعة عشرة أصبح تابعاً لهذا السيد؛ يقوم بخدمته على مائدة الطعام، وفي غرفة نومه، وفي قصر الضيعة، وفي المثاقفة أو القتال، ويقوم جسمه وروحه بالتمارين والألعاب الشاقة الخطرة؛ ويتعلم بالتقليد و التجربة كيف يستخدم أسلحة الحرب الإقطاعية. فإذا أتم تدريبه سلك في نظام الفرسان حفل يشمل مراسم رهيبة يبدؤها الطالب بالاستحمام بوصفه رمزاً للتطهير الروحي ولعله كان أيضاً رمزاً للتطهير الجسمي. وكان لهذا يمكن أن يسمى "فارس الحمام" تمييزاً له من "فرسان السيف" الذين تلقوا لقب الفروسية في ميدان القتال جزاء عاجلاً لهم على بسالتهم. وكان يرتدي في هذا الاحتفال قميصاً أبيض، من فوقه رداء أحمر ومعطف أسود، يمثل أولها ما يرجى أن يتصف به من نقاء الخلق، وثانيهما الدم الذي قد يسفكه في سبيل الشرف أو في سبيل الله، وثالثها الموت الذي يجب أن يكون متأهباً لملاقاته بلا وجل. وكان يصوم يوم كاملاً ثم يقضي ليلة يصلي في الكنيسة، ويعترف بذنوبه إلى أحد القسيسين، ثم يحضر مراسم القداس، ويأخذ العشاء الرباني، ويستمع إلى موعظة عن واجبات الفارس الخلقية، والدينية، والاجتماعية، والحربية، ويتعهد في خشوع أن يؤديها كلها. فإذا فعل هذا تقدم إلى المذبح ومعه سيف يتدلى من عنقه، فيرفع القس السيف ويباركه ويضعه مرة أخرى فوق عنقه، ثم يلتفت الطالب إلى الشريف الجالس الذي يريد أن يتلقى منه لقب الفروسية، فيسأله هذا السيد ذلك السؤال الصارم: "لأي غرض تريد أن تنضم إلى هذا النظام؟ إن كنت تبغي المال، أو الراحة، أو الشرف؛ دون أن تعمل ما يشرف الفروسية؛ فأنت غير خليق بها، وستكون منزلتك في نظام الفروسية كمنزلة القس المتاجر بالرتب الكهنوتية في الأسقفية. ويكون في الطالب وقتئذ متأهباً لأن يجيبه برد يؤكد له استعداده للقيام بما يفرضه عليه نظام الفروسية. وحينئذ يتقدم إليه فرسان أو سيدات يلبسونه زرد الفروسية من درع على صدره وفي ذراعيه، وقفازين من زرد في يديه، ومهمازين في حذاءيه . ثم يقوم الشريف ويلطمه ثلاث لطمات بعرض السيف على عنقه أو كتفه، وقد يلطمه لطمة أخرى على خده، وهي كلها رموز لآخر الإهانات التي يستطيع أن يتلقاها دون أن يثأر لنفسه، ثم يمنح رتبة الفروسية بهذه الصيغة: باسم الله، والقديس ميخائيل، والقديس جورج أجعلك فارساً". ثم يتسلم الفارس الجديد حربة؛ وخوذة، وجواداً؛ فيحكم خوذته على رأسه، ويقفز فوق جواده، ويهز حربته، ويلوح بسيفه، ويخرج من الكنيسة راكباً، ويوزع الهدايا على خدمه، ويولم وليمة لأصدقائه.
Chivalric code
وكان من حقوقه وامتيازاته وقتئذ أن يخاطر بحياته في البرجاس الذي يتدرب فيه أكثر من ذي قبل على المهارة، والجد، والجرأة. وكانت بداية البرجاس في القرن العاشر، وكان أكثر ما ازدهر في فرنسا، وهو الذي سما ببعض العواطف الثائرة وضروب النشاط التي أفسدت حياة رجال الإقطاع. وقد يدعو إليه الملك أو شريف عظيم على لسان مناد للاحتفال بتنصيب فارس؛ أو زيارة مليك، أو زواج فرد من أفراد الأسرة المالكة. وكان الفرسان الذين يرغبون في الاشتراك في البرجاس يأتون إلى البلدة التي سيعقد فيها، ويعلقون أسلحتهم خارج نوافذ حجراتهم، ويثبتون دروعهم في جدران الحصون؛ والأديرة، وغيرها من الأماكن العامة. وكان النظارة يبحثون هذه كلها، وكان لهم أن يتقدموا بما لديهم من الشكاوي الخاصة بما أخطأ فيه كل متقدم للاشتراك في اللعب، فيستمع موظفو البرجاس إلى القضية ويحكمون بعدم أهلية المذنب من المتقدمين، وفي هذه الحالة تكون "على ترسه أو درعه لطخة". ويفد إلى هذا الجمع الحاشد المتحفز تجار الخيول ليعدوا الفارس للبرجاس، وبائعو الخردوات ليحلوه هو وجواده بالحلل الجميلة، والمرابون لافتداء من يسقطون في الحلبة، والعرّافون، واللاعبون على الحبال ونحوها، والممثلون الصامتون، والشعراء الجائلون والمغنون، والعلماء المتنقلون، والنساء الخليعات، والسيدات ذوات المقام السامي. وكان الحادث كله احتفالاً بهيجاً فيه الغناء والرقص؛ ومواعيد اللقاء، والمشاجرات، والمراهنات التي لا حد لها على المباريات.
