أبو نخيلة
أبو نخيلة بن حَزن بن زائدة بن هدم ابن بني حمّان (… ـ 145هـ/… ـ 762م)، يرتفع نسبه إلى سعد ابن زيد مناة بن تميم، فهو حمّاني، سعدي، تميمي، تكاد المصادر تُجمع على أن «أبا نخيلة» اسمه الحقيقي لا لقبه، وقيل إنه سمي كذلك لأن أمه ولدته تحت نخلة، ولقب بأبي الجنيد، وأبي العِرماس. وهو شاعر من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية.[1]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سيرته
لا توفر المصادر كثيراً من المعلومات حول تحديد سنة ولادته، والمتتبِّع لشعره، ولِصلته بالخلفاء الذين مدحهم ترجح أنه ولد في النصف الأول من القرن الهجري الأول لأب عربي تميمي وأم أعجمية، وكان أسود اللون، قبيح المنظر شهد على نفسه بذلك في شعره، ويبدو أنه كان عاقاً بأبيه، فنفاه عن نفسه، فقصد بادية الشام يطلب الرزق، وتأدب بها حتى شَعَر، وقال رجزاً كثيراً، وقصيداً صالحاً.
عاد أبو نخيلة بعد وفاة والده إلى البصرة، فابتنى فيها داراً، وتزوج بامرأة تُلقّب بأمِّ حمّاد الحنفية من عشيرته، فولدت له بنتاً، فغمّه ذلك فطلّقها، ولما عاتبه قومه راجعها، وتَسكُت المصادر عن ذكر أبنائه الجنيد والعِرماس وحماد، وتذكر أن أمّ حماد ولدت له ولداً سماه علياً، حظي بحب أبيه ورعايته الزائدة، مما أثار حفيظة زوجته.
صفاته
كان الشاعر حاد الطباع، بذيء اللسان، ولاسيما حين يسرف في الهجاء، وجمع إلى ذلك الشح والبخل، ومما يروى عن ذلك أن أعرابياً من بني تميم نزل عليه، فأطعمه، فلم يشبع، ولما طلب إليه المزيد هجاه، وغلب عليه الطمع في النّوال الذي يريده، فقد مدح المهاجر بن عبد الله الكلابي أحد رجالات بني أمية، ولما وصله بