ألكساندر دو مارانش
Count Alexandre de Marenches | |
---|---|
ولد | Paris, France | 7 يونيو 1921
توفي | 2 يونيو 1995 | (aged 73)
الولاء | France |
أعمال أخرى | Director of the SDECE |
الكونت ألكساندر دو مارانش Alexandre de Marenches (7 يونيو 1921، باريس - 2 يونيو 1995) مدير مصلحة المخابرات الخارجية الفرنسية SDECE (6 نوفمبر 1970 - 12 يونيو 1981[1])، مؤسس نادي سفاري الاستخباراتي المناهض للشيوعية في أفريقيا عام 1977. ومستشار خاص للرئيس الأمريكي رونالد ريگان وعضو أكاديمية المغرب.
حضرت الأسبوع الماضي في المعهد الديبلوماسي بالجزائر ندوة عن الأمن في إفريقيا تحدث فيها ضابط مخابرات فرنسي متقاعد، ذكرني برواية الأستاذ محمد حسنين هيكل عن لقاء له مع الكونت أليكساندر دو مارانش في باريس عام 1971، وهو نفس العام الذي أمم فيه الرئيس الجزائري هواري بومدين البترول، وكانت العلاقات الفرنسية الجزائرية تتأرجح فيها بين المدّ والجزر، بعد رفض الرئيس هواري بو مدين تلبية دعوة الرئيس شارل دوغول لزيارة فرنسا قبل أن يطمئن إلى أنه سيدخل باريس من أوسع الأبواب. يومها كان يُشار للكونت كأقوى رجل في فرنسا بصفته مديرا لمخابرات دوغول ثم جورج بومبيدو الذي خلفه في بداية السبعينيات.[2]
ويروي هيكل في كتابه المتميز “العربي التائه” (ص 109) أن دو مارانش قال له بأن: البترول، ونتيجة لإغلاق قناة السويس منذ 1967، يدور حول إفريقيا على خطين، من الجزائر (..) ومن الخليج العربي (..) وحماية البترول (..) مسؤولية أوربية أمريكية (..) وهذا يجعل مسؤولية أوربا على عاتق فرنسا بالدرجة الأولى، وفرنسا لا تستطيع أن تقوم بالمهمة وحدها وإنما تريد شراكة مع الدول العربية تقودها مصر (..) وهي مهيأة للتعاون مع فرنسا أكثر من أي دولة عربية أخرى (ويتساءل) هل تظن أن الرئيس السادات على استعداد لكي يتعاون مع فرنسا، نريده أن يثق بأننا معه بأكثر مما قد يظن (..) نحن ساعدناكم في السلاح بأكثر مما تتصورون، وإذا كنتم تتصورون أننا تعاقدنا على أكثر من مائة طائرة ميراج لليبيا بدون أن نعرف أنها في الحقيقة لكم، أي لمصر، فإنكم تقعون في خطأ كبير (..) لم يخدعنا أحد وإنما عرفنا الحقيقة من اللحظة الأولى، ومشينا في اللعبة حتى نبيع لليبيا، أو لكم، مقاتلة قاذفة حديثة طلبتموها من موسكو وبخلت بها عليكم (ولهذا) يتعين على مصر أن تمارس دورا إيجابيا في المنطقة وفي العالم (..و) دوركم في المستقبل لا بد أن يختلف عن دوركم في الماضي ولسبب بسيط هو أن السادات غير ناصر، ثم إن الزمن القادم يختلف عن الزمن الماضي (العربي التائه ص 112)
ويواصل دو مارانش متسائلا: ما رأيك مثلا في فكرة عمل مشترك نقوم به، فرنسا ومصر، في إفريقيا، قد نرى أن ندعو معنا بعض الأصدقاء المهتمين (..) ما رأيك في مشاركة المغرب؟ في مشاركة إيران؟ ما رأيك في فكرة حوار بين المسيحية والإسلام؟ الإسلام تيار سياسي صاعد في المنطقة وإذا لم نستطع “ترويض” هذا التيار فقد يتحول إلى تهديد. ما رأيك في اشتراك مصر في منظمة الفرانكوفونية ؟
وأكدت الوثائق التي عُثر عليها في القصر الإمبراطوري بطهران بعد ثورة الخميني أن حركة المخابرات الفرنسية تواصلت في نفس الاتجاه خلال النصف الأول من السبعينيات، حيث عثر عن نص معاهدة كانت تحمل عدّة توقيعات، أولها وأبرزها توقيع الكونت دو مارانش وبجانبه توقيع مسؤولي أجهزة مخابرات : “مثلوا رؤساءهم مباشرة وفُوّضوا في التوقيع″، وأظهرت الوثائق بأن الكونت زار طهران سرا في مطلع 1974، أي بعد حرب أكتوبر وعقدِ مؤتمر القمة العربي في الجزائر، وعَرَضَ على الشاه محمد رضا خطة عمل ضد النشاط الثوري الشيوعي في إفريقيا.
