شحاتة هارون
شحاتة هارون (1920 - مارس 2001)، هو يهودي مصري يساري معارض لإسرائيل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حياته
ولد شحاتة هارون لأبوين مصريين يهوديين، أصوله سورية، جاء أجداده لمصر في القرن التاسع عشر الميلادي، وعمل والده الخواجة هارون – كما كان يطلق المصريون على اليهود في أوائل القرن العشرين - بائعا في محل شيكوريل لأزياء الملابس.
أرسله والده إلى مدرسة الفرير الكاثوليكية، ولما وجده لا يعرف أصول الديانة اليهودية أحضر له حاخاما لتعليمه، ثم حين لاحظ ضعفه في اللغة العربية، أحضر له شيخا أزهريا ليعلمه قواعد النحو والصرف؛ حتى إنه يقول عن نفسه: «إن الديانات الثلاث قد أثرت بشكل أو بآخر في تكوين فكري».
درس الحقوق في "جامعة فؤاد الأول"، وانضم للتنظيمات الشيوعية التي ماجت بها القاهرة في أربعينيات القرن المنصرم، وتم القبض عليه في 1946.
مواقفه السياسية
الهجرة إلى إسرائيل
وبعد الهجرة الجماعية لفلسطين وتوتر العلاقة بين الحكومة المصرية واليهود بصفة عامة، أسس هارون مع رفاقه في اليسار المصري في إبريل 1947 "الرابطة الإسرائيلية للكفاح ضد الصهيونية"، في محاولة لتأكيد مصرية يهود مصر ورفضهم لإسرائيل باعتباره كيانا عنصريا "خرافيا، ضد التاريخ وضد قوانين الطبيعة" على حد قول شحاتة هارون.[1]
رفض شحاتة الرحيل إلى إسرائيل بعد صدور قرار جامعة الدول بترحيل اليهود العرب إليها. وتمسك بالجنسية المصرية. اتهم مرات عديدة أنه جاسوس يعمل لحساب إسرائيل. ألف كتاب أسماه يهودي في القاهرة كما عارض معاهدة كامب ديفيد.
كان شحاتة هارون يرفض مغادرة مصر مهما كان الثمن، كان يردد دائماً:
خاطب الشاعر الفلسطيني محمود درويش عندما قرر الخروج من حيفا، مناشدا إياه العودة إلى حيفا والبقاء فيها، فكتب له قائلا:
كان دومًا يحاول التأكيد على أنه خيط من نسيج الشعب المصري؛ فقد اشترك في الاتحاد الاشتراكي العربي (التنظيم الحكومي الرسمي آنذاك) عام 1963، ولما كان يشعر بالاضطهاد، كان يكتب إلى مكتب الرئيس جمال عبد الناصر؛ حتى إنه لما ملّ من مديري مكتبه أبرق إليه: "تعبت من مديري مكاتبكم، عايز أقابلك أنت.. أرجوك".
التطوع في الجيش المصري
في عام 1967 فتحت نقابة المحامين المصرية باب التطوع لمساندة القوات المسلحة، فكتب شحاتة إلى النقيب أحمد الخواجة يقول:
"عزيزي أحمد، تحية كفاح أبعثها إليك مع استمارة التطوع.. تاركًا لك اختيار المكان الذي أستطيع فيه أن أؤدي حقي وواجبي في المعركة، وإذ أعتبر مجلس النقابة قيادة لي"
وهاهو يبعث برسالة إلى الشاعر الفلسطيني محمود درويش عندما خرج من حيفا يقول له:"تحية من القاهرة، صخرتي التي لن أبيعها باللآلئ.. حبيبتي التي لن أهجرها.. أنت وأنا الأمل.. لو عدت أنت لحيفا، وصمدت أنا في القاهرة"..
كان دومًا يحاول التأكيد على أنه خيط من نسيج الشعب المصري؛ فقد اشترك في الاتحاد الاشتراكي العربي (التنظيم الحكومي الرسمي) عام 1963، ولما كان يشعر بالاضطهاد، كان يكتب إلى مكتب الرئيس جمال عبد الناصر؛ حتى إنه لما ملّ من مديري مكتبه أبرق إليه: "تعبت من مديري مكاتبكم، عايز أقابلك أنت.. أرجوك".
