الحرب الأهلية الجزائرية

الحرب الأهلية الجزائرية
Arrêt du processus électoral de 1991 en Algérie.jpg
الجيش منتشر في شوارع الجزائر العاصمة بعد الانقلاب العسكري الذي قام به الإسلاميين، 12 يناير 1992.
التاريخ11 يناير 1992 – 8 فبراير 2002[10]
(10 years and 4 weeks)
الموقع
النتيجة انتصار الحكومة
المتحاربون
 الجزائر
بدعم من:
 مصر[1][2]
 تونس[1][2]
 فرنسا[2][3]
 الاتحاد الأوروپي[3]
 جنوب أفريقيا[4]
الموالون للجبهة الإسلامية للإنقاذ
بدعم من:
ليبيا ليبيا (حتى 1995)[2]
 السعودية (قبل الحرب)[3]
 إيران (مزاعم)[3]
 المغرب (مزاعم)[2][5]
جهات مانحة سعودية خاصة[3]

الجماعة الإسلامية المسلحة (منذ 1993)
بدعم من:
 السودان (مزاعم)[6][7][8]
 إيران (مزاعم)[6][7][8]
الجهاد الإسلامي المصري (حتى 1995)[9]


الجماعة السلفية للدعوة والقتال (منذ 1998)
بدعم من:
القاعدة[6]
القادة والزعماء
الجزائر محمد بوضياف  X
الجزائر علي كافي
الجزائر اليمين زروال
الجزائر عبد العزيز بوتفليقة
الجزائر محمد العماري
(رئيس الأركان)
الجزائر محمد مدين
(رئيس الأمن العسكري)
عباسي مدني #
علي بلحاج #
عبد القادر حشاني # 
أنور هدام
عبد القادر شبوطي
مدني مزراق
مصطفى كارتالي
علي بن حجر

عبد الحق العيايدة #
جعفر الأفغاني 
شريف جسومي 
جمال زيتوني 
عنتر زبيري 


حسن خطاب
الوحدات المشاركة
الجيش الجزائري
المليشيا المحلية[12]
دائرة الاستعلام والأمن
جبهة التحرير الوطني
التجمع الوطني الديمقراطي
التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية
Soجبهة القوى الاشتراكية
الإتحاد العام للعمال الجزائريين
حركة مجتمع السلم/حمس
حركة النهضة الاسلامية/نهضة
منظمة الشباب الجزائريين الأحرار
جيش الإنقاذ الإسلامي (1994–99)
الحركة الإسلامية المسلحة (حتى 1994)
MEI (حتى 1994)
الجبهة الإسلامية للجهاد المسلح (حتى 1996)
الحركة الإسلامية للدعوة والجهاد (1996–97)
الرابطة الإسلامية للدعوة والجهاد (1997)
الأفغان العرب
التكفير والهجرة
القوى
140.000 (1994)[13]
124.000 (عام 2001)
100.000–300.000 المقاتلين المحليين[12]
2.000 (1992)
40.000 (1994)
10.000 (1996)[14]
غير معروف
الضحايا والخسائر
~150.000 إجمالي القتلى [15]

الحرب الأهلية الجزائرية هي أحد الأسماء التي أطلقت على الصراع المسلح بين الحكومة الجزائرية وفصائل متعددة وصفت بأنها تتبنى أفكار الإسلام السياسي منها الجماعة الإسلامية المسلحة والجبهة الإسلامية للإنقاذ والحركة الإسلامية المسلحة والجبهة الإسلامية للجهاد المسلح وفصائل أخرى. بدأ الصراع في ديسمبر 1991 عقب إلغاء نتائج الانتخابات التشريعية لعام 1992 في الجزائر والتي حققت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ فوزا مؤكدا مما حدى بالجيش الجزائري التدخل لالغاء الانتخابات العامة في البلاد مخافة فوز الاسلاميين فيها. بالرغم من ان حدة العنف قد خفت منذ عام 2002 ولكن وإستنادا إلى وزارة الداخلية الجزائرية لايزال هناك قرابة 1000 من ما يصفهم الحكومة "المتمردين المسلحين" نشطين في الجزائر وفي سبتمبر 2005 أيدت أغلبية كبيرة من الجزائريين العفو الجزئي الذي أصدره الحكومة الجزائرية عن مئات من المسلحين الاسلاميين ضمن ما عرف "بميثاق السلم والمصالحة الوطنية" بهدف إنهاء أكثر من عقد من النزاع. وبموجب الميثاق، الذي اقترحه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، سيتم العفو عن عدد كبير من الأشخاص من الجانبين اللذين تورطا في أعمال قتل لأكثر من 100,000 شخص على الأقل لكن المعارضين للميثاق، يعتبرون أن المصالحة غير ممكنة دون تحقيق العدالة ويطالبون بأن تفتح الدولة تحقيقا بشأن آلاف الأشخاص الذين اختفوا طيلة الأعوام الماضية ولم يعرف مصيرهم حتى الآن.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

