أخبار:36ألف مليار ضاعت في استيراد الخردة الإيطالية
- تقرير المفتشية العام للمالية حول مصفاة "أوگوستا" يكشف:
36 ألف ملياراً ضاعت في استيراد الخردة الإيطالية.
في 25 سبتمبر 2021، أماطت تحقيقات المفتشية العامة للمالية عن تجاوزات رهيبة في ملف “اقتناء مصفاة أوغيستا” الإيطالية من طرف المجمع النفطي سوناطراك، التي كلفت الدولة الجزائرية إجمالي 2.135 مليار دولار، أي ما يفوق 36 ألف مليار سنتيم بالسعر الحقيقي للدولار، وهو ما عادل ثلاثة أضعاف قيمتها الحقيقة، بالرغم من الحالة الكارثية التي كانت عليها المصفاة التي شيدت في خمسينيات القرن الماضي ولم يجد لها مالكها الأمريكي مشترياً منذ عرضها للبيع سنة 2015. والغريب أنه لم يتم استغلال هذه الأخيرة منذ اقتنائها بسب عدم تطابق قطع غيارها مع طبيعة النفط الجزائري، بل تم إنفاق مبالغ طائلة لإعادة تكييفها، حيث كشف التقرير النهائي لذات الهيئة، عدم جدوى صفقة اقتناء مصفاة أوغيستا بسبب عدم نجاعتها في تكرير النفط الجزائري واستمرار استيراد البنزين والمازوت في سوق النفط العالمية، وبالمقابل، فإن أن كميات البترول التي من المفروض أن تصفيها المصفاة لم تتجاوز 15.28 بالمائة بتاريخ 26 أفريل 2021، ما يعني أن 84 بالمائة المتبقية لم تخضع للمعالجة ما يطرح تساؤلات..؟ ملف الحال متواجد على مستوى عميد قضاة التحقيق للغرفة الأولى للقطب الجزائي الاقتصادي والمالي لسيدي أمحمد، الحامل للرقم التحقيق 0016 / 20 حيث يتابع فيه كل من الوزير السابق للطاقة والمناجم والفار من العدالة شكيب خليل والرئيس المدير العام السابق لمجمع سوناطراك، كما جرت نائب الرئيس المدير العام الأسبق لمجمع سونطراك أحمد الهاشمي مازيغي إلى السجن بعد أن أمر قاضي التحقيق لدى محكمة بئر مراد رايس بالجزائر العاصمة بإيداعه وكذا إطارات بالمجمع ويتعلق الأمر بكل من رايس علي عبد الحميد وبومعوط براهيم المتواجدين أيضا رهن الحبس المؤقت بسجن الحراش. وبحسب مصادر “الشروق”، فإن جميع المتهمين قد تم إبلاغهم من طرف عميد قضاة التحقيق للغرفة الأولى للقطب الاقتصادي والمالي يوم 10 سبتمبر، بتقرير الخبرة القضائية المتعلق بملف صفقة شراء مصفاة “أوغيستا”. وقد وجهت لولد قدور ومن معه في ملف الحال تهم ثقيلة تضمنها قانون مكافحة الفساد والوقاية منه 01 / 06 المتمثلة في إبرام صفقات مخالفة للأحكام التشريعية والتنظيمية بغرض إملاء امتيازات هي مبررة للغير، اختلاس وتبديد أموال عمومية والاستعمال غير الشرعي لأموال عمومية وخاصة لصالح الغير، الاستفادة من سلطة وتأثير أعوان هيئات للزيادة في الأسعار والاستفادة غير المبررة من إعفاءات وتخفيضات في الضرائب والرسوم، وهي التهم التي تصل عقوبتها إلى 15 سنة سجنا حسب رجال القانون.[1]
ولد قدور مهندس فضيحة “أوغوستا”
تفاصيل الملف بدأت من تنفيذ الأمر 0002 / 21 الصادر عن مكتب قاضي التحقيق الغرفة الأولى للقطب الجزائي الاقتصادي والمالي، المتضمن انتداب رئيس المفتشية العامة للمالية من أجل تكليف مفتشين تابعين لهياكل المفتشية من أجل إجراء الانتقال إلى مقر سوناطراك من أجل الإطلاع على كل الوثائق المبررة لاقتناء المجمع لمصفاة تكرير النفط الكائنة بمدينة أوغيستا الإيطالية من الشركة ESSO ITALIANA SRL فرع الشركة الأمريكية EXXON MOBIL، والاطلاع على البطاقات والتقارير التقنية المبررة لاحتياج تدعيم قدرات شبكة تكرير النفط لمجمع سوناطراك عن طريق اقتناء مصفاة إضافية، إلى جانب التدقيق في