الصاحب بن عباد

(تم التحويل من الصاحب ابن عباد)
دولة بني بويه

الصاحب بن عباد (16 ذي القعدة 326 هـ = 14 أكتوبر 938م - 24 صفر 385هـ = 30 مارس 995م) وزير في الدولة البويهية وأديب مرموق.

أبو القاسم إسماعيل بن عباد بن العباس بن أحمد بن إدريس الطالقاني، وزير غلب عليه الأدب، فكان من نوادر الدهر علماً وفضلاً وتدبيراً وجودة رأي، ولد بطالقان، اصفهان من أعمال قزوين وإليها نسبته كان أبوه عباد وزيراً لركن الدولة البويهي، وقد أشار الشاعر أبو سعيد الرستمي إلى ذلك في قصيدة مدح فيها الصاحب بقوله:

ورث الوزارة كابراً عن كابر      موصولة الأسناد بالأسناد

كما قال أبو بكر الخوارزمي: «إن الصاحب ورث الوزارة عن أبيه» وهو أول من لُقِّب بالصاحب من الوزراء، لأنه صحب الفضل بن العميد فقيل له صاحب ابن العميد ثم أطلق عليه هذا اللقب «الصاحب» لما تولى الوزارة.

تتلمذ الصاحب بن عباد أول أمره لأبيه عباد، وكان هذا من أهل العلم والمعرفة، إضافة إلى كونه وزيراً لركن الدولة البويهي، وقد صنف كتاباً في أحكام القرآن الكريم، وكان مناصراً ومؤيداً للمعتزلة وآرائهم كما تتلمذ الصاحب على أبي الفضل بن العميد، ولازمه وأخذ عنه، كما أخذ دراسة الأدب وتذوقه واللغة العربية عن أبي الحسن أحمد بن فارس اللغوي صاحب كتاب «المجمل في اللغة».

كان الصاحب أول أمره كاتباً صغيراً، التحق بخدمة أبي الفضل ابن العميد، ومالبث أن لفت انتباه رئيسه إلى ما يتميز به من ذكاء وسرعة بديهة إضافة إلى علمه الواسع، وقد رشحته هذه الصفات ليكون كاتباً للأمير مؤيد الدولة بن ركن الدولة بن بويه الذي وثق به فلقبه بالصاحب كافي الكفاة واستوزره.

ولما توفي مؤيد الدولة عمل الصاحب على إحلال التفاهم بين إخوته، واستطاع إقناع فخر الدولة بالعودة من خراسان وكان قد هرب إليها خوفاً من أخيه عضد الدولة والتجأ إلى السامانيين، كما مكنه من استلام السلطة، فكافأه فخر الدولة بأن أبقاه وزيراً، ومنحه ثقته التامة، فلم يكن يخالفه في أمر، فقصده الأدباء والشعراء، وأصحاب الحاجات اعترافاً منهم بكرمه وتذوقه للأدب وعلو منزلته. ويبدو أن الصاحب أراد أن يعرف قوة مركزه لدى فخر الدين فطلب منه أن يعفيه من الوزارة فأجابه: «لك في هذه الدولة من إرث الوزارة، كما لنا من إرث الإمارة، فسبيل كل واحد منا أن يحتفظ بحقه» ولم يستجب لطلبه.

بقي الصاحب يحتل منصب الوزارة نحو ثماني عشرة سنة ونيف، حتى وفاته في مدينة الريّ، ثم نقل جثمانه إلى أصفهان حيث دفن فيها، ولقد شارك في تشييع جنازته، كبار القادة والأمراء، والأدباء وجماهير الناس، ويتقدم الجميع فخر الدولة.

كان الصاحب علماً من أعلام الأدب، فريد عصره في البلاغة والفصاحة والشعر، وكان أوحد زمانه في التدبير والحنكة، وكان متحمساً للمعتزلة ومناصراً لهم، وقد جلب له ذلك العديد من الخصوم كانوا يتتبعون مثالبه وأخطاءه ومن أبرزهم أبو حيان التوحيدي، وكان الصاحب قد حجبه عنه وأقصاه من مجلسه، وقد وصفه أبو حيان بقوله: «كان حاضر الجواب، فصيح اللسان، قد نتف من كل أدب شيئاً وأخذ من كل فن طرفاً... إنه شديد التعصب على أهل الحكمة والناظرين في أجزائها كالهندسة، والطب، والموسيقى... يتشيع بمذهب أبي حنيفة ومقالة الزيدية... والناس كلهم يحجمون عنه لجرأته وسلاطته... شديد العقاب، طفيف الثواب، طويل العتاب...».

وبالمقابل هنالك العديد من الكتاب والأدباء والشعراء كانوا يشيدون بخصال الصاحب وأدبه، ومن أبرزهم الثعالبي في كتابه «يتيمة الدهر»، وابن نُبَاته.

