أحمد السيد النجار
أحمد السيد النجار (و. 31 أكتوبر 1959) ، هو خبير اقتصاد مصري بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، وكاتب بجريدة الأهرام.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مؤهلات العلمية
- بكالوريوس الاقتصاد، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 1984.
تدرج الوظيفى
- خبير اقتصادى بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، ونائب مدير تحرير التقرير الإستراتيجى العربى.
- كاتب بجريدة الأهرام.
مؤتمرات التى شارك فيها
- اقتصاديات المدن الحرة في المؤتمر العلمى السنوى الثاني لمركز البحوث والدراسات المستقبلية ، جامعة قناة السويس ، عام 2000.
- الآثار الاجتماعية والاقتصادية لانتشار الفساد في ندوة الفساد والعولمة ، القاهرة ، عام 1999.
- آفاق الاقتصاد العالمى، ليبيا، عام 1996.
- المجتمع والتنمية ، جامعة المنصورة ، عام 1989.
جوائز والأوسمة
- الجائزة الأولى لأفضل مقال تحليلى في الصحافة المصرية ، عام 1989.
- جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة، عام 1999.
من كتاباته
حرب الحبوب الدولية
دخلت روسيا أسواق الحبوب الدولية كمصدر كبير ومستقر لها منذ نحو سبعة أعوام، بعد أن كانت مجرد مصدر هامشي ومتذبذب أو حتى مستورد في بعض السنوات قبل ذلك، وبلغت صادراتها حسب التقديرات الروسية الأولية نحو 20 مليون طن من الحبوب على الأقل في العام الزراعي الذي ينتهي في نهاية يونيو الجاري (2009)، بما يضعها في المرتبة الرابعة بين أكبر مصدري الحبوب في العالم بعد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا. وقد أضافت منذ ذلك الحين عنصراً جديداً من عناصر التنافس والصراع في أسواق الحبوب الدولية، ولاسيما مع تزايد طموحاتها في القيام بدور أكبر في أسواق الحبوب الدولية على حساب المصدرين التقليديين.
ومن الطبيعي أن تدور صراعات مصدّري الحبوب في أسواق الدول المستوردة الرئيسية وضمنها عدد من الدول العربية، فضلا عن التنافس في تطوير سياسات تدعيم القدرة على المنافسة على أسس حقيقية أو مصطنعة من خلال الدعم المالي المباشر أو دعم مدخلات الإنتاج، أو شراء المحاصيل بأسعار تتجاوز الأسعار السائدة في الأسواق الدولية.
وقد شهدت السوق المصرية التي تأتي في صدارة أسواق العالم المستوردة للقمح، جولة مهمة من هذه الحرب بشأن وارداتها من القمح الروسي ومدى صلاحيته للاستهلاك الآدمي ونسبة الحشرات والبذور غير الصالحة للاستهلاك الآدمي فيه، وطرحت استجوابات برلمانية بشأن هذه القضية. وكان الرد الروسي سريعاً برفض شحنات من صادرات مصرية من السلع الزراعية كنوع من الضغط المقابل على مصر، مع تأكيد روسيا أن القمح المخصص للاستهلاك الآدمي مطابق لأعلى المواصفات العالمية ويتم تصديره لأكثر من 50 دولة، بينما توجد مواصفات مختلفة للقمح المخصص لعلف الماشية الذي لو استخدمه المستوردون كقمح للاستهلاك الآدمي، فإن تلك تكون مشكلتهم وليست مشكلة القمح الروسي.
