استكشاف أفريقيا
كانت جغرافيا شمال أفريقيا معروفة بشكل لا بأس به منذ العصر العتيق الكلاسيكي في الجغرافيا اليونانية-الرومانية. شمال أفريقيا (كانت منطقة المغرب العربي معروفة باسم ليبيا أو أفريقيا، بينما أعتبرت مصر جزءاً من آسيا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
القدم
تجارة العبيد العربية
التجريدات الپرتغالية المبكرة
التاريخ الحديث المبكر
البرتغال
العوامل الدولية المؤثرة على الاستعمار الاوروبي للقارة الأفريقية في القرن 19
رغم وصول البرتغال الى القارة الأفريقية منذ القرن الخامس عشر الا أن كشف أفريقيا الداخلية واستعمارها تأخر حتى القرن التاسع عشر، واقتصرت معرفة الدول الاوروبية على المناطق الشمالية وبعض المناطق الشرقية والغربية من القارة، ويمكن أن نجمل أسباب تأخر استعمار القارة الأفريقية الى الأسباب التالي:
- قلة الجزر القريبة من الساحل، والملاحظ أن كل قارات العالم القديم باستثناء أفريقيا تتميز بكثرة جزرها وأشباهها، فقارة آسيا يحيط بها نطاق من الجزر وأشباه الجزر يمتمد من شمال اليابان الى أرخبيل جزر الهند الشرقية جنوبا، كما يمتد في الجنوب من أرخبيل جزر الهند الشرقية الى شبه جزيرة العرب، أما أفريقيا فهي كتلة واحدة خالية الأطراف باستثناء بعض الرؤوس الصغيرة التي تفصلها عن بعضها مسافات شاسعة في غرب القارة باستثناء بعض الجزر الساحلية في الشرق مثل زنجبار وبمبا، كذلك بعض الجزر صغيرة الحجم باستثناء جزيرة مدغشقر (1).
كما أدت قلة الرؤوس والخلجان الى قلة تعاريج الساحل مما ترتب عليه خلو الموانئ الطبيعية التي تطل منها المناطق الداخلية على العالم الخارجي.
2- كانت أفريقيا قارة ذات حافات أو هوامش مطروقة من الناحية البحرية ولكنها قليلة الاتصال بالجزء الداخلي من القارة. ولذلك سميت أفريقيا في ذلك الوقت بالقارة المظلمة، وبقصد من هذه التسمية أن معظم الجزء الداخلي منها كان مجهولا الى عهد حديث جدا، باستثناء الأجزاء الشمالية الشرقية فترجع الى أقدم العصور حيث ازدهرت فيها الحضارات، وقلت المعرفة بالأماكن الداخلية الواقعة جنوبا ويرجع ذلك الى أن الاتجاه الذي كانت تتجه منه المدينة في العصور القديمة ظل لمدة طويلة من الشرق الى الغرب لعوامل طبيعية، ولم يمتد على الجنوب الا في أزمة حديثة نسبيا.
(1) صفي الدين محمد، أفريقيا بين الدول الاوروبية، القاهرة 1959، ص 94.
واذا خرجنا الى نطاق البحر المتوسط سنجد أنه كان أقدم جهات أفريقيا استطيانا كذلك البحر الأحمر كان مطروقا أيضا لأنه طريق طبيعي الى الشرق، فلما وجدت ظروف سياسية سد بها هذا الطريق سعى الانسان الى ايجاد طريق آخر، ادى به الى كشف سواحل جديدة في الجزء الغربي من أفريقيا. وكان الدافع في هذه المحاولات هو كشف سواحل القارة الأفريقية فحس ولم يكن كشف القارة نفسها بل ايجاد طريق الى أماكن تقع فيما وراء هذه القارة فكأن هذا الكشف جاء عرضا نتيجة السعي لكشف طريق جديد ولا السعي الى كشف أراضي جديدة (1).
أدت طبيعة تكويت القارة الى تأخر المعرفة بها فهي قارة مندمجة جدا، سواحلها قليلة التعاريج بالنسبة لمساحتها، واذا نظرنا الى خريطة للتضاريس جنوب اقليم الصحراء الكبرى فاننا نجد أن حافة الهضبة الداخلية تصل جنوب اقليم من الساحل في معظم أنحاء القارة. يضاف الى ذلك أن أفريقيا أكثر القارات وقوعا في المناطق المدارية والاستوائية وما يتبعها من صعوبات مناخية وطبيعية (2).
كما تفتقر سواحل أفريقيا الى وجود الجزر الصغيرة التي يمكن استخدامها كمواثب للتوغل نحو الداخلي، كذلك توجد حواجز طبيعية تتمثل في المرتفعات والغابات الكثيفة، كما أدت قلة التعاريج الى عدم وجود موانئ صالحة لرسو السفن (3).
4- اذا نظرنا الى الساحل الشمالي في أفريقيا سنجد أنه يتسم بمناخ ملائم وأماكن صالحة للاستيطان، ولكن هذا الساحل كان أكثر ارتباطا بآسيا واوروبا وسيطرت عليه الدول الاسلامية ولذلك لم تكن الدول الاوربية لتستطيع أن تخترق هذا النطاق الملائم لتصل على الداخل فهو بعيد جدا عن الدول الاوروبية التي بدأت عمليات الكشف. كما أن الهضبة في جنوب أفريقيا مرتفعة وقريبة من الساحل ويزداد ارتفاعها من الناحية الشرقية.
أما الساحل الغربي فهو يعتبر أقرب سواحل أفريقيا لأوروبا ، ورغم كشفه في أواخر القرن الخامس عشر فان استخدامه للوصول الى داخل القارة تأخر حوالي أرعبة قرو، وسبب ذلك أن هذا الساحل تقل فيه المناطق التي تصلح للوثوب الى داخل القارة، وأحسن هذه المواثب الجزر التي تقع قرب السواحل، ولكنها قليلة القيمة لأنها تقابل الصحراء في اليابس الأفريقي (1).
أما قرب خط الاستواء فتوجد جزر أخرى مثل فرناندو بو بالقرب من ساحل الكمرون، وكانت لها فائدة في كشف أجزاء من أفريقيا الوسطى، ولكن فيما عدا ذلك تكاد تخلو سواحل أفريقيا من أمثال هذه الجزر.
كذلك تقل في الساحل الغربي الجنوبي لأفريقيا الموانئ الطبيعية الصالحة فالمنطقة الممتدة من ساحل غانا حتى الكيب تخلو منها الموانئ فهي قليلة ومتباعدة (2).
من أهم أسباب تأخر استعمار القارة الأفريقية أن بعض أنهارها لا تساعد على التوغل نحو الداخل. ففي غرب أفريقيا نجد أن نهر غمبيا لا يصلح للملاحة الا لمسافة بسيطة لا تزيد عن 465 كم من المصب وتكثر المستنقعات والغابات على ضفاف.
أما نهر الديجر فهو يمتد في غرب أفريقيا على شكل قوس يتجه من الجنوب الغربي حتى الشمال الشرقي وينتهي عند المصب بدلتا كثيرة الفروع اشتهرت بانتاج أجود أنواع الزيوت الا أن الدلتا كثيرة الحواجز أعاقت التوغل فيها الى الداخل، واذا اجتزنا مصبات الدلتا فان النهر يصلح للملاحة مسافة كبيرة داخل القارة.
هذا وقد تضاربت الاقوال بخصوص منابع النيجر واتجاهه وخلط الرحالة بينه وبين السنغال وأخطأ البعض منهم في تحديد مساره، وظلت مشكلة النيجر وتحديد اتجاهه قائمة حتى القرن الثامن عشر (3).
