الحارث بن سريج

أبو حاتم، الحارِث بن سُرَيج بن يَزيد من بني مجاشع بن دارم التميمي (ت. 128 هـ/ 746م)، مصلح وثائر عربي من قبيلة تميم، ثار على الدولة الأموية بخراسان عدة مرات في عهد الخليفة هشام بن عبد الملك، مدعياً ظلم الدولة الأموية، وزعم أنه يدعو إلى الكتاب والسنة، وأنه صاحب الرايات السود [1]، قُتل أمام سور مرو سنة 128 هـ [2].

الحارث بن سريج كان أحد دعاة الإصلاح الديني في أواخر عهد بني أمية. أخذ على عاتقه إتمام الحركة الإصلاحية التي قام بها ثابت قُطنة وأبو العيداء، من موالي خراسان، وقد قضى على ثورتهما يزيد بن المهلب.

في أحداث سنة 110هـ/728م، اشتهر الحارث في حروب المسلمين ضد خاقان الترك في بيكند في ما وراء النهر. كان من سكان خراسان.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بداية ثورته

في عام 116 هـ، خرج الحارث بن سريج على أمير خراسان عاصم بن عبد الله، وزعم أنه يدعو إلى الكتاب والسُنّة، فلبس السواد، خالعًا طاعة الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك، وأنه صاحب الرايات السود، داعيًا إلى الإصلاح في ضوء الكتاب والسنة والبيعة لآل البيت، واعداً ألا تؤخذ الجزية من الذين اعتنقوا الإسلام وألا يظلم أحد. فانضم إليه كثرة من الموالي والكثير من العرب من تميم والأزد.[3] وسرعان ما استولى على المدن الواقعة على شواطئ نهر سيحون، فقد سار من فارياب إلى بلخ فدخلها، ثم إلى جوزجان (كورة من كور بلخ) فغلب عليها وعلى طالَقان (بلدة بخراسان) ومرو الروذ، فلما أراد السير إلى مرو قصبة خراسان نصحه أصحابه ألا يفعل «لأن مرو بيضة خراسان وفرسانهم كثر»، وأشاروا عليه أن يقيم حيث هو فإن أتوه قاتلهم، وإن أقاموا قطع عنهم المؤن والإمدادات. وسار إلى مرو في جيش كبير، فهزمه عاصم بن عبد الله والي خراسان، وغرق الكثير من أصحابه في أنهار مرو وفي النهر الأعظم جيحون ولم يبق مع الحارث سوى زهاء ثلاثة آلاف [4].


بعد الهزيمة الأولى

حين ولَّى هشام بن عبد الملك أسد بن عبد الله القسري ولاية خراسان، أرسل جديع بن علي الكَرماني إلى القلعة التي فيها أهل الحارث وأصحابه واسمها التبوشكان من طخارستان العليا، فحاصرهم الكرماني حتى فتحها وسبى عامة أهل الحارث من الموالي وذراريهم وباعهم في سوق بلخ، فانضم الحارث إلى خاقان الترك في الحرب التي نشبت بين أسد بن عبد الله وخاقان الترك سنة 119 هـ - 737 م.

في عهد الخليفة يزيد بن الوليد

بقي الحارث في بلاد الترك حتى سنة 126هـ - 743م، فلما وقعت العصبية في خراسان بين الوالي نصر بن سيار (120-131هـ) وجُديع بن علي الكرماني من اليمانية خاف نصر قدوم الحارث عليه في أصحابه من الترك فيكون أشد عليه من الكرماني وغيره وطمع أن يناصحه، فأرسل نصر إلى الخليفة يزيد بن الوليد (125-126هـ/742-743م) فأخذ منه للحارث أماناً، فعاد الحارث إلى خراسان سنة 127هـ وأقام بمرو الروذ ورد عليه نصر ما أخذ له، وعرض عليه أن يوليه ويعطيه مئة ألف دينار فلم يقبل وأرسل إلى نصر يقول: «لست من الدنيا واللذات في شيء إنما أسألك كتاب الله والعمل بالسنة وأن تستعمل أهل الخير فإن فعلت ساعدتك على عدوك» وأرسل الحارث إلى الكرماني يخبره بأنه إذا أعطاه نصر العمل بالكتاب وما سأله عاضده، وقام بأمره، وإن لم يفعل فإنه سوف يعينه (أي الكرماني) إن ضمن له القيام بالعدل والسنة.

