توكلات أپي الإشارة الثالث

توكلات أپي الإشارة الثالث: نصب تذكاري من جدران قصره (المتحف البريطاني، لندن).

توكلات أپي الإشارة الثاني (بالاكادية: ܬܲܟܲܠܬܝܼ ܐܵܦܸܠ ܥܝܼܫܵܪܵܐ؛ وبالصيعة العبرانية تگلات پيلصر الثالث أو تغلات بيلاصر الثالث Tiglath Pileser ملك آشوري حكم من عام 745 إلى عام 727ق.م، وهو شخصية غير عادية سواء في طريقة وصوله إلى الحكم أم في أسلوب إصلاحاته الإدارية وبناء الدولة الآشورية، وهو من أعظم الحكام في التاريخ الآشوري، ويُعتقد أنه من أصل غير ملكي، فهو لا يذكر اسم أبيه في معظم الكتابات المدونة في عصره، إلا واحدة يذكر فيها أنه ابن عضد نيراري الثالث، وربما كان يدّعي هذا النسب لإضفاء الشرعية على حكمه، فربط اسمه باسم عائلة ملكية شرعية، وربما كان ينتمي في الأصل إلى عائلة عسكرية.

إن المنحوتات القليلة المصورة في عهده لا تكفي، للأسف، لتكوين فكرة موضوعية عن شخصية هذا الملك الفذ في التاريخ الآشوري، وتاريخ منطقة الشرق القديم، ولكنها تشير إلى أنه شخصية جادة متفتحة وهادئة. عندما اعتلى العرش، وضع حداً لنفوذ الكهنة ورجال الدين الذين كانوا يتمتعون بصلاحيات واسعة، مما يدل على أنه كان يمثل تياراً فكرياً إصلاحياً دفعه إلى اتخاذ إجراءات واسعة لصالح الفلاحين والطبقة الوسطى، وتقوية الجيش، وذلك بتجهيزه بأحدث التقنيات الحربية في عصره.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حكمه

توكلات أپي الإشارة الثالث يحاصر مدينة.

استطاع أن يعيد بناء الدولة الآشورية من جديد، ويجعل منها دولة عظمى مهيبة الجانب، بعد أن مهد لذلك بإصلاحات إدارية ذات نظام مركزي موحّد.

أسس مدينة جديدة في الصحراء غرب مدينة نينوى باسم «دور ـ بل ـ حران ـ بلي ـ أوصور» Dur-Bel-Harran-Beli-Usur وشيّد فيها معبداً لكبار الآلهة بناء على أمر كبير الآلهة مردوخ، وأسكن فيها الشعوب المهجّرة من أوطانها، فصارت كغيرها من المستوطنات الأخرى، التي شيدت لهذا الغرض.

واجهت تغلات بيلاصر الثالث تحديات مختلفة كان عليه أن يتصدى لها حتى يتمكن من تحقيق حكمه في خلق دولة مركزية عظمى أهمها: تسوية الأوضاع بين الدولة الآشورية والدولة البابلية، إذ صارت هذه الأخيرة لقمة سائغة بيد القبائل الآرامية، وتحجيم مملكة اورارتو Urartu في الشمال ذات النفوذ المتعاظم في المنطقة، والتي كانت تشكل منافساً خطيراً للدولة الآشورية، وإعادة الهيمنة الرافدينية على كل من سورية وفلسطين.

وقد أثبت فعلاً مقدرة ومهارة فائقتين في التصدي لهذه التحديات، فقد استطاع أن يقضي على القبائل الآرامية التي كانت تحكم قبضتها على زمام الحكم في بلاد بابل، وترك ملك بابل الصوري نابونصر Nabonassar، الذي لم تتجاوز سلطته الفعلية حدود أسوار مدينة بابل، على عرشه. ولم يدمج بلاد بابل في مملكته، كما فعل سلفاه تغلات بيلاصر الأول وتوكولتي نينورتا الأول، بل نصَّب نفسه ملكاً على بابل، ولقب نفسه بلقب الملوك الرافديين القدماء «ملك سومر وأكاد».

وهكذا استطاع تغلات بيلاصر الثالث حل المشكلة البابلية بتوحيد المملكتين اتحاداً ذا طابع شخصي، دون أن تفقد بابل استقلالها الذاتي وقيمها الروحية الدينية، إذ إنه لم يتعرض لآلهتها بسوء، معترفاً بذلك بالتفوق الديني والفكري والحضاري البابلي.

