عبد الملك الغريض
أبو يزيد عبد الملك، لُقِّب بالغريض لأنه كان طريّ الوجه نضراً، غض الشباب حسن المنظر (حوالي 95 هـ/714م)، من أشهر مغني العصر الأموي، وكان يُكنى أبا مروان، وكان من مولّدي البربر.
كان أحذق أهل زمانه بمكة بالغناء بعد ابن سريج، ولا يفرقون بينهما لمقاربتهما في الغناء، ولذلك قالت سكينة بنت الحسين لما غنى الغريض وابن سريج «عوجي علينا ربّة الهَوْدَج»: «ما أشبهكما إلا باللؤلؤ والياقوت في أعناق الجواري الحسان لا يُدرى أيهما أحسن».
قال إسحاق: «سمعت جماعة من البُصراء عند أبي يتذاكرونهما فأجمعوا على أن الغريض أشجى غناءً وأن سريجاً أحكم صنعة».
كان الغريض يضرب بالعود وبالدف، وكان قبل أن يغني خياطاً. وأخذ الغناء في أول أمره عن ابن سريج لأنه كان يخدمه، فلما رأى ابن سريج طبعه وظرفه وحلاوة منطقه خشي أن يأخذ غناءه فيغلبه عليه عند الناس، ويفوقه بحسن وجهه وجسده، فاعتل عليه وشكاه إلى مولياته، وهن كنّ دفعنه إليه ليعلمه الغناء، وجعل يتجنى عليه ثم طرده، فشكا الغريض ذلك إلى مولياته، وعرّفهن غرض ابن سريج في تنحيته إياه عن نفسه، وأنه حسده على تقدمه، فأسمعنه نوحهن على قتلاهن فأخذه وغنى عليه، وخرّج غناء عليها كالمراثي، وكان يفتن كل من سمعه لما كان في صوته من الشجا.
كان ابن سريج لا يغني صوتاً إلا عارضه الغريض فيه لحناً آخر، وعزم أمير مكة يوماً على نفي المغنين من الحرم، فاجتمع على جبل مشرف على مكة معبد والغريض وسريج، وشرعوا في الغناء، فأنّ أهل مكة واضطربوا، وراجعوا الأمير في شأنهم فعدل عن قراره.
كان الغريض يغني أشعار عمر بن أبي ربيعة وكُثَيِّر، وتجتمع عليه نسوة قريش للسماع، وممن غناهم يزيد بن عبد الملك.
مات الغريض في اليمن هارباً من وجه نافع بن علقمة والي مكة.
منى الحسن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
للاستزادة
- إحسان النص، اختيارات من كتاب الأغاني ـ المغنون والقيان (مؤسسة الرسالة، بيروت 1985).