الفضائل الباهرة في محاسن القاهرة
وأما تاريخ تأليف كتابه الأشهر، الفضائل الباهرة في محاسن القاهرة، فأيضاً يرجح المحقق بأنه وضع سنة 871هـ/1467م. و"الفضائل الباهرة" رتبها مؤلفها على مقدمة وتسعة عشر فصلاً وخاتمة، في ذكر مبدأ مصر وأول أمرها، وذكر حدودها، وذكر ملوكها وحكامها من قبل الطوفان إلى زمن السلطان مراد في الدولة العثمانية، وكدر مصر (محافظتها ومراكزها)، وما ورد في فضل مصر من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، ودعاء الأنبياء لمصر وأهلها، ووصف العلماء لها، ومن ولد بها من الأنبياء والحكماء والملوك والعلماء، وذكر فتوح مصر، وما بها من ثغور الرباط والمساجد الشريفة، ووصف من كان بها من العلماء والحكماء وعدة خُلجُها، وخراجها في الجاهلية والإسلام، وما اختصت به مصر من مأكول وملبس ومشرب، ملخصاً من خطط ابن زولاق وتاريخه الكبير، وعجائب مصر وغرائبها وذكر مقاييسها، وذكر القاهرة بالخصوص، وذكر محاسن مصر الكلية الجامعة، وذكر ما اختصت به مصر والقاهرة.
وابن ظهيرة في كتابه هذا اقتبس من كلام من تقدموه من رواد الخطط المصرية وتاريخ مصر الإسلامية. ولأهمية الكتاب وبمناسبة "ألفية القاهرة" صدر هذا الكتاب محققاً، حيث تمّ الرجوع في عملية التحقق تقريباً إلى جميع كتب من سبقوه في هذا الموضوع والكتب هي: "فتوح مصر وأخبارها" لابن عبد الحكم، و"ولاة مصر وفضلها وفضائلها" للكندي، و"فضائل مصر" لابن زولاق، و"المواعظ والاعتبار" للمقريزي، بالإضافة إلى الكثير من كتب التراجم ومعاجم البلدان واللغة العربية، وخاصة "لسان العرب" لابن منظور، و"تاج العروس" للزبيدي. ولم يفت المحقق الرجوع كذلك إلى بعض المعاصرين للمؤلف ومن برزوا بعده من كتاب الخطط المصرية وتاريخ مصر الإسلامية، كالسيوطي في "حسن المحاضرة" وعلي مبارك في "الخطط التوفيقية" ومحمد رمزي في "القاموس الجغرافي".
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الكتاب "الفضائل الباهرة" يعتبر بمثابة مختصر لخطط المقريزي باستثناء الفصلين الأخيرين فيه، فإنهما من ابتكار المؤلف، وهما "ذكر محاسن مصر الكلية الجامعة" و"ذكر ما اختصت به مصر والقاهرة". غير أن الأهمية البالغة للكتاب تبدو في الاقتباسات العديدة التي استقاها المؤلف من مراجع لا أثر لها في الوجود الآن، وذلك كخطط الكندي، و"تاريخ مصر الكبير"، و"خطط مصر" وكلاهما لابن زولاق، وغيرها.
يقول ابن ظهيرة في كتابه الفضائل الباهرة في محاسن القاهرة:
"لا تنقطع الدماء والقتال والفتن والفساد عن القاهرة المعزية التي سميت بهذا الاسم لوضع اساسها في طالع المريخ"، ففي الوقت الذي قرر فيه جوهر الصقلي بناء هذه المدينة جمع المنجمين وطلب منهم اختيار طالع فلكي جيد لبدء البناء حتي تنعم المدينة الجديدة بالخير، ثم وضع حبل في جرس وتم الاتفاق على ان موعد تحريك هذا الجرس هو إشارة البدء في البناء، وفجأة ودون مقدمات جاء ظهر غراب وحرك الحبل فدوي صوت الجرس عاليا فبدأ العمال في البناء، فانهار المنجمين لأن الاشارة خاطئة ولأن هذا الوقت علي وجه الخصوص كان وقت طالع المريخ وهو طالع تعس ودموي ويطلقون عليه النجم القاهر، فايقن الجميع ان هذه المدينة ينتظرها الكثير من الاهوال بعد هذا التاريخ. |
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .