رشيد سليم الخوري (1305 هـ / 1887م - 1404 هـ / 1984م)، المعروف بـ "الشاعر القروي" و"شاعر العروبة" وله أخ يدعى قيصر ويعرف باسم الشاعر المدني. ولد الشاعر رشيد في قرية البربارة سنة 1887، مسيحي الديانة، من الشعراء العرب في القرن العشرين، وقد هاجر الشاعر إلى البرازيل في عام 1913 برفقة أخيه قيصر. وتولّى رئاسة تحرير مجلة "الرابطة" لمدة ثلاث سنوات، ثم رئاسة "العصبة الأندلسية" عام 1958م، فكان رئيسها الثاني بعد ميشال معلوف، وظل في المهجر مدّة خمسةٍ وأربعين عاماً؛ حيث عاد إلى وطنه (الذي قضى فيه ثلاثة وعشرين سنة) وكان ذلك في عهد الوحدة بين سورياومصر عام 1958.
له من الشعر "السمكة الشاكرة".
ذكر الشاعر نفسه في أحد دواوينه بأن الشاعر يعقوب العودات (البدوي الملثم)، قد سأله كيف اخترت لقب الشاعر القروي، فقال: بعد أن أنزلت ديوان رشيديات، لم يُرق للناقد قسطنطين الحداد، فظل الحداد لفترة ينقده في جريدة تسمى بـ المؤدب، وفي أحد المرات قرأ رشيد الخوري أحد النعوت التي قد نعت بها من قِبـَل الحداد وقد كان النعت الذي أعجبه "الشاعر القروي"، وقد وجد الشاعر رشيد سليم الخوري ضالته في هذا النعت فأرده حتى كان له ما أراد. وقد دعا في أكثر من قصيدة بين التحاب الأخوي بين المسلمين والمسيحيين وقد قال في أحد قصائده :
يا فاتح الأرض ميداناً لدولته
صارت بلادُك ميداناً لكل قوي
يا قومُ هذا مسيحيٌّ يذكّركم
لا يُنهِض الشرقَ إلا حبُّنا الأخوي
فإن ذكرتم رسول الله تكرمة
فبلّغوه سلام الشاعر القروي
وقد تمنى في أكثر من موضع أن يعود عهد بغدادوالأندلس، وقد قال في أحد أبياته:
يا حبذا عهد بغداد وأندلسٍ
عهد بروحي أفدِّي عَودَهُ وذوي
من كان في ريبةٍ من ضَخْم دولته
فليتلُ ما في تواريخ الشعوب رُوي
مكانته بين العرب
أحبه العرب بجميع الطوائف، وكان معروف بعدائه الشديد للقوات المحتلة الفرنسية. حتى أنه قال في أحد قصائده موجهاً كلامه إلى الزعيم الدرزي سلطان الأطرش حين أشعل الثورة علي الفرنسيين سنة 1925:
فتى الهيجاء لا تعتب علينا
وأحسِن عذرَنا تحسنْ صنيعا
تمرستم بها أيام كنا
نمارسُ في سلاسلنا الخضوعا
فأوقدتم لها جثثًا وهامًا
وأوقدنا المباخر والشموعا
إذا حاولتَ رفعَ الضيم فاضرب
بسيف محمدٍ واهجر يسوعا
أحبوا بعضكم بعضًا وُعظنا
بها ذئبًا فما نجَّت قطيعا
ألا أنزلتَ إنجيلاً جديدًا
يعلِّمنا إباءً لا خنوعا
أجِرنا من عذاب النير لا من
عذاب النار إن تك مستطيعا
و يا لبنان مات بَنوك موتاً
وكنت أظنَّهم هجعوا هجوعا
ألم ترهم ونار الحرب تُصلى
كأنَّ دماءهم جمدت صقيعا
بدت لك فرصةٌ لتعيش حرًّا
فحاذرْ أن تكون لها مُضيعا
وما لك بعد هذا اليوم يومٌ
فإن لم تستطعْ لن تستطيعا
معاني الكلمات :
تمرستم : تفننتم
الضيم: الظلم
إباء : صمود
أجرنا : إحمنا
النير: قطعة كبيرة من الخشب يتم وضعها على رقبة ثورين ليتم جمعهما مع بعضهما ليقوما بمهمة فلاحة الأرض.
تُصلى : تشتعل
هجوع : النوم الطويل
صقيع : طبقة الثلج التي تغطي الثمار في الصباح البارد.
وقد جاءذكره في كتاب شعراء النهضة العربية للشاعر العراقي المعروف فالح الحجية الكيلاني إذ يقول فيه(كان لايشعر بالهزيمة مام قوى الاستبداد والشر والاستعمار والظلام في وطنه وكان يرد عليها بشعره كسلاح فتاك يدافع به عن حق شعبه بالوجود والحرية ودعى إلى توحيد أبناء الامة العربية بغض النظر عن الدين والطائفة والمذهب والقطر والمدينة فكان بحق شاعر النهضة العربية)
حكمة مع الخصوم. ووفاء للأم
وللشاعر أبيات جميلة في التعامل مع الحاسدين والخصوم. ويعلمنا أن لأمه فضل كبير في ذلك.
تَحَيَّرَ بي عَدُوَّي إِذ تجنَّى
عليَّ فما سألتُ عن التجني
وقابلَ بينَ ما ألقاهُ منهُ
وما يَلْقى من الإِحسانِ مني
يبالِغُ في الخِصامِ وفي التجافي
فأغرقُ في الأناةِ وفي التأني
أودُّ حياتَهُ ويودُّ موتي
وكمْ بينَ التَمَني والتَجني
إِلى أن ضاقَ بالبغضاءِ ذَرْعاً
وحسَّنَ ظَنَّهُ بي حسنُ ظني
عدوي ليسَ هذا الشهدُ شهدي
ولا المنُّ الذي استحليْتَ مني
فلي أمٌ حَنُونٌ أرضعتني
لبانَ الحُبِّ من صَدْرٍ أحنِّ
علي بسمَاتِها فتحتُ عيني
ومن لَثماتِها رويتُ سِنِّي
كما كانتْ تُناغيني أُناغي
وما كانتْ تُغَنيني أُغَني
سَقاني حُبُّها فوقَ احتياجي
ففاضَ على الوَرى ما فاضَ عني
لم ينسب إحسانه للناس لنفسه. بل رده لوالدته صاحبة الحق عليه.
وفاته
توفي الأديب سنة 1984 حسب ما قاله العالم الكبير لوتيس محمد وقد عاش قرابة القرن من الزمن.