المقصد الأحمدي
المقصد الأحمد في التعريف بسيدنا ابن عبد الله أحمد لمؤلفه " عبد السلام القادري "
- محتوى الكتاب :
يصنف كتاب المقصد ضمن كتب الترجمة و المناقب حيث اهتم عبد السلام القادري بإعطاء تراجم لمجموعة من الصلحاء و الأولياء بفاس بصفة عامة و بصفة خاصة ترجمة الصوفي أحمد بن عبد الله معن الأندلسي, و لعل لهذا الاهتمام أيضا ارتباط بحياة المؤلف نظرا لأنه من محبي أولياء الله و تربيته لا تختلف عن تربيتهم، و قد عمل في عمله على تقسيم الكتاب إلى مجموعة من الأبواب كل باب يحتوي على مجموعة من المواضيع التي تعطينا نظرة عن شخصية سيدي أحمد بن عبد الله معن الأندلسي ولادته, نشأته و نسبه الشريف و أيضا لقاؤه بشخصية سيدي أبي المحاسن يوسف الفاسي الفهري, كما عمل عبدالسلام القادري على وصف أحمد بن عبد الله معن الأندلسي الذي يتميز بالسخاء و الإنفاق في سبيل الله إضافة إلى و فائه و وقاره, و ما يتصف به من الورع و الزهد, و قد تلقى تعليمه رضي الله عنه على أيدي مجموعة من الشيوخ الذين يعتبرون من رواد التصوف أمثال سيدي القاسم الخصاصي و سيدي مبارك الكوش و سيدي عبد الرحمان الفاسي و سيدي محمد الكومي..... كما يذكر عبد السلام القادري مجموعة من الكرامات لسيدي أحمد بن عبد الله معن الأندلسي و التي شغلت قسما مهما من الكتاب و هي متنوعة منها الاقتصادية و منها الاجتماعية و هي كلها أمور تهدف إلى تدليل الصعاب و الوصول إلى بعض الغايات و الأهداف المنعدمة في الأشخاص العاديين.
فقد ورث سيدي أحمد بن عبد الله معن الأندلسي الطريقة عن أبي المحاسن الفاسي الذي زادها كمال تربية وتهذيبا إذ أنه هو المؤسس و الممهد و الأصل لها بفاس حيث أن عبد الرحمان بن محمد الفاسي الفهري و والده محمد بن عبد الله معن الأندلسي هما شيخي قاسم الخصاصي الذي هو شيخ سيدنا أحمد بن عبد الله معن الأندلسي ، و نجد أن الطريقة تنقسم إلى ما يلي:
- الولادة و المراد بها الولادة الروحانية.
- التربية وهي زيادة التكميل و التهذيب شيئا فشيئا.
و نجد أن الأخذ قسمان: فهناك أخذ تحكيم و سلب و إرادة, و أخذ تبرك و استفادة, و قد قال الشيخ قاسم في مرضه الذي توفي منه لسيدي أحمد بن عبد الله معن الأندلسي مشافهة "خذ متاعك عني", كما سبق الذكر فقد أخذ أبو العباس أحمد بن عبد الله معن الأندلسي أخذ إرادة و تربية و ولادة عن هذا الشيخ الأخير و عن أبيه محمد بن عبد الله معن الأندلسي ، و أخذ قاسم عن مبارك الكوش و عبد الرحمان بن محمد الفاسي الفهري و الشيخ بن عبد الله والد أحمد, و أخذ تبرك و استفادة عن محمد الكومي و علي الهيري و مسعود الشراط و علي بن داوود و محمد حكيم و محمد بن علي بن منصور و سيدي مرسي و أبو الفيض جلولا, و عبد الله الحداد و محمد أكمكام و أبو المحاسن يوسف بن محمد الفاسي الفهري.
- أهمية الكتاب :
يهتم الكتاب بتاريخ المغرب عموما و تاريخ مدينة فاس على الخصوص حيث ركز فيه المؤلف على ترجمة أحمد بن عبد الله معن الأندلسي و شيوخه و بعض الصلحاء الذين عاصروه, و قد تزامنت هذه الفترة التاريخية مع بداية الدولة العلوية فجاءت فوائده التاريخية متنوعة نذكر منها:
على المستوى السياسي:
- هجوم لخضر غيلان على مدينة فاس.
- حدث الحصار الأول على يد السلطان المولى الرشيد بن الشريف في محرم سنة 1076هـ.
- قدوم المولى الرشيد لفاس في ذي القعدة سنة 1076هـ و استيلائه على ملك المغرب.
- ثورة أهل فاس على المولى إسماعيل بن الشريف.
- حرب المولى إسماعيل على ابن أخيه ابن محرز.
- حصار مدينة طنجة في عهد السلطان المذكور.
على المستوى الإجتماعي:
يتضمن الكتاب معلومات حول بعض العادات و التقاليد التي كانت معروفة في المغرب و التي مازال بعضها موجودا مثل بعض الأطعمة كالكسكس و التريد, فضلا عن بعض العادات المتبعة و المعروفة داخل المجتمع المغربي مثل كرم الضيافة، و زيارة الأضرحة, و ما كان سائدا من الألبسة التقليدية مثل الدراعية و بعض الأفرشة مثل الحصير و الألحفة.
على المستوى الثقافي:
يطلعنا الكاتب على الدور العلمي و الثقافي الذي لعبته مدينة فاس و ما وصلت إليه الحركة الصوفية في المغرب على يد كبار الشيوخ الصوفيين مثل الجزولي و زروق و قاسم الخصاصي و أحمد اليمني و غيرهم كما يشير الكاتب إلى انتشار الفكر الصوفي داخل المجتمع المغربي عن طريق الزوايا و تعدد الشيوخ و الأضرحة, و يطلعنا على أسماء بعض المصادر التاريخية التي لعبت دورا مهما في هذا الإطار.
و تتجلى أهمية هذا الكتاب بصفة خاصة في مجال التأريخ لأنه يغني التاريخ العام بما ورد فيه من معلومات, و قد كان لهذا الاهتمام بتراجم الأولياء و الصلحاء أسباب تبدو متباينة, و لكنها في الأصل مترابطة و متكاملة, و تعود إلى تلك الحركات الجهادية التي قادها رجال اتسموا بالتقوى و الصلاح ضد الغارات المسيحية على السواحل المغربية.
كما أن أي عصر لا يمكن أن يخلو من وجود أولياء و صلحاء احتفظت كتب التراجم و المناقب بأسماء عدد كبير منهم, حيث أن جل القضايا السياسية كانت تستدعي تدخلهم عن طريق مراقبة السلطة و توجيهها أو تعويضها أحيانا في حالة عجزها و أيضا حل بعض المشاكل الاقتصادية و الاجتماعية و بتسوية الخلافات بين الأشخاص أو بينهم و بين المخزن أو معالجة بعض الأمراض و هي كلها أمور تهدف إلى تذليل الصعاب و الوصول إلى بعض الغايات و الأهداف.
و يظهر من خلال هذه الأدوار أن التصوف كان ملتصقا بالمجتمع و كان لكل صوفي سند يربطه بأحد شيوخ التصوف أو بالنبي صلى الله عليه و سلم, أو بأحد صحابته رضي الله عنهم.