ومعظم أنهار غرب أفريقيا لم يتم التعرف عليها الا في فترات متأخرة مثل السنغال، والكازاماس، أما في ساحل غينيا فقد وجد في ساحل العاج عدة أنهار هي بانداما وكافال وكوموية وجميعها تصب في خليج غينيا أما نهر فولتا فيشبه في اتجاهه وخصائصه نهر النيجر ويعيب المجاري المائية في ساحل غينيا أنها كلها تقريبا ضحلة تسود مصباتها الكثبان الرملية، بالاضافة الى كثرة الحواجز الصخرية في المنطقة، وبذلك نلاحظ قلة أهمية الأنهار الأفريقية كشرايين تؤدي للداخل فهذه الأنهار تنتهي الى البحر اما بدلات كثيرة الفروع والمستنقعات أو السدوج أو بمساقط مائية (1).
وفي المنطقة الاستوائية تأخر كشف نهر الكونغو حتى القرن التاسع عشر، وتم الخلط بينه وبين نهر النيل وتشبه دلتا الكونغو المروحة ويعيب النهر كثرة الشلالات فيه (2).
وفي جنوب الكونغو عند الساحل الجنوبي الغربي يوجد نهر الأورانج الذي أو كانت صفاته مختلفة عما هي لأصبح من أكثر الأنهار فائدة بالنسبة للدول الاوروبية وذلك لأن مصبه في الجهة الغربية يجعل الوصول اليه من اوروبا سهلا بخلاف الأنهار الواقعة في الساحل الشرقي، أما عيوبه قد تمثلت في عمق المجرى الذي يسير فيه وتذبذب مستواه وسرعة جريانه في فصل سقوط الأمطار.
أما الساحل الشرقي فهو قليل الفائدة فنهر الزمبيزي له دلتا تشبه النيجر، من حيث كثرة حواجزها، وبعد المسافة في الداخل تعترضه الجنادل، وعدد شلالات فيكتوريا يتعذر نهائيا الوصول الى الداخل عن طريقه.
وان كان الساحل الشرقي لأفريقيا يتسم بتعدد المواقع الطبيعية التي تصلح للموانئ مثل ميناء بيرا في موزمبيق، وكذلك دار السلام، وممبسة، ولكن كان على الدول الاوروبية اذا أرادت الوصول اليه فلابد أن تكون على علاقة مع مصر أضف الى ذلك بعد هذا الاسحل عن اوروبا (3).
هذا وقد اشتهر نهر النيل بالري أكثر منه طريق مواصلات، كذلك كان الجزء الواقع بين أسوان والخرطوم صعب الملاحة تعوقه الجنادل، كما أنه يخترق منطقة صحراوية، أضف الى ذلك أنه لم يتم اكتشاف منابعه الا فترة متأخرة.
6- لم يساعد مناخ القارة الأفريقية على التوغل الاوروبي الى الداخل، فالساحل الغربي مناخه صحراوي ومداري واستوائي، مما يسبب الاجهاد الشديد للمكتشف، ومن الناحية الصحية اشتهر هذا الساحل بأسوأ مناخ في العالم وأطلق على ساحل غينيا مقبرة الرجل الابيض فقد انتشرت فيه الأمراض ولاسيما الملاريا، والحمى، ومرض النوم (1).
ظل تأثير اوروبا في أفريقيا حتى الثلث الأخير من القرن التاسع عشر تاثيرا سطحيا بدرجة نسبية، ولم تكن ثمة أي محاولة للاستيطان الدائم الا في جنوب أفريقيا وبعض المزارع البرتغالية المتفرقة، وقد حل الأفراد المشتغلون بالتجارة محل تجار الرقيق وأصبحوا يمارسون تجارتهم المشروعة، وأقامت الارساليات المسيحية وعددا محدودا من المحطات المنعزلة غير أن هذا النشاط التجاري والارساليات لم يكن لها الطابع الرسمي وكان أغلب هذا النشاط غالب الأحيان موقوتا، وكانت رؤوس الأموال المستثمرة ضئيلة، كما كانت تعتمد على تعاون ومساندة الشعوب الأفريقية المهادنة (2).
ونادرا تجاوز الاوروبيون في توغلهم المناطق الساحلية، بل لقد كان اهتمامهم بهذه المناطق يقتصر على مناطق محدودة تخدم مصالحهم، ولم تبذل محاولات حقيقية لممارسة النفوذ والسيطرة أو حتى لتفهم نظم الأفارقة وثقافتهم وحيثما كانت مناطق الاستيطان الاوربية ومصالحهم ذات طابع دائم كانت تنأى بنفسها عن الأفارقة حتى في الأماكن التي كان يتوغل فيها الاوروبيون الى المناطق الداخلية على النحو الذي حدث في جنوب أفريقيا.
أما الظاهرة الوحيدة التي شذت عن هذه القاهدة فتتمثل في المستوطنين البرتغال إلا أنهم بدورهم كانوا معرضين لأن تستوعبهم العناصر الأفريقية لولا أنهم قد انفصلوا عنصريا وثقافيا عن الحياة الافريقية، ولقد ضمت البرتغال بعض مناطق البانتو الا أن البيض لم يبسطوا سلطانهم على الأفارقة على نطاق واسع ومؤثر الا منذ القرن 19 (1).
أسباب استعمار أفريقيا
يعرف كوامي نكروما الاستعمار بأنه ضم بلاد أو دولة لدولة أخرى، واستخدام تلك الدولة لقوتها الصناعية الفائقة في اخذاع شعب آخر واستغلاله اقتصاديا، فالاستعمار هو السياسة التي بها توثق أو تقيد الدولة (الأم) (2) ذات القوة الاستعمارية مستعمراتها، وتربطها الى نفساه بروابط سياسية من أجل تحقيق غرض جوهري وهو ترضية مصالحها الاقتصادية (3).
هذا وقد عرف الدكتور محمد عوض الاستعمار بأنه العمل أو مجموعة الأعمال التي من شأنها السيطرة أو بسط النفوذ بواسطة دولة أو جماعة منظمة من الناس على مساحة من الأرض لم تكن تابعة لهم أو على سكان تلك الأرض أو على الأرض والسكان في آن واحد (4).
والاستعمار هو استعمال دولة حق السيادة خارج حدود أراضيتها وعللت الدول الاوروبية الاستعمار من الناحية القانونية باسباب شبيهة بطرق اكتساب الملكية في القانون فتارة عللوه بنظرية الاستيلاء أو وضع اليد على الال المباح وتارة عللوه بنظرية نزع الملكية للمنفعة العامة المعروفة في القانون الاداري (5)ز
وأخيرا ان الاستعمار لا اساس له من القانون وهو مرادف للاخضاع والسيطرة والنهب.
ركزت الدول الاوروبية نشاطها الاستعماري في القرن التاسع عشر نحو القارة الأفريقية، ومنطقة الشرق الأقصى بينما كان هذا النشاط مركز فيما مضى نحو أمريكا وكندا وجزر الهند الشرقية (1) وأصبح الاستعمار الاوروبي لأفريقيا في العصر الحديث استعبادا كاملا واستغلالا شاملا تسخر فيه موارد المستعمرة وجهود سكانها لصالح المتسعمرين ، تضيع به معالم الحياة الاجتماعية والثقافية بل والانسانية لسكان المستعمرات (2).
ومع أن الاستعمار الاوروبي الحديث لأفريقيا بدأ في القرن الخامس عشر الا أنه حتى النصف الثاني من القرن 19 ، لم تكن في الحقيقة هناك دوافع قوية تحرك السياسة الاوروبية نحو أفريقيا ، فحتى النصف الأول من القرن 19 لم تكن قد تبلورت وظهرت الدوافع الجامحة التي ظهرت فيما بعد خلال الجزء الأخير من هذا القرن والتي أدت الى التكالب الاستعماري على هذه القارة Scramble for Africa (3).
