صناعة البرمجيات
صناعة البرمجيات (software industry) ولد سوق جديد للبرمجيات ومعه أخذ مفهوم الصناعة البرمجية بالتبلور لتصبح صناعة البرمجيات الصناعة الرائدة في عالم اليوم والمستقبل، إذ أسست شركات متخصصة في الصناعة البرمجية بعد أن شمل الحاسوب بتقنياته وبرمجياته جميع مرافق الحياة والمجتمع. وكان للتنافس وما يزال أثر كبير على تطور البرمجيات ونوعياتها على وفق مقاييس الجودة والكفاءة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تاريخ الصناعة
برزت في سبعينات القرن العشرين سلالة جديدة من شركات الحاسوب التي لم تصنع حواسيب، بل صممت برمجيات مثل معالج الكلمات (Word Processing) وصحيفة الجدول (Spread Sheet) والرسوميات (Graphics) وسواهم. كما أنتجت بعض الشركات في السبعينيات أنظمة برمجيات قواعد البيانات تلبي متطلبات المصارف وشركات التأمين،
مفهوم البرمجيات
البرمجيات (Software) بكلمات مختصرة هي مجموعة من التعليمات والايعازات والأوامر التي تخضع للغة برمجة معينة وعلى وفق هيكلة صحيحة للبيانات والمعلومات تهدف إلى تحقيق تطبيق برمجي لهدف ووظيفة ومهمة ما في شؤون مختلفة من مجالات العلم والمعرفة، على أن تكتمل هذه الحلقة بوجود الوثيقة التي تُعرّف وتمكن المستخدم من استخدام البرمجيات. ويبرز دور البرمجيات في الحاسوب من خلال النقاط الآتية:
- زيادة السرعة
- تقليل الكلفة
- تحسين النوعية
- القدرة على تخزين البيانات واسترجاعها.
خصائص الصناعة البرمجية
تعد الصناعة البرمجية اليوم العصر الذهبي لعصر الصناعة، إذ أصبحت واحدة من الصناعات الستراتيجية المهمة شأنها بذلك شأن الصناعات العملاقة الأخرى الكيماوية أو الكهربائية أو الميكانيكية. وعلى الرغم من تميزها من تلك الصناعات بميزات عديدة إلاّ إنها، وكما ذكرنا، مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتقنية الحاسوب، وهذه التقنية ذات صلة بالصناعات الكهربائية والميكانيكية والإلكترونية. وتتميز صناعة البرمجيات عن بقية الصناعات بميزات عديدة أهمها: 1- تتطلب صناعة البرمجيات جهوداً ذهنية وفكرية بعيداً عما يبذله الإنسان من جهود عضلية، فهي كالشطرنج الذي يتميز من بقية الألعاب الرياضية. 2- لا يستلزم بناء المنتج البرمجي توفير مواد أولية لإنتاج البرمجيات سوى الحاسوب. 3- المنتج البرمجي منتج غير ملموس، إذ لا يمكن لأي شخص أن يتصور شكل البرمجيات أو يتلمس كيفية عملها. 4- لا تتطلب المنتجات البرمجية في إعدادها مواد أولية وقطع غيار كالتي موجودة في الصناعات الميكانيكية والكيمياوية والكهربائية. 5- السلع المنتجة وهي البرمجيات لا تعد سلعاً استهلاكية كبقية السلع الناتجة من الصناعات الأخرى تندثر بتأثر عوامل الزمن. 6- ربما تنفرد صناعة البرمجيات عن سواها بعدم تأثيرها على البيئة من حيث التلوث. 