الفن الميتاني
يعود الفن الميتاني إلى الشعب الميتاني وهو ينتسب إلى الحوريين الذين استقروا في أعالي حوض الدجلة في شمالي بلاد ما بين النهرين وشمالي سورية في بداية الألف الثاني قبل الميلاد.
كانت عاصمة الميتانيين واشوكاني تزينها مباني المعابد والقصور المتميزة بجمال مداخلها التي تزينها منحوتات ضخمة تمثل أسوداً وثيراناً وكائنات حارسة، وقد زُيِّن أسفل الجدران بمنحوتات مغايرة. ومن المنحوتات البازلتية الميتانية تمثال أسد ضخم من حجر البازلت اكتشف في محافظة السويداء في سورية، وقد حفظ وعرض في حديقة المتحف الوطني بدمشق؛ يبدو الأسد فاغراً فاه ويمشي ببطء، يعود تاريخه إلى منتصف الألف الثاني قبل الميلاد، ويتميز بالجلال وقوة التعبير عن الحياة بالحركة.
وثمة أختام أسطوانية ميتانية اكتشفت في أغاريت وتل خويرة وغيرهما تتميز بتنوع مادة الأختام الأسطوانية (حجر الهيماتيت، العجينة الزجاجية). ويميل الفنان الميتاني إلى تبسيط الأشكال وتحويرها إلى ما يشبه العناصر الزخرفية ويحرص على الرموز بأنواعها؛ إذ كان لكل منها دلالته وجماليته مثل: السمكة والعقرب والطائر والماعز والكلب والأسد والكائنات الخرافية المجنحة، وهناك رموز الكواكب والنجوم مثل الهلال، وهناك الطقوس مثل عبادة الشجرة المقدسة، وهناك مشاهد العابد بملابسه الطويلة، وهو يؤدي طقوس العبادة كتشابك اليدين على الصدر، أو لمس شجرة الحياة. وكان الفنان الميتاني يحرص على التناظر والدقة الفنية في نقش مشاهد معقدة بأدوات بسيطة. وقد قدمت هذه المشاهد معلومات متنوعة ومفيدة جعلت لهذه الآثار أهمية وثائقية وقيمة فنية وجمالية متميزة. وإن التعمق في دراسة هذه المشاهد تُبرز مدى انفتاح الميتانيين ثقافياً وتفاعلهم مع ثقافات بلاد ما بين النهرين وجزر بحر إيجه ومصر. فكان من نتائج هذا الانفتاح ثراء فنونهم وتطور ثقافتهم.
وقد عثر على رقم حورية في كل من أُغاريت وماري وآلالاخ (تل عطشانة) في سهل أنطاكية، مما يدل على وجود جاليات حورية وميتانية كان لها فعالياتها وتأثيراتها. وتجدر الإشارة إلى رقيم فيه مسرد مفردات حورية ومسمارية عثر عليه في أُغاريت، وبدا كمعجم يدل على عبقرية تعلم اللغات والإفادة من هذه المسارد. وقد زودت محفوظات مدينة «نوزي» قرب كركوك بمعلومات مفيدة عن الحوريين وفعالياتهم.
وهناك الفخار الحوري والميتاني المتميز بلون تربته وتنوع أشكاله ومصنوعاته. حتى إن كثرة فخار العاصمة واشوكاني قرب رأس العين جعلت الأجيال المتعاقبة تطلق على موقعها اسم «تل الفخيرية».
أدى تزايد قوة الحثيين وضعف الميتانيين إلى القضاء على هذه المملكة التي كانت من أهم الممالك الكبرى ذات السلطة في الشرق القديم. وإذا كانت الآثار المختلفة المكتشفة قد قدمت بعض المعلومات المفيدة عن الميتانيين فما زال القسم الأكبر من حضارتهم مجهولاً.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المصادر
- بشير زهدي. "الميتاني (الفن ـ)". الموسوعة العربية.
الموضوعات ذات الصلة
للاستزادة
- فيليب حتي، تاريخ سورية ولبنان وفلسطين، ترجمة جورج حداد وعبد الكريم رافق (دار الثقافة، بيروت 1958).
- صبحي صواف، تاريخ حلب، الجزء الأول (حلب 1972).
- LOUIS DELAPORTE, Les peuples de l’Orient méditerranéen (P.U.F, Paris 1948).
- G. SAADÉ, Ougarit, Métropole cananéenne. (Imprimerie Catholique, Beyrouth, 1979).
- G. CONTENEAU, La civilisation des Hittites et des Mitanniens (Paris 1934).