اتفاق كوينسي
اتفاق كوينسي (إنگليزية: Quincy Pact)، تم التوصل إليه في 14 فبراير 1945 وذلك على متن طراد يو أس أس كوينسي (CA-71)، وذلك بين الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت العائد من مؤتمر يالطا. كان من المقرر أن يدوم هذا الاتفاق 60 سنة، وتم تجديد محتوى اتفاقياته لنفس المدة في 2005 من قبل الرئيس جورج دبليو بوش. أهم ما جاء في هذا الاتفاق هو توفير الولايات المتحدة الحماية اللا مشروطة لعائلة آل سعود الحاكمة، مقابل ضمان السعودية لإمدادات الطاقة التي تستحقها الولايات المتحدة.[1][2][3]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خلفية
في وقت مبكر من عام 1945، ودون علم البريطانيين، اقترح الرئيس الأمريكي على الملك عبد العزيز آل سعود بمقابلته، وذلك إلى جانب إمبراطور إثيوبيا هيلا سيلاسي وملك مصر فاروق الأول.
تناقش روزفلت والملك عبد العزيز حول الاستيطان اليهودي في فلسطين. روزفلت في محاولة منه للحصول على دعم الملك لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، واجه رفضا لهذه الفكرة من مخاطبه. ثم ناقشا بعد ذلك موضوع مستقبل العائلة المالكة السعودية والنفط العربي. إنتهيا إلى اتفاق يضمن للحكم الملكي السعودي حماية عسكرية مقابل الحصول على النفط.
يرتكز اتفاق كوينسي على أربعة نقاط:
- استقرار المملكة العربية السعودية هو جزء من المصالح الحيوية للولايات المتحدة التي تقدم كذلك الحماية الغير مشروطة لعائلة آل سعود، وأقل منها للمملكة بصفة عامة ضد أي تهديد خارجي.
- بالتالي استقرار شبه الجزيرة العربية وإعطاء القيادة الإقليمية للمملكة العربية السعودية ودورها الهام في المنطقة هم أيضا جزء من المصالح الحيوية للولايات المتحدة.
- في المقابل، تضمن المملكة الجزء الأكبر من إمدادات الطاقة للولايات المتحدة، دون أن تعطي حق الملكية لأي جزء من الأراضي السعودية، والشركات المتعاملة تقوم فقط بكراء الأراضي التي تعمل فيها. شركة أرامكو السعودية تتمتع باحتكار جميع حقول النفط في المملكة لمدة لا تقل عن 60 سنة.
- بقية النقاط هي حول التعاون الاقتصادي والتجاري والمالي بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، وبشأن عدم التدخل الامريكي في شؤون السياسة الداخلية السعودية.
في سبتمبر 1943 دعي لزيارة واشنطن ولدان من أبناء عبد العزيز الأميران فيصل وخالد اللذان أصبحا فيما بعد ملكين للبلاد. وفي واشنطن قوبلا بترحيب كبير وأقام نائب الرئيس هاري ترومان Vice President Harry Truman مأدبة عشاء لهما في البيت الأبيض. ومكثا في بلير هاوس Blair House مكان الإستضافة الرسمي للحكومة. وجهز لهما قطارا خاصا أقلهما في رحلة لرؤية الساحل الغربي بالولايات المتحدة. وعند عودتهما إلى المملكة، قدما تقريرهما لأبيهما عما لقياه من حفاوة. وأبلغاه عما سمعاه من أن الرئيس روزفلت يهوى جمع الطوابع مما أعطى الملك منفذا للتقرب الشخصي من الرئيس مباشرة. فأرسل إليه مجموعة من الطوابع السعودية التي هي نادرة في الغرب. في 10 فبراير 1944 أرسل الرئيس روزفلت إلى الملك رسالة يشكره فيها على الطوابع. وعبر عن أسفه لعدم تمكنه من لقائه خلال رحلته للقاهرة وطهران. تلك الرحلة التي طار فيها روزفلت عبر الأجواء السعودية ورآها من الجو. وقد طرح في خطابه فكرة إحضار وسائل للري والزراعة لهذا الأقليم الصحراوي. وعبر عن أمله في ملاقاة الملك عبد العزيز في رحلة أخرى قادمة في المستقبل. واعتبر الملك أن كلمات الرئيس تحمل تعهدا منه بزيارته وبدا يسأل موس عن توقعاته لوصول الرئيس. وجاءت رحلة الرئيس إلى يالطا بمثابة فرصة سانحة لموس لعقد هذا اللقاء. وعلى الفور أمسك موس