المسير إلى كانوسا

Henry at Canossa, history painting (1862)

الطريق إلى كانوسا، وأحياناً تُسمى المسير إلى كانوسا (ألمانية: Gang nach Canossa/Kanossa)[1] أو إذلال كانوسا (إيطالية: L'umiliazione di Canossa)، يشير إلى المسيرة التي قام بها الملك الألماني هنري الرابع إلى إيطاليا في أوج جدل التنصيب في يناير 1077. ذهب هنري إلى قلعة كانوسا، حيث أقام الپاپا گريگوريوس السابع ضيفاً على المارگراڤين ماتلدا من توسكانيا، للحصول على revocation of the anathema imposed on him. According to contemporary sources, he was forced to humiliate himself on his knees waiting for three days and three nights before the entrance gate of the castle, while a blizzard raged.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلفية تاريخية

اجتمع في فبراير من عام 1075 مجمع من الأساقفة الطليان في روما برياسة جريجوري، وأصدر قرارات تحرم بيع المناصب الكهنوتية، وزواج رجال الدين، وتعيين غيرهم في المناصب الكنسية. وأسرع جريجوري بعد صدور هذه القرارات إسراعاً عجيباً فحرم خمسة أساقفة للمتاجرة بالرتب الكهنوتية، وكان هؤلاء الخمسة من مستشاري هنري الرابع، ثم أوقف، أسقفي بافيا وتورين، وخلع أسقف بياسنزا Piacenza وأمر هرمان أسقف بامبرج Bamberg بالحضور إلى روما ليبرئ نفسه من التهم الخاصة بالمتاجرة بالرتب الكهنوتية، ولما حاول هرمان أن يرشو رجال المحكمة البابوية خلعه جريجوري دون أدنى مجاملة، وطلب إلى هنري بأدب ولطف أن يرشح شخصاً يليق أن يخلفه أسقفاً لبامبرج. ولم يكتف هنري بترشيح أحد رجال حاشيته المقربين بل إنه خلع عليه عصا الأسقفية وخاتمها دون أن ينتظر موافقة البابا-وذلك إجراء إن كان يتفق مع العادة المتبعة، فإن فيه تحدياً صريحاً لقرار مجمع روما المقدس. وكأنما أراد هنري أن يجعل رفضه مطالب جريجوري مما ظهر بتحديه هذا فعين أساقفة لابرشيات ميلان، وفرمو Fermo، وأسبيلتو-وهي بلدان قريبة كل القرب من مقر البابا-وظل المستشارون المحرومون موضع عطفه ورعايته.

وبعث جريجوري في شهر ديسمبر من عام 1075 برسالة احتجاج إلى هنري، وأمر حامليها بأن يضيفوا إليها رسالة شفوية ينذرون فيها الملك بالحرمان إذا ظل يتجاهل قرارات مجمع روما المقدس. فلما تلقى هنري الرسالة عقد مجلساً من الأساقفة الألمان في ورمز (24 يناير سنة 1076) حضره أربعة وعشرون منهم، وتخلف عنه بعضهم. وقبل أن ينعقد المجلس اتهم هيو Hugh أحد الكرادلة الرومان جريجوري بالفسق، والقسوة، والسحر، وبأنه توصل إلى كرسي البابوية بالرشوة والعنف، وذكر الأساقفة بأن العادات التي ظلت سارية من قرون طوال تتطلب ألا يكون اختيار البابا مشروطاً بموافقة إمبراطور ألمانيا، ولم يكن جريجوري قد طلب هذه الموافقة. وكان مما شجع الإمبراطور على المضي في خطته أنه أخضع منذ قليل فتنة قامت في سكسونيا فعرض على المجلس اقتراحاً بخلع البابا، ووقع جميع من حضر من الأساقفة هذا القرار، وأيده مجلس من أساقفة لمبارديا عقد في بياسنزا، وبعث هنري بهذا القرار إلى جريجوري مذيلاً بهذه الحاشية المنتقاة: "من هنري الملك بأمر الله لا بالاغتصاب إلى هلدبراند الراهب المزيف لا البابا"(89). وسلمت الرسالة إلى جريجوري في مجمع مقدس بروما (21 فبراير سنة 1076)؛ وأراد الأساقفة الحاضرون كلهم البالغ عددهم مائة أسقف وعشرة أساقفة أن يقتلوا الرسول، ولكن جريجوري حماه؛ وحرم المجمع المقدس الأساقفة الذين وقعوا قرار ورمز، وأصدر البابا حكماً مثلثاً بحرمان هنري، ولعنته، وخلعه، وأعفى رعاياه من يمين الطاعة له (22 فبراير سنة 1076). ورد هنري على هذا بأن أقنع أساقفة أو ترخت بأن يصبو على جريجوري "الراهب الحانث" اللعنات من منبر الكنيسة وروعت أوربا كلها بأن يخلع البابا إمبراطوراً، وروعت أكثر من هذا بأن يخلع الإمبراطور بابا ويلعنه الأساقفة. وتبين أن العاطفة الدينية كانت أقوى من العاطفة القومية، وسرعان ما تخلى الرأي العام عن الإمبراطور، وعادت سكسونيا إلى الثورة، ولما أن استدعى هنري أساقفة مملكته وأعيانها إلى مجلسين يعقدان في ورمز ومينز أغفلت دعوته إغفالاً يكاد يكون تاماً. بل كان ما حدث هو نقيض هذا فقد وجد الأشراف الألمان في هذه الظروف فرصة سانحة لهم لتقوية سلطتهم الإقطاعية ضد الملك فاجتمعوا في تريبور Tribur (16 أكتوبر سنة 1076)، ووافقوا على حرمان الإمبراطور، وأعلنه أنه إذا لم يحصل على مغفرة سن البابا قبل اليوم الثاني والعشرين من شهر فبراير عام 1077 فإنهم سيرشحون خلفاً له على العرش. وتم الاتفاق بين الأعيان ومندوبي البابا في تريبور أن يجتمع مجلس في أوجسبرج في اليوم الثاني من فبراير عام 1077 برياسة البابا لتسوية شئون الكنيسة والمملكة.