وكان دو مارانش يعرف اهتمام الشاه بإفريقيا، حيث كان والده خلال نفيه إلى جنوب إفريقيا يستثمر جزءا كبيرا من أمواله في شركة “ترانسڤال” المتخصصة في التنقيب عن الماس، وبلغت استثمارات الأسرة ذروتها في عهد الإمبراطور، وبالإضافة إلى ذلك، يعتقد أنه كان هناك تشجيع من السادات الذي كان يعرف أن استثمار مياه النيل، وهو شريان الحياة بالنسبة لمصر وربما وسيلتها لإغراء إسرائيل مستقبلا، مرتبط بالتوافق مع الدول المحيطة بمنابع نهر النيل، والشاه هو صديقه الحميم.
وهكذا ظهرت أهمية تشجيع النزعات الإمبراطورية للشاه، الذي سمع من الكونت بأن : “إفريقيا هي المجال الإستراتيجي الأكبر والأغنى، والأكثر تعرضا لخطر قوى الطمع العالمية، الاتحاد السوفيتي والصين (..) وفيما يتعلق بفرنسا فاهتمامها له أسباب إستراتيجية وتاريخية وثقافية، لكن العبء كبير لا تستطيع احتماله وحدها، وقد فكرت في العرب وجست نبض أصدقاء لها وأهمهم السعودية، ووجدت لديهم استعدادا، لكنهم أرادوا أن يستوثقوا من أن واشنطون لا تعترض (..) وهم يحتاجون تشجيعا يُطمئنهم ويقودهم” وعرض الشاه استعداده لمفاتحة الرئيس السادات في الأمر، كما أبدى استعداده لإقناع الملك الحسن الثاني، الذي قال الكونت بأنهم اتصلوا به فعلا وهو معجب بالفكرة.
وتساءل الشاه عمّا إذا كان مفيدا دعوة الجزائر للاشتراك في هذا “المجهود الطيب” لإنقاذ إفريقيا. لكن مدير المخابرات الفرنسية كان يعرف جيدا أن الجزائر كانت في الستينيات وفي السبعينيات تدعم كل حركات التحرير الإفريقية، وكانت تحظى باحترام كبير على الساحة الإفريقية، وإلى درجة أن أملكار كاپرال، بطل غينيا بيساو القومي، كان يسميها كعبة الثوار، وهكذا عارض الفكرة قائلا بأن : الرئيس بومدين ما زال يعيش “أوهامه” الثورية، وله صداقات قوية مع الشيوعيين في موسكو وبيكين، وزيادة على ذلك فإن الجزائر لديها “حلم إفريقي يخصها”.