بهذا الخيط وعاد يطالب واشنطن بإقناع الرئيس لمقابلة الملك أثناء رحلته إلى يالطا. يقول آرشي روزفلت Archie Roosevelt إبن عم الرئيس في مذكراته أن موس لم يترك أحدا في الدولة لم يكلمه عن رحلة الرئيس. كان موس لحوحا في هذا الشأن. وعندما لم تتجاوب معه وسائل الإتصال الدبلوماسية الرسمية أستخدم الأسلوب الشخصي. فأرسل مذكرة للبيت الأبيض مع شخص ما. وما أن وصلت الرسالة للرئيس المهتم أصلا بالمملكة العربية السعودية. أبدى موافقته على الفور. ولم يكن بحاجة إلى الكثير من الإقناع.[4]
الاستعدادات
في 3 فبراير 1945 أرسل مساعد وزير الخارجية الأمريكية جوزيف جرو Joseph C. Grew برقية للكولونيل إيدي وممثلي الولايات المتحدة في القاهرة وأديس أبابا بشأن عمل الترتيب للقاءات تتم في الإسماعيلية على ظهر سفينة رجل الحرب الأمريكي بين الرئيس وبين الزعماء الثلاثة. وحدد موعد اللقاء العاشر من فبراير أي بعد نحو أسبوع من إرسال البرقية. لكن هذه الترتيبات لم تكن لتتم في موعدها بسبب التعقيدات التي نشأت نتيجة الحاجة للتكتم والسرية حول خط سير رحلة الرئيس. وكان مقررا للرئيس أن يسافر إلى المتوسط على ظهر السفينة كوينسي. ثم يطير من مالطة إلى القرم للقاء التاريخي مع ونستون تشرشل ويوسف ستالين. ثم يعود على ظهر السفينة كوينسي إلى المياه المصرية للقاء بالملك فاروق ثم هيلاسيلاسي ثم الملك عبد العزيز.
كان من بين هذه الترتيبات أن تقوم المدمرة البحرية سكوادرون-17 Destroyer Squadron 17 بمهمة حماية السفينة كوينسي ومرافقتها. وكان هذا هو الجزء الأسهل من الترتيبات. لكن الأصعب. كانت تتمثل في الإجراءات والترتيبات التي سيتم بها نقل الملك عبد العزيز وحاشيته.
شهود العيان يحكون الطريقة التي تم بها هذا الإنجاز الرائع للدبلوماسية الفذة والطريقة التي تمت بها عملية التكيف الثقافي شهود ثلاثة لهذا الحدث الهام. أولهم الكولونيل إيدي، وقد كتبه في شكل روائي في كتاب نشره في عام 1954 تحت عنوان: "فرانكلن روزفلت يقابل إبن سعود F. D. R. Meets ibn Saud ". أما الثاني فهو الكابتن البحري جون كيتنج Captain John S. Keating قائد المدمرة سكوادرون 17 التابعة للبحرية الأمريكية والذي كان على ظهر المدمرة في ذلك الوقت. وقد شرح ذلك في مقال نشره في احدى المجلات عام 1976 تحت عنوان " مهمة إلى مكة : الطراد ميرفي Mission to Mecca : The Cruise of the Murphy ". وأخيرا وليام إم ريجدون William M. Rigdon المساعد البحري للرئيس روزفلت في ذلك الوقت. وكتبها في مذكرات بعنوان " بحار البيت الأبيض White House Sailor".
عندما نتحدث عن هذا الإنجاز لا يمكن بأي حال أن نتجاهل الشخصية الرئيسية التي تصنع الحدث وتعده للزعماء الكبار .. وكان إيدي هو هذه الشخصية والدينامو الذي يحرك الأحداث للأمام. وقد ظهر إيدي في الوقت والمكان المناسبين .. فهو من مواليد لبنان ويتحدث العربية بطلاقة. فكان هو بمثابة القائم بالوساطة الثقافية بين الجانبين. ولم يكن ذلك ليتحقق لولا أنه أستطاع أن يكسب ثقة الملك وصداقته منذ الأشهر الأولى أثناء عمله كوزير أمريكي مفوض في جدة . كانت الخطة أو الترتيبات الأمنية بسب الحرب تقتضي سفر الملك ومستشاريه من الرياض إلى جدة عن طريق البر. ثم عندئذ يركبون المدمرة ميرفي في رحلة بحرية عبر البحر الأحمر إلى مصر. ولقد أحتفظت الخطة بسريتها وأمكن التكتم عليها ولم يتم إبلاغها لأحد. حتى أن الكولونيل إيدي المفوض الأمريكي أضطر على سبيل التمويه إلى قبول دعوات وجهت له لحضور بعض المناسبات وهو يعلم مسبقا أنه لن يحضرها. وفي نفس الوقت وعلى الجانب الآخر. أعلن الملك أن قافلته ستتجه إلى مكة بينما هي تتجه بدلا عن ذلك إلى جدة.