وظهرت شكوك قوية في أن يكون أصحاب المصالح من المستوردين للقمح الأمريكي، وراء الحملة على القمح الروسي في أهم الأسواق العالمية المستوردة للقمح وهي السوق المصرية، وذلك بعد أن أصبحت واردات القمح المصرية من روسيا تتراوح بين مليوني طن وثلاثة ملايين من الأطنان سنوياً في السنوات الأخيرة، وذلك على حساب الواردات من القمح الأمريكي التي تراجعت من نحو 60% من إجمالي واردات مصر من القمح إلى أقل من 25% من الواردات المصرية من القمح، مما دفع فنسنت بترسون نائب رئيس العمليات الخارجية في رابطة "ويت اسويتس" لمصدري القمح الأمريكيين يصرح بأن "صادراتنا إلى مصر تراجعت هذا العام عن المعتاد نظراً للمنافسة الشرسة من دول البحر الأسود"، أي روسيا وأوكرانيا. وبعد تراجع الصادرات الأمريكية لمصر إلى أقل من مليوني طن من القمح في العام الأخير، أصبحت روسيا تتفوق عليها في السوق المصرية المهمة للغاية لمصدري القمح في العالم. والغريب أنه في ذروة الأزمة بشأن صادرات القمح الروسية إلى مصر، تمكنت موسكو خلال شهر يونيو الجاري من التوصل لاتفاق طويل الأجل لتصدير القمح الروسي إلى مصر.
على صعيد آخر، حاولت روسيا القيام بدور تنسيقي بين مصدري الحبوب من خلال دعوتها لإنشاء منظمة للدول المصدرة لها على غرار منظمة أوبك لمصدري النفط، واستضافت "منتدى الحبوب العالمي" في سانت بطرسبورج (ليننجراد) في شهر يونيو الجاري، لكن الطموحات الروسية الظاهرة في القيام بدور أكبر كثيراً في سوق الحبوب الدولية يثير حفيظة الولايات المتحدة والدول المصدرة الكبرى الأخرى، ويجعل تحول مثل هذه المنظمة المقترحة إلى واقع، أمراً صعباً في ظل تضارب مصالح الدول التي من المفترض أن تدخل فيها وصعوبة التوفيق بين طموحاتها في السيطرة على حصص أكبر من السوق الدولية للحبوب.
وكان الرئيس الروسي قد صرح في المنتدى بأن بلاده قادرة على أن تكون أحد الضامنين الرئيسيين للأمن الغذائي العالمي، مشيراً إلى أن بلاده تعتزم استثمار أراض متروكة منذ عام 1991، وتوسيع النطاق الجغرافي لصادراتها من الحبوب، وستواصل دعم مزارعيها، مؤكداً أن نصيبها من سوق الحبوب الدولية البالغ 5% فقط لا يتناسب مع امتلاك روسيا لنحو 40% من التربة السوداء الخصبة غير المستغلة في العالم، وامتلاكها لنحو 14% من الأراضي الزراعية الاحتياطية الجاهزة للزراعة في العالم. وكان وزير زراعة روسيا قد صرح قبل ذلك بأن بلاده تستطيع هي وكازاخستان وأوكرانيا أن توسع حصتها من سوق الحبوب الدولية لتصبح 25% منها، أي أكثر من ثلاثة أضعاف حصتها الحالية منها. وإذا كانت طبيعة الطقس في روسيا وأوكرانيا وكازاخستان لا تسمح لها بزيادة مؤثرة في صادراتها من الذرة والأرز، فإن طموحات هذه الدول في توسيع دورها في سوق الحبوب الدولية، ستنصب على القمح والشعير وبعض حبوب الأعلاف، وهو ما يعني اقتطاع حصة كبيرة من الصادرات الأمريكية والأوروبية والكندية من سوق الحبوب الدولية وبالذات من سوق القمح والشعير. وربما يكون من مصلحة الأمن الغذائي العالمي أن تتصاعد هذه النزعة لدى روسيا كي تحصل الدول المستوردة على احتياجاتها بأسعار معقولة نتيجة المنافسة بين المصدرين، ولضمان ألا يتم التوسع في استخدام الحبوب في إنتاج الوقود الحيوي، إذ من المرجح ألا تستخدم روسيا، التي تتصدر دول العالم في احتياطيات مواد الطاقة عموماً، إنتاجها من الحبوب في إنتاج الطاقة الحيوية.
