باب سريجه
باب سريجه، حي من أحياء دمشق، ويعد من الأسواق المهمة والتاريخية في دمشق، اشتهر بمحلاته الكثيرة التي تجمع بين الماضي والحاضر في وقت واحد، فالمكان بتعاليمه الأثرية ينتمي إلى المدينة القديمة بمعالمها المميزة في العمران والطرقات ومختلف التفاصيل الأخرى..
يمتد السوق من سور «المدينة القديمة» عند باب الجابية وحتى منطقة شارع خالد بن الوليد بالقرب من منطقة القنوات التاريخية شرقاً وغرباً وبطول نحو كيلومتر مع تفرعاته. والسوق التي تضم الكثير من المحلات التي تخصص أصحابها في بيع المواد الغذائية وأهمها الخضر والفاكهة واللحوم البيضاء والحمراء والأجبان والألبان والزيتون الأخضر والأسود، كما تخصصت بعض دكاكينها في بيع الفول والمسبحة والفلافل. كما يضم السوق العديد من الأوابد التاريخية المهمة، ومنها حمامات السوق التاريخية التي ما زال بعضها يعمل ويستقبل المستحمين مثل: حمام عز الدين والحمام الجديد وحمام التيروزي. ثم هناك من المساجد جامع الصلخدية وجامع التيروزي.[1]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
جغرافيا
وهو حارة من حارات الشام العتيقة، شارع ضيق عرضه 4 أمتار مبلط بحجارة گرانيتية سمراء مربعة الشكل طول ضلعها 15سم على الطريقة الرومانية، طوله 600 متر ابتداء من أوله، مقابل باب الجابية بإتجاه الجنوب الغربي منتهيا بشارع خالد بن الوليد رضي الله عنه، تدخله السيارات باتجاه واحد فقط من شارع الثورة، ولا يتسع إلا لسيارة واحدة.[2]
التسمية
هكذا يسمونه باب سريجة، والباب تطلق على مدخله من جهة باب الجابية، أي الباب المؤدي الى "السريجة"، لأنه وفي العصور الماضية، كانت الأسواق العتيقة لها ابواب تفتح وتغلق في اوقات محددة، فمن هذا الباب، ينفذ الناس إلى " السريجة"، والسريجة اسم فاعل، مشتقة من أصلها الثلاثي، على وزن فعيل، من مصدرها سرج يسرج سرجا، وهو رحل الدابة.
جاء في لسان العرب : السَّرْجُ رحل الدابة، معروف، والجمع سُروج. وأَسْرَجَها، إِسراجاً: وضع عليها السرج. والسَّرّاجُ: بائع السُّروجِ وصانعها، وحرفته السَّرَاجَةُ.
تاريخ
يعيد المؤرخون هذه المنطقة إلى العصر المملوكي فهي مبنية خارج السور وكانت بمثابة ضاحية راقية في الجهة الجنوبية الغربية، كما سكنها أحد الولاة في ذلك العصر وهو "التيروزي" حيث أنشأ جامعا وحماماً مازالا قائمين حتى اليوم، أما الباب التاريخي فهو واحد من بوابات دمشق الأربع (باب الصالحية وباب مصلى وباب الميدان وباب سريجة) المضافة لبواباتها السبع الرئيسة القديمة، وهي باب شرقي وباب توما وباب الجابية وباب كيسان وباب السلام وباب الفراديس وباب النصر. وتبعاً للمؤرخين فقد أخذ مسمى سريجة من السرج، وذلك لتخصص حرفييها ومحلاتها - منذ إنشاء المحلة - بصنع القفف، التي كان يقبل على شرائها فلاحو غوطة دمشق فيضعون فيها منتجاتهم الزراعية.
ومن الواضح أن اسمه لم يأت إعتباطيا، بل يدل على أن هذا المكان، كان يؤدي وظيفة مهمة تخدم إمارة الشام، وقواتها الميدانية، ففيه كان أكبر تجمع للصناع والحرفيين المهرة، لتجهيز آلة حرب الدولة العاملة في الميدان، والتي كانت تقدر بعدة الاف رؤس من الخيل والإبل، في دمشق وحدها، وكانت القرى والعشائر العربية، تقصد هذا السوق لتجهيز خيولها من كافة اصقاع بلاد الشام، وشمال العراق، ونجد والحجاز... فهنا.. وفي هذه الحجرات المتداعية المتلاصقة التي تحكي جدرانها تاريخ الشام بعمقه السحيق، جلس مئات الصناع يجهزون سروج الخيل والأبل... وهنا طرق هذا السوق الاف الفرسان لتجهيز خيولهم.... وهنا وفي هذه الحمامات العربية الدمشقية القديمة على جانبي السوق استحم ضيوف الشام... وهنا رقدوا واستراحوا... وهنا وفي هذه الخانات الملاصقة للسوق، ربطوا خيولهم... وانتشروا في أسواق دمشق، وهنا وفي هذه المساجد على جانبي السوق ركعوا وسجدوا. فمن الواضح ان حجرات هذا المكان كانت تعج بكل ما يتعلق بالدواب من مستلزمات... سروج... وألجمة... وارسنة... وأركبة... وحذو... وسفايف.... وشراشب... وخروج... وعلائق... وقلائد...
باب سريجه اليوم
أما اليوم، وبعد أن انتهى عهد الخيل، وظهرت الآلة، تحولت تلك الحجرات المتلاصقة الى دكاكين للأطعمة، والمأكولات، فهناك عشرات محلات الألبان ومشتقاتها مما لذ وطاب ونكهات مختلفة صنعتها يد شامية، وعشرات محلات المخللات، وعشرات محلات اللحوم... ثم تنتقل به رويدا رويدا متأملا المحلات، وما تبيع، فترى محلات المعلبات، ومحلات الخبز، والأفران، ومحلات المكسرات، والجوز هو سيد الموقف، أكواما من الجوز من شتى دول آسيا، والشامي يتربعها... وهناك وقبل أن يتفرع من سوق السريجة، فرع باتجاه اليسار، وصولا إلى شارع خالد بن الوليد مقابل قيادة شرطة دمشق، تبدأ حانات الفواكه والخضار، ولا تكاد تخرج من بين أكوامها إلا بشق الأنفس، يبيعونها جملة ومفرق، مما لذ وطاب، من أصناف الفواكه والخضار، المستورد والمحلي، وجميع أنواع البقوليات، والعنب والدراق والإجاص والموز والرمان والبطيخ والشمام والصبر يسمونه الصبار وجله من بساتين المزة الغناء، وكل ما يخطر ببالك موجود ومجلوب في معظمه من أرض حوران الخصبة وفيرة المياه، يتخلل دكاكين الخضار، الملابن والمخللات والمحامص والبهارات.
وحال هذا السوق حال كافة حارات الشام العتيقة، ما أن تسير خمسين مترا أو أقل، إلا وتقف أمام باب مسجد على يمين الشارع أو يساره، فلا عناء بحث عن مسجد، فالمساجد تصطدم بك وتدلك على أبوابها، وحمامات الشام القديمة التي استحم بها من سبقنا، لا تزال قائمة في هذا السوق لمن يريد أن يدعك جلده بأيد شامية.