الرحلة

Henry asks Matilda and Abbot Hugh of Cluny to intervene in the dispute, Vita Mathildis (حوالي 1115)

ولجأ هنري إلى اسبير مغلوباً على أمره لا يكاد يجد له معيناً. وكان يعتقد أن المجلس المقترح سيؤيد خلعه من ملكه، فبعث بالرسل إلى روما، يعرض على البابا أن يأتي هو بنفسه إليه ويسأله المغفرة؛ ورد عليه جريجوري بأنه مزمع أن يسافر قريباً إلى أوجزبرج ولهذا فإنه لا يستطيع استقبال هنري في روما. وبينما كان البابا في طريقه إلى تلك المدينة استضافته في مانتوا ماتلدا كونتة تسكانيا وصديقته ومؤيدته؛ وهنا عرف أن هنري قد دخل إيطاليا؛ وخشي جريجوري أن يحشد الملك جيشاً من سكان لمبارديا المعارضين للبابا، فلجأ إلى قصر ماتلدا الحصين في كانوسا Oanossa، القائم فوق جبال الأبنين بالقرب من رجيو إميليا Reggio Emilia. وهناك في الخامس والعشرين من شهر يناير سنة 1077، وفي يوم من أيام الشتاء الذي لم تشهد إيطاليا مثيلاً له في برودته، أقبل هنري، كما يقول التقرير الذي بعث به جريجوري إلى الأمراء الألمان: "بنفسه إلى كانوسا... وليس معه إلا عدد قليل من أفراد حاشيته... ووقف بباب القصر، وحافياً، وليس عليه إلا أثواب بالية من الصوف، يتوسل إلينا والخوف يملأ قلبه أن نغفر له ونعفو عنه. وظل يفعل هذا ثلاثة أيام رثا فيها كل من حولنا لشقوته، وجاءوا يشفعون له بدموعهم وصلواتهم... فرفعنا آخر الأمر الحرمان عنه وقبلناه مرة أخرى في حظيرة الكنيسة أمنا المقدسة"(90).