البدايات

بعد تسلم شاذلي بن جديد السلطة في الجزائر عام 1979 بدأت محاولاته لتطبيق خطته الخمسية االتي كانت تهدف إلى إنشاء قواعد للإقتصاد الحر في الجزائر والنهوض بالمستوى الإقتصادي المتعثر للجزائر ولكن سنوات حكمه شهدت نشاطا من البربر في مجال معارضتهم لما أسموه سياسة التعريب التي تنتهجها الحكومة و خاصة في مجال التعليم فبعد منع خطبة حماسية للناشط البربري مولود معمري في جامعة حسناوة في تيزي وزو في 10 مارس 1980 بدأت حملة منظمة من الطلاب و الأطباء و الناشطون البربر للبدأ بإضراب عام مما حدى بالرئيس الجزائري آنذاك بن جديد بان يجري تعديلات على سياسة الحكومة ومنها على سبيل المثال منح حقوق ثقافية و إعلامية و جامعية للبربر هذه التعديلات أعتبرت من قبل مما يوصفون اليوم باتباع منهج الإسلام السياسي بأنها تنازلات تهدد الهوية القومية للجزائر. ومن جهة أخرى كان لعدم قدرة الرؤساء السابقين للجزائر النهوض بالأقتصاد الجزائري وفشل الأفكار الشيوعية و القومية العربية في إيجاد حل جذري لمشاكل البلاد الداخلية ، كل هذه العوامل أدت إلى بروز تيار قامت بتفسير التخلف و التردي في المستوى الأقتصادي و الأجتماعي إلى أبتعاد المسلمين عن التطبيق الصحيح لنصوص الشريعة الأسلامية وتؤثر حكوماتهم بالسياسة الغربية [1].

بدأ نشاط التيار الإسلامي السياسي بالإزدياد تدريجيا من خلال بعض العمليات التي كانت تستهدف محلات بيع المشروبات الروحية وممارسة الضغط على السيدات بإرتداء ملابس يتفق مع رؤية التيار في مفهومها للهندام المقبول وفي عام 1982 طالب ذلك التيار علنا بتشكيل حكومة إسلامية ومع إزدياد أعمال العنف و خاصة في الجامعات الدراسية تدخلت الحكومة و قامت بحملة إعتقالات واسعة حيث تم إعتقال أكثر من 400 ناشط من التيار المتبني لفكرة الإسلام السياسي و كان من بينهم أسماء كبيرة مثل عبد اللطيف سلطاني ولكن الحكومة بدأت تدرك ضخامة و خطورة حجم هذا التيار فقامت وكمحاولة منها لتهدئة الجو المشحون بإفتتاح واحدة من أكبر الجامعات الإسلامية في العالم في ولاية قسنطينة في عام 1984 وفي نفس السنة تم إجراء تعديلات على القوانين المدنية الجزائرية وخاصة في ما يخص قانون الأسرة حيث اصبحت تتماشى مع الشريعة الاسلامية [2] [[3].