وقد يدوم البرجاس إلى ما يقرب من أسبوع، وقد لا يدوم إلا يوماً واحداً. وقد قسمت الأيام في برجاس عقد في عام 1285، فكان يوم الأحد يوم اجتماع وعيد، وخصص يوما الاثنين والثلاثاء للمثاقفة، ويوم الأربعاء للراحة، ويوم الخميس للبرجاس نفسه الذي أطلق اسمه على الحفل بوجه عام. وكانت حلبة الصراع ميدان بلدة أو فضاء في أحد أطرافها تحيط به من بعض نواحيه مقاعد وشرفات يشاهد منها السراة الحفل وهم مرتدون أفخر ما كان في العصور الوسطى من حلل. أما السوقة فكانوا يشاهدون الألعاب وهم وقوف حول الحلبة، وكانت المقاعد تزدان بالنسيج المزركش، والبيارق المستطيلة، والدروع المنقوش عليها شارات الأسر الشريفة. وكان الموسيقيون يبدءون المباريات بالأنغام الموسيقية، ويحيون بالنغمات العالية أبرع ما في سباق من ضربات. وكان النبلاء والنبيلات ينثرون النقود على السوقة الوقفين في الميدان، فكان هؤلاء يتلقفونها وهم يصيحون "هبات!" و "مرحى!".
ويدخل الفرسان قبل المباراة الأولى حلبة البرجاس فيمشون إلى الميدان في حللهم وعددهم الفاخرة متباهين في خطاهم، ومن ورائهم أتباعهم على ظهور الجياد تقودها في بعض الأحيان بسلاسل من الفضة أو الذهب السيدات اللائي سيحارب الفرسان تمجيداً لهن. وكانت العادة المألوفة أن يحمل كل فارس ترسه، وخوذته أو حربته، ولفاعة أو قناعاً، أو دثاراً، أو شريطاً انتزعته السيدة المختارة من ثيابها.
وكانت المثاقفة معركة فردية بين فارسين يتباريان. وكانا يعدوان بجواديهما متقابلين ويرمي كلاهما الآخر بحربته المصنوعة من الصلب. فإذا ما اضطر أحد المتبارين أن ينزل عن جواده فإن قواعد المباراة تتطلب أن يترجل الآخر، وبهذا تدور المعركة بينهما راجلين وتستمر حتى يصيح أحدهما طالباً وقف القتال أن يضطر إلى الخروج منه لأنه تعب، أو جرح، أو مات، أو حتى يطلب القضاة أو الملك وقفه. ثم يمثل المنتصر أمام القضاة، ويتلقى في وقار جم جائزة منهم أو من سيدة جميلة. وكانت تشغل عدة أدوار من هذا النوع اليوم كله. وكان الحفل يختم باقتتال حق يصطف فيه الفرسان المتبارون جماعات متقابلة ويقتتلون اقتتالاً حقيقياً، وإن كان يدور في العادة بأسلحة مثلمة، وقد أدى قتال من هذا النوع دار في نيوس Neuss (1240) إلى موت نحو ستين فارساً. وفي أمثال هذه المباريات كان يؤسر البعض، وتؤخذ لفدية ممن يؤسرون كما يحدث في الحروب الحقيقية سواء بسواء. وكانت جياد الأسرى وأسلحتهم غنيمة للمنتصرين؛ فقد كان الفرسان يحبون المال أكثر مما يحبون القتال نفسه وقد ورد في مجموعة الأقاصيص الفرنسية التي كتبت في فرنسا بين منتصف القرن الثاني عشر وآخر القرن الثالث عشر أن أحد الفرسان احتج على تحريم الكنيسة لألعاب البرجاس وقال إن هذا التحريم إذا نفذ حرمه من الوسيلة الوحيدة التي يكسب بها عيشه(69). فإذا انتهت جميع المباريات اجتمع الأحياء من الفرسان والنبلاء من النظارة في حفل ليلي تعد فيه الولائم، ويدور فيه الرقص والغناء، ويستمتع فيه الفرسان الظافرون بتقبيل أجمل النساء، ويستمع الحاضرون إلى القصائد والأغاني التي تؤلف تخليداً لانتصارهم.