والحقيقة أننا لو ألقينا نظرة على خريطة أفريقيا عام 1815، أي في مطلع القرن التاسع عشر سنلاحظ بأننا نكاد نلمس آثار اقدام الاوروبيين في المناطق الساحلية من القارة، حيث اتخذوا لهم نقاط ارتكاز تحقيق أهدافهم المحدودة فالبرتغال كانت لها مراكز في غانا البرتغالية، وأنجولا، وموزمبيق، وجزر ماديرا، والراس الأخضر، وسان توماس، وبرنسيب، والأسبان كانت له سبتة، ومليلة، وجزر كناريا، وجزيرة فرناندو بو في خليج غينيا، والهولنديون لم يكن لهم الا منطقة صغيرة على ساحل الذهب، والفرنسيون كانت لهم السنغال ورينون في المحيط الهندي ، وبعض المحلات التجارية في مدغشقر، والبريطانيون كانت لهم سيطرة على ساحل الذهب، وغينيا وبعض أجزاء من سيراليون ، ثم منطقة الكاب في الجنوب، وسانت هيلانه، وهكذا نلاحظ أنه حتى مطلع القرن التاسع عشر لم تكن لدول اوروبا سيطرة الا على أجزاء صغيرة من أطراف القارة (4).
ولكن الدول الاوروبية انتقلت من مرحلة ما يمكن أن نسميه المرحلة الجزرية أو الساحلية من الاستعمار، الى مرحلة التوغل داخل القارة، ووصل الأمر في نهاية القرن التاسع عشر الى درجة من النهم الاستعماري ، كاد يؤدي الى الاصطدام الدموي بين الدول الاوروبية الكبرى المتصارعة، وكانت ضحية هذا الصدام القارة الأفريقية، التي أصبحت نهبا للدول الاوروبية فلم تبق فيها دولة مستقلة سوى أثيوبيا وليبريا ((1).
ويمكن أن نجمل العوامل التي دفعت الدول الاوروبية لاستعمار القارة على النحو التالي:
أولا: أدى قيام الثورة الصناعية في اوروبا الى وجود حوافز قوية دفعت بعجلة الاستعمار، لأن الانقلاب الصناعي أدى الى الانتاج الكبير الذي يفيض عن استهلاك الشعوب المنتجة، والذي أخذ يسعى حثيثا لايجاد أسواق جديدة للتصريف، بالاضافة الى أنه أوجد الحاجة الماسة الى المواد الخام، ووجدت الدول الصناعية وفي مقدمتها انجلترا، وألمانيا ، وفرنسا في القارة الأفريقية مجالا طيبا للنشاط، حيث تتوفر المواد الخام الزراعية، والمعندية، والسكانية، بالاضافة الى السوق الواسعة لتصريف منتجاتها (2).
واذا كانت الثورة الصناعية قد ظهرت في انجلترا قبل غيرها من الدول الاوروبية الا أنها سرعان ما انتقلت في فرنسا، والولايات المتحدة، وبقية الدول الاوروبية، واصبح لهذه الدول في القرن التاسع عشر أساطيل ترتاد الموانئ الآسيوية والأفريقية لتصريف الفائض من منتجاتها (3).
ثانيا: أدى نمو الثورة الصناعية الى تطور الآلات والأدوات العسكرية تطورا كبيرا فظهرت البواخر والقوارب المحملة بالمدافع، والتي أصبحت قادرة على السير في الأنهار عكس التيار مما ساعد الدول الاوروبية على التخلص من مشكلة صعوبة الابحار (4).
ثالثا: عوامل متعلقة بالدول الاوروبية والأوضاع الداخلية في اوروبا، دفعت هذه العوامل الدول لتخرج لمديان الاستعمار، وأرادت كل دولة اظهار قوتها في أفريقيا، ففرنسا على سبيل المثال، أرادت اظهار هيبتها في تكوين مستعمرات فيما وراء البحار وصرف الشعب الفرنسي عن مشكلاته الداخلية (1)، كما لعب التجار والكتاب الانجليز دورا في دفع حكوماتهم للاستعمار، كذلك الكتاب الألمان كان لهم تاثير كبير على الحكومة الالمانية فقد طالبوا بافساح المجال أمام ألمانيا لتكوين المستعمرات (2).
كما أننا لا نغفل ايضا توحيد ألمانيا في نهاية القرن التاسع عشر الى تطلعها الى أن تكون في مصاف الدول الكبرى وخاصة بعد تزايد قوتها العسكرية (3).
رابعا: دوافع استراتيجية ، هناك دوافع دفعت الدول الاوروبية لاستعمار مناطق خاصة في أفريقيا فاحتلال فرنسا للجزائر كان أول ضم لأفريقيا في العصر الحديث وكان الدافع له أن سواحل الجزائر تواجه الساحل الفرنسي على البحر المتوسط، ولموقعها الاستراتيجي أهمية كبيرة في صراع فرنسا وانجلترا كذل لصرف أنظار الشعب الفرنسي عن مشكلاته الداخلية، وكما كانت الجزائر هامة، لموقعها بالنسبة لفرنسا كذلك كان لموقع مصر الاستراتيجي الهام أهمية بالنسبة لانجلترا (4).
خامسا: مما جعل النصف الثاني من القرن التاسع عشر فترة ازدادت فيها التحركات الاستعمارية الاوروبية ان السكان في اوروبا كانوا يتزايدون بصورة كبيرة بسبب الاساليب الصحية التي منعت الأوبئة الكبرى، فضلا عن ارتفاع مستوى المعيشة، والتعليم في اوروبا خفض من نسبة الوفيات، وفي نفس الوقت الذي ظل فيه الانقلاب الصناعي منفيا الحاجة الى الأيدي العاملة ازداد عدد المتطلعين لتحسين أحوالهم المعيشية لاسباب سياسية او اجتماعية فوجدت بعض الدول مثل انجلترا في التوسع خلاصا من مشاكلها (5).
سادسا: كان النمور الكبير في فدات اوروبا التجارية والعسكرية والقدرة على استخدام القوى العسكرية يواكبه تخلف شديد لدى الدول الشرقية ابتداء من الدولة العثمانية حتى الصين. وكانت الفروق الحضارية حتى مطلع القرن الثامن عشر بين الشرق والغرب غير خطيرة، ولكن أصبحت في النصف الثاني منه رغم المحاولات الكبيرة الذي بذلته الدولة الشرقية للنهوض واللحق بركب الحضارة الاوروبية الا أن الدول الكبرى الاوروبية كانت هي القادرة على تقديم أكبر قسط من الحضارة الحديثة الى الدول المتخلفة، ولكن هذه الدول الكبرى نفسها هي التي كانت تسعى الى استعمار هذه الدول المتخلفة، فهذا الاختلاف والفارق الحضاري والدوافع الاقتصادية أسهمت الى حد كبير في اتجاه الدول الكبرى الاوروبية الى الاستعمار والى التنافس الاستعماري، ذلك التنافس الذي كان محصورا في عدد قليل من الدول قبل القرن 19، ولكن في ذلك لاقرن ظهرت دول ذات تطلعات استعمارية ألهبت هذا التنافس الاستعماري (1).
سابعا: كان اتساع أو تعدد أساليب الاستعمار في النصف الثاني من القرن 19 عاملا ملهبا للتصارع بين الدول على اخضاع البلاد الضعيفة، فلم يكن الاستعمار يقتصر على التسلط العسكري أو الاقتصادي على منطقة واقامة البيض فيها وانما تعدد الى (2):
1- ضم بعض المناطق الى الدول الاستعمارية ضما كاملا مثلما حدث في الجزائر التي اعتبرتها فرنسا جزءا من الدولة الفرنسية.
2- مجرد رفع علم الدولة الاستعمارية على أرض شعب متخلف حاصة في أفريقية.
3- مجرد اغراء شيوخ القبائل الأفريقية بتوقيع أوراق تنص على فرض الحماية دون أن يدرك هؤلاء الشيوخ حقيقة مفهوم الحماية مثلما فعل الألماني كارل بيترز مع زعماء القبائل الافريقية في شرق افريقيا ومثل المعاهدات التي عقدها الفرنسيون مع زعماء القبائل الافريقية على الساحل الغيني.
4- استخدام الأساليب الانسانية لتحقيق أهداف وتوسعات استعمارية فقد فرضت بريطانيا استعمارها على زنجبار في شرق أفريقيا باسم مكافحة تجارة الرقيق، واستخدمت فرنسا وبريطانيا النشاط التبشيري في التوسع في آسيا وأفريقيا (1).