نعود إذن إلى الكابتن البحري جون كيتنج Captain John S. Keating لكي نستكمل قصة الترتيبات. كان هو ومعه قبطان المدمرة ميرفي القائد برنارد إي سميث Skipper Commander Bernard A. Smith قلقان حول البروتوكول وحول سلوك الطاقم حيال ذلك. ونظرا لمتطلبات التكتم والسرية لم يخبرهما أحد بأن الكولونيل إيدي سيكون مرافقا للجانب العربي ومرشدا لهم في هذا الخصوص. ولم يكن يتوفر لهما القدر الكافي من المعلومات. فالأمريكيون على سبيل المثال يعرفون بأن الإسلام يمنع أكل لحوم الخنازير وأن الملك يحب أكل الحملان ولكنهم لا يعرفون خياراته أو نظامه الغذائي أو ما الذي يفضله من طعام. لذلك كان عليهما بذل الجهد للحصول على بعض المعلومات التي تمكنهما من إستضافة الملك ومرافقيه. كل المعلومات التي حصلوا عليها من الأنسيكلوبيديا لم تكن كافية أيضا وأهمها أن التدخين وشرب الخمر ممنوع في حضور الملك. كما أنه لم تتوفر لديهما خريطة حديثة لميناء جده والخريطة الوحيدة التي كانت لديهم عن هذا الميناء يعود تاريخها إلى عام 1834 أي قبل مائة وأحد عشر عاماً. كما لم يسبق لأي سفينة بحرية أمريكية أن رست هناك. نقطة أخرى ظهرت على السطح حينما أبلغهم السعوديون بان الوفد المرافق للملك يتكون من مائتي شخص. ولم يكن بالإمكان أن تستوعب ميرفي هذا العدد. فقال لهم القبطان سميث أن أقصى ما تستطيع ميرفي أن تستقبله لا يزيد عن عشرة أشخاص. ولقد تفاوض إيدي على هذا الرقم وتمكن من أقناع القبطان بقبول عشرين شخصا على ظهر السفينة ومع ذلك عندما وصل الملك ومرافقوه كان هناك 48 شخصا على ظهر السفينة بما في ذلك عبد الله شقيق الملك وإبنيه محمد ومنصور ووزير المالية عبد الله سليمان الذي فاوض على إتفاق إمتياز البترول مع شركة ستاندارد أويل قبل ذلك بحقبة ومنجم الملك.
فات إيدي أن يشرح لمستشاري الملك لماذا لا يسمح للنساء أن يقمن بهذه الرحلة ..فلم يكن هناك مكان على ظهر المدمرة يمكن أن يكون منعزلا للنساء حتى لا يتعرضن لنظرات الرجال.
على متن السفينة مرفي
عندما وصل الملك رفض الإقامة في المكان الذي خصص له في السفينة واصل على النوم ومن معه ـ ال 47 المرافقين ـ على ظهر السفينة. ورفض مرافقوه المقاعد الثابتة من جناح الضباط لأنها غير مناسبة. وبسبب إعتلال ساق الملك وقدمه لم يستطع أن يمشي بسهولة على أرضية السفينة المصنوعة من الحديد ففرشت الأبسطة والسجاجيد.