واتضح من صلب أحاديث الكونت أن هدفه هو ألا يكون المشروع مشروع دول فقط، وإنما من الأفضل أن تتناوله شركات دولية مهتمة بإفريقيا، وعلى سبيل المثال شركة “أنگلو أمريكان” التي تملكها عائلة أوپنهايمر في جنوب إفريقيا (وهي أهم محتكري الماس) وبنك تشيس مانهاتن (ديڤد روكفلر) وهذا بالتركيز على استبعاد الجزائر، التي كانت يومها تمثل حركة عدم الانحياز، والتي تحدث الرئيس هواري بومدين باسمها أمام الأمم المتحدة في منتصف السبعينيات مطالبا بنظام اقتصادي دولي جديد، وكان واضحا أن دو مارانش لم يكن من المعجبين به أو المنسجمين مع طروحاته، وسنلاحظ أن وزير الخارجية الفرنسية، الاشتراكي المُرتدّ، سيكرر في فبراير 2010 ما لا يخرج كثيرا عن مضمون أفكار مدير المخابرات الفرنسية منذ نحو أربعين عاما، وهو ما يؤكد استمرارية الفكر الاستعماري في الذهنية الفرنسية الحاكمة، لا فرق بين يسار ويمين، إلا من رحم ربك، فالقيادات الوطنية ليست ممن يحب الفرنسيون التعامل معهم، وربما تفرض الأمانة التاريخية هنا أن يسجل المرء تقديره للرئيس شارل دوغول، وإلى حد كبير لكل من الرئيسين فرانسوا متران وجاك شيراك، وبالطبع، مع اختلاف الأمزجة والأساليب والخلفيات والأهداف، والموتُ يُنسي الحُمّى. والمهم هنا أنه كان واضحا الحرص على استبعاد الجزائر والرئيس هواري بو مدين بوجه خاص من كل الترتيبات المتعلقة بالقارة الإفريقية، والعمل على خلق توازن مُعيّن بين دور الدول من جهة ودور الشركات عابرة القارات في تنظيم التعامل مع الدول الإفريقية من جهة أخرى، ويتضح أكثر أن دور الشركات يفوق دور الدول.
ونظرا لأن كل الدول العربية والإسلامية المعنية لا تمتلك شركات ضخمة عابرة للقارات يتضح هنا أن المطلوب هو الارتباط بشركات كبرى بعينها، وسيكون الارتباط بين المال والمخابرات هو الطريق نحو التحكم المستقبلي في المنطقة، وستكون اليد الطولى بالطبع لمن يملك أقوى المؤسسات المالية والمخابراتية، وسنفهم على الفور كيف فتح الباب أمام التسرب الإسرائيلي إلى إفريقيا، التي جعلتها الجزائر في مرحلة معينة حيزا ممنوعا على العدو الصهيوني، إلى أن فتح الرئيس السادات باب العلاقات مع تل أبيب فأصبح من الصعب أن يُطالب أحدٌ الأفارقة بأن يكونوا أكثر ملكية من الملك، ويمكن هنا أن نتخيل بأن نظام السادات كان يرى في الجزائر منافسا مزعجا، ربما لأنه، على الأقل، يذكر بعهد عبد الناصر.
