فؤاد عباس
فؤاد ابراهيم عباس (و.1924 - ت. 17 أبريل 2010)، هو باحث ومفكر وكاتب فلسطيني ومؤسسة موسوعة بيت المقدس.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الحياة المبكرة
ولد فؤاد ابراهيم عباس في المجدل وبعد انتهاؤه من التعليم الثانوي التحق بالكلية العربية في القدس وظهر نبوغه بين أقرانه، وتخرج منها عام 1943 ثم من معهد المعلمين وعمل في التدريس حتى وقعت النكبة. [1]
يذكر أبو إبراهيم في كتابه (الموروث الشعبي الفلسطيني في ثورة 1936/1939ص118-119): "كانت ولادتي في المجدل عسقلان من أب فلسطيني هو إبراهيم عباس تنيرة، وأم فلسطينية من أصل لبناني هي أسماء سليم الحوت. وكان جدي الشيخ عباس محمد تنيرة عميدًا لحمولته في المجدل التي اشتهرت بالتجارة وتملك الأرض. وأكدت شخصية الشيخ عباس القوية غلبة الاسم عباس على أبنائه وأحفاده. وكان الشيخ عباس وسليم الحوت (مختار محلة المنشية من عام 1918 إلى عام 1948) تربطهما مودة بالمرحوم السيد عمر البيطار رئيس بلدية يافا حينذاك، وعلى يديه تزوج أبي من أمي".
وحول طفولته المبكرة يقول أبو إبراهيم: "بدأت دراستي في مدرسة المجدل الابتدائية، وكانت تضم معلمين مرموقين منهم ناظر المدرسة عبد الله الخطيب.. ومنهم مخلص عمرو، ومحمد هيكل، وصائب الناظر، وشريف برزق، وأكرم العلمي، وغيرهم".
وقد تم اختيار والدي عام 1938 /1939 بين طلاب الصف السابع الابتدائي في مدرسة مجدل عسقلان الابتدائية لإكمال تعليمه في الكلية العربية في القدس لأنه كان الأول في صفه، لكن أمه (جدتي أم فؤاد) فضلت التحاقه بالعامرية الثانوية في يافا برعاية أهلها (بيت الحوت) وحيث مكث فيها عامين التحق بعدهما التحق بالكلية العربية بالقدس وتخرج منها عام 1943، وعمل في التدريس بعد التخرج في مدرسة المجدل الثانوية.
وحول ذكرياته في الكلية العربية يقول والدي: "كانت دار المعلمين نواة الكلية العربية في القدس، وبعد إضراب 1936 تم تشييد مبنى الكلية العربية على جبل المكبر، جنوبي المدينة، ومن ثم انتقل الطلاب إلى المبنى الجديد. وكانت دار المعلمين (ثم الكلية العربية) تقبل الطلبة المتفوقين من مدارس فلسطين الابتدائية والثانوية ، فكان المتفوقين الذين أنهوا التعليم الابتدائي يلتحقون بالصف الأول الثانوي في المدرسة الرشيدية في القدس، والتي تقع خارج باب الزاهرة (الساهرة)، ويمضون في المدرسة نفسها الصف الثاني الثانوي أيضًا، ثم يكملون دراستهم في الكلية العربية بعد ذلك. أما المتفوقون من مدارس فلسطين الثانوية فكانوا يلتحقون بالصف الثالث الثانوي في الكلية العربية مباشرة. وكان النظام، قبل فترة الأربعينيات، يتيح لطالب الكلية الناجح في شهادة الاجتياز إلى التعليم العالي الفلسطيني (المتريكيوليشن) الالتحاق بالصف الخامس الثانوي في الكلية العربية إذا كان متفوقًا. وهو صف خاص يعلم التربية النظرية والعملية، إضافة إلى بعض المواد الأخرى. وفي التربية، من الناحية النظرية، كان الطالب يدرس علم النفس وآثاره في التربية والتعليم، وإدارة الصفوف، وأركان التدريس. وكان الأستاذ أحمد سامح الخالدي (الأكاديمي المعروف) - مدير الكلية- ألف كتبًا في هذه المواد. [2]
ومن الناحية العملية، كان أساتذة الكلية يدربون طلاب الصف الخامس تدريبًا جيدًا على التدريس، فيقوم هؤلاء الطلاب بالتدريس في مدارس القدس بإشراف وتوجيه أساتذتهم. في سنة 1940 استحدث نظام جديد، فقد ألغي الصف الخامس التربوي واستعيض عنه بإشراف مدرسي الكلية على تصحيح امتحان المعلمين الأعلى للمدارس الثانوية الذي كانت تنظمه إدارة المعارف في فلسطين. أما في الكلية العربية فقد ألغي الصف الخامس (الصف التربوي)، وأصبح هناك تأهيل لشهادة "الإنترميديات"، بقسميها العلمي والأدبي، في صفين متتابعين (الخامس والسادس الثانويين) بعد مرحلة "المتريكيوليشن"، ويشترك القسمان في دراسة التربية، واللغتين العربية والإنجليزية، والمنطق، ويختص القسم الأدبي بدراسة نصوص لاتينية، وتاريخ اليونان والرومان، وتاريخ الفلسفة، بينما يختص القسم العلمي بدراسة الرياضيات العالية بمختلف فروعها، وتاريخ العلوم. ويستطرد والدي: "والجدير بالملاحظة أنه في موازاة الكلية العربية كانت المدرسة الرشيدية تنحى المنحى نفسه في تقسيم المناهج إلى علمي وأدبي، وكان بعض مدرسي الكلية العربية يدرس في المدرسة الرشيدية، وعرفنا من طلاب الرشيدية من المعاصرين لنا: علي هاشم رشيد (الشاعر)، وأحمد فرح عقيلان الفالوجي (إمام المسجد الكبير في الرياض)، وخليل إبراهيم الخطيب، وغيرهم.