على ظهر السفينة وضع مقعد الملك مواجها لمقدمة السفينة في كل الأوقات فيما عدا أوقات الصلاة عندئذ يتوجه الملك وفريقه بالقبلة في إتجاه مكة وفقا لما حدده لهم مرشد السفينة .. أما فيما يتعلق بوجبات الملك وطعامه له ولمن معه فقد أحضر معه قطيعا من الأغنام لذبحها لوجباته واصر على مشاركة البحارة الأمريكيين كضيوف له في تناولها. ولقد عرض القبطان سميث عليهم ماشية ودواجن مجمدة ولكنهم أصروا على عدم تناول الأطعمة المحفوظة. ولقد نجح إيدي في التفاوض على مثل هذه الأمور وأقنع الطرفين بأن يؤخذ عشرة فقط من قطيع الأغنام لتساق إلى مؤخرة السفينة في زريبة مؤقتة تنشأ خصيصا لها وقال للملك بأن قواعد البحرية تمنع الطاقم من تناول طعام غير طعام السفينة أو الجراية. وأن مخالفتهم لتلك التعليمات تؤدي لمعاقبتهم وبطبيعة الحال لم يكن الملك ليريد لأعضاء الطاقم أن يحجزوا في سجن السفينة لسبب مثل هذا فتراجع عن أصراره. لكن هذه القواعد التي سرت على البحريين الأمريكيين لم تكن لتسري بسهولة على المدنيين أو الضيوف العرب مراعاة لواجب الضيافة. فبنيت المواقد الفحمية لزوم القهوة العربية بما في ذلك موقد بني أمام مخزن مفتوح للذخيرة وكان ذلك مروعا للأمريكيين. وعندما سال الملك عن أسماء جميع أعضاء الطاقم أدرك إيدي نية الملك وفهم مقصده وهو أنه يستعد لمنحهم بعض الهدايا فأقنع كيتنج وسميث بأن عليهم قبول هداياه حتى لا يضايقوه إن رفضوها وقال لهما: اشرحوا لرؤسائكم أنه لم يكن ممكنا غير ذلك.
استغرقت رحلة ميرفي ليلتين ويوم كامل أستطاع الملك عبد العزيز أن يرى خلالها لأول مرة الخط الساحلي لبلاده على البحر الأحمر وكانت حالة الطقس جيدة في معظم الوقت ومع ذلك أصيب أغلب المرافقين الذين لم يسبق لهم ركوب البحر بالدوار فيما عدا الملك. خلال هذه الرحلة شاهد الملك عروضا والعابا نارية بحرية وأدوات إرشادية ورأى لأول مرة عرضا للصور المتحركة وكان فيلما وثائقيا حول العمليات التي تقوم بها حاملة الطائرات على ظهر السفينة ووفقا لرواية إيدي فإن الملك سر بذلك إلا أنه نفر من السماح بترويجها في بلاده حتى لا تشغل الناس بمتعتها عن واجبات عقيدتهم ولقد أكل الملك التفاح لأول مرة وأكتشف لذاذة الطعم في كيكة التفاح.
إيدي كان هو الشخص الوحيد على ظهر السفينة الذي يتكلم اللغتين، ويفهم الجانبين. كتب يقول أن العرب ( يقصد مرافقي الملك) والبحارة تأخوا وتصادقوا بدون كلمات وهذا في الحقيقة يدعو للإندهاش. ولقد شرح البحارة للعرب كيف يقومون بأعمالهم حتى أنهم سمحوا للعرب بمساعدتهم في مقابل أن يسمح العرب لهم بأن يفحصوا ملابسهم وزيهم وخناجرهم وحاولو بالتخمين أن يعرفوا كيف صنعت ولأية أهداف. ولقد أحتار العرب في تحديد هوية البحارة السود على ظهر السفينة. وظنوا أنهم في الأصل عربا وأصروا على التحدث إليهم باللغة العربية. كان الإنطباع الذي التقطه كيتنج منذ الوهلة الأولى لوصول الملك على ظهر السفينة ميرفي أنه أمام واحد من الملوك وأصحاب المقام الرفيع.
قائمة المشاركين
قائمة الحاضرين على متن السفينة كوينسي خلال المفاوضات بين جلالة الملك عبد العزيز، على الجانب السعودي (48 شخصاً)، في الفترة 12-16 فبراير 1945:
- عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية.
- الأمير عبد الله آل سعود، أخو الملك.
- الأمير محمد آل سعود، ابن الملك.
- الأمير منصور آل سعود، ابن الملك.
- الشيخ عبد الله سليمان، وزير المالية.
- الشيخ يوسف ياسين، نائب وزير الشؤون الخارجية.
- الشيخ حافظ وهبة، الوزير المفوض في بريطانيا العظمى.
- الشيخ بشير السعداوي، المستشار الخاص.
- الدكتور رشاد فرعون، طبيب الملك.
- ماجد ابن خثيلة، عراف
- عبد الرحمن قويز، إمام القصر.
- العميد سعيد جودت قائد حراس القصر الملكي معاون.
- الرائد محمد الذيب، معاون الحراس.
- سليمان بك الحميد، مساعد وزير المالية وعمه.
- محمد عبدالقثر (الدغيثر؟)، رئيس الاتصالات وضابط الراديو.
- محصول(؟) أفندي، مشرف الراديو في النجد.
- سعيد عبدالقثر (؟)، مساعد الاتصالات.
- عبد الله التويجري، مساعد الاتصالات.
- مطلق ابن زيد، ممثل القصر لقبيلة مطير.
- خصاب (؟) ابن منديل، ممثل القصر لقبيلة بني خالد.
- عبد الله بل خير، مترجم، ومراقب البث الإنجليزي.
- سراج ظهران، متذوق الطعام الرسمي ومقدم الطعام.
- أمين العبد العزيز، خادم الملك والخادم الرئيسي.
- عبد الله الحضرمي، حامل الحقيبة الملكية.
- عبد الله ابن عبد الواحد، خادم رئيسي للقهوة الاحتفالية.
- عبد الرحمن ابن عبد الواحد، الخادم الثاني للقهوة.
- 19 حراس مع سيوف وخناجر (مختارون من القبائل الرئيسية.
- 3 خدم، واحد لكل أمير ملكي.
- 9 عبيد متنوعون: طهاة، حمالون، جلايين.
انعقاد القمة
هكذا تمت الترتيبات بنجاح، ونجحت خطة التكتم والسرية التي حذقها إيدي وتمرن عليها .. وتم نقل الملك إلى كوينسي الرابضة في المياه المصرية حيث كان ينتظر الرئيس .. وهنا يظهر شاهد العيان وتظهر مذكراته .. وليام إم ريجدون William M. Rigdon المساعد البحري للرئيس روزفلت هو شاهد العيان هو الذي رأى وأطلع على ملخص الرئيس حول ضيفه الملك .. ما يحبه وما يكرهه .. صفاته ومعتقداته .. عاداته العربية والإسلامية .. يقول عنه أن لصاحب الجلالة شخصية ساحرة وقوية .. وأن اي تراخ حول معارضته للأهداف الصهيونية في فلسطين تعد تعارضا مع مبادئه .. بمجرد ما أن وضع الملك قدميه على ظهر السفينة كوينسي وألتقى بالرئيس الأمريكي روزفلت وجها لوجه حتى صارت الألفة بينهما .. كلاهما بدأ بالبحث عن أوجه التشابه وليس أوجه الإختلاف .. كان التركيز دائما على التوافق والإنسجام .. عما يجمع ولا يفرق.
هذا ما أوضحه إيدي الذي كان دائما بينهما يلعب دور الوسيط والمترجم وهو يروي تلك اللحظات الأولى من اللقاء .. يتحدث الملك حول كونه شقيقا وتوأما للرئيس فيرد عليه الرئيس بانه محظوظ فمازالت قدميه تستطيعان حمله إلي اي مكان يريد .. فيجيبه الملك .. بل أنت المحظوظ يا سيدي الرئيس .. فأقدامي تضعف على مر السنين وهذا الكرسي المتحرك الذي تجلس عليه يعول عليه كثيرا .. فأنت متأكد من قدرتك على الوصول .. عندئذ قال له الرئيس .. لدي كرسيان متحركان. وهما أيضا توأمان. فهل تقبل واحدا منهما كهدية شخصية مني لك .. فقال له الملك ممتنا .. سأستخدمه يوميا ودائما سأتذكر بحب صديقي الواهب العظيم والعزيز
تفاصيل اللقاء
في إطار اللقاء، أهدى الرئيس الأمريكي روزڤلت للملك عبد العزيز طائرة ركاب طراز DC3، ليستخدمها في رحلاته الجوية، لتكون أو لنواة للخطوط الجوية السعودية الحديثة، ودليلاً على علاقة صداقة طويلة الأمد بين البلدين. عندما حان موعد الغذاء ذهب الرئيس الأمريكي والعاهل السعودي معاً لتناول الغذاء .. ووفقا لتوجيهات ريجدون قدم القهرمان أو خدم السفينة على مائدة الغذاء جريب فروت ولحم الغنم والأرز وبعض التوابل والمقبلات كالبيض وجوز الهند والصلصة والزبيب والفلفل الأخضر والطماطم والزيتون والخيار المخلل. ويذكر ريجدون في مذكراته أن الملك كان في بداية الأمر متردداً في تناول الطعام لكنه ما أن بدأ يختار حتى إنفتحت شهيته. وعندما حان موعد القهوة سأل الملك روزڤلت عما إذا كان بإمكان خادمه الرسمي الذي يقدم له القهوة أن يقدم شرف النخب من القهوة العربية فوافق الرئيس على ذلك وأخذ قدحين منها.