الدراسات التقنية والآراء الكتابية الصادرة عن المستشارين، جزائريين كانوا أم أجانب، التي تم الاعتماد عليها من أجل اتخاذ قرار شراء مصفاة “أوغيستا”، مع التحري في الموافقات المسبقة لمجلس إدارة مجمع سونطراك، السلطات الوصية أو أي هيئة أخرى مسيرة على الترخيص بشراء مصفاة النفط بمدينة “أوغيستا” والمراسلات المتابدلة بين مختلف المستويات في هذا الشأن، وكذا الموافقات المسبقة للسلطة الوصية المتمثلة في وزارة الطاقة والناجم، الوزارة الأولى ومجلس الحكومة أو مجلس الوزراء، أو أي هيئة أخرى على الترخيص بشراء المصفاة النفطية، إلى جانب المراسلات المتابدلة بين مختلف المستويات في هذا الشأن وكذا تحديد مدى وجود خروقات وتجاوزات للإجراءات المقررة في التشريع والتنظيم المعمول بهما. كما طلب قاضي التحقيق الغرفة الأولى للقطب الاقتصادي والمالي، من محققي المفتشية العامة للمالية التدقيق في العقد الموقع بين مجمع سونطراك والشركة الأمريكية EXXON MOBIL، المتضمن نقل ملكية مصفاة تكرير النفط بمدينة أوغيستا الإيطالية وكذا الترخيص المسبق من مجلس النقد والقرض من أجل تحويل المقابلات المالية الخاصة بعملية الشراء، مع تفحص الوثائق المحاسبتية والمصرفية المبررة للتحويلات البنكية التي قام بها مجمع سونطراك لفائدة الشركة الإيطالية، والنفقات المصروفة من طرف المجمع من أجل تهيئة مصفاة تكرير النفط بمدينة “أوغيستا” الإيطالية، والتأكد من قيمة القرض البنكي الذي استفادت منه شركة سوناطراك بيتروليوم SONATRACH PETROLIUM INVESTM ENTS CORP SPIC، فرع مجمع سونطراك من البنك الألماني معتمد الأطراف للشركة العربية للاستثمارات البترولية للصندوق السعودي ARICORP .
أكثر من ملياري دولار في مهب الريح..!
توصل محققو المفتشية العامة للمالية، من خلال إجراء الخبرة خلال الفترة الممتدة من تاريخ أداء اليمين في 16 فيفري 2021 إلى غاية 8 جوان 2021 وكذا التحريات وأعمال التدقيق والرقابة التي قاموا بها إلى أن شركة سوناطراك قامت سنة 2018 بعملية شراء مصفاة تكرير النفط الكائن مقرها بمدينة “أوغيستا AUGUSTA الإيطالية من الشركة الأمريكية “إيكسون موبيل” EXXON MOBIL، التي قدرت القيمة الأولية لشرائها بـ 700 مليون دولار أمريكي، وهو قيمة مبلغ العرض الملزم الذي تقدمت به سوناطراك لشراء المصفاة، هذه القيمة ارتفعت لتصل عند تاريخ 31 ديسمبر إلى 2.134.441.316.00 دولار أمريكي وهو ما يمثل أكثر من ثلاث مرات القيمة الأولية المصرح بها وهي القيمة الموزعة بين المبلغ الأولي الخاص بتمويل مصاريف الصيانة الدورية واستبدال التجهيزات التي تمت مباشرة بعد تحويل ملكية المصفاة لشركة سوناطراك وتمويل التكاليف الإجمالية لضمان استمرارية النشاط الاستغلالي للمصفاة بإدارة الشركة المنشأة لتسيير المصفاة SRI بمبلغ يقدر بـ 1.215.000.000.00 دولار أمريكي، التي يمثل فيها مبلغ شراء المخزون الخاص بالبترول الخام والمنتجات الأخرى وكذا قطع الغيار المتوفرة بالمصفاة عند تاريخ إبرام العقد النسبة الأكبر ” 681 مليون دولار أمريكي”. وقد كشف تقرير المفتشية العامة للمالية، عن غياب الوثائق الثبوتية التي تفيد بقيام مسؤولي الشركة الوطنية لسوناطراك بإجراء عمليات الجرد الخاصة بهذه المخزونات من بترول خام من منتجات تامة ومن قطع غيار، منذ تاريخ تحويل ملكية المصفاة من الشركة البائعة “إيكسون موبيل”، إلى شركة سوناطراك وهذا ما يدخل في التجاوزات والخروقات التي قام بها مسؤولو المجمع.