وتتبلور في فكر مدير المخابرات الفرنسية الصلة العضوية بين تنشيط الفرانكوفونية والسيطرة على البترول واستغلال الإسلام والطموحات الاستعمارية الجديدة، ويأخذ في تنفيذ مخططاته تدريجيا، وتلتقي في مدينة جدّة في منتصف السبعينيات مجموعة من خمس رجال مفوضين من رؤسائهم بالتوقيع على معاهدة للعمل السرّي المشترك في إفريقيا، كان من بنودها أن الاتفاقية لها مفهوم عالمي واسع تسانده الدول (الدول) الموقعة، وأطراف آخرون يتعاطفون مع أهدافها (ويعتقد أن من بينها المخابرات المركزية الأمريكية وربما البريطانية أيضا) ومسؤولية تنفيذ الاتفاقية منوط بمركز عمليات خاص مقره القاهرة (..) وعلى فرنسا أن تتولّى تزويد المجهود المُشترك بكل ما يلزمه من معدات فنية ووسائل تكنولوجية ومعلومات كافية (..) وعلى المغرب أن تقدم مجموعات ميدانية وقوات عمليات خاصة، وعلى السعودية أن تموّل، وكانت إيران شريكا بالعرض، من التخطيط إلى التنفيذ إلى التمويل (هيكل ص 119)
أما فرنسا فقد كانت هي القوة الحقيقية وراء الاتفاقية التي وقعها في جدة الشيخ كمال أدهم مدير المخابرات السعودية ممثلا للملك فيصل، والجنرال أحمد الدليمي رئيس المخابرات المغربية ممثلا للملك الحسن الثاني، والجنرال نعمة الله ناصري مدير السافاك ممثلا لشاه إيران، والدكتور أشرف مروان ممثلا شخصيا للرئيس أنور السادات، وبالطبع فقد كان الكونت دو مارانش هو ممثل الحكومة الفرنسية (ويلاحظ هنا أنه الوحيد الذي كانت صفته هي تمثيل الحكومة في حين أن صفة الآخرين كانت تمثيل الحُكام) وكان هذا هو ما أصبح يُسمّي، باقتراح من أدهم، نادي السافاري. وبدأت المجموعة في ممارسة نشاطها، في نفس المرحلة التي سبقت تفجر قضية الصحراء الغربية في المغرب العربي بما يمكن أن يُفهم منه اليوم أن من بين الأهداف آنذاك استنزاف الجزائر واستقطاب انتباهها بعيدا عن قضايا القارة الإفريقية والوطن العربي.
وأذكر أن نفس العام (1975) شهد اغتيال الملك فيصل بن عبد العزيز،الذي كانت وطنيته العربية الإسلامية تاجا على رأسه أقوى من تاج الملك، و”تصادف” غياب العاهل السعودي مع اشتعال الحرب الأهلية في لبنان، ومع الاتفاقية الثانية لفك الاشتباك على الجبهة المصرية، الذي رأى كثيرون أنها كانت الخطوة الأولى نحو “كامب دافيد”.
وكان من نتائج نادي السافاري دعم الجنرال موبوتو في الكونغو، وإلى درجة أن حماية قصره تكفلت بها مصر والمغرب بإرسال قوات دفعت السعودية تكاليفها، ثم جرى تشجيع زياد برّي على نقض ميثاق الوحدة الإفريقية الذي يؤكد على ضرورة احترام الحدود الموروثة عند الاستقلال (وهي نفس مشكلة المغرب العربي) وهكذا اشتعلت حرب الأوغادين لإقلاق إثيوبيا، حليفة موسكو، وأرسل السادات أسلحة سوفيتية تم الاستغناء عنها (كما حدث مع العراق) بما قيمته 75 مليون دولا دفعتها السعودية (هيكل ص 121) وكان مما كشفته الأوراق التي عثر عليها في قصر الشاه حول قضية السافاراي أنه كان هناك اتفاق على أن تكون الولايات المتحدة وإسرائيل على علم بنشاط النادي، وكانت مهمة كمال أدهم إبلاغ المخابرات الأمريكية بينما يقوم الجنرال ناصري بنفس الدور لدى المخابرات الإسرائيلية. ويُعلق هيكل قائلا: من المفارقات الداعية إلى مزيج من الأسى والغضب أن ثلاث دول عربية، مصر والسعودية والمغرب، اشتركت بهمة في عمليات نادي السفاري في إفريقيا (ص 122) تحت توجيه وإدارة الكونت دو مارانش، لكن عندما جاء وقت الغنائم لم تكن الأطراف العربية هناك وإنما كانت هناك إسرائيل (..)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
انظر أيضاً
- Michel Roussin, Alexandre de Marenches' chief of staff
الهامش