تعبيرات المجاملة بين شخصين غريبين لا يعرف أحدهما لغة الآخر ولا يعرف كلاهما ثقافة الآخر تتطلب من المترجم الحرص والحذر في ترجمة الكلام .. وعلى الرغم من إجادة إيدي للغة العربية إلا أنه وقع في خطأ الترجمة حينما حاول الملك أن يجامل الرئيس فقال له بأن هذه الوجبة هي الأولى التي تناولها منذ مدة طويلة ولم يتبعها إضطرابات هضمية وأنه يود لو أن الرئيس يكون كريما معه فيهديه هذا الطعام على سبيل الهدية .. ولكن سوء الترجمة أو الترجمة الحرفية لم توفي بالمعنى المقصود وأعطت الرئيس إنطباعا بأن الملك يريد هذا الطعام لنفسه .. ولقد كتب ريجدون في مذكراته "بحار البيت الأبيض" أن الملك كان يعني المجاملة وأن ايدي أخطأ الترجمة.
كان الرئيس روزفلت دائما متحدثا ماهرا لبقا خاصة في المواقف الصعبة التي تثير الدهشة والحرج .. وكان دائما يملك الرد مهما كانت حجم المشكلة وما أن سأله الملك هذا السؤال حتى وجد المخرج .. فشرح له الرئيس أن المأكولات في كوينسي ملتزم بتقديمها في فترة محددة من الزمن وفق تعاقد لا يمكن الإخلال به .. وبأنه قد سر بأن جلالته سر من الطعام وأسف كثيرا بأنه لم يلبى له هذا الطلب .. وأنه ربما يسمح جلالته له بان يجرب واحدة من مأكولاته .. لغة الطعام وتبادل الأنخاب وتبادل المجاملات والهدايا بدايات لابد منها في مثل هذه اللقاءات .. لكنها ليست هي الموضوع .. فالرئيس قادم لزيارة الملك لأسباب تخص الدولة وليس الشخص وتخص مستقبل أمته وليس الحاضر .. وتخص إستراتيجية الدولة الشابة التي تريد أن تصبح دولة عظمى .. كان لابد أذن أن يختلي الرئيس بالملك وأن يتناقشا معا بين أخذ ورد في محادثة جوهرية دامت نحو أربع ساعات كان روزفلت خلالها لا يعرف الكلل .. فكان رغم مرضه وإجهاده وإنشغاله بالكثير من القضايا والمفاوضات الشاقة التي أضعفت صحته وأنهت على حياته بعد شهرين فقط من هذا اللقاء يبدو حيويا متألقا
خلال لقائه .. لاحظ إيدي أن الرئيس كان في قمة حالته كمضيف له تأثيره وحيوته وحديثه البارع الرائع .. وقال بأن عيناه كانتا كما هما دائما تتميزان ببريقهما ولمعانهما وبتلك الإبتسامة الرائعة التي دائما يكسب بها الناس في اي وقت يتحدث فيه معهم كصديق .. ومع ذلك كان بإمكانه أن يلقاه بعيدا عن الحراسة بوجهه الساكن الشاحب شحوب الموت . .. العديد من الأمريكيين الرسميين في رحلة روزفلت ولقائه بالملك عبد العزيز ألتقطوا بعضا من الحوار والحديث الذي تم بينهما ولكن معظم ماهو معروف يرجع مصدره إلى مذكرات مختصرة لإيدي. الذي كان بصفته مترجما لكلي الجانبين الرجل الأمريكي الوحيد بعد الرئيس الذي سمع مجمل مادار من حديث. يقول إيدي بأن الرئيس أدار المناقشة وفقا لما ألمح به الملك عبد العزيز من أنه لا توجد موضوعات محددة للمناقشة كما أكد بأن الملك لم يطلب مساعدات إقتصادية ولم يناقش هذا الموضوع على الرغم من الضيق والمعاناة التي تواجهها المملكة في طول البلاد وعرضها بسبب الحرب التي قطعت مصادر دخلها من منابعها .. وكان روزفلت مباشرا ودخل في صميم الموضوع فتحدث عن تعهد اليهود ومستقبل فلسطين بعد أن أصبح واضحا في ذلك الوقت بأن الإنتداب الحكومي الذي منحته عصبة الأمم بطلب من الحكومة البريطانية قبل ذلك بعشرين عاما سوف يوشك على النهاية بعد الحرب
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قضية فلسطين
- مقالة مفصلة: خطة فيلبي
ولقد سال الرئيس الملك النصح فيما يتعلق بمشكلة اللاجئين اليهود القادمين من بلادهم في أوروبا. فأجابه جلالته وفقا لما جاء في المذكرة الرسمية المشتركة التي أعدت في ذلك الوقت بواسطة إيدي ويوسف ياسين مستشار الملك بأنه يرى أن اليهود عليهم أن يعودوا للعيش في البلاد التي أخرجوا منها. أما بالنسبة لليهود الذين دمرت مساكنهم بالكامل والذين ليس لديهم فرصة العيش في أوطانهم فيجب أن يعطوا مساحة للعيش في دول المحور التي اضطهدتهم. فقال له روزفلت أن اليهود كانوا يعارضون العودة إلى ألمانيا ويعبرون عن رغبة وجدانية للذهاب لفلسطين.