5- كانت المكانة التي احرزتها بريطانيا في النصف الأول من القرن 19 قد مكنتها من أن تشن حربا على الصين لتمنعها من انقاذ الصينيين من ادمان الأفيون دون أن تجرؤ دولة على التصدي لها ونظرا لنمو مكانة اوروبا العالمية أصبحت أشد الفظائع ترتكب من أجل فرض الاستعمار في المناطق الاسلامية والهندية والصينية دون أن تتحرك قوة حقيقية لتمنعه.
6- استنزاف القوى البشرية فتجارة الرقيق تجارة مكروهة من المجتمع الاوروبي في القرن 19 ولم تتورع الدول الاستعمارية عن متابعة الاستنزاف باساليب أخرى مثل نقل الفرنسيين لزنوج السنغال الى جزر الأنتيل في النصف الثاني من القرن 19، ومثال استخدام الهنود في الجيش البريطاني بكثرة، وبذلك صدق مؤرخ هندي حين قال أن الدماء الهندية هي التي كونت وحفظت الامبراطورية البريطانية في الشرق الاقصى والى حد ما في الشرق الأوسط.
7- اتخاذ مبدأ نشر الحضارة في الكونغو بواسطة بلجيكا وفي العراق والأناضول بواسطة ألمانيا ومشروعات شق القنوات للملاحة الدولية مثل قناة السويس.
8- استخدام الشركات التجارية والبنوك رأس حربة للاستعمار مثل شركة قناة السويس والشركة الأفريقية الوطنية في نيجريا وشركة أفريقيا الألمانية (2).
ثامنيا: تزايد المعرفة لدى الدول الاستعمارية بالبلاد المستضعفة أو المتخلفة أدى الى زيادة حدة الاستعمار الاوروبي وانطلاقه في مناطق كانت مجهولة من قبل فخلال النصف الأول من القرن 19 كانت المناطق الافرقية والآسيوية هدفا للأمال الاستعمارية واستنفذ الاورويون وقت ليس بالقصير في كشف جغرافية وتاريخ وسكان واقتصاديات هذه المناطق خاصة الأفريقية، وبعد أن استكملت المعلومات الضرورية عن أفريقيا الساحلية والداخلية، وبعد ارتياد المكتشفون والرحالة والتجار الكثير من المناطق الأفريقية، بدأت موجة الاستعمار تشتد وأخذت المناطق الأفريقية تسقط بسرعة مذهلة في النصف الثاني من القرن 19 في قبضة الدول الاوروبية، والى جانب زيادة المعرفة بالبلدان المختلفة، ونمو الدعوات الى تنشيط العمل الاوروبي في افريقيا باسم رسالة الرجل الابيض أو باسم مقاومة تجارة الرقيق التقط رجال السياسة الاوروبية ومجالس الشركات الكبرى الاوروبية هاتين الفكرتين واستخدمتهما بالتعاون مع الدول الاوروبية نفسها ومع دعاة هذين المبدأين في السيطرة على الكثير من البلاد الأفريقية سيطرة استعمارية استغلالية.
تاسعا: كان اكتشاف الماس في كبرلي منذ عام 1867 واكتشاف النحاس في كاتنجا له أثر كبير لافريقيا، فبدأ الاوروبيون يستعيدون الأساطير القديمة عن ثروة وذهب السودان التي ألهبت حماس الشباب الاوروبي كذلك كان انشاء خط حديدي بين نيويورك وسان فرانسيسكو والانتهاء مه عام 1972 ، بعث الأمل في امكانية قهر الطبيعة وتحقيق التقهديم في بناس طرق كبيرة، ومد الخطوط الحديدية ، بالاضافة الى جهود ليوبولد الثاني في الكونغو وكتابات الأدباء والمفكرين لتشجيع الكشف والاستعمار (1) فشهدت القارة في الفترة ما بين 1875 – 1890 تدفق الرحالة عليها في محاولة لتحقيق مشاريع كبرى، وقد كتب بول سولييه عام 1879 عن رحلته الى سيجو قائلا، بأن العصر يشهد غزوا صناعيا وتجاريا أكثر منه غزوا عسكريا. ولكن ليس معنى ذلك بأن كل المشروعات التي عرضت كانت قابلة للتنفيذ فبعضعها كان خياليا ولا يصلح (2) ولكن هذه المشاريع ظهرت احتذاءات بالمثل الأعلى للفرنسيين في ذلك الوقت وهو دي ليسبس (3).
ولكن لا ينبغي بأن نعتبر هذه المشروعات الاستمعارية هي الدافع وراء اهتمام اوروبا بالقارة الافريقية فحسب، وانما اندفعت اوروبا نحو القارة بدافع اظهار الهيبة السياسية ولمصالح صناعية واقتصادية ايضا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أحوال دول اوروبا الداخلية وأثرها على استعمار أفريقيا
أدت أحوال دول اوروبا الداخلية الى خروجها لميدان الاستعمار على النحو التالي:
ألمانيا
ظلت ألمانيا دول مفككة الأوصال حتى تمت وحدتها في الربع الأخير من القرن الاسع عشر، ولذلك ظلت حتى الثمانينيات من هذا القرن لا تملك موضعا في أفريقيا وحتى انعقاد مؤتمر برلين 1884/1885.
ولكن ينبغي ألا نغفل ان البعثات التنصيرية الألمانية عرفت طريقها على القارة في فترة مبكرة قبل انعقاد مؤتمر برلين ، اضف الى ذلك أن التجار الألمان أسسوا منذ عام 1861 شركة للتجارة في ميناء مدينة هامبورج نشاط مماثل (1).
هذا وقد تركز نشاط التجار الألمان سواحل أفريقيا الغربية والشرقية ونشطت معامتلهم التجارية في ساحل زنجبار الذي تضاعفت أهميته التجارية بعد افتتاح قناة السويس (2).
لعب التجار الألمان دورا واضحا في اقناع الحكومة الألمانية بضرورة تكوين المستعمرات الالمانية لكي تقف المانيا موقفا متساويا مع الدول الاوروبية.
في عام 1878 تأسست الجميعة الألمانية للدراسات الأفريقية في برلين وكان لها نشاط كشفي في القارة الأفريقية ولاسيما في زنجبار وفي ساحل شرق افريقيا، وفي عام1 882 تاسست الجمعية الألمانية للاستعمار في فرانكفورت (3).
وجدير بالذكر أن بسمارك مهندس الوحدة الألمانية كان يعارض في البداية أن يكون لبلاده سياسة توسعية في أفريقيا، ولكن سرعان ما تغير الوضع ولاسيما في أعقاب مؤتمر برلين فاندفع الألمان نحو القارة وكان هذا التغير في موقف الحكومة الالمانية بسبب ضغط التجار والراي العام والجمعيات التنصيرية.
فقد أرادوا أن تظهر ألمانيا بمظهر الدولة العظمى التي لا تقل عن جارتها فرنسا، كذلك ساهم الكتاب الألمان في القاء الضوء على الثورة التي جنتها بريطانيا من مستعمراتها، وأمام اصرار الراي العام حذت الحكومة الالمانية حذو الدول الاستعمارية وتالقت الشركات التجارية الألمانية.
على أن ظهور الحركة الاشتراكية في المانيا وظهور عدد من الفلاسفة أمثال كارل ماركس أدى الى تخوف المسئولين الالمان من انتشار هذه الحركة، فرأت الاتجاه لميدان الاستعمار وفتح الباب أمام العمال لحل المشاكل الاقتصادية ولفت أنظار الشعب الى الخارج بدلا من التركيز على المشاكل الداخلية وعلق أحد الكتاب الألمان على هذه الظاهرة بقولة ثبت تاريخيا صحة النظرية القائمة بأن الوحدة في الداخل يتبعها التوسع في الخارج (1).