وكان يطلب إلى الفارس من الوجهة النظرية أن يكون بطلاً، وسميذعاً وقديساً، وإذا كانت الكنيسة حريصة على ترويض الشرسين من الفرسان، فقد أحاطت نظام الفروسية بمراسيم وأيمان دينية. فقد كان الفارس يقسم أن يكون صادقاً في القول؛ وأن يدافع عن الدين، ويحمي الفقراء والمساكين، وينشر لواء السلم في ولايته، ويقاتل الكفرة. وكان مديناً لسيده الإقطاعي بولاء يرتبط به أكثر من ارتباط الآباء بحب الأبناء، ويتعهد أن يكون حارساً للنساء، مدافعاً عن عفتهن، وأن يكون أخاً لجميع الفرسان يبادلهم المجاملة وضروب المساعدة. وقد يحدث في إبان الحروب أن يقاتل الفارس غيره من الفرسان، فإذا أسر واحداً منهم عامله معاملة الضيف. وهكذا كان الفرسان الفرنسيون الذين أسروا في كريسي Cr(cy وبواتييه يعيشون أحراراً مستمتعين بالراحة والاطمئنان في ضياع من أسروهم من الفرسان الإنجليز، يشتركون مع مضيفيهم في الولائم والألعاب، وظلوا كذلك حتى افتدوا(70). ورفع الإقطاع الشرف الأرستقراطي وطالب النبل عند الفارس إلى منزلة عالية علواً لا يستطيع أن يدركه ضمير السوقة-فكان يقسم بألا يتخلى عن البسالة الحربية والوفاء الإقطاعي؛ وأن يضع نفسه إلى أقصى حد في خدمة جميع الفرسان، وجميع النساء، وجميع الضعفاء والفقراء. وهكذا عادت الرجولة Virtus إلى معناها الذي كان لها عند الرومان بعد أن ظلت المسيحية ألف عام تؤكد الفضائل النسائية، وبهذا كانت الفروسية، رغم هالتها المسيحية، انتصاراً للأفكار الألمانية، والوثنية، والعربية على المبادئ المسيحية، ولقد كانت أوربا التي توالت عليها الهجمات من كل ناحية في مسيس الحاجة إلى الروح الحربية مرة أخرى.
على أن هذا كله كان هو الفروسية من الوجهة النظرية، وكان عدد قليل من الفرسان يستمسكون به في حياتهم، كما كان عدد قليل من المسيحيين يسمون إلى المستوى الرفيع الشاق من إنكار الذات. ولكن الطبيعة البشرية التي ولدت بين الغابات والوحوش قد لوثت هذا المثل الأعلى وذاك؛ فهذا البطل الذي قاتل يوماً ما ببسالة في ألعاب البرجاس أو في ميدان القتال قد يكون في يوم آخر سفاحاً غادراً، وقد يفخر بشرفه كما يفخر بالريشة التي في خوذته، ويفعل ما فعله لانسلكو Lancelot، وترسترام Tristram، وغيرهما ممن هم أكثر تأصلاً في الفروسية فيحطم بالزنى الأسر الطيبة. وقد يتشدق بحماية الضعفاء، ثم يقتل الفلاحين العزل بحد السيف، وكان يعامل العامل اليدوي الذي يعتمد عليه حصنه ومجده معاملة ملؤها الازدراء، كما يعامل الزوجة التي أقسم أن يعزها ويحميها بغلظة في كثير من الأحيان وبوحشية في بعضها(71). وقد يستمع إلى الصلاة في الصباح؛ ويسطو على كل كنيسة في آخر النهار، ويشرب حتى يفقد وعيه في المساء. وهذا ما وصف به جلداس Gildas الفرسان البريطانيين الذين كان يعيش بينهم في القرن السادس، وهو القرن الذي يرى بعض الشعراء أن آرثر Arthur "والطبقة العظيمة من فرسان المائدة المستديرة" كانوا يعيشون في خلاله(72). وكان الفارس يتحدث عن الولاء والعدالة ولكنه يملأ صفحات فرواسار Froissart بالغدر والعنف. وبينما كان الشعراء الألمان يتغنون بالفروسية، تراهم لا ينقطعون عن الكلمات، وإحراق الدور، وقطع الطريق على المسافرين البريئين(73). ولقد دهش المسلمون من فظاظة الصليبيين وقسوتهم، وحتى بوهمند Bohemund العظيم نفسه، لما أراد أن يظهر احتقاره لإمبراطور الروم، بعث له ببضاعة من الأنوف والإبهامات المقطعة(74). لقد كان هؤلاء شواذ ولكنهم كانوا كثيرين. ولسنا ننكر أن من السخف أن ننتظر من الجنود أن يكونوا قديسين، ذلك أن إجادة القتيل تتطلب فضائلها الفذة، وهؤلاء الفرسان الغلاظ هم الذين طردوا الصقالبة من ضفاف نهر الأودر، والمجر من إيطاليا وألمانيا، وهم الذين رضوا أهل الشمال فكانوا هم النورمان وجاءوا بالحضارة الفرنسية إلى إنجلترا على شفار السيوف، فكانوا ما لا بد أن يكونوا.