7- نتيجة للتفكير الذي يلازم المتخصصين فيها، تعلم صناعة البرمجيات محترفيها ومتخصصيها الصبر والمطاولة فيه. 8- ليس في صناعة البرمجيات وقت محدد للعمل، إلاّ في حالات اعتبارية، إذ تأتي الأفكار البرمجية التي تتبادر الى أذهان المتخصصين في أوقات مختلفة حتى إنها قد تأتي في منتصف الليل. تدخل صناعة المنتجات البرمجية في حلقة عمل متسلسلة يمكن أن نطلق عليها دورة حياة البرمجيات (Software life cycle)، تبدأ هذه الحلقة بفكرة إبداعية، وعلى ضوء هذه الفكرة تقدم دراسة جدوى ومنها ينطلق ويتحمس صانعو البرمجيات في بلورة الأفكار الواردة بما ينسجم وطابع الفكرة في تتويج ذلك الإبداع الى عمل برمجي موثق. صانع البرمجيات هو مجرد مصطلح افتراضي وتسمية نطلقها على سلسلة عمل متتابعة ومتداخلة ضمن حلقة صناعة البرمجيات، وصناع البرمجيات يضمون في سلسلتهم محللي النظم ومهندسي البرمجيات والمبرمجين. لذلك نجد إن هندسة البرمجيات (Software Engineering) تلعب دوراً حاسماً في العمل البرمجي لأنها تؤشر القواعد والأساليب والأصول التي من خلالها يُصَب القالب البرمجي وتتكامل بها المنظومة البرمجية. والمبرمج (Programmer) هنا ليس من تعلم لغة برمجية فحسب، بل المبرمج هو من يعرف (فن البرمجة)، أي كيف يضع الستراتيجية المناسبة في المكان المناسب. وهذه بحد ذاتها موهبة ربانية كالرسم والنحت، أما ما تبقى من العمل البرمجي فلا يتعدى تطويع الذخائر والأدوات البرمجية وتشكيل الفكرة في قالب ذي طابع فني برمجي لإنتاج المنتج البرمجي. تبقى في ذلك مسألة على قدر كبير من الأهمية، وهي الصعوبات التي تظهر في عالم صناعة البرمجيات والأبرز منها يكمن في تطوير كفاءة وأداء المنتجات البرمجية. فالمنتج البرمجي الذي يُصمم لأداء مهمة ما بكفاءة كأن تكون (س)% نجد إن صعوبة ما ستحدث فيما لو تم تطوير هذا المنتج لتكون كفاءته (س+10)%، وفي سبيل المثال، فأن بناء نظام برمجي للترجمة الآلية يترجم النصوص والوثائق من اللغة الإنكليزية الى اللغة العربية بكفاءة ترجمة 60% هو أسهل مما لو تقرر تطوير هذا النظام لتصبح كفاءته 70% بدلاً من 60%. والسبب يرجع، بكل تأكيد، الى الأساس التصميمي للعمل البرمجي، وهنا يقع أحد مكامن الخطر في العمل البرمجي.
مكانتها بين الصناعات
لا شك في أن الدور الذي لعبته الصناعة البرمجية في وقت نشأتها وترعرعها في ثمانينيات القرن العشرين، ومن ثم تألقها في التسعينيات منه، جعلت منها الصناعة الرائدة في عالم الصناعة برمته. لذلك نجد اليوم الكثير من الشركات أخذت تتخصص في صناعة البرمجيات، بل أصبحت تلك الشركات الأكثر ربحاً من بين الشركات المنتجة للسلع الاستهلاكية لما تحققه هذه الشركات نتيجة إنتاجها البرمجي المتميز من إيرادات مالية كبيرة، وفي سبيل المثال لا الحصر، نجد إن شركة مثل شركة (مايكروسوفت Microsoft) إحدى أكبر الشركات المتخصصة في صناعة البرمجيات باتت وارداتها المالية اليوم أكثر من واردات كبرى شركات إنتاج السيارات. وسر نجاح مثل هذه الشركات هو إدارتها السليمة لدفة العمل ومحافظتها على الملاكات التي تعمل في صناعة البرمجيات. لأن الإدارة لا سيما في العمل البرمجي تتطلب إدارة تختلف تماماً في طبيعة عملها الإداري التقني عن إدارة