لكن الإقتصاد الجزائري إستمر بالتدهور في منتصف الثمانينيات و إزدادت نسبة البطالة وضهرت بوادر شحة لبعض المواد الغذائية الرئيسية ومما ضاعف من حجم الأزمة كان إنخفاض أسعار النفط في عام 1986 من 30 دولارا للبرميل إلى 10 دولارات وكان الخيار الوحيد أمام شاذلي بن جديد للخروج من الأزمة هو تشجيع القطاع الخاص بعد فشل الإسلوب الإشتراكي في حل الأزمة وقوبلت هذه التغييرات بموجة من عدم الرضا وأخذ البعض في الشارع الجزائري يحس بان الحكومة تظهر لامبالاة بمشاكل المواطن البسيط [4]

تصاعد الغضب في قطاعات واسعة من الشارع الجزائري وفي أكتوبر 1988 بدأت سلسلة من إضرابات طلابية و عمالية والتي أخذت طابعا عنيفا بصورة تدريجية وإنتشرت أعمال تخريب الممتلكات الحكومية إلى مدينة عنّابة و بليدة ومدن أخرى فقامت الحكومة بإعلان حالة الطوارئ وقامت بإستعمال القوة وتمكنت من إعادة الهدوء في 10 أكتوبر بعد احداث عنيفة أدت إلى قتل حوالي 500 شخص و إعتقال حوالي 3500 شخص وسميت هذه الأحداث من قبل البعض "بأكتوبر الأسود" [5]. كانت للطريقة العنيفة التي إستعملتها الحكومة في أحداث "أكتوبر الأسود" نتائج غير متوقعة حيث قامت مجاميع تنتهج الإسلام السياسي بإحكام سيطرتها على بعض المناطق وطالبت منظمات عديدة في الجزائر بإجراء تعديلات وإصلاحات فقام شاذلي بن جديد بإجراءات شجعت على حرية الصحافة و حرية الرأي و التعبير فقام عباسي مدني و علي بلحاج بتأسيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ في مارس 1989 بعد التعديل الدستوري وإدخال التعددية الحزبية [6]. وكان عباس مدني الأستاذ الجامعي و المحارب السابق في حرب التحرير الجزائرية يمثل تيارا دينيا معتدلا وكان لدوره السابق في حرب التحرير أثرا رمزيا في ربط الحركة الجديدة بتاريخ النضال القديم للجزائر وفي الجهة الأخرى وصف العديدون علي بلحاج الذي كان أصغر عمرا بإن افكاره متطرفة حيث قال في احد خطبه "إن المصدر الوحيد للحكم هو القرآن وإذا كان إختيار الشعب منافيا للشريعة الإسلامية, فهذا كفر و إلحاد حتى إذا كان هذا الإختيار قد تم ضمن إنتخابات شعبية [7].

بدأت الجبهة تلعب دورا بارزا في السياسة الجزائرية وتغلبت بسهولة على الحزب الحاكم, جبهة التحرير الوطني الذي كان الحزب المنافس الرئيسي في إنتخابات عام 1990 مما حدى بجبهة التحرير الوطني إلى إجراء تعديلات في قوانين الإنتخابات وكانت هذه التعديلات في صالح الحزب الحاكم فأدى هذا بالتالي إلى دعوة الجبهة الإسلامية للإنقاذ إلى إضراب عام وقام شاذلي بن جديد بإعلان الأحكام العرفية في 5 يونيو 1991 وتم إعتقال عباسي مدني و علي بلحاج .

في ديسمبر 1991 أصيب الحزب الحاكم بالذهول حيث انه برغم التعديلات الإنتخابية وإعتقال قيادات الجبهة الإسلامية للإنقاذ الا ان الجبهة حصدت على اغلبية 188 مقعد من أصل 430 مقعدا ومحاولة من الحزب الحاكم في الحيلولة دون تطبيق نتائج الإنتخابات قام اعضاء في الحكومة الجزائرية وهم الجنرال خالد نزار (وزير الدفاع) و علي كافي و محمد بوضياف و علي هارون و التيجاني هدام بتشكيل المجلس الأعلى للبلاد والتي كانت عبارة عن مجلس رئاسي لحكم الجزائر وتم إجبار شاذلي بن جديد على الإستقالة وإلغاء نتائج الإنتخابات وكان رئيس المجلس هو محمد بوضياف إلى ان توفى في 29 يونيو 1992 ليحل محله علي كافي إلى ان تم إستبدال كافي باليمين زروال في 31 يناير 1994 وإستمر حتى 27 ابريل 1999 [8].