وكان ثمة عاملان هما اللذان خففا من همجية الفروسية، ونعني بهما النساء والمسيحية، فأما المسيحية فقد أفلحت إلى حد ما في تحويل تيار الخصام في الفروسية إلى الحروب الصليبية، ولعلها استمدت العون في هذا التحويل من عبادة مريم العذراء أم المسيح، فقد رفعت هذه العبادة منزلة الفضائل النسائية فخفضت بذلك من حدة تحمس الرجال الأشداء الميالين إلى العنف. ولكن لعل النساء اللائي يعشن على ظهر الأرض، واللائي لهن تأثير كبير في الحواس وفي الأرواح، قد كان لهن أثر كبير من أثر مريم العذراء في تحويل الفارس المحارب إلى سيد كريم الأخلاق. وكثيراً ما حرمت الكنيسة ألعاب البرجاس، ولكن الفرسان كانوا يغفلون أوامرها ويظهرون ابتهاجهم بهذا الإغفال، وكانت النساء يحرضنه، ولم يكن الفرسان يتجاهلون وجودهن، وكانت الكنيسة غير راضية عن الدور الذي تضطلع به النساء في حفلات البرجاس وفي الشعر، وقام الصراع بين أخلاق السيدات النبيلات وبين التعاليم الأخلاقية التي تدعو إليها الكنيسة، وانتصرت السيدات وانتصر الشعراء في صراع عالم الإقطاع.
لقد وجد الحب العذري، الحب الذي يجعل من المحبوب مثلاً أعلى، في كل عصر من العصور على الأرجح، وكان في شدته يتناسب إلى حد ما مع ما يوضع من العقبات من الزمن بين الشهوة وإشباعها. وقلّما كان هذا الحب من أقدم العصور إلى عصرنا الحاضر سبب الزواج، وإذا ما وجدنا هذا الحب منفصلاً كل الانفصال عن الزواج في عصر ازدهار الفروسية، وجب علينا أن نعد هذه الحال أقرب إلى الطبيعة وإلى الأحوال السوية من أحوالنا الحاضرة. لقد كانت النساء في معظم العصور، وبخاصة في عصر الإقطاع، يتزوجن الرجال لما لديهم من المال، ويعجبن بغير أزواجهن لما يتمتعون به من سحر وجمال. وكان الشعراء لفقرهم يتزوجون من الطبقات الدنيا ويحبون من طبقات بعيدة المنال، ويتوجهون بأجمل أغانيهم إلى السيدات اللاتي لا يرجون أن يصلوا إليهن. وكان الفارق بين المحب وحبيبه في العادة كبيراً إلى درجة يرى معها الناس أن أحفل الشعر بالعواطف الجياشة لا يعدو أن يكون تحية ظريفة للمحبوب. وكان السيد الإقطاعي المهذب يكافئ الشعراء الذين يتشببون بزوجته، وشاهد ذلك أن الڤايكونت ڤو Vaux ظل يستضيف الشاعر پيير ڤيدال Piere Vidal بعد أن تغزل فير بامرأته-بل بعد أن حاول أن يغويها(75)-وإن كانت هذه درجة من المجاملة لا يصح للشعراء عادة أن يجرءوا عليها. وكان الشاعر المحب يرى أن الزواج، إذ يتيح أكبر فرصة للمتعة بأقل قدر من الإغراء، قلّما يوجد الحب العذري أو يستبقيه بعد أن يوجد، ويبدو أن دانتي التقي نفسه لم يحلم قط بأن يقرض الشعر الغزلي في زوجته، ولم يجد ما يعيبه في التغزل بغيرها من النساء المتزوجات منهن وغي المتزوجات وكان الفارس يرى ما يراه الشاعر من أن حب الفارس يجب أن تختص به سيدة أخرى غير زوجته، وكانت هذه السيدة عادة زوجة فارس آخر(76). وكانت معظم الفرسان يسخرون من هذا الحب العذري، ويعودون بعد وقت ما إلى أزواجهم، ويسلون أنفسهم بالحروب. وقد نسمع عن فرسان يصمون آذانهم عن نداء النساء اللاتي يعرضن عليهم حبهن العذري(77). ولقد مات رولان Roland، كما تحدثنا الأغنية Chanson وهو لا