وحينما أثارت جريدة "اللوموند" الفرنسية قضية وضعه في مصر، باعتباره اضطهادًا؛ أرسل إليهم مقالا جاء فيه بالنص: "أنا قادر على الدفاع عن نفسي؛ لأني قادر على شرح وضعي في وطني جيدًا".
كان يصف إسرائيل – الدولة التي تجمع يهود الأرض - بأنها خرافة يستحيل أن تتحقق؛ لأنها ضد التاريخ وضد قانون الطبيعة، ويرى أنه لم يسبق أن نشأت دولة تتألف من عنصر واحد.
معاهدة كامپ ديڤد
بعد توقيع مصر لمعاهدة كامپ ديڤد، رفضها شحاتة؛ حيث كان يرى أنها اتفاقية سلام أمريكية بشروط الصهيونية الحاكمة في إسرائيل، وأنها ضد مصالح الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني، وأنها قد أغفلت المطالب العادلة لمصر وسوريا في زوال الاحتلال من أراضيها.
وحينما زار "إيجال بادين" نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي القاهرة عام 1979 ذهب للصلاة في المعبد اليهودي بالقاهرة؛ فدخل شحاتة بعد تعرضه لتفتيش دقيق، وقال له: إنني كمصري أرى أن المعاهدة مهينة بكرامة شعب مصر، فما كان من قوات الأمن إلا أن حاصرته وأخرجته؛ لأنه يعبر عن رأيه ورأي حزبه اليساري التوجه (حزب التجمع الاشتراكي المصري) الذي كان عضوًا مؤسسًا فيه منذ قيامه عام 1976.
أواخر أيامه
أصيب في نهايات حياته بمرض الزهايمر، ولم يعد يستطيع التعايش والتواصل مع من حوله.
رفضت عائلته عندما توفي في مارس 2001 أن يصلي عليه السفير الإسرائيلي بالقاهرة، واضطرت الأسرة لحفظ جسده في الثلاجة لخمسة أيام حتى تم استحضار حاخامًا من فرنسا ليصلي عليه. عن ذلك تقول ماجدة هارون: "أنا التي فكرت في هذا الأمر، و قلت لا أستطيع أن أحضر حاخام من إسرائيل احتراماً لأفكار والدي، "شحاته" كان مصري، و لكن يهودي، و كان لابد أن تتم الصلاة عليه وفقاً للديانة اليهودية، حالياً من يموت يأتي حاخام من السفارة الإسرائيلية ليصلي عليه، و لكنني لم أستطع أن أفعل ذلك لوالدي، لأن ذلك كان إهانة له، فتحدثت مع ابن عمتي في فرنسا، و طلبت منه في أيام والدي الأخيرة أن يبحث عن حاخام فرنسي يوافق أن يأتي مصر بعد وفاة والدي للصلاة عليه، و قبل وفاة والدتي أتت عمتي في زيارة لمصر، و توفيت فيها، فاتفق ابن عمتي مع نفس الحاخام الذي صلى عليها".
قبل وفاة "شحاتة هارون" بيوم واحد، اتخذت ابنتيه "ماجدة" و"نادية" قراراً، لم يعرفان لتوقيته سبباً حتى الآن، بالبحث عن مقبرة، تقول "ماجدة هارون" "قبل وفاة والدي بيوم واحد ذهبت أنا و أختي "نادية" إلى المقابر في البساتين لاختيار مكان ندفن فيه نحن الأربعة، أنا ونادية ووالدي ووالدتي، و في الليل لا أعرف لماذا جلست بجوار أبي وأخذت كتابه وقرأته، و بدأت أتحدث وأتناقش معه وكان حاضر الذهن جداً، وفي اليوم التالي ذهبت للعمل فاتصلت بي والدتي وقالت لي أن والدي تعبان، فجرينا على المنزل، واتصلنا بالطبيب الذي كان يعالجه، وقلت له لا أريد أن يموت أبي في البيت، لأنني كنت أعرف أنه سينتظر عدة أيام، فحضرت سيارة إسعاف للمنزل و نقلته إلى المستشفى في العباسية، وكان يردد "عايز أروح"، تم إدخاله غرفة الإنعاش، ودخلنا وقلنا له أننا بجواره، بعدها طلب منا الأطباء الذهاب للمنزل، و بعد نصف ساعة من وصولنا اتصلوا بنا و أبلغونا بوفاته، فاتصلت بابن عمتي على الفور كي يحضر الحاخام من فرنسا".