أطراف الصراع

  الأغلبية للجبهة الإسلامية للإنقاذ
  الأغلبية لغير المنتمين للجبهة الإسلامية للإنقاذ
  غير مححدة
  لا تتوفر معلومات
الصورة أعلاه توضح توزيع المقاعد في نتائج إنتخابات سنة 1991، والتى حققت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ الأغلبية في معظم المناطق المأهولة بالسكان .
لف الغموض عنتر الزوابري وجماعته الجماعة الإسلامية المسلحة ولم يعرف الكثير عن دوافعهم

كان الفوز الساحق للجبهة الإسلامية للإنقاذ في الأنتخابات أمرا غير مقبول لدى كبار رجال قيادات الجيش في الجزائر حيث قام الجيش في 11 يناير 1992 بإلغاء نتائج الإنتخابات و أجبر شاذلي بن جديد على الإستقالة وجلبوا المحارب القديم في حرب تحرير الجزائر ، محمد بوضياف والذي كان منفيا في المغرب ليكون رئيس المجلس الأعلى للبلاد وتم إعتقال 5000 من أتباع الجبهة الإسلامية للإنقاذ حسب المصادر الحكومية بينما يؤكد الجبهة إنه تم إعتقال 30,000 من جماعتهم ونقلوا إلى سجون في الصحراء الكبرى وقامت منظمة العفو الدولية بالإشارة إلى الكثير من الإنتهاكات في حقوق الإنسان خلال تلك الفترة و في 4 مارس 1992 قامت الحكومة بإلغاء الجبهة الإسلامية للإنقاذ كحزب سياسي مرخص [9]. إعتبر أعضاء الجبهة الإسلامية للإنقاذ اللذين لم تطلهم يد الأعتقال تصرفات الجيش بمثابة إعلان حرب على الجبهة وقرروا البدأ بحرب عصابات بكل وسيلة متوفرة لهم وإنظم إلى الجبهة فصائل أخرى كانت تنتهج مبدأ الإسلام السياسي وكان أفراد الجيش و قوات الشرطة الهدف الرئيسي للمسلحين الذين إتخذوا من المناطق الجبلية في شمال الجزائر معاقل رئيسية لهم ولكن المناطق الغنية بالنفط بقيت تحت السيطرة الكاملة للحكومة و كانت بعيدة عن مناطق الصراع الرئيسية.

أدت هذه الأوضاع المتأزمة إلى تدهور أكثر في الإقتصاد الجزائري وزاد الوضع تأزما بعد إغتيال محمد بوضياف الذي كان أمل الجيش في إعادة الهدوء للبلاد لكونه رمزا من رموز تحرير الجزائر والذي تم إغتياله في 29 يونيو 1992 أثناء إلقاء خطاب في مراسيم إفتتاح مركز ثقافي في عنّابة على يد أحد اعضاء فريق حمايته و الذي وصف بكونه "متعاطفا مع الإسلاميين" [10] وبعد عملية الإغتيال تلك حكم على عباسي مدني و علي بلحاج بالسجن لمدة 12 عاما .