ولا جدال أن الحكومة الألمانية شعرت بأهمية التوسع الاستعماري من أجل تقدمها الصناعي والمستعمرات الأفريقية كفيلة بامدادها بالمواد الخام اللازمة للصناعة وهي سوق هام لتصريف المنتجات وقد أوضح هذه الحقيقة الرحالة والمكتشفون الذين نشروا نتائج رحلاتهم ولذلك رغم معارضة بسمارك لسياسة التوسع الاستعماري الا أنه اضطر أمام ضغط الراي العام الالماني الى العدول عنها.
بلجيكا
أراد الملك ليوبولد الثاني أن يكون لبلاده نشاط استعماري وقد اعتلى الحكم وهو في الثلاثين من عمره، وعرف عنه حبه للرحلات واهتمامه بالجغرافية وأراد تخليد ذكراه ورفع شأن بلاده، وذلك لأنها لا تملك قوات عسكرية قوية أضف الى ذلك أنها كانت فقيرة وكان من الصعب توسيع حدود بلاده في اوروبا، فاتجه نظره في البداية إلى آسيا ثم استقر في أفريقيا وركز جهوده في الكونغو باعتباره الميدان الذي يحقق فيه أحلامه (2).
إيطاليا
نزلت ايطاليا ميدان الاستعمار متأخرة نظرا لتأخر الوحدة الايطالية، ولكن كان لايطاليا علاقاتها القديمة مع القارة الأفريقية منذ عهد الامبراطورية الرومانية، ولذلك حرصت بعد استكمال وحدتها على الانطلاق والتوسع في أفريقيا لتعويض ما فاتها من احتلال فرنسا لتونس كما أرادت نشر نفوذها السياسي في سواحل البحرين الأحمر والبحر الأبيض (1).
إنجلترة
لا يمكن أن نغفل دور الكتاب، والمفكرين ، في انجلترا على حث تحقيق أمجاد لبلاده، عن طريق المزيد من المستعمرات ، ورأوا ضرورة سيطرة بريطانيا على البحار، كما يرجع الفضل الى دزرائيلي في التركيز على ضرورة وجود مستعمرات بريطانية كدليل على قوتها وكرامتها وهيبتها بين الدول (2) واعتبر الجنس الأنجلزساكسوني لابد أن يأخذ مكان في التقدم فهو قائد الحضارة الاوروبية.
كما أن انجلترا لا يمكن أن تقبل تزايد نفوذ أي دولة في أفريقيا وأرادت دائما أن يبقى ميزان القوى متساويا، فاذا ازداد نشاط فرنسا، أو ألمانيا في افريقيا فانها هي الأخرى تعمل على زيادة نشاطها حتى يستقيم الميزان To Redress the balance (3).
كما دعا المفكرون الى أن انجلترا لها واجب انساني تجاه الشعوب المتخلفة وعلهيا ارسال البعثان لحمل الحضارة ونشر الدين المسيحي، وبلغ غرور بعض الكتاب الانجليز بأن رأوا بأن انجتلرا أعظم دول العالم وهي مهيئة بحكم طبيعتها لحكم غيرها من الشعوب والسيطرة عليهم، وهي تعرف كيف تحتفظ بالشعوب الخاضعة لها دون قوة أو عنف، وقد بلغت عدد الأراضي التي أضيفت الى الامبراطورية البريطانية فيما بين 1884 -1900 حوالي نصف مليون ميل مربع، وكان رواد التوسع كل من تشمبرلين وروزبري ورودوس (4)ز
فرنسا
استطاعت فرنسا خلال تاريخها الاستعماري أن تكون امبراطوريتين الأولى في القرن السابع عشر وكان ميدانها العالم الجديد والهند وجزر المحيط الهندي (موريشيوس بوربون) وقد تقوضت أركان هذ الامبراطورية بعد هزيمة فرنسا في حرب السنوات السبع.
أما الامبراطورية الثانية فقد بدأت باحتلال الجزائر عام 1830 التي ظلت محط أنظار الفرنسيين ولاسيما بعد أن منع مبدأ مونرو الدول الاوروبية من التوسع في العالم الجديد في عام 1810 وبذلك امتنعت فرنسا عن آية محاولة للتوسع في امريكا، والتمست التوسع في القارة الافريقية (1)، وقررت حكومة شارل العاشر انشاء مستعمرة في شمال أفريقيا حيث يستطيع الأسطول الفرنسي أن يجد بعض القواعد على الساحل الأفريقي المقابل، تكفل له حرية التنقل في البحر المتوسط كما كان الغرض من ذلك أيضا لفت أنظار الفرنسيين الى خارج بلادهم، بدلا من التركيز على مشاكلهم الداخلية، فصرح رئيس الوزراء الفرنسي وليناك في مجلس الوزراء بأن الحملة على الجزائر ستجعل أنظار الشعب الفرنسي متجهة الى الخارج وأن النصر الخارجي سيساعد على تقوية الملكية (2).
يعتبر استيلاء فرنسا على الجزائر عام 1930 أول فتح لأفريقيا في العصر الحديث وكانت السبب المباشر لذلك أنه بعد الحروب النابولونية مرت فرنسا بفترة من الضعف، كادت فيها أن تفقد هيبتها الدولية وكان الشعب الفرنسي في حالة قلق داخلي، فاحتلت الحكومة الفرنسية الجزائر لتحويل نظر الشعب الى الناحية الخارجية ولاظهار مقدرتها على الخروج من ضعفها وأنها اصبحت من جديد قادرة على أن تسلك سلوكا امبراطوريا (3).
وقد حاولت الحكومة الفرنسية تبرير استعمارها باتخاذ شعار نقل الحضارة الى الشعوب الأخرى وكانت كل الحضارة في نظرهم هو تحويل السكان الى الديانة المسيحية ونشر الثقافة الفرنسية (1) واعتبر الفرنسيون بأن لهم واجبا حضاريات عليهم الالتزام به ولم يقبل الفرنسيون أنفسهم هذا التبرير وادركوا أنه كان لتضليل ولالباس الاستعمار ثوبا جديدا (2).
وفي عهد الامبراطورية الثانية اتخذ نابليون الثالث سياسة استعمارية فقد اعتمدت حكومته على أنصار التوسع والاستعمار وعلى الأحزاب الدينية، واستمرت تلك السياسة حتى هزيمة فرنسا في الحرب السبعينية، ويمكننا القول أنه في هذه الفترة الممتدة من 1851 حتى 1870 تم وضع القواعد الاساسية للتوسع والاستعمار في افريقيا وآسيا.
ثم اضطربت أحوال فرنسا السياسية بعد الحرب السبعينية فطمعت القوى السياسية المختلفة في السلطة والنفوذ واعتقد كل فريق بأنه أحق واصلح من غيره في ادارة شئون البلاد (3) وعندما وصلت الى باريس أنباء تسليم سيدان ووقوع الامبراطور الثالث أسيرا في يد الالمان أعلن على الفور فريق من الجمهوريين اقامة جمهورية في 4 سبتمبر 1870 وتاليف حكومة مؤقتة لاستئناف القتال ولكن لم تلبث المقاومة الفرنسية أن انهارت واضطرت باريس الى التسليم للجيش الألماني ووضعت الحرب أوزارها (4).
وفي عام 1875 وضع دستور الجمهورية الثالثة وتم انتخاب جول جريفي Jules Grevy رئيس للجمهورية عام 1879 (5).
ويعتبر عصر الجمهورية الثالثة من أزهى عصور فرنسا الاستعمارية فبعد توقف التوسع اثر هزيمة 1871 عادت فرنسا عام 1879 الى السياسية الاستعمارية مع قوة تزيدها الرغبة في التعويض عن فقدان الالزاس واللورين وكان روح هذه السياسة الاستعمارية جول فري Jules Ferry (1).