يكاد يفكر في خطيبته أود Aude التي كانت تموت من الحزن حين جاءها خبر وفاته. كذلك لم يكن حب النساء كله حباً عذرياً، ولكن جري العرف الذي كان متبعاً عند الكثيرات منهن أن يكون للسيدة حبيب، أفلاطوني أو بيروني Byronic، مضافاً إلى زوجها. وإذا جاز لنا أن نصدق روايات الحب التي كتبت في العصور الوسطى قلنا إن الفارس كان يقسم بأن يقوم بخدمة السيدة التي أعطتها لونها ليلبسه أو بأداء الواجب الذي يفرضه حبها. وكان لها أن تفرض عليه مغامرات خطرة لتمتحن حبه أو لتبعده عنها، وإذا ما قام بخدمتها على الوجه الأكمل كان المنتظر منها أن تكافئه على خدمته بعناق أو بما هو خير عنده من العناق، ذلك هو "الجزاء" الذي كان يطلبه. وكان يوجه إليها كل ما يقوم به من أعمال حربية مجيدة، وكان اسمها هو الذي يناديه في ساعات القتال الحرجة، أو حين يلفظ آخر أنفاسه. وتلك حالة أخرى من الحالات التي لم يكن فيها الإقطاع جزءاً من المسيحية، بل كان نقيضها ومنافسها. ذلك أن النساء اللاتي كن من الوجهة النظرية مقيدات في حبهن بقيود شديدة، فقد أكدن بهذه الطريقة حقهن في الحرية، وشكلن بأنفسهن قانونهن الأخلاقي. وأخذت عبادة المرأة الشهوانية تنافس عبادة مريم العذراء الروحية، ونودي بالحب على أساس مستقل تقدر به قيم، وأوجد مثلاً عليا لأداء الخدمات لهم، وقواعد السلوك، وكان فيه تجاهل للدين معيب حتى في الوقت الذي كان يأخذ مصطلحاته ويصوره.
وقد أنارت هذه التفرقة المعقدة بين الحب والزواج مشاكل كثيرة خاصة بالأخلاق وآداب السلوك. وكان المؤلفون يعالجون هذه المسائل في تلك الأيام، كما كانوا يعالجونها في أيام أوفيد بكل ما يتصف به الأخلاقيون من تدقيق وإتقان. وحدث في وقت ما بين عامي 1174 و1182 أن ألف رجل يدعى أندرياس كاپلانوس Andreas Capellanus أي القس أندرو-رسالة في الحب ودوائه Tractatus de amore et de amoris remedio أورد فيها بين ما أورد من المسائل قانون الحب العذري ومبادئه. ويقصر أندرو هذا الحب على الأشراف؛ ويقول بلا حياء إنه هيام فارس هياماً محرماً بزوجة فارس آخر، ولكنه يذكر أن خواص هذا الحب هي الولاء والتبعية، وخدمة الرجل للمرأة. وهذا الكتاب هو أهم المراجع التي يستشهد بها على وجود "محاكم الحب" التي كانت السيدات ذوات الألقاب يُستجوبن فيها ويقدمن القرارات الخاصة بالحب العذري. وكانت زعيمة السيدات في هذه الإجراءات أيام أندرو، إذا كان لنا أن نصدق ما يقوله هو عن هذا، هي الأميرة الشاعرة ماري، كونتسة شامپانيا، وكانت زعيمتها قبل وقتها بجيل هي أمها. وأكثر النساء فتنة في المجتمع الإقطاعي هي إليانور، دوقة أكيتان التي كانت وقت ما ملكة فرنسا ثم ملكة إنجلترا بعدئذ. وكانت هي وأمها قاضيتين ترأسان محكمة الحب في مدينة بواتييه في بعض القضايا(79) وكان أندرو يعرف مارية حق المعرفة، وكان قساً خاصاً بها، ويبدو أنه ألف كتابه ليذيع به نظرياتها وأحكامها في الحب؛ ومن أقواله فيه إن "الحب يعلم كل إنسان أن يتحلى بكثير من ضروب الأخلاق الفاضلة"، ويؤكد لنا أن أشراف بواتييه الغلاظ قد انقلبوا بفضل تعاليم مارية مجتمعاً من كرائم السيدات وذوي المروءة والشهامة من الرجال.