بعد تولي مروان بن محمد الخلافة

لما صارت الخلافة إلى مروان بن محمد وبايعه نصر بن سيار. أقنع نصر الحارث بقبول أمان الخليفة الأموي يزيد بن الوليد، فعاد إلى مرو، عاصمة خراسان سنة 127هـ، 744م. إلا أن الحارث امتنع عن البيعة، فأرسل إليه نصر يدعوه إلى الجماعة وينهاه عن الفرقة وإطماع العدو، ويعطيه ثلاثمئة ألف دينار فلم يقبل، ورفض قبول أي عطاء، زهدًا في الدنيا، واشترط تحكيم الشريعة في كل الأمور، والاستعانة بأهل الصلاح.

ثم عرض نصر بن سيار عليه أن يبدأ بالكرماني فإن قتله فإنه في طاعته فلم يفعل. وعندما ظهرت الفتنة بين القبائل العربية إثر موت الوليد الثاني، امتد أثرها إلى خراسان، حيث خرجت اليمانية على نَصْر، وانضم الحارث إلى الكرماني الذي هزم نصراً ودخل مرو وأمَّن الناس، إلا أنه هدم الدور ونهب الأموال فأنكر عليه الحارث ذلك ونبذ تحالفه معه وحاربه مع من انضم إليه من تميم ومضر في شهر رجب سنة 128 هـ [5] ودارت حرب بين الفريقين، لم تضع أوزارها إلا بعد مقتل الحارث وأخيه أمام أسوار مرو. وصفت مرو لليمانية فهدموا دور المضرية، ولما بلغ نصر بن سيار مقتل الحارث قال [6]:

يا مُدْخِلَ الذُّل على قومه بُعداً وسحقاً لك من هالك
شؤمك أردى مضراً كلَّها وغضَّ من قومِك بالحارِكِ

وبعد تبين قتله، أمر الكرماني بصلب الحارث بلا رأس على باب مرو [7].

واستفادت الدعوة العباسية من هذا الجو المضطرب بخراسان، فتمكن داعيتها أبو مسلم الخراساني من إعلان الثورة ضد الأمويين من خراسان.

انظر أيضًا

مصادر

  • نجدة خماش. "الحارث بن سريج". الموسوعة العربية.
  1. ^ محمد إسماعيل المقدم، المهدي، ص 201، دار الخلفاء الراشدين، الإسكندرية، الطبعة الأولى 2009.
  2. ^ موقع الشيخ الدكتور سفر الحوالي، الفهارس، فهرس الأعلام، الحارث بن سُريج
  3. ^ محمد إسماعيل المقدم، المهدي، ص 201، دار الخلفاء الراشدين، الإسكندرية، الطبعة الأولى 2009.
  4. ^ الموسوعة العربيّة، المجلد السابع، الحضارة العربية، التاريخ، الحارث بن سُريج
  5. ^ محمد إسماعيل المقدم، المهدي، ص 201، دار الخلفاء الراشدين، الإسكندرية، الطبعة الأولى 2009.
  6. ^ الموسوعة العربيّة، المجلد السابع، الحضارة العربية، التاريخ، الحارث بن سُريج
  7. ^ إسماعيل بن عمر بن كثير القيسي الدمشقي، البداية والنهاية، مكتبة المعارف، بيروت، الطبعة الثانية 1979.

مراجع

  1. إسماعيل بن عمر بن كثير القيسي الدمشقي، البداية والنهاية، مكتبة المعارف، بيروت، الطبعة الثانية 1979.
  2. محمد بن جرير بن يزيد الطبري، تاريخ الرسل والملوك، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، مصر.
  3. عز الدين علي بن محمد الشيباني الجزري (ابن الأثيرالكامل في التاريخ، دار الكتاب، بيروت.
  4. محمد إسماعيل المقدم، المهدي، دار الخلفاء الراشدين، الإسكندرية، الطبعة الأولى 2009.
  5. ڤاسيلي ڤاسيليڤيتش بارتولد، تركستان من الفتح العربي إلى الغزو المغولي، ترجمة صلاح الدين عثمان، الكويت، 1401هـ-1981م.
  6. يوليوس ڤيلهاوزن، تاريخ الدولة العربية من ظهور الإسلام إلى نهاية الدولة الأموية، ترجمة محمد عبد الهادي أبو ريدة، ــ، 1968م.