وقد اختلفت الآراء في كيفية تعويض فرنسا عن فقدان الإلزاس واللورين فرأى كاليمنصو Clemenceau بأن خير وسيلة لمحو هذا العار هو الانتقام من ألمانيا، أما فري فرأى بأن التوسع الاستعماري مفيد للأمة الفرنسية من الناحيتين النفسية والمعنوية وسوف يعيد لها هيبتها المفقودة وقد وجدت آراؤه قبولا من الساسة الفرنسيين (2) وذلك لأن الإلزاس واللورين كانت مشكلة كبيرة بالنسبة للشعب الفرنسي ، وكان مفكروا فرنسا، وقادتها، يبحثون عن كل وسيلة لاستردادهما، ولكن كان عجز الحكومة الفرنسية خلال السبعينات والثمانينات من القرن التاسع عشر عن تحديد زمن معين لتحقيق هذا الهدف القومي، قد آثار بلبلة في نفس الشعب واضطرابا في تفكيره السياسي، وشعر الشعب الفرنسي بحالة من الضياع السياسي، لدرجة أنه ظهرت آراء نادت ان استرداد الإلزاس واللورين أهم في المرتبة الأولى من المحافظة على الامبراطورية الفرنسية الواسعة. ورأوا بأن توزيع الجيوش الفرنسية على المستعمرات الفرنسية في الشمال الأفريقي يقضي على أمل فرنسا في استرداد الاقليمين، وأنه من الأجدى لفرنسا أن توقف نمو امبراطورياتها وتركز جيوشها ضد ألمانيا (3).
وفي نفس الوقت ظهرت آراء أخرى نادت بأن المجال المناسب لتعويض فرنسا عن الإلزاس واللورين هو التوسع الاستعماري في أفريقيا، وذلك لصرف نظر الشعب الفرنسي عن القارة الاوروبية، وعن الانتقام وشجعت ألمانيا هذا الاتجاه وذلك لكي تشعل العداوة بين فرنسا وانجلترا وذلك لصالحها ولكي تصرف الشعب الفرنسي عن التفكير المستمر في الثأر (4).
ورأى جامبتا Gambeta ضرورة أن تقوم فرنسا بتعويض كارثة الراين عن طريق تكوين مستعمرة كبيرة في أفريقيا، واصبح التوسع الفرنسي في غرب أفريقيا من أهم أهداف السياسة الفرنسية (1). ولذلك ان الاستعمار أمرا حيويا بعد هزيمة الإلزاس، وأرادت الحكومة الفرنسية فتح مناطق جديدة ونشر الثقافة الفرنسية والحضارة، فقد كلفت هذه الحرب فرنسا الكثير من الأموال والرجال كما حطمت طموح فرنسا في السيادة على اوروبا (2).
وجاء تعيين جول فري في الوزالارة بمثابة مرحلة جديدة في السياسة الاستعمارية الفرنسية، وقد عبر فري في رأيه عن توسع فرنسا في أفريقيا بقوله :"لسنا فلاسفة وانما رجال عمل نريد لمستعمراتنا التوسع والقوة ولذلك يجب علينا التصرف عمليا وفعليا " (3).
واذا كانت فرنسا قد وضعت يدها على تونس في عام 1881 الا أن هذا العمل كان المقصود به هو اظهار سيطرتها على البحر المتوسط وهيبتها (4) في غرب هذا البحر. ولكن احتلال انجلترا لمصر عام 1882 أخل بموازيين القوى في شرق هذا البحر فثارت فرنسا ثورة كبيرة (5)، وصممت على ضرورة اتخاذ سياسة توسعية في القارة الافريقية ولاسيما وأنها شعرت بالتهديدات الايطالية بسبب استيلائها على تونس كذلك ينبغي الا نغفل أن هزيمة فرنسا في الشرق الأقصى وتقهقر الحملة الفرنسية من لانج سون قد أطاح بوزارة فري الثانية، ولذلك اصبحت أفريقيا هي المجال المناسب للنشاط الاستعماري الفرنسي بها (6).
ورغم هذا التطور في السياسة الفرنسية الا أن التوسع العسكري الفرنسي لم يتم بصورته الكبيرة في افريقيا الا بعد انعقاد مؤتمر برلين 1884/1885.
البعثات الكشفية لأنهار أفريقيا واثرها على الاستعمار
بدأت مرحلة الكشوف العظمى لأفريقيا بانشاء الجمعية الجغرافية في لندن 1788 ، فبدأت البعثات الكشفية داخل القارة الأفريقية لاكتشاف أنهارها مما ساعد على توغل الدول الاوروبية داخل القارة وسوف نجمل الحديث هنا عن أهم الأنهار الأفريقية:
نهر النيل
يرجع الفضل على جيمس بروس الاسكتلندي James Bruce في حل كثير من الغموض الذي أحاط بنهر النيل، هذا وقد قام بروس بعدة جولات في اوروبا، ومنها سافر الى سورية ومنها الى الاسكندرية، فوصلها في عام 1768 ثم اتجه الى القاهرة وتوغل في مدن مصر الجنوبية وقنا والصعيد، والقصير في 1789، كذلك طاف بمدن البحر الأحمر الى جدة ومنها حصل على خطابات توصية من شريف مكة للتوجه الى الحبشة واتجه بروس الى شرق أفريقيا واتصل بحكام الحبشة، ويعتبر بروس من أهم الشخصيات التي لفتت الأنظار الى الحبشة، وقد تضمنت ملاحظاته عنها معلومات هائلة في الجغرافيا والتارخي والاثنوجرافية والعلوم، هذا وقد زار أكسوم وجوندار وقدم مؤلفاته الى جورج الثالث ملك انجلترا (1).
وجدير بالذكر أن معرفة بروس بالطب أدت الى تقربه من حاكم الحبشة الذي أنعم عليه باحدى القرى وجعله رئيسا للخيالة وحاكما لاحدى المقاطعات وأعطاه حرية التجول في انحاء البلاد، وقد نشر بروس رحلته في ستة مجلدات مدعمة بالخرائط وأعطى وصفا كاملا لبحيرة تانا والجزر المنتشرة بها (2).
هذا وقد ظلت منابع النيل غير معروفة حتى تعاقب المكتشفون على المنطقة حتى تم التأكد بأنها المنبع الأساسي لنهر النيل وكان من أبرز هؤلاء سبيك وبرتون (3).
ثم أرسلت الجمعية الجغرافية البريطانية سبيك في رحلة ثانية في عام 1860 وبصحبته الكابتن جيمس جرانت فوصلا زنجبار عام 1861 ومنها الى تابورة وكان الغرض الرئيسي من الرحلة هو التحقق من أن النيل يخرج حقيقة من بحيرة فيكتوريا، وحققت الرحلة هدفها، وفي عام 1862 اتجها مع النهر حتى وصلا غندكور حيث التقيا بالسير صمويل بيكر الذي وفد من الخرطوم لمساعدتهما.
هذا وقد واصل بيكر جهود من سبقوه ونجح في عام 1864 في اكتشاف بحيرة البرت وشلالات مرشيزون، ثم كان له جولة أخرى في منابع النيل الاستوائيلة عام 1869 لاخضاع الاقاليم الواقعة جنوب غندكور للادارة المصرية (1).
تتابعت الرحلات الكشفية لكشف غموض روافد النيل والاقاليم التي يجري فيها ومنها رحلة الألماني جورج شواينفورث الذي تجول في اقليم بحر الغزال وقدم وصفا عنه خلال 1869، 1871 (2)، وعن تقسيم المياه بين النيل والكونغو فالقى الضوء عليها كما اكتشف وجود الأقزام لأول مرة (3)ز
اذا تحدثنا عن الجهود الكشفية لنهر النيل لا نستطيع ألا نذكر دور البكباشي سليم قبطان الذي اوفده محمد علي لكشف منابع النيل فقام بثلاث رحلات الأولى توغل في نهر السوباط وجمع البيانات عن النيل الابيض ، وفي رحلته الثانية في عام 1840 وصل الى غندكور، ولم ينجح في متابعة الحرلة لانخفاض مياه النيل. أما الرحلة الثالثة فقد كان الغرض منها متابعة الجهود السابقة ووصل حتى خط عرض 4:42 شمال خط الاستواء، ولعل أهم النتائج الجغرافية التي أسفرت عنها هذه البعثان هي دراسة جغرافية النيل الابيض ورسم خريطة توضح مجراه والمناطق المحيطة به (4).