أدب العصور الوسطى والنهضة
وتحتوي قصائد شعراء الفروسية الغزلين عدة إشارات إلى محاكم الحب السالفة الذكر التي كانت تقيمها سيدات من الطبقة الراقية-كونتة نربونة Narbonne وكونتة فلاندرز وغيرهما-في بييرفو Pirrefeu وأفنيون Avignon وغيرهما من بلدان فرنسا(80). ويحدثنا المؤرخون أن عشر نساء، أو أربع عشرة، أو ستين منهن كن يجلسن للفصل في القضايا التي تعرض عليهن؛ ومعظمها يعرضه نساء؛ وبعضها يعرضه رجال، وكانت تلك المحاكم تفض المنازعات وتسوي الخلافات؛ وتوقع العقاب على من يخرق القانون. وبمقتضى هذا الحق أصدرت مارية الشمبانية Marie of Champagne (كما يقول أندرو) في السابع والعشرين من إبريل عام 1174 فتوى في سؤال وجه إليها يقول فيه صاحبه: "هل يمكن وجود حب حقيقي بين الأشخاص المتزوجين؟" فكان جوابها إنه لا يمكن وجوده، وكانت حجتها في ذلك أن "المحبين يعطون كل شيء بلا مقابل، ولا يتقيدون فيما يعطون بموجبات الضرورة، أما المتزوجون فإن ما عليهم من واجبات يرغمهم على أن يخضع كل منهم لرغبات زوجه"(81). وقد أجمعت محاكم الحب كلها، كما يقول أندرو، على واحد وعشرين قانوناً من "قوانين الحب": منها (1) لا يمكن أن يتخذ الزواج حجة لرفض الحب... (3) لا يستطيع إنسان أن يحب اثنين في وقت واحد (4) لا يمكن أن يظل كل الحب على حال واحدة، فهو إما أن يزيد وإما أن ينقص (5) المنة التي يسديها صاحبها مرغماً منه تافهة (11) لا يليق بالرجل أن يحبل النساء اللاتي لا يحببن إلا بقصد الزواج... (14) إن السهولة المفرطة في نيل الحبيب تحقر الحب، أما الصعاب التي تعترض الحب فإنها... ترفع من قدره... (19) إذا بدأ الحب يتناقص فسرعان ما يزول، وقلّما يعود... (21) يزداد الحب على الدوام بتأثير الغيرة... (23) الشخص الذي يقع فريسة الحب لا ينام إلا قليلاً ولا يطعم إلا قليلاً (26) المحب لا يضن بشيء على حبيبه(82). وكانت محاكم المحب هذه أجزاء من ندوات تقيمها نساء طبقة الأشراف، ولكن رجال هذه الطبقة لم يكونوا يعبئون بها، وكان الفرسان العشاق يضعون لأنفسهم قواعدهم. غير أن الذي لا يشك فيه أن ازدياد الثراء والتعطل قد أحاط الحب بأخيلة وآداب ومجاملات امتلأت بها قصائد شعراء الفروسية الغزليين وقصائد بداية النهضة. وفي ذلك يقول فلاني Villani شاعر فلورنس (1280؟-1348) "تكون في فلورنس في شهر يونية من عام 1283 في عيد القديس يوحنا بينما كانت المدينة سعيدة آمنة... اتحاد اجتماعي قوامه ألف شخص، يرتدون كلهم بيض الثياب، ويطلقون على أنفسهم اسم خدام الحب. وقد نظمت هذه الجماعة سلسلة من الألعاب، والحفلات والرقص، مع السيدات، فكان الأعيان ورجال الطبقة الوسطى يمشون على دقات الطبول وأنغام الموسيقى، ويقيمون الولائم في منتصف النهار وفي الليل. وقد ظلت محكمة الحب هذه قائمة نحو شهرين، وكانت أجمل وأشهر ما أقيم من نوعها في تسكانيا"(83).