لم يهتم الملك كثيرا بالحجة التي طرحت بأن اليهود الأوروبيين الباقين على قيد الحياة خائفين من العودة إلى بلادهم. وقال بأن الحلفاء بالتأكيد سوف يسحقون النازي وسوف يهزمونهم إلى الدرجة التي لن يعد فيها تهديد وإلا فما هي أهمية هذه الحرب وما هو معناها. وذكر بان الأعداء والذين قاموا بعملية الاضطهاد لابد لهم أن يدفعوا ثمن عدائهم وإضطهادهم. وأكد بأنه هكذا يشن العرب الحرب. وقال طبقا لرواية إيدي بأن التعويضات يجب أن يدفعها المجرمون وليس الأبرياء المتفرجون الذين لم تكن لهم ناقة ولا بعير. وتساءل عن الجرح الذي سببه العرب ليهود أوروبا ليعاقبون عليه قائلاً: ما الجرح الذي سببه العرب ليهود أوروبا؟ أنهم الألمان المسيحيون الذين سرقوا منازلهم ومعيشتهم. دع الألمان يدفعون. وقال بأن العرب واليهود لا يمكن أن يتعاونوا معاً لا في فلسطين ولا في أي مكان آخر. ونبه إلى زيادة التهديدات على الوجود العربي وإلى الأزمة التي ستترتب على الهجرة المستمرة لليهود كما أكد بأن العرب سوف يختارون الموت على أن يتركوا أراضيهم لليهود.
ولقد كتب تشارلز بولن Charles E. Bohlen في مذكراته وهو دبلوماسي أمريكي بارز كان بين الفريق الرسمي لروزفلت أن الملك أثار نقطة أخرى حول فلسطين لم تذكر في مذكرة إيدي أو حتى في التقرير المشترك الذي أعده. وقال في هذا الكتاب وهو بعنوان شاهد على التاريخ Witness to History أن الملك أعطى خطبة مطولة حول مواقف العرب الأساسية تجاه اليهود وأنكر وجود أي صراع بين فرعي الجنس السامي في الشرق الأوسط بسبب التفاوت الثقافي والمهاري بين المهاجرين اليهود من أوروبا الشرقية وبين العرب المقيمين .
أمريكيون رسميون آخرون ارتحلوا مع روزفلت قالوا في مذكرات عديدة لهم أن الرئيس بدا غير متفهم لصلابة معارضة الملك للمزيد من الهجرة نحو فلسطين. وكرر ذلك أكثر من مرة وكان يتلقى نفس الرد السلبي. عندئذ طرح الرئيس فكرة قال أنه سمع من تشرشل عن إعادة توطين اليهود في ليبيا والتي هي أكبر من فلسطين وأقل من حيث السكان. فرفض الملك عبد العزيز هذه الفكرة أيضا قائلا بأن ذلك غير عادل لمسلمي شمال أفريقيا وأكد الملك أن أمل العرب مبني على كلمة شرف من الحلفاء وعلى المعروفين في الولايات المتحدة الأمريكية بحبهم للعدالة. وردا على ذلك أعطى روزڤلت وعده المشهور بأن فلسطين ستصبح حجر الزاوية في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية للعامين المقبلين وأكد أنه لن يفعل شيئا لمساعدة اليهود ضد العرب ولن يعمل أي خطوة عدائية تجاه الشعب العربي وأن حكومته لن تصنع أي تغييرات في سياستها الأساسية في فلسطين بدون استشارة مسبقة وكاملة مع كلي العرب واليهود.