عند القلعة

Henry IV and his entourage at the gate, 19th century depiction
Emperor Henry IV with his wife and child waiting for 3 days at Canossa John Foxe 1563

ولم يكن تردد جريجوري طوال هذا الوقت ناشئاً من قسوة قلبه، بل إنه قد قرر مصالحة هنري دون أن يستشير الأمراء الألمان، وكان يعرف أنه إذا خرج هنري عليه بعد أن عفا عنه، ثم حرمه مرة أخرى، فإن هذا الحرمان لن يكون له من الأثر ما كان لحرمانه الأول، ولن يؤيده الأشراف بنفس القوة التي أيدوه بها من قبل؛ ولن يسهل على العالم المسيحي أن يفهم كيف يأبى خليفة المسيح أن يعفو عن هذا التائب الذليل. وكان هذا الحادث نصراً روحياً لجريجوري، ولكنه كان إلى جانب هذا نصراً دبلوماسياً رائعاً لهنري، فقد استعاد به عرشه من تلقاء نفسه وعاد جريجوري بعد ذلك إلى روما وقضى العامين التاليين في إصدار التشريعات الكنسية التي كانت تهدف قبل كل شيء إلى إرغام القساوسة على عدم الزواج. غير أن الأمراء الألمان نادوا برودلف أمير سوابياً ملكاً على ألمانيا (1077) وبدا أن سياسة هنري قد أخفقت. لكنه بعد أن تحرر من اللعنة البابوية لقي عطفاً جديداً من الشعب الذي لم يكن شديد الحب للأشراف، فحشد جيشاً جديداً لتأييده، وظلت ألمانيا عامين كاملين تمزقها الحروب الداخلية. وظل جريجوري يتذبذب طويلاً، ثم أعلن تأييده لرودلف وحرم هنري مرة أخرى، وحرم على المسيحيين أن يخدموه، وعرض على من يتطوع تحت راية رودلف أن يغفر له خطاياه (مارس سنة 1080)(19).

Plaque with Bismarck's quote erected in 1877 at Harzburg Castle

وفعل هنري ما فعله من قبل لم يتحول عند قيد شعره. فجمع في مينز مجلساً من الأعيان والأساقفة الموالين له؛ وخلع المجلس جريجوري، وأيد مجلس من أساقفة ألمانيا وشمالي إيطاليا عقد في بركسن Brixen قرار الخلع، ونادى بجيبير Guibert كبير أساقفة رافنا بابا، وعهد إلى هنري أن ينفذ قراراته. واجتمع الجيشان المعاديان على ضفاف نهر السال Ssale في سكسونيا (15 أكتوبر سنة 1080)، وهزم هنري ولكن رودلف قتل في المعركة. وبينما كان الأعيان منقسمين على أنفسهم بشأن من يختارونه خلفاً له، دخل هنري إيطاليا، واخترق لمبارديا دون أن يلقى مقاومة، وجيش وهو يخترقها جيشاً آخر، وضرب الحصار على روما. واستغاث جريجوري بربرت جسكارد ولكن ربرت كان بعيداً عنه، فاستغاث بوليم الأول وكان جريجوري قد وافق على فتحه إنجلترا وأيد هذا الفتح، ولكن وليم لم واثقاً من أنه لا يريد أن يفقد هنري حجته الملكية. ودافع أهل روما عن رئيسهم الديني دفاع الأبطال، ولكن هنري استطاع أن يستولي على جزء كبير من روما وفيه كنيسة القديس بطرس، وفر جريجوري إلى كاستلوسانتا أنجيلو Caslello Sant Angelo. واجتمع مجمع مقدس في قصر لاتران بدعوة من هنري، وخلع جريجوري وحرمه، ونادى باسم بجيبير بابا باسم كلمنت الثالث (24 مارس سنة 1084)، وبعد أسبوع من ذلك الوقت توج كلمنت هنري إمبراطوراً، وظل هنري سيد روما عاماً كاملاً.

غير أن ربرت جسكارد عاد من حروبه مع بيزنطية في عام 1085، واقترب من روما على رأس جيش مؤلف من 36.000 رجل، ولم يكن عند هنري جيش يستطيع به ملاقاة هذه القوة، ففر إلى ألمانيا، ودخل ربرت العاصمة، وحرر جريجوري، ونهب روما، وخرب نصفها، وأخذ معه جريجوري إلى مونتي كسينو. واشتد غضب العامة في روما على النورمان غضباً لم يستطع معه البابا حليفهم أن يأمن على نفسه في ذلك المكان. وعاد كلمنت إلى روما متظاهراً بأنه البابا، وذهب جريجوري إلى سالرنو، وعقد فيها مجمعاً مقدساً آخر، وحرم هنري مرة أخرى، ثم خارت قواه الجسمية والروحية وقال: "لقد كنت أحب العدالة وأمقت الظلم، ولهذا فإني أموت منفياً". ولم يكن قد تجاوز الثانية والستين من عمره، ولكن النزاع المرير الذي خاض غماره قد حطم أعصابه وهد قواه، ولم تترك له هزيمته الظاهرة على يد الرجل الذي عفا عنه في كانوسا رغبة في الحياة. ومات جريجوري في سالرنو في الخامس والعشرين من مايو عام 1085.