نشأت الفروسية في القرن العاشر، وبلغت ذروتها في القرن الثالث عشر، وقاست الأمرين من وحشية حرب المائة سنين، واضمحلت أشد الاضمحلال من جرّاء الأحقاد المزرية التي بددت شمل طبقة الأشراف الإنجليز في حروب الوردتين، ثم لفظت آخر أنفاسها في وسط الأحقاد التي أثارتها الحروب الدينية في القرن السابع عشر، ولكنها تركت آثارها البارزة في أوربا أثناء العصور الوسطى والعصر الحديث من النواحي الاجتماعية، والتربوية، والخلقية، والأدبية، والفنية، واللغوية. وازداد عدد طبقات الفروسية-ربطة الساق، والحمام، والقلادة الذهبية-وتضاعفت حتى بلغ عددها 234 طبقة منتشرة في بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وأسبانيا، وجمعت مدارس كمدارس إيتن Eton؛ وهرو Harrow، وونشستر Winchester بين مثل الفروسية الأعلى والتربية "الحرة" في جهودها الموفقة في تاريخ التربية لتثقيف العمل، وتقوية الإرادة، وتقويم الأخلاق. وإذ كان الفارس يتعلم الآداب، والشهامة والمروءة، في حاشية النبيل أو المليك، فقد كان ينقل بعض هذه الصفات إلى من هم دونه من أفراد الطبقات الاجتماعية الأخرى؛ وليست المجاملات والرقة في الوقت الحاضر إلا مزيجاً مخففاً من فروسية العصور الوسطى المركزة. ولقد ازدهر الأدب الأوربي من أغنية رولان إلى دن كيشوت، لأنه أخذ يصف أخلاق الفرسان وموضوع الفروسية، وكان الكشف الثاني لنظام الفروسية من العناصر الفعّالة في الحركة الأدبية الإبداعية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. ومهما يكن في آداب الفروسية الخلقية من إسراف وسخافات، ومهما كان الفرق كبيراً بين حقيقتها العلمية ومثلها العليا، فإنها بلا ريب من أعظم ما ابتدعته الروح البشرية من نظم؛ وإنها فن من فنون الحياة وأبهى وأفخم من كل فن سواه.
وهكذا نرى أن الصورة التي رسمناها للإقطاع لم تقتصر على أن تكون صورة للاسترقاق في الأرض، وللأمية، وللاستغلال، والعنف، بل كانت تجمع بين هذا كله وبين قدر يعدله من الفلاحين الأقوياء، يقطعون أشجار الغابات، ومن رجال متباهين أشداء في لغتهم، وحبهم، وحروبهم، وفرسان يقسمون بأن يكونوا شرفاء، خادمين لمن يحتاجون إلى خدمتهم، يجدون في طلب المغامرات وأسباب الشهرة كما يجد غيرهم في طلب الراحة والأمن، يحتقرون الخطر والموت والجحيم؛ ونساء صابرات كادحات، يلدن ويربين الأبناء في قرى الفلاحين، وسيدات من ذوات الحسب والنسب الرفيع يمزجن دعواتهن الرقيقة لمريم العذراء بالحرية الجريئة في التغني بالشعر الشهواني والحب العذري-ولعل الفروسية كانت أقوى أثراً من المسيحية في رفع منزلة المرأة. ولقد كان أهم ما اضطلع به الإقطاع من أعمال هو إعادة النظام السياسي والاقتصادي إلى أوربا بعد أن توالت عليها الغارات والكوارث المخربة المقطعة لأوصالها مائة عام. ولقد أفلحت في غرضها هذا، ولما أن اضمحلت على أنقاضها وتراثها مدنيتنا الحديثة.
وبعد فليست العصور الوسطى حقبة للعالم أن ينظر إليها بتشامخ وازدراء. ذلك أنه لم يعد في وسعه أن يشهر بما كان فيها من جهل وخرافات، وتفكك سياسي، وفقر اقتصادي وثقافي؛ بل عليه بدلاً على هذا أن يعجب كيف استطاعت أوربا أن تفيق من الضربات المتعاقبة التي كالها لها القوط؛ والهون، والوندال، والمسلمون، والمجر؛ والشماليون، واحتفظت في وسط الاضطراب والمآسي بهذا القدر الكبير من الآداب والأساليب الفنية القديمة. ولا يسعه إلا أن يعجب بشارلمان، وألْفرِد، وأولاف، وأتو، وأمثالهم من الرجال الذين أقاموا من هذه الفوضى نظاماً كما يعجب ببندكت، وجريجوري، وبنيفاس، وكولمبا. وألكوين، وبرونو ومن إليهم من الرجال الذين صابروا وصبروا حتى بعثوا الأخلاق والآداب من قفار تلك الأيام؛ وبالمطارنة والصناع الذين استطاعوا أن يشيدوا الكنائس الكبرى، والشعراء المجهولين الذين استطاعوا أو يغنوا فيما بين كل حرب وحرب، وإرهاب وإرهاب.وكان لا بد للدولة والكنيسة أن تبدءا عملهما مرة أخرى من الدرك الأسفل، كما بدأه رميولوس ونوما قبلهما بألف عام، وكانت الشجاعة التي يتطلبها بناء المدن من الغابات، وخلق المواطنين الصالحين من الهمج، أعظم من أختها التي شادت شارتر، وأميان، ورانس في الزمن الحديث، أو هدأت حمى دانتي الانتقامية فصاغت منها شعراً موزوناً.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الدروع الرمزية والسمات الأخرى
انظر أيضاً
- Accolade
- Chivalric orders
- Destrier
- Heavy Cavalry
- Knightly Virtues
- Knight-errant
- Medieval warfare
- Nobility
- Orders, decorations, and medals of the United Kingdom
- Papal Orders of Chivalry
المكانات المقابلة في الحضارات الأخرى
المصادر
- ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.