أية مؤسسة في قطاعات أخرى تكتنفها النمطية المعتادة في الإدارة، وهي جزء لا يتجزأ من العمل الفني والتقني. وهناك ثمة حقيقة أخرى وهي إن أية شركة متخصصة في الصناعة البرمجية فيما لو أرادت أن تسيطر سيطرة كبيرة على سوق البرمجيات يجب عليها أن تعمل على أسس بناء أنظمة التشغيل ومن ثم بناء البرمجيات التطبيقية. فإذا ما استطاعت شركة برمجية ما احتكار نظام تشغيل من صناعتها وشيوع استخدامه في الحواسيب التي يمتلكها الناس، تجد إن النجاح يكون حليف مثل هذه الشركات. وهذا هو أحد أهم أسرار النجاح المتعددة لشركة مايكروسوفت، التي سعت وأقدمت على تطوير نظام التشغيل النوافذ (Windows) حتى بات هذا المنتج البرمجي الأكثر ريادة على مستوى الحواسيب الشخصية. وبعدها تأتي خطوة البرمجيات التطبيقية التي تتلاءم مع نظام التشغيل. ونلاحظ من خلال ذلك إن تغير البرمجيات وتطورها قد وصل حد جذور البرمجيات المشغلة للحاسوب، فبعد أن هيمن نظام التشغيل (MS-DOS) ذائع الصيت لسنوات طويلة تراه اليوم بانتظار دق مسمار نعشه الأخير بفضل ظهور واستخدام نظام التشغيل (النوافذ Windows). والأنباء تتحدث من الآن عن نظام التشغيل المستقبلي، وربما بدأ نظام (Windows) يبحث عن طريقة انتحاره قبل أن يلقى حتفه.
خصائص صناعة البرمجيات
إن صناعة ملاكات فنية تعمل في الوسط البرمجي ليس بالأمر الهين، والأمر الأصعب منه هو تعويض تلك الملاكات عند فقدانها لأي سبب كان، والسبب يرجع في ذلك إلى طبيعة العمل البرمجي الذي أشرنا اليه آنفاً. وتأسيساً على هذا المبدأ فإن مسألة تطوير وتأهيل العاملين في مجال الحواسيب بشكل عام، وفي صناعة البرمجيات على وجه الخصوص أصبحت سياسة ستراتيجية ذات أبعاد مستقبلية في إعداد الملاكات ليس على مستوى الشركات المختصة فحسب، بل على صعيد البلدان التي ترغب دائماً في مواكبة التطورات العالمية والارتقاء بالمجتمعات وتقدمها نحو الأفضل دائماً. وتسعى الدول الى فتح مراكز تدريبية متخصصة عالية المستوى في التدريب والتطوير في مجال الحاسوب والبرمجيات.
سوق البرمجيات
إن السوق البرمجي بشركاته العديدة والكثيرة أصبح اليوم، ونحن نودع قرناً ونستقبل أخر، أكثر الأسواق التجارية رواجاً في البيع والشراء على حد سواء، ونتيجة لتنامي هذا الموقف بشكل سريع لا سيما في العقد الأخير من القرن العشرين فأن معطيات ومؤشرات تدل على أن القرن الواحد والعشرين سيشهد، بلا جدال، اقتصاداً كبيراً جراء صناعة البرمجيات، وقد أخذت الكثير من البلدان هذا بعين الاعتبار وضمتها الى خططها التنموية والاقتصادية القادمة. وبدلاً من أن ينفق الناس مئات الآلاف من الدولارات لشراء برمجيات الحواسيب الكبيرة أصبحوا يدفعون مئات الدولارات ثمناً لآلاف النسخ من برمجيات الحاسوب الشخصي.
أصبحت المعرفة لا الصناعة هي مفتاح النمو الاقتصادي في القرن الواحد والعشرين لأن حقيقة الجهد العضلي قد تلاشت وظهرت قوة العقل والجهد الفكري في صناعة الشوامخ والعجائب في عالم البرمجيات.
مصادر
محمد نعمان مراد- جريدة الصباح [1]