في 26 أغسطس 1992 أخذ الصراع منعطفا خطيرا وهو إستهداف الرموز المدنية للحكومة حيت تم إستهداف مطار الجزائر وراح ضحية الإنفجار 9 قتلى واصيب 128 آخرين بجروح وقامت الجبهة الإسلامية للإنقاذ على الفور بشجب الحادث وإعلان عدم مسؤوليتها عن الإنفجار [11], وأصبح واضحا وبصورة تدريجية إن الجبهة الإسلامية للإنقاذ ليست لها الكلمة العليا في توجيه أساليب الصراع المسلح مع الحكومة وبدأت أسماء مثل مجموعة التكفير و الهجرة و الحركة الإسلامية المسلحة و الجبهة الإسلامية للجهاد المسلح تبرز إلى السطح وهذه المجاميع كانت تعتبر متطرفة في تطبيقها لمبدأ الإسلام السياسي مقارنة بإسلوب الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي وصفت بأنها أكثر إعتدالا. فجماعة التكفير و الهجرة على سبيل المثال كانت مصرية المنشأ حيث إنبثقت في أواخر الستينيات وإنتشرت في العديد من الدول وبرز إسم الجماعة بصورة ملفتة للنظر في عام 1977 حيث أصبح المهندس الزراعي المصري شكري مصطفى زعيما للجماعة وشكري مصطفى كان عضوا سابقا في حركة الإخوان المسلمين ولكنه إنتهج إسلوبا أكثر تشددا بعد إعدام سيد قطب [12], وكان محمد بويري الذي قام بإغتيال المخرج الهولندي ثيو فان گوخ في 2 نوفمبر 2004 عضوا في جماعة التكفير و الهجرة [13]. كانت هناك بوادر واضحة على إنعدام المركزية والتنسيق المنظم بين هذه المجاميع المختلفة وكان هناك بوادر خلافات بين الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي كانت الطرف الرئيسي في نشوء الأزمة و الفصائل الإسلامية التي إنظمت اليها.

في لقاء لقناة العربية الفضائية مع "الأمير الوطني" للجيش الإسلامي للإنقاذ مدني مزراق في 18 أكتوبر 2004 قال مرزاق "الجماعة الإسلامية في الحقيقة جمعت شتاتاً غير متجانس, فهناك من كان في الهجرة والتكفير، وهناك من كان في الإخوان, وهناك من كان في التيار السلفي الذي لا يؤمن بالتكفير, وهناك من جاء من الخارج من أفغانستان, وطبعاً وجلب معه المتناقضات الموجودة في أفغانستان" و "لم تكن الجماعة الإسلامية تملك من النظام والتنظيم ما يسمح لها أن تضبط هؤلاء الأفراد" [14]. في ضل عدم وجود تنظيم و قيادة مركزية موحدة بدأت موجة من أعمال العنف التي إستهدفت مدنيين كالمعلمين و المدرسين و الموظفين والإعلاميين و المفكرين والأجانب بحجة إنهم متعاونون مع السلطة وكانت الجماعة الإسلامية المسلحة برئاسة عنتر الزوابري وراء الكثير من هذه العمليات [15] ، [16] [17].

المفاوضات

إستمرت أعمال العنف طيلة عام 1994 ولكن الإقتصاد الجزائري بدأ بالتحسن نوعا ما بعد قدرة الحكومة على تمديد فترة دفع بعض الديون و حصولها على مساعدات مالية عالمية بقيمة 40 مليار دولار [18], ولم تكن في الأفق بوادر توقف قريب لأعمال العنف وفي هذه الأثناء وفي 31 يناير 1994 تم إختيار اليمين زروال رئيسا للدولة لتسيير شؤون البلاد في المرحلة الإنقالية الذي كان أول أمازيغي يتقلد مسؤولية رئاسة الجمهورية منذ الاستقلال وكان زروال يفضل مبدأ الحوار و التفاوض اكثر مقارنة بالرئيس الذي سبقه علي كافي فبدأ زروال محادثات مع قياديي الجبهة الإسلامية للإنقاذ المسجونيين وأطلق سراح العديد منهم و أدى إسلوب زروال إلى حدوث إنقسام بين مواقف الجهات المحاربة لفكر الإسلام السياسي فكانت جبهة التحرير الوطني و جبهة القوى الإشتراكية تفضل التفاوض لحل الأزمة بينما كان الأتحاد العام للعمال الجزائريين [19] و التجمع من اجل الثقافة و الديمقراطية [20] و منظمة الشباب الأحرار الجزائرية كانت تفضل تصفية كاملة لظاهرة الإسلام السياسي المسلح وبدأت منظمة الشباب الأحرار بالفعل بإستهداف من إعتبرتهم "متعاطفين مع الإسلاميين" [21].