انتهاء اللقاء
إنتهى اللقاء وعاد روزفلت ليخبر الكونجرس بالمشكلة العربية: مشكلة المسلمين واليهود. مشيرا إلى أن ما تعلمه من إبن سعود في خمس دقائق يعادل ما تعلمه في أكثر من دستتين أو ثلاثة من الخطابات المتبادلة.
وفي الخامس من إبريل أي قبل موته بأسبوع واحد، أعاد روزفلت تكرار هذا الوعد كتابة وأرسل رسالة خطية للملك بالتحية معنونة بإسم صديقي الطيب العظيم يؤكد فيها الوعد الذي قطعه على نفسه. لكن لغة السياسة دائما تفرق بين الشخص أو الإنسان ورجل الدولة. وكان الملك ممتنا بوعد روزفلت ويبني عليه أحلاما كبيرة لكن الموت سبقه قبل تحقيق الحلم وجاء خلفه هاري ترومان ليقضي عليه نهائيا بعد تأييده لقرار التقسيم في فلسطين والإعتراف بدولة يهودية جديدة. هناك وضع روزفلت حجر الأساس للعلاقات الأمريكية السعودية رغم قصر العمر. وأرسى معالم إستراتيجية واضحة تؤكد أهمية المملكة من الناحية الإستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية. وجاء من بعده رؤساء وسياسيون ودبلوماسيون وخبراء ومفكرون وأساتذة جامعيون يدركون أهمية هذه العلاقة ويؤكدون على حتمية وجودها وإستمرارها. ومنهم كثيرون أقتربوا من الشارع السعودي وتعرفوا عليه وعلى أفراده ومواطنيه، هذا الشعب الطيب الكريم.
التبعات السياسية
بقيت السعودية متصلة ومرتبطة بالولايات المتحدة منذ اتفاق كوينسي، وذلك حتى نأي نفسها عن حليفها الأمريكي منذ 2011، بسبب عدم تدخل الولايات المتحدة عسكريا في الحرب الأهلية السورية والتقارب الإيراني الأمريكي بعد انتخاب حسن روحاني رئيسا للجمهورية الاسلامية. نتيجة لذلك، رفضت السعودية مقعدها التي تحصلت عليه عند انتخاب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2013.
مرئيات
اللقاء الأول بين الملك عبد العزيز والرئيس الأمريكي فرانكلن روزڤلت، 14 فبراير 1945، على متن السفينة كوينسي. |
الملك فاروق والرئيس الأمريكى روزفلت - لقطات ملونة. |
اللورد روتشيلد يناقش كيف قامت عائلته بتكوين إسرائيل - مقابلة كاملة. |
رئيس امريكا وتشرشيل و سعود في انتظار مقابلة الملك فاروق. |
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
انظر أيضاً
المصادر
- ^ العربية: قالب:Description/i18nعلاقات عميقة وظفتها المملكة لصالح الأمة العربية والإسلامية، من لقاء «كوينسي» إلى قمة العشرين..صداقة سعودية أمريكية ضد الأنواء، الرياض، 3 يونيو 2009
- ^ العربية: قالب:Description/i18nتحديدا 70 عاما على اجتماع «روزفلت» و«عبد العزيز» .. الشراكة السعودية الأمريكية قادرة على البقاء، الخليج الجديد، 17 فبراير 2015
- ^ (بالفرنسية) Etats-Unis et Arabie Saoudite : feu, le pacte du Quincy ?، أمّة، 23 مايو 2015
- ^ "من هنا بدأت العلاقات السعودية الأمريكية - القصة الحقيقية يرويها شهود العيان - لقاء عبد العزيز وروزفلت". مجلة المبتعث السعودي. 2009-07-01. p. 09.
{{cite magazine}}
: Cite magazine requires|magazine=
(help) - ^ "قائمة الضيوف المدعوين على متن السفينة يو إس إس كوينسي". غادة المهنا بالخليل. 2020-04-02. Retrieved 2024-03-30.
[[تصنيف:العلاقات الأمريكية السعودية]