نفايات مصفاة تكساس لبناء مصفاة “أوغيستا”
وبحسب الوثائق التي سلمت لبعثة المفتشية العامة للمالية بخصوص كيفية تجسيد فكرة شراء المصفاة “أوغيستا” من شرف الشركة الجزائرية سوناطراك فإن مراحل الشراء والإجراء التي هندس لها الرئيس المدير العام السابق لمجمع سوناطراك عبد المومن ولد قدور، تمت كالتالي: بتاريخ 8 أوت 2017، قام الرئيس المدير العام لشركة سوناطراك عبد المؤمن ولد قدور وفقا للقرار رقم DG399 بتشكيل لجنة تفكير من أجل خفض واردات الوقود وضمان إمداد السوق الوطنية من هذه المواد، وقد أسندت رئاسة هذه اللجنة التي كلفت بدارسة وتحليل الاحتمالات الممكنة لشراء مصفاة خارج الوطن أو اللجوء إلى كراء الطاقات التكريرية لدى المصافي ي.محند مستشار الرئيس المدير العام. وبتاريخ 17 أوت 2017 ومن خلال البريد الإلكتروني قام المدعو “دولواط إيلريش” ممثلا لشركة “أيكسون موبيل” بمراسلة مازيغ أحمد الهاشمي الذي كان يشغل منصب مدير الدراسات لأسواق والتخطيط والنشاط التجاري بالمديرية العامة لسوناطراك، يعرض عليه مشروع اقتناء مصفاة “أوغيستا” المملوكة من قبل إيكسون موبيل والكائنة مقرها بإيطاليا. وفي 24 أوت 2017، جاء الرد من المدعو “دلواط إيلريش” إلى المسمى مازيغ أحمد الهاشمي، عن طريق الإيمايل يشكر فيه سرعة تجارية ويطلب منه مقابلته واستعداده لاستقباله رفقة المدعو مداني خلال اليوم الموالي، وبتاريخ 24 سبتمبر من نفس السنة قام المسمى بوعدي محند بإرسال عرض حال عن طريق الإيمايل إلى الرئيس المدير العام للشركة الوطنية سوناطراك، يخبره فيه عن اهتمام كبريات المؤسسات البترولية الناشطة في مجال التكرير على غرار الشركات العالميةENI VITOL، TRAFIGURA،ISAB بعرض خدماتها التكريرية على شركة سوناطراك. كما توصل المحققون من خلال عملية التحري والتدقيق في الوثائق والبيانات، إلى أن الشروع في بناء مصفاة تكرير النفط إلى سنة 1950 من قبل الصناعي الإيطالي “أنجيلو موراتي”، حيث قام هذا الأخير بشراء فائض التجهيزات تم استعمالها لبناء مصفاة تكرير النفط بـ ولاية تكساس الأمريكية واستغلها لبناء مصفاة “أوغيستا” موضوع خبرة الحال، مما يعني أن المصفاة التي قرر الرئيس المدير العام لمجمع سونطراك شراءها من إيطاليا، تم بناؤها من بقايا بناء مصفاة تكرير النفط تكساس الأمريكية. وإلى ذلك، تبين أيضا أن مصفاة “أوغيستا” شرعت في النشاط عام 1953، ولقد كانت مكونة أساسا من وحدة تكرير النفط الخام بطاقة 9 KBD قبل أن تتزود سنة 1957 بوحدة تقطير الخام، ما يثبت اهتراء المصفاة قبل وصولها أصلا إلى الجزائر. وبالمقابل، فقد أسفرت التحقيقات على أنه وبعد عام من شراء المصفاة الإيطالية “أوغيستا”، اقترضت شركة سوناطراك 250 مليون دولار من الشركة العربية للاستثمارات البترولية “أبيكورب” لتمويل عمليات صيانتها، بيد أن المصفاة لم تكن في الواقع بحاجة إلى صيانة، بل إلى إعادة بناء بصفة كاملة، لكون تجهيزاتها القديمة تكرر الخام السعودي الثقيل الذي تشتريه “إكسون موبايل” من أرامكو السعودية، ولا تصلح لتكرير الخام الجزائري الخفيف، مما عطل دخول المصفاة الإيطالية بعد سنتين إلى الخدمة، ورفع تكلفة المنشأة إلى مليار دولار، الأمر الذي أثار عليه الرأي العامّ الجزائري ضجة، ودفع المحكمة إلى أن تفتح فيه تحقيقاً قضائيا.