في هذه الأثناء برزت الجماعة الإسلامية المسلحة كفصيل نشيط في حرب العصابات وفي 26 أغسطس 1994 اعلنت الجماعة تطبيقها لقوانين الخلافة الاسلامية و إختارت لقب أمير المؤمنين لزعيمها وإستمرت في إستهداف المدنيين و كان الشاب حسني, المطرب الجزائري من بين من تم إستهدافهم حيث أغتيل في 29 سبتمبر 1994 [22]. في هذه الفترة و محاولة من الجبهة الإسلامية للإنقاذ لإعادة زمام السيطرة على مجريات الصراع مع الحكومة شكلت الجبهة حركة جديدة ضمت مجاميع كانوا مشتركين بقناعة إن الأساليب المتطرفة التي تنتهجها الجماعة الإسلامية المسلحة سوف يؤدي إلى زيادة الأوضاع سوءا وتدريجيا أحكمت الجبهة زمام سيطرتها على مايقارب 50% من العمليات في شرق و غرب الجزائر ولكن منطقة وسط الجزائر بقيت مسرحا لعمليات الجماعة الإسلامية المسلحة.

في نهاية عام 1994 أعلن اليمين زروال فشل المفاوضات مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ ، وعبر عن نيته في إجراء إنتخابات جديدة في مطلع عام 1995 و طرح فكرة إقامة ميليشيات للدفاع عن القرى و الأماكن المستهدفة حيث إن تحركات الجيش لم تكن كافية لإحتواء الأزمة [23]. وفي هذه الأثناء تمكن بعض قياديي الجبهة الإسلامية للإنقاذ من مغادرة الجزائر إلى روما وبدؤا بمفاوضات مع أحزاب المعارضة الجزائرية الأخرى وإستطاعت ان توحد أراء 5 أحزاب اخرى في 14 يناير 1995 ونتج عن هذا الأتفاق جدول اعمال طالبت بإحترام حقوق الإنسان و التعددية و الديمقراطية و رفض التحكم المطلق للجيش في إدارة شؤون الجزائر و إطلاق سراح قياديي الجبهة الإسلامية للإنقاذ والمطالبة بوقف اعمال العنف من قبل جميع الأطراف ولكن الحكومة لم توقع على هذا الأتفاق وإعتبرتها تدخلا خارجيا في شؤون الجزائر [24] .

المذابح

المذابح التي راح ضحية كل منها أكثر من 50 شخصاً في عامي 1997 و 1998
المذابح في القرى الجزائرية شكلت منعطفا خطيرا في الصراع

إستمرت الجماعة الإسلامية المسلحة بفعالياتهم المثيرة للجدل وخاصة في جنوب الجزائر وعرف منطقة نشاطهم بإسم مثلث الموت وكانت أطراف هذا المثلث عبارة عن ولاية الجزائر و بليدة و الأربعاء ووقع في هذا المثلث مذابح عديدة وكانت من أبشع الحملات الدموية التي قامت بها الجماعة هي قتل 400 مدني جزائري في بلدة تبعد 150 ميلا جنوب غرب الجزائر في 31 ديسمبر 1997 [25] ولم يكن إستهداف الجماعة مقتصرا على اهداف مدنية حكومية او شخصيات مدنية فقط بل إنها بدأت بإستهداف الجبهة الإسلامية للإنقاذ ايضا وتم في 11 يوليو إغتيال عبد الباقي صحراوي في باريس و كان صحراوي احد قياديي الجبهة الإسلامية للإنقاذ [26].