اثارت هذه المعلومات الهيئات التجارية والعملية وحفزتها لاكتشاف الاقاليم التي يمر بها نهر النيل، ومهدت رحلة سليم البكباش لمزيد من الحملات الكشفية، رغم أنه لم يصل الى منابع النيل الاستوائية ، أما أهمية رحلاته فقد أثبتت أن النيل الابيض هو النيل الاساسي وأن هناك مجرى طويل آت من الجنوب وأن النيل الأزرق الذي اكتشفه بروس يلتقي بالنيل الأبيض بعد خروجه من بحيرة تانا.
ثم أكمل جون بتريك John Patherick جهود سليمان قبطان ولاسيما بعد أن دخل في خدمة محمد علي ثم قام بعدة رحلات خلال 1853 و1854 في غرب السودان، ووصل الى منطقة بحر الغزال ووضع مؤلفا باسم مصر والسودان ووسط أفريقيا.
هذا وقد أدى كشف ربيمان وكراف الالمانيان لجبل كليمنجارو في كينيا الى تزويد اوروبا بمعلومات عن البحيرات الكبرى في المنطقة. كما أشعل حماس المستكشفين الآخرين (1).
ويعزى الفضل الى سبيلك وهو ضابط بريطاني في الوصول الى الشاطئ الجنوبي للبحيرة التي أطلق عليها فكيتوريا نيانزا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نهر الزمبيزي
يعد نهر الزمبيزي رابع أنهار أفريقيا طولا، ويرتبط كشف هذا النهر باسم الرحالة لفنجستون David Livingstone الذي فتح هذه المناطق أمام البعثات التنصيرية، فعلى الرغم من ذيوع شهرته كمكتشف للقارة الافريقية، وقد أمد الاوروبيين بمعلومات جغرافية واثنوجرافية وطبية الا أنه ظل متعصبا للتنصير حتى آخر يوم في حياته (2).
ولفنجستون اسكتلندي الأصل انضم الى جمعية لندن التنصيرية عام 1838 وعمل في جامعة جلاسجوـ، وتدرب على أعمال الزراعة والصناعة والتجارة ليقوم بنشاطه التنصيرية ، ولكنه ترجاع وفضل العمل في أفريقيا. وذلك بسبب اضطراب أحوال الصين بسبب حرب الافيون (1).
وترجع أهمية وخطورة اكتشافات لفنجستون أنه فتح الباب أمام البعثات التنصيري البريطانية ، فبعد أن كان مركز التنصير الرئيسي في كورومان في جنوب أفريقيا، أصبح هناك العديد من المراكز في داخل القارة، فقد توغل لفنجستون في مناطق لم يصل اليها اوروبي من قبل، وقد ساعده في عمله الكشفي والتنصيري اتصاله بالمنصر البريطاني الدكتور روبرت موفات الذي عمل في جنوب أفريقيا وتزوج من ابنته وتوثقت الصلات بينهما بدرجة كبيرة، قام لفنجستون بثلاث رحلات الى أفريقيا، بدأت الأولى 1841 – 1859 واتخذ من كورومان مركز للانطلاق والتوغل داخل القارة، ثم عبر صحراء كلهاري ونجح في الوصول الى أراضي الباروتسي (في روديسيا الشمالية) وتتبع مجرى نهر الزمبيزي حتى مصبه مكتشفا المساقط المائية التي تعترض مجرى النهر وأطلق عليها شلالات فيكتوريا نسبة الى ملكة بريطانيا (2).
أما الرحلة الثانية 1858 0 1864 فقد استأنفت فيها اكتشاف مجرى نهر الزمبيزي ووصل الى نهر شيريه أحد فروعه ثم وصل الى بحيرة نياسا.
أما رحلته الثالثة 1866 – 1873 تلك الرحلة التي كلفته بها الجمعية الجغرافية الملكية في لندن فقد كان الهدف منها فض لغز شبكة الأنهار في وسط أفريقيا والتأكد من الأنهار والبحيرات فيها وتأكيد اكتشافات غيره من المكتشفين.
نهر النيجر
يعتبر نهر النيجر ثالث أنهار أفريقيا بعد النيل والكونغو وهو يمتد في غرب أفريقيا على شكل قوس يتجه من الجنوب الغربي حتى الشمال الشرقي، وينتهي عند المصب بدلتا كثيرة الفروع، ويتصل به عند مسافة غير قصيرة من المصب نهر بنوي، وقد أطلق المستعمرون الأوائل على مجموعة الأنهار المتصلة اسم أنهار الزيت Oil rivers لأن هذه المنطقة اشتهرت بانتاج أجود أنواع الزيوت.
ينبع النيجر من المنحدرات الداخلية فولتا جارون ويتكون عند بدايته في جنوب باماكو من عدد من المجاري التي تنتشر في مساحات واسعة من الأرض مكونة ما يسمى الدلتا الداخلية للنيجر حيث تتحول هذه الدلتا الى بحيرة عظيمة في موسم الفيضان، ويسير النهر بعد ذلك على هذه الصورة حتى يصل الى تمبكتو وبعدها تتحدد مجاريه ويصنع ثنية عظيمة يتجه بعدها نحو الجنوب ليصب في المحيط الأطلنطي (1).
وتمثل منطقة ثنية النيجر جزءا مهما في أفريقيا الغربية الفرنسية A.O.F.، فقد تقاسم هذه المنطقة كل من ساحل العاج، وغينيا الفرنسية، وداهومي، كما يعتبر نهر النيجر الذي يبلغ طوله أربعة ىلاف كيلو مترا شريانا مهما من شرايين الحياة والعمران والمواصلات في السودان الغربي ولا يفصله عن الأنهار الأخرى كالسنغال أو نهر شاري مرتفعات كبيرة مما سهل على الفرنسيين التوغل في المنطقة (2).
وقد تضاربت الاقوال بخصوص منابع نهر النيجر واتجاهه (3) وخلط الرحالة بين النيجر والسنغال وأخطأ البعض منهم في تحديد مساراه ففي القرن السادس عشر قام الحسن بن الوزان الزياتي (4) برحلة من فاس عبر الصحراء الى سجلماسة وتغازة حتى وصل تمبكتو وجنى ومالي، وأكد بأن النهر يسير نحو الغرب، وظلت مشكلة النيجر وتحديد اتجاهه قائمة حتى القرن الثامن عشر، فقد اهتمت الجمعية الجغرافية البريطانية باستجلاء حقيقة هذا النهر وكانت شركة أفريقيا الغربية قد اتخذت لها بعض المراكز قرب غينيا على الساحل الغربي لأفريقيا ولذا فقد اتجهت الأنظار لاتخاذ هذه المنطقة كنقطة انطلاق نحو الداخل (1).
ومنذ أواخر القرن الثامن عشر (2) بدأت محاولات الوصول الى النيجر واستمرت هذه المحاولات حتى أوائل القرن التاسع عشر (3).
ففي عام 1827 وصل ملاح فرنسي يدعى رنيه كاييه الى تمبكتور قادما من غينيا الفرنسية ، ونجح كاييه في اختراق الصحراء والوصول الى مراكش فحققت رحلته بذلك نصرا للجمعية الجغرافية الفرنسية الناشئة (4).
وجدير بالذكر أنه على الرغم من اكتشاف مصب نهر النيجر والتأكد من اتجاهه، إلا أن محاولات الكشف لم تنته، وذلك للتعرف على المناطق التي يمر بها وعلى جماعات السكان المقيمة حوله. ففي عام 1854 قاد ليرد بتكليف من القنصل البريطاني بيكروفت بمحاولة لاكتشاف منطقة النيجر الأولى وارادا ليرد التأكد من أن نهر بنوي هو أقوى فروع النيجر وأنه صالح للملاحة والتجارة وطريق هام للمناطق الداخلية (5).