ومع تصاعد المنافسة في الأسواق الدولية، أصبحت ميزات القرب الجغرافي وما تعنيه من انخفاض نفقات النقل والتأمين، عاملاً مهما في تحديد جغرافيا العلاقات التجارية الدولية في مجال الحبوب. وهذه الجغرافيا لا تصب في مصلحة الولايات المتحدة البعيدة عن أسواق الاستهلاك الرئيسية في الوطن العربي وآسيا بالمقارنة مع المصدرين الآخرين من روسيا والاتحاد الأوروبي وأستراليا وأوكرانيا وكازاخستان، وكلهم أقرب لهذه المناطق من الولايات المتحدة التي تضطر لتحمل المزيد من الدعم لمزارعيها لجعلهم قادرين على المنافسة في تلك الأسواق ولو بصورة مصطنعة. وكلما ارتفعت أسعار النفط، وما يترتب عليها من ارتفاع نفقات النقل، تتراجع قدرة الولايات المتحدة على الصمود في المنافسة في الأسواق البعيدة عنها، إلا إذا رفعت مخصصات دعم صادراتها الزراعية وحملت ميزانيتها بالمزيد من الأعباء، لذا فإن تراجع أسعار النفط منذ انفجار الأزمة المالية والاقتصادية الأمريكية والعالمية، أغرى الولايات المتحدة على محاولة اختراق أسواق تقليدية لمصدرين آخرين، مثل السوق المغربية والجزائرية التي تستورد احتياجاتها من القمح اللين من فرنسا وأوروبا بصفة عامة، وتستورد احتياجاتها من القمح الصلب من كندا، علما بأن المغرب والجزائر ضمن قائمة أكبر عشر دول مستوردة للقمح في العالم في الوقت الراهن.
وإضافة للصراعات بين الدول المصدرة على الأسواق المستوردة للحبوب، فإن هناك صراعاً من نوع آخر بين المصدرين، وبين الدول المستوردة الطامحة إلى تنفيذ برامج للاكتفاء الذاتي من الحبوب عموماً، أو من أي من تلك الحبوب. وتعمد تلك الدول الكبرى المسيطرة على الجانب الأعظم من الصادرات الدولية من القمح والحبوب عموماً، إلى تخفيض أسعارها لجعل تكلفة إنتاج الحبوب في الدول النامية، أعلى من تكلفة استيرادها من الدول المصدرة، بحيث تكف تلك الدول النامية عن المضي في برامجها لرفع معدل الاكتفاء من الحبوب وتستمر بالتالي في الاعتماد على استيراد الحبوب من تلك الدول المهيمنة على الأسواق الدولية. وبعد فترة تقوم تلك الدول المصدرة برفع أسعار الحبوب تدريجياً، إلى أن تصل إلى ذروات تعجيزية للدول النامية والمستوردة، التي تبدأ مرة أخرى في إعداد برامج لتحقيق الاكتفاء الذاتي، لتعود بعدها الدول المصدرة إلى تكرار تخفيض الأسعار مستعينة بالدعم الكبير الذي تقدمه لمزارعيها والذي يكسبهم قدرة تنافسية مصطنعة وغير حقيقية، وذلك لإجهاض برامج الاكتفاء الذاتي في البلدان النامية. وقد أصبح هناك توافق دولي على أن الطريقة المثلى لمواجهة هذا التكتيك الفاسد، هي إبقاء أسعار توريد الفلاحين للحبوب المنتجة محلياً إلى الدولة، عند مستويات مرتفعة قريبة من أعلى المستويات التي بلغتها الأسعار في الأسواق الدولية، حتى لو كان ذلك يعني تضييع فرصة استيراد الدولة للحبوب من الخارج بأسعار أقل، لأنه سيعني بالمقابل، تحسين مستوى الأمن الغذائي القائم على الإنتاج المحلي.