في 16 نوفمبر 1995 فاز اليمين زروال بالإنتخابات بأغلبية 60% وأشار المراقبون العرب و الدوليون إن الإنتخابات كانت نزيهة [27] ، وكان التوجه العام للمقترعين هو إيجاد مخرج من دائرة العنف بغض النظر عن الجهة السياسية الفائزة في الإنتخابات وبدأ زروال يدفع إلى كتابة دستور جديد للبلاد يمنح الحكومة و الرئيس بالتحديد صلاحيات واسعة وتم تمرير هذا الدستور بعد إستفتاء شعبي عام. بدأت الميليشيات الموالية للحكومة بالإزدياد و الإنتشار وكانت هذه الميليشيات عبارة عن مدنيين تم تدريبهم و تزويدهم بالأسلحة من قبل الجيش . في 5 يونيو 1997 فاز الحزب الجديد الذي شكله زروال باغلبية 156 مقعدا من اصل 380 مقعد في البرلمان الجزائري وبدأت الحكومة بإبداء مرونة اكثر مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ فتم نقل مؤسس الجبهة عباس مدني من السجن إلى الإقامة الجبرية في منزله ولكن عام 1997 شهد منعطفا خطيرا في الصراع حيث بدأت سلسلة من العمليات التي إستهدفت المدنيين وكان الذبح الطريقة الشائعة في هذه المذابح وفيما يلي قائمة بهذه المذابح [28] [29]:

وكانت هذه المذابح التي إستهدفت سكان هذه القرى لاتميز بين ذكر او انثى او بين طفل رضيع او شيخ طاعن في السن وكانت طرق القتل في غاية الوحشية وكانت اصابع الأتهام موجهة إلى الجماعة الإسلامية المسلحة التي إعترفت بنفسها عن مسؤوليتها عن مذبحتي ريس و بن طلحة [30], وكان التكفير هو المبرر الذي إستعمله الجماعة فكل جزائري لا يقاتل الحكومة كان في نظرهم كافرا [31]

وكان المبرر الآخر هو إنظمام بعض ساكني تلك القرى إلى الميليشيات الموالية للحكومة. من جهة اخرى كانت هناك تقارير من منظمة العفو الدولية ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان مفاده ان تلك المذابح وقعت على مبعدة مئات الأمتار من مقرات الجيش الجزائري والذي حسب التقارير لم تفعل شيئا لأيقاف المذابح وكانت هناك إشاعات إن الجيش نفسه قام بعد من هذه المذابح و إنتشرت هذه الدعيات بعد هروب افراد من الجيش و لجوئهم إلى دول اوروبية حيث صرح هؤلاء ان الجيش كان له يد في بعض المذابح [32] [33]. وبدأت موجة من تبادل الأتهامات عن المسؤول عن هذه المذابح حيث بدأت الكثير من نظريات المؤامرة بالإنتشار وكانت من أبرزها ان الحكومة إستطاعت التغلغل في صفوف الجماعة الإسلامية المسلحة وان لها دورا في هذه المذابح وإلقاء مسؤوليتها على الجماعة [34].


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ميثاق السلم و المصالحة الوطنية

عبد العزيز بوتفليقة رئيس الجزائر منذ عام 1999.

أدت هذه المذابح إلى حدوث إنشقاق في صفوف الجماعة الإسلامية المسلحة و إنفصل البعض منها بسبب عدم قناعتهم بجدوى تلك الأساليب وفي 14 سبتمبر 1998 تشكلت المجموعة السلفية للتبشير والجهاد بزعامة حسن حطاب [35] ، وفي 11 سبتمبر 1999 فاجأ اليمين زروال العالم بتقديم إستقالته ونظمت إنتخابات جديدة في الجزائر وتم إختيار عبد العزيز بوتفليقة رئيسا في 15 ابريل 1999 وحصل إستنادا إلى السلطات الجزائرية على 74% من الأصوات إلى إن بعض المنافسين إنسحبوا من الإنتخابات بدعوى عدم نزاهة الإنتخابات. إستمر بوتفليقة في الحوار مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ وفي 5 يونيو 1999 حصل على موافقة مبدأية من الجبهة بنزع أسلحتها وأصدر بوتفليقة العفو عن العديد من المعتقليين وعرض ميثاق السلم و المصالحة الوطنية لإستفتاء عام وفيه عفو عن المسلحين الذين لم يقترفوا اعمال قتل او إغتصاب إذا ماقرروا العودة و نزع سلاحهم وتمت الموافقة الشعبية على الميثاق في 16 سبتمبر 1999 وقامت الجبهة الإسلامية للإنقاذ بنزع سلاحها بالكامل في 11 يناير 2000 وفي فبراير 2002 قتل عنتر الزوابري زعيم الجماعة الإسلامية المسلحة في احدى المعارك مما ادى إلى تقليل ملحوظ في نشاط الجماعة [36]. وتم إطلاق سراح مؤسسي الجبهة الإسلامية للإنقاذ عباسي مدني و علي بلحاج وكان هذا مؤشرا على ثقة الحكومة بنفسها وبالفعل كان حدس الحكومة صائبا ففي إنتخابات عام 2004 حصل بوتفليقة على 85% من الأصوات .