الهامش
- ^ "Knight". Collins Dictionary. n.d. Retrieved 23 September 2014.
- ^ Clark, p. 1.
- ^ Carnine, Douglas; et al. (2006). World History:Medieval and Early Modern Times. USA: McDougal Littell. pp. 300–301. ISBN 978-0-618-27747-6.
Knights were often vassals, or lesser nobles, who fought on behalf of lords in return for land.
{{cite book}}
: Explicit use of et al. in:|author2=
(help); Unknown parameter|displayauthors=
ignored (|display-authors=
suggested) (help)
المراجع
- Arnold, Benjamin. German Knighthood, 1050-1300. Oxford: Clarendon Press, 1985. ISBN 0-19-821960-1 LCCN 85235009-{{{3}}}
- Bloch, Marc. Feudal Society, 2nd ed. Translated by Manyon. London: Routledge & Keagn Paul, 1965.
- Bluth, B. J. Marching with Sharpe. London: Collins, 2001. ISBN 0-00-414537-2
- Boulton, D'Arcy Jonathan Dacre. The Knights of the Crown: The Monarchical Orders of Knighthood in Later Medieval Europe, 1325-1520. 2d revised ed. Woodbridge, UK: Boydell Press, 2000. ISBN 0-85115-795-5
- Bull, Stephen. An Historical Guide to Arms and Armour. London: Studio Editions, 1991. ISBN 1-85170-723-9
- Carey, Brian Todd; Allfree, Joshua B; Cairns, John. Warfare in the Medieval World, UK: Pen & Sword Military, June 2006. ISBN 1-84415-339-8
- Church, S. and Harvey, R. (Eds.) (1994) Medieval knighthood V: papers from the sixth Strawberry Hill Conference 1994. Boydell Press, Woodbidge
- Clark, Hugh (1784). A Concise History of Knighthood: Containing the Religious and Military Orders which have been Instituted in Europe. London.
- Edge, David; John Miles Paddock (1988) Arms & Armor of the Medieval Knight. Greenwich, CT: Bison Books Corp. ISBN 0-517-10319-2
- Edwards, J. C. "What Earthly Reason? The replacement of the longbow by handguns." Medieval History Magazine, Is. 7, March 2004.
- Embleton, Gerry. Medieval Military Costume. UK: Crowood Press, 2001. ISBN 1-86126-371-6
- Forey, Alan John. The Military Orders: From the Twelfth to the Early Fourteenth Centuries. Basingstoke, Hampshire, UK: Macmillan Education, 1992. ISBN 0-333-46234-3
- Hare, Christopher. Courts & camps of the Italian renaissance. New York: Charles Scribner's Sons, 1908. LCCN 08031670-{{{3}}}
- Keen, Maurice. "Chivalry". Yale University Press, 2005.
- Laing, Lloyd and Jennifer Laing. Medieval Britain: The Age of Chivalry. New York: St. Martin's Press, 1996. ISBN 0-312-16278-2
- Oakeshott, Ewart. A Knight and his Horse, 2nd ed. Chester Springs, PA: Dufour Editions, 1998. ISBN 0-8023-1297-7 LCCN 98032049-{{{3}}}
- Robards, Brooks. The Medieval Knight at War. London: Tiger Books, 1997. ISBN 1-85501-919-1
- Shaw, William A. (1906). The Knights of England: A Complete Record from the Earliest Time. London: Central Chancery. (Republished Baltimore: Genealogical Publishing Co., 1970). ISBN 0-8063-0443-X LCCN 74129966-{{{3}}}
- Williams, Alan. "The Metallurgy of Medieval Arms and Armour", in Companion to Medieval Arms and Armour. Nicolle, David, ed. Woodbridge, UK: Boydell Press, 2002. ISBN 0-85115-872-2 LCCN 2002003680-{{{3}}}
- De Charny, Geoffrey. The Book of Chivalry of Geoffrey De Charny : Text, Context, and Translation. 1996.