فشل في شراء المصفاة.. وكميات تصفية البترول لم تتجاوز 15 بالمئة
وقد أسفرت تحقيقات لجنة المفتشية العامة للمالية بحسب التقرير “إلى عدم نجاعة عملية تكرير البترول الخام الجزائري، على مستوى مصفاة “أوغيستا” ما يعني الفشل الذريع لعملية شراء هذه المصفاة. كما أن عملية شراء المصفاة أصبحت لا مبرر لها مادامت الشركة الأم سوناطراك وجدت نفسها مجبرة على مواصلة شراء المنتجات من بنزين ومازوت لدى مختلف الموردين في سوق النفط العالمية لتغطية حاجيات السوق الوطنية من هذه المواد، بينما كان الدافع الرئيسي لعملية شراء هذه المصفاة هو تغطية احتياجات السوق الوطنية من هاتين المادتين “البنزين والمازوت”. وبالمقابل، فإن الكميات من البترول الخام التي تم استهلاكها من قبل المصفاة، خلال الفترة الممتدة من تاريخ تحويل ملكيتها للشركة الوطنية سوناطراك إلى غاية 26 أبريل 2021، بينت بأن ما تم استهلاكه من البترول الخام الجزائري لا يمثل سوى نسبة ضئيلة جدا مقارنة بإجمالي الكميات التي قامت الشركة المسيرة للمصفاة SRI بشرائها لدى مختلف الموردين في السوق العالمية، حيث لم تتعد هذه النسبة 15.28 بالمائة. وهكذا، يضيف التقرير ذاته، وبعد أن كان انشغال الشركة الوطنية سوناطراك منصبا على البحث عن كيفية تلبية حاجيات السوق الوطنية من مادتي البنزين والمازوت، أصبحت هذه الأخيرة بالإضافة إلى ذلك مجبرة على استيراد “شراء” البترول الخام لدى مختلف الموردين في السوق العالمية من أجل تشغيل المصفاة “أوغيستا” لتمكين الشركة الفرعية المسيرة للمصفاة SRI من توفير المنتجات المطلوبة من قبل الزبون الرئيسي لها “المالك الأصلي للمصفاة ـ الشركة الأمريكية ـ EXXON MOBIL بالكميات وبالمواصفات المحددة ضمن البنود التعاقدية المنصوص عليها في عقد تحويل ملكية المصفاة للشركة الوطنية سوناطراك. كما أنه وبحسب تقرير المفتشية العامة للمالية في حال عدم مراجعة هذه البنود التعاقدية بالشكل الذي يمكن المصفاة من تحرير طاقتها الإنتاجية وتحرير سياستها التجارية، فإن الشركة الفرعية المسيرة للمصفاة SRI تبقى تحقق النتائج المحاسبية السلبية على مدار سنوات النشاط.
انظر أيضاً
الهامش
- ^ نوارة باشوش (2021-09-25). "تقرير المفتشية العام للمالية حول مصفاة "أوغوستا" يكشف: 36 ألف مليارا ضاعت في استيراد الخردة الإيطالية". www.echoroukonline.com.