وقد اصطحب معه كل من بيكي وكروثر ووضع ليرد تقريرا مفصلا عن منطقة دلتا النيجر، وأكد بأنها تعتبر من أهم المناطق التجارية بالنسبة للاوروبيي، ثم ما لبث ليرد ان تعرض لهجوم من قبل الوطنيين فطلب من حكومته ارسال حملة أخرى استكمالا لجهوده، فارسلت الحكومة البريطانية بيكي – وهو طبيب في البحرية البريطانية نجح في الوصول الى نهر بنوي، فوصل الى لوكوجا ، وبوسا، وأخذ يعمل على تدعيم النفوذ البريطاني في النيجر الأدنى (1).
وفي الوقت الذي اهتم فيه البريطانيون بتدعيم سيطرتهم في النيجر الأدنى لم يهملوا الكشف عن نهر النيجر من جهة الشمال، فارسلوا اربعة من المستكشفين في الجهات الشمالية منه، ولكنهم تعرضوا لهجوم من بعض القبائل. وفي الفترة ما بين 1852 -1854 استطاع هنريك بارث اكتشاف المناطق الداخلية من النيجر فوصل الا بلاد الهوسا وبنوي وتمبكتو (2)، وقد تنكر بارث في زي تاجر عربي، وتجول في سودان النيجر لمدة خمس سنوات زار خلالها المناطق الواقعة بين باجرمي وتمبكتو ، وقدم معلومات قيمة عن المدن التي شاهدها وثروات المنطقة الطبيعية وأثبت هذه المعلومات في خريطة رائعة (3)ز
تابعت انجلترا جهودها لاكتشاف المناطق المحيطة بالنيجر فارسلت عام 1857 بعثة للاتصال بالممالك الاسلامية الواقعة شمال سوكوتو فقد أرادت تدعيم علاقتها بها تمهيدا للسيطرة عليها (4)ز
نهر الكونغو
يرجع الفضل في اكتشاف نهر الكونغو إلى ستانلي، وهو من رحالة أيرلندة، عمل صحفيا لحساب صحيفة النيويورك هرالد الأمريكية، بدأ رحلته عام 1874 وكان قد ذاع صيته بسبب الرحلة التي قام بها 1869 للبحث عن لفنجستون، وقد كان الهدف من رحلته الطواف حول بحيرة فكتوريا، وتنجانيقا والوصول الى نهر اللوالابا، وفي أغسطس 1876 عبر ستانلي بحيرة تنجانيقا ووصل الى بلدة نيانجوى، ثم تقدم ستانلي حتى وصل الى المنطقة التي عرفت بشلالات ستانلي في يناير 1877 وفي يوليو 1877 وصل قرب مصب نهر الكونغو عند مدينة بوما.
أثبتت رحلة ستانلي أن نهر اللوالابا متصل بالكونغو وأنه يجري عبر أفريقيا الى المحيط الأطلنطي.
ثم أرسلت فرنسا دي برازا في عدة رحلات الى نهر الكونغو 1874-1879 فاكتشف نهر أوجويه ووصل الى منابعه وأخيرا الى مدينة فرانس فيل.
أما روافد الكونغو الرئيسية والأنهار المجاورة فقد تم كشفها في السنوات الأخيرة من القرن 19 فقد اكتشف كاري كنجزلي نهر أوجوى الذي اصبح ضمن أفريقيا الإستوائية الفرنسية، ثم جاء برازا في عام 1880 واخترق وادي اوجوى الى الكونغو، أما نهر كاساي فقد حدده فيسمان الذي بدأ رحلته من لوندا الى كساي ثم نيانجوى على الكونغو ومنها الى ساحل شرق افريقيا.
قائمة المستكشفين
القرن 15
- Diogo Cão
- Diogo de Azambuja
- Bartolomeu Dias
- Pêro de Alenquer
- João Infante
- João Grego
- Álvaro Martins
- Pêro Dias
- Gil Eanes
- Nuno Tristão
- Antão Gonçalves
- Dinis Dias
- Álvaro Fernandes
- Pêro de Sintra
- Fernão do Pó
- Alvise Cadamosto (Venetian)
- António de Noli (Genoese)
- Diogo Gomes
- Álvaro Caminha
- João de Santarém
- Pedro Escobar
- Duarte Pacheco Pereira
- Diogo Dias (and Indian Ocean, discovered Madagascar)
- Lopes Gonçalves (and Atlantic Ocean)
- Vasco da Gama (and discovered sea route to India)
- Paulo Dias de Novais
الحديث المبكر
- Pêro da Covilhã (15th/16th century diplomat and explorer in Ethiopia)
- Pedro Álvares Cabral (discovered Brazil, explored India along the African coast)
- António Fernandes (he travalled to Monomotapa and beyond, exploring most of the present day Zimbabwe and possibly northeastern South Africa)[1]
- Sancho de Tovar and Vicente Pegado among others (also among the first Europeans ever to contemplate and to describe the ruins of Great Zimbabwe, then referred to by the Portuguese as Monomotapa).
- Lourenço Marques (trader and explorer in East Africa)
- Francisco Álvares (missionary and explorer in Ethiopia)
- Gonçalo da Silveira (jesuit missionary, travalled up the Zambezi River to the capital of the Monomotapa which appears to have been the N'Pande kraal, close by the M'Zingesi River, a southern tributary of the Zambezi)
- Francisco de Lacerda (explorer in Zambia)
القرن 19
- Heinrich Barth
- Pierre Savorgnan de Brazza
- Johann Ludwig Burckhardt
- Frederick Russell Burnham (1861-1947), an American explorer of south, west, central, and east Africa.
- Richard Francis Burton (1821–1890) (African Great Lakes)
- René Caillié
- Hermenegildo Capelo
- Roberto Ivens
- Candido José da Costa Cardoso (visited Lake Malawi [also known as Lake Nyasa or Lake Niassa] in 1846)
- Paul Du Chaillu
- Hugh Clapperton (1788–1827), explored west and central Africa
- Victor de Compiègne
- Dixon Denham (1786–1828), explored west central Africa.
- James Frederic Elton (1840–1877)
- Emil Holub
- Ignatius Knoblecher (1819–1858), explored the White Nile basin
- Alexander Gordon Laing (1793–1826)
- Richard Lemon Lander (1804–1834)
- Oskar Lenz (1848–1925), expeditions in 1879-80 (trans-Sahara) and 1885-87 (Congo)
- David Livingstone (1813–1873)
- Frederick Lugard (1858–1945)
- Serpa Pinto (soldier and colonizer of Africa)
- António da Silva Porto
- Arthur Henry Neumann (1850-1907)
- Mungo Park (explorer) (1771–1806)
- Georg Schweinfurth
- Frederick Courtney Selous (1851-1917)
- Henry Morton Stanley (1841–1904)
- John Hanning Speke (1827–1864) (discovered the source of the Nile)
- James Kingston Tuckey (1776–1816)
بداية القرن العشرين
انظر أيضاً
الهامش
ببليوگرافيا
- Michael Crowder, The Story of Nigeria, Faber and Faber, London, 1978 (1962)
- Basil Davidson, The African Past, Penguin Books, Harmondsworth, 1966 (1964)
- Donald Harden, The Phoenicians, Penguin, Harmondsworth, 1971 (1962)
- Herodotus, transl. Aubrey de Selincourt, Penguin, Harmondsworth, 1968 (1954)
- Historia Universal Siglo XXI. Africa: desde la prehistoria hasta los años sesenta. Pierre Bertaux, 1972. Siglo XXI Editores S.A. ISBN 84-323-0069-1
- Vincent B. Khapoya, The African Experience, Prentice Hall, Upper Saddle River, New Jersey, 1998 (1994)
- Louise Levanthes, When China Ruled the Seas, Oxford University Press, New York and Oxford, 1994
- Kevin Shillington, History of Africa, St Martin's Press, New York, 1995 (1989)