وعلى الرغم من كثرة مشاغله بحكم منصبه، بقي مثابراً على عقد مجلسه الأدبي وبحضور كبار الأدباء والكتاب، كما عمل في تأليف الكتب فصنف في اللغة كتاباً سماه «المحيط» ويقع في سبع مجلدات، رتبه على حروف المعجم، كما ألف كتاب «الكافي في الرسائل»، وكتاب «الإمامة»، وكتاب «الوزراء»، وكتاب «الكشف عن مساوئ شعر المتنبي».

وكانت عنده مكتبة زاخرة بأمهات الكتب، وقد اعتذر عن قبول منصب الوزارة عند نوح الساماني محتجّاً بأن مكتبته لا يمكن نقلها، ولا يستغنى عنها إذ إنها تحتاج إلى ما لا يقل عن أربعمئة جمل لحملها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مولده

ولد باصطخر، وقيل بالطالقان في السادس عشر من ذي القعدة سنة 326 هـ، وقيل سنة 324 هـ، وكان أصله من شيراز، وقيل من الري، وقيل من اصفهان.


حياته

التحق الصاحب بن عباد بمؤيد الدولة بن ركن الدولة البويهي أمير الري وإصفهان، وعمل له كاتبا، وظل مقدما عنده. ولما توفي ابن العميد، تولى منصب الوزارة في سنة (366هـ/976 م). وظل في الوزارة حتى وفاة مؤيد الدولة سنة (373هـ/983 م)، ثم أقره أخوه فخر الدولة على وزارته.

من أساتذته

حدث وأخذ الأدب عن جماعة أمثال: عبد الله بن جعفر بن فارس، وأحمد بن كامل بن شجرة، وابن العميد وغيرهم.

الذين رووا عنه

روى عنه أبو الطيب الطبري، وأبو بكر بن المقري، وأبو بكر بن أبي علي الذكواني وغيرهم.

اشتهر في

كان أحد كتاب الدواوين الأربع، وكان فصيحاً، سريع البديهة، كثير المحفوظات، متكلماً، محققاً، نحوياً، لغويا، ولجلالة قدرهِ وعظيم شأنه مدحه خمسمائة شاعر، ولأجله ألف الثعالبي كتاب يتيمة الدهر، وابن بابويه كتاب عيون أخبار الرضا () . "كان أول من سمي بالصاحب من الوزراء لأنه صحب الملك مؤيد الدولة البويهي من الصبا، فسماه بالصاحب فلقب به، وكان أبوه وجدُّه من الوزراء، فنشأ في بيت فضل وعلم ووزارة وجلالة ووجاهة"

له مؤلفات وآثار عديدة منها

  • المحيط في اللغة
  • الكشف عن مساوئ المتنبي
  • ديوان رسائل
  • ديوان شعر
  • عنوان المعارف في التاريخ
  • الوزراء
  • أسماء الله وصفاته
  • جوهرة الجمهرة
  • الأعياد
  • الامامة
  • الإبانة عن الإمامة
  • الوقف والابتداء
  • الفصول المهذبة
  • الشواهد
  • القضاء والقدر

نقش خاتمة

كان نقش خاتمه:

شفيع إسماعيل في الآخرة***محمّد والعترة الطاهرة

من أشعارة

حب علي بن أبي طالب * فرض على الشاهد والغائب

واُم من نابذه عاهر * تبذل للنازل والراكب

وله أيضاً:

لو شق عن قلبي يرى وسطه*سطران قد خطا بلا كاتبِ

العدل والتوحيد في جانب*وحب أهل البيت في جانب

وله أيضاً:

أنا وجميع من فوق التراب * فداء تراب نعل أبي تراب

وله أيضاً:

حب علي بن أبي طالب*يميز الحر من النغل

لا تعذلوه واعذلوا اُمه*اذ تؤثر الجار على البعل

وله أيضاً:

بمحمد ووصيه وابنيهما*وبعابد وبباقرين وكاظمِ

ثم الرضا ومحمّد ثم ابنه*والعسكري المتقي والقائمِ

أرجو النجاة من المواقف كلها*حتى أصير إلى نعيم دائم

وفاته

توفي بالري في الرابع والعشرين من صفر سنة 385 هـ، ونقل جثمانه إلى اصفهان ودفن بها في باب دريه. رثاه الشريف الرضي بعد وفاته بقصيدة مطولة عصماء تنبي عن عظمة وجلالة قدر الصاحب وعلو كعبه في عوالم العقيدة الراسخة والأدب الرفيع والجاه والفضل والسؤدد.

المصادر

  • عبد الرحمن بدر الدين. "الصاحب بن عبّاد". الموسوعة العربية.

طالع أيضاً

للاستزادة