حصل والدي على شهادة "المترك" من الكلية العربية في القدس في بداية الأربعينيات من القرن الماضي ضمن دفعة مكونة من عشرين طالبًا ذكر منهم عبد الفتاح الفاخوري ومحمد الأشقر (طولكرم)، حسن البطة (خان يونس)، أشرف الشوا (غزة)، عرفان عارف قعوار (الناصرة)، جميل عارف البديري (القدس) وصادق إبراهيم عودة وغيرهم.
ويذكر والدي من أساتذة الكلية العربية د. نيقولا زيادة الذي كان كثيرًا ما يرتب الرحلات خارج القدس لطلابه. يقول والدي بهذا الصدد: "أذكر أنه رتب رحلة مع طلاب صفنا إلى دير القرنطل وأريحا وغور الأردن والبحر الميت، كما لا أزال أذكر أنه أعطاني لفافة كبيرة الحجم فيها الفستق المحمص، وطلب مني توزيعها على المشتركين في الرحلة، إلا أن جمال الأرض الفلسطينية ألهاني عن حمل اللفافة وتوزيع الفستق. وبادرني د. زيادة بالسؤال عن اللفلفة بعد أن خرجنا من الدير، ولما ذكرت له أن جمال الطبيعة إنساني كل شيء قال وهو يبتسم: "يا فؤاد، دعنا نتمتع بجمال الطبيعة ونحن نأكل الفستق!".
حصل والدي على مؤهل المعلمين الأعلى عام 1947 متخصصًا في اللغة العربية وآدابها وعلم التربية. وواصل مهنة التدريس، وآخر موقع عمل فيه كان مدرسة المجدل الثانوية إلى أن حلت النكبة عام 1948 فأصيب فيها بجرح في فخده إثر غارة جوية للعدو عندما كان يوزع التموين على الأهالي، واضطره الجرح إلى الهجرة إلى مصر مع أفراد الأسرة ليتم علاجه فيها حيث ظلوا فيها لاجئين.
بعد الهجرة، عمل والدي في تجارة الأقمشة، ثم مدرسًا في السعودية على مدى ثمان سنوات (1956 - 1964)، فعمل أولاً في الظفير، ثم في رابغ (في ثول)، ثم في جدة، وكان آخر مدرسة عمل فيها الثغر الثانوية، عمل فيها كمدرس أول لغة عربية.
الحياة العملية
التحق فؤاد عباس عام 1965 بالعمل بإذاعة "صوت فلسطين – صوت منظمة التحرير الفلسطينية من القاهرة" حيث كتب التعليق والبرنامج والخاطرة، ومنذ ذلك الوقت انتقل من مهنة التدريس إلى مهنة الكتابة، وساعده على ذلك أنه مارس الكتابة الصحفية بالفعل وهو في السعودية عندما كان أحد محرري الأدب في صحيفة "البلاد" أثناء عمله في التدريس في فترة الخمسينيات وبداية الستينيات الميلادية.
وخلال عمله في الإذاعة حصل على دبلوم الدراسات الإسلامية العليا عام 1978، وأظهر اهتمامًا خاصًا بالتراث الشعبي الذي احتل مساحة كبيرة من كتاباته. وقد صدرت له العديد من المؤلفات من أهمها: "مدخل إلى الفولكلور الفلسطيني" القاهرة 1985، "العادات والتقاليد في الموروث الشعبي الفلسطيني" القاهرة 1989، معجم الأمثال الشعبية الفلسطينية (بالاشتراك مع أحمد عمر شاهين) ـ عمان 1989، "الموروث الشعبي الفلسطيني في ثورة 36ـ 39" القاهرة 1989، "فنون القول في الموروث الشعبي الفلسطيني" القاهرة 1990، موسوعة بيت المقدس، القاهرة (صدر منها تسعة أجزاء).
اشتهر في مقتبل حياته بمكتبة العامرة في المجدل التي قال لي عنها د. محمد يوسف نجم (الأستاذ في الجامعة الأمريكية والحائز على جائزة الملك فيصل في الآداب) ذات مرة عندما التقيته في جدة في عقد الثمانينيات، وأجريت معه لقاءً صحفيًا نشر في جريدة "عكاظ" في حينه - بأنهم عندما كانوا يحتاجون إلى كتاب ما ولا يعثرون عليه فإنهم كانوا يلجأون إلى مكتبة فؤاد عباس.
كان فؤاد ابراهيم عباس مرجعا في الحكايات الشعبية التي تؤرخ للصلة ما بين الإنسان والأرض والتاريخ والهوية العربية الفلسطينية، وأنه كرس جل حياته في كتابة موسوعة القدس وهي عمل فريد من نوعه تمكن من إنجاز نصفه، وقد خرج عدد من الأجزاء للنور فيما تنتظر البقية دورها. كما قام بتأسيس موسوعة بيت المقدس.
مناصب
ترأس فؤاد عباس فرع الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين بمصر وكان ناشطاً في الحقل العام مدافعاً عن حقوق الكتاب والصحفيين وعضواً مؤسساً في الاتحاد.
الأسرة
له ابنة فدوى فؤاد عباس التي كتبت مقالاً لتأبينه في جريدة الأهرام يوم 22 أبريل 2010.