وتحيرت أسرته في نعيه الذي يُنشر في الجريدة؛ لأنها لا تستطيع نشر آية من التوراة مثلما يفعل المسلمون مع القرآن والنصارى مع الإنجيل، فنشروا كلمة تلخِّص فلسفته في الحياة، كان قد أوردها في كتابه الوحيد "يهودي في القاهرة"، قال فيها: «لكل إنسان أكثر من هوية، وأنا إنسان مصري حين يُضطهد المصريون.. أسود حين يُضطهد السود.. يهودي حين يُضطهد اليهود.. فلسطيني حين يُضطهد الفلسطينيون».
حياته الشخصية
تزوج شحاته هارون من السيدة مارسيل سيمون وأنجب ثلاثة بنات نادية وماجدة وأختهن الكبرى منى التي توفيت و هي صغيرة، ويقال أن شحاتة كان يقطع كل الصور الخاصة بها، لأنه لم يكن يريد أن يتذكر أبداً ما حدث، فقد أصيبت منى في الخمسينيات بمرض في الدم، وكان علاجها يتطلب السفر إلى باريس، تقدم هارون لطلب التأشيرة، إلا أن السلطات المعنية أعلمته أنه إذا قرر السفر فسيأخذ تأشيرة مغادرة نهائية من مصر، ولن يعود إليها أبدا، وهنا كان القرار الصعب مصر أو ابنته، إلا أن شحاتة هارون قد حسم الأمر واختار مصر رغم كل معاناته.
كانت مكافأة هارون على تلك التضحية كبيرة حيث تعرض مكتبه لفرض الحراسة من الدولة بقيادة جمال عبد الناصر فى عام 1956 ولم تكن تلك النهاية بل كانت للدولة مكافأة عددية له حيث تم اعتقاله عدة مرات بين عامي 1967 و1975 وذلك كان بسبب الشك في ولائه للبلاد لأنه "يهودى".
كما تعرض هارون للعديد من المضايقات سواء خارج أو داخل السجن وما ذكره في كتابه "يهودى في القاهرة" بداية من أحداث 48 مرورا بالخمسينيات إلى أن تفاقمت المشكلة عقب النكسة، والذي قال في مقدمته:
ابنته ماجدة هارون كانت نشطة في المجال الثقافي المصري وتولت رئاسة الطائفة اليهودية في مصر حتى وفاتها في 2014.
المصادر
- "شحاتة هارون".. يهودي يكره إسرائيل
- يهودية مصرية تصر على استكمال قضية تشهير في حق والدها وقعت قبل 26 عاماً، الشرق الأوسط
- [1]
- ^ (في كتابه "موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية"، فصّل د. عبد الوهاب المسيري دور تلك الرابطة ونشاطها وتعرضها للإيذاء من الصهاينة ومن الحكومة المصرية في منتصف الأربعينيات. فيقول إنها "تكوَّنت في مصر، أواسط سنة 1946، بمبادرة من منظمة "إيسكرا" الشيوعية المصرية السرية، حيث كلفت "قسم اليهود" في المنظمة بتأسيس هذه الرابطة، بعد تعاظُم الخطر الصهيوني، والتهاب القضية الفلسطينية". ويضيف بأنّ ذلك "تطلب تنظيماً جماهيرياً يؤكد انفصال الدين اليهودي عن الصهيونية ... كما يناضل هذا التنظيم ضد الصهيونية، ولأن هذا التنظيم سيحصر نشاطه في الوسط اليهودي المصري، لذا كان طبيعياً أن يقوم على أكتاف اليهود". هكذا تأسست الرابطة ودعت إلى "تكتيل جميع العناصر الوطنية المخلصة، لتحطيم الاستعمار، وقهر الصهيونية، وإيجاد شرق عربي حر مستقل، يظلله التسامح، وجو الإخاء المطهر من العنصرية العصبية المقيتة، التي لن يكسب من ورائها سوى الغاصب المحتل". يروي المسيري أن الرابطة وقعت بين مطرقة الحكومة المصرية المستبدة، وسندان الصهيونية النشيطة في مصر. ففي مايو 1947 اعتقلت حكومة محمود فهمي النقراشي المصرية أعضاء اللجنة التأسيسية للرابطة، وأفرجت عنهم، بعد 48 ساعة.)