كما استطاع أن يقضي على أحلاف مملكة أورارتو في شمالي سورية، ثم بدأ زحفه إلى العاصمة توشپا Tuspa وحاصر ملكها ساردور الثاني Sardur II، ومع أن ساردور لم يستسلم في هذا الحصار، تضعضعت قوة أورارتو العسكرية، ولم تعد تشكل خطراً على الدولة الآشورية الطامحة في توحيد المنطقة تحت قيادتها. وحالما استطاع تغلات بيلاصر التغلب على التحدي الثاني، توجه إلى التحدي الأخير المتمثل في سورية وفلسطين، ومع أنه واجه في محاولة الهيمنة على سورية وفلسطين مقاومة عنيفة، وبالأخص من أمراء أرفاد Arpad (تل رفعت حالياً الواقع شمالي حلب)، وحطين في سهل العمق، وجاعودي Ja’udi (سمآل = الاسم الحديث زنجرلي في جنوب الأناضول)، ومناطق أخرى على ساحل البحر المتوسط، وتمكن منهم بعد ثلاث سنوات من المعارك المتواصلة، فكسر شوكتهم وأخضعهم لنفوذه. وحقق انتصاراً باهراً على دمشق الآرامية عام 724 ق.م، وضم شمال فلسطين إلى الدولة الآشورية، وعين حاكماً آشورياً على السامرة، وأجبر الأمراء الصغار في جنوب سورية على دفع الجزية.

توكلات أپي الإشارة الثالث، نقش بارز على جدار قصره في نمرود، نهاية القرن الثامن ق.م.، متحف اللوڤر

أما على الصعيد السياسي، فقد اتبع سياسة التهجير للشعوب المغلوبة على أمرها لضآلة عدد السكان الآشوريين، فنقل سكان المناطق الشرقية إلى المناطق الغربية، وسكان المناطق الشمالية إلى الجنوبية وكذلك العكس. وكان الهدف من ذلك هو خلق شعور غير قومي لدى الشعوب المستعمرة، التي صارت الآرامية لغتها المحلية، فالبابلي والأورارتي والفينيقي هم مواطنون في امبراطورية موحدة ذات حضارة واحدة تحت قيادة نخبة آشورية حاكمة، وقد تجسد ذلك من خلال المنحوتات المصورة، حيث نشاهد صور نساء وأطفال في حالة ذعر، وهم ينقلون في عربات خاصة لترحيلهم، وصور جنود آشوريين وهم في حالة نشوة النصر، يقابلهم صور اليأس والقنوط لمجموع المستسلمين من الجنود الأعداء، بالإضافة إلى مشاهد أشخاص في حالات الحركة، ومشاهد صيد وقنص ومشاهد دينية متنوعة. وهكذا استطاع تغلات بيلاصر الثالث، خلال مدة حكمه التي بلغت ثمانية عشر عاماً، أن يخلق كياناً سياسياً موحداً متعدد الأعراق والأجناس، كان له الأثر الفاعل في مستقبل تاريخ الشرق القديم اللاحق.

اختار تغلات بيلاصر الثالث مدينة كلخو (نمرود حالياً) عاصمة له، وجدد بناء قصر سلمانصر الثالث، وزاد في زخارفه، إلا أن أسرحدون استخدم هذه الزخارف في بناء قصره الخاص به، ولذلك لم يبق منها الشيء الكثير، كما أن الكتابات التي كانت تغطي جدران القصر هي في حالة سيئة جداً.


السجلات التوراتية

خريطة تبين فتوحات توكلات (باللون الأخضر) وترجيل بني إسرائيل. وقد ثبـَّط توكلات أپي الإشارة الثالث نزعة التمرد على الحكم الآشوري، باستخدامه الترحيل القسري لآلاف الأشخاص في أرجاء الامبراطورية.[1]

انظر أيضاً

المصادر

  • محمد وحيد خياطة. "تغلات بيلاصر الثالث". الموسوعة العربية.
  1. ^ Healy, pp. 21

المراجع

  • Healy, Mark (1991). The Ancient Assyrians. London: Osprey. ISBN 1855321637. OCLC 26351868. {{cite book}}: Cite has empty unknown parameters: |origmonth=, |month=, |chapterurl=, |origdate=, and |coauthors= (help)
  • Luckenbill, D.D. (1927): Ancient Records of Assyria and Babylonia, vol II, Chicago.
  • Saggs, H. (1984): The Might that was Assyria, London, 1984.
  • Tadmor, Hayim (1994): The inscriptions of Tiglath-pileser III, King of Assyria: critical edition, with introductions, translations, and commentary. Israel Academy of Sciences and Humanities.
سبقه
آشور-نيراري الخامس
ملك آشور
745 - 727 ق.م.
تبعه
شلمنصر الخامس
سبقه
نبو-مكين-زري
ملك بابل
729 - 727 ق.م.