وبعد فلعله كان متغطرساً فوق ما يجب في حبه العدالة، ومتحمساً فوق ما يجب في كرهه للظلم؛ وليس من حق الرجل العملي أن يرى ما في مركز عدوه من عدالة، بل إن ذلك من حق الفيلسوف وحده؛ ولقد استطاع إنوسنت الثالث بعد مائة عام من ذلك الوقت أن يحقق جانباً كبيراً من حلم جريجوري، وهو جمع العالم تحت لواء خليفة المسيح، ولكنه حققه بروح أكثر اعتدالاً من روح جريجوري وبوسائل دبلوماسية أكثر من وسائله حكمة. ومع هذا فإن إنوسنت لم يظفر بهذا النصر إلا بفضل هزيمة جريجوري، ولقد تعلق هلبراند بأعلى مما يستطيع إدراكه، ولكنه رفع البابوية مدة عشر سنين إلى أعلى ما عرفته من المجد والقوة قبل أيامه. ولقد انتصر في حربه العوان على زواج القسيسين، وهي الحرب التي لم يقبل فيها مهادنة، وبذلك أعد لخلفائه قساوسة لا يدينون بالولاء لغير الكنيسة فزادت بذلك قوتها إلى أقصى حد. وانتهت حروبه ضد بيع الرتب الكهنوتية وحلول غير رجال الدين في المناصب الدينية بنصر وإن جاء متأخراً، ولكن آراءه كانت لها الغلبة في النهاية، وبذلك أصبح أساقفة الكنيسة خدماً طائعين للبابوية. وقد أدى استخدامه للمبعوثين البابوية إلى بسط سلطان البابوات على كل أبرشية في العالم المسيحي، وهو الذي وضع الخطة التي حررت انتخاب البابا من سيطرة الملوك. وسرعان ما رفعت هذه الانتخابات إلى عرش البابوية طائفة متسلسلة متصلة الحلقات، من الرجال الذين أدهشوا العالم بقوتهم وعظمتهم، ولم تمض على موت جريجوري عشر سنين حتى اعترف ملوك العالم ونبلاؤه بإربان الثاني زعيماً لأوربا جميعها في ذلك المزيج المؤلف من المسيحية، والإقطاع والفروسية، والاستعمارية، وهو المزيج المعروف عندنا باسم الحروب الصليبية.

"ذاهب إلى كانوسا"

Today, "Canossa" refers to an act of penance or submission. To "go to Canossa" is an expression–used often in German: nach Canossa gehen; in Dutch: naar Canossa gaan; in Danish, Norwegian and Swedish: Canossavandring or Kanossagang; in French: aller à Canossa; in Hungarian: kanosszajárás; in Italian: andare a Canossa; and in Slovenian: pot v Canosso–to describe doing penance, often with the connotation that it is unwilling or coerced. Adolf Hitler, for instance, used the expression to describe his meetings with Bavarian Minister President Heinrich Held after being released from Landsberg Prison, in his bid to have the ban on the Nazi Party lifted.[2]

الهامش

  1. ^ Sohns, Peter (2005). Die Jagd nach den Zeugnissen (in الألمانية). BoD – Books on Demand. p. 17. ISBN 9783833423239.
  2. ^ Kershaw, Ian. Hitler: 1889–1936: Hubris New York: Norton, 1998.

الأدبيات

  • Hlawitschka, E. "Zwischen Tribur und Canossa" Historisches Jahrbuch 94 (1974:25–45).
  • Holland, Tom, (2010). "The Forge of Christendom: The End of Days and the Epic Rise of the West". Anchor Books. ISBN 978-0-307-27870-8.
  • Kämpf, Hellmut, Canossa als Wende. Ausgewählte Aufsätze zur neueren Forschung. Darmstadt, 1963.
  • Morrison, K.F. "Canossa: a revision", Traditio 18 (1962:121–58.)
  • Struve, Tilman, Mathilde von Tuszien-Canossa und Heinrich IV."
  • Zimmermann, Harald, Der Canossagang von 1077. Wirkungen und Wirklichkeit. Mainz, 1975.