الأصداء الخارجية للحرب

"الحرب القذرة في الجزائر" تأليف حبيب سويدية. انقر على الصورة لمطالعة الكتاب بأكمله.

المصادر

[37]

[38]

[39]

[40]

[41]

[42]

[43]

[44]

المرادية

[45]

[46]

[47]

العربية.نت

بي بي سي

إسلام اونلاين

الجزيرة

[48]

[49]

[50]

[51]

[52]

[53]

[54]

[55]

[56]

[57]

[58]

[59]

[60]

[61]

[62]

[63]

[64]

[65]

الهامش

  1. ^ أ ب Rex Brynen; Bahgat Korany; Paul Noble (1995). Political Liberalization and Democratization in the Arab World. Vol. 1. Lynne Rienner Publishers. p. 289. ISBN 978-1-55587-579-4.
  2. ^ أ ب ت ث ج Sidaoui, Riadh (2009). "Islamic Politics and the Military: Algeria 1962–2008". In Lane, Jan-Erik; Redissi, Hamadi; Ṣaydāwī, Riyāḍ (eds.). Religion and Politics: Islam and Muslim Civilization. Ashgate. pp. 241–243. ISBN 978-0-7546-7418-4.
  3. ^ أ ب ت ث ج Karl DeRouen Jr.; Uk Heo (2007). Civil Wars of the World: Major Conflicts Since World War II. ABC-CLIO. pp. 115–117. ISBN 978-1-85109-919-1.
  4. ^ Arms trade in practice, Hrw.org, October 2000
  5. ^ Yahia H. Zoubir; Haizam Amirah-Fernández (2008). North Africa: Politics, Region, and the Limits of Transformation. Routledge. p. 184. ISBN 978-1-134-08740-2.
  6. ^ أ ب ت Mannes, Aaron (2004). Profiles in Terror: The Guide to Middle East Terrorist Organizations. Rowman & Littlefield. p. 8. ISBN 978-0-7425-3525-1.
  7. ^ أ ب Cordesman, Anthony H. (2002). A Tragedy of Arms: Military and Security Developments in the Maghreb. Greenwood Publishing Group. p. 126. ISBN 978-0-275-96936-3.
  8. ^ أ ب Brosché, Johan; Höglund, Kristine (2015). "The diversity of peace and war in Africa". Armaments, Disarmament and International Security. Oxford University Press. p. 116. ISBN 978-0-19-873781-0.
  9. ^ Tabarani, Gabriel G. (2011). Jihad's New Heartlands: Why The West Has Failed To Contain Islamic Fundamentalism. AuthorHouse. p. 329. ISBN 978-1-4678-9180-6.
  10. ^ Boot, Max (2013). "Appendix". Invisible Armies.
  11. ^ Harmon, Stephen A. (2014). Terror and Insurgency in the Sahara-Sahel Region: Corruption, Contraband, Jihad and the Mali War of 2012–2013. Ashgate. p. 54. ISBN 978-1-4094-5475-5.
  12. ^ أ ب Paul Collier; Nicholas Sambanis (2005). Understanding Civil War: Africa. World Bank Publications. p. 235. ISBN 978-0-8213-6047-7.
  13. ^ Martinez, Algerian Civil War، 1998: p.162
  14. ^ Martinez, Algerian Civil War, 1998: p.215
  15. ^ Hagelstein, Roman (2007). "Where and When does Violence Pay Off? The Algerian Civil War". HICN. Households in Conflict Network: 24. Archived from the original (PDF) on 31 August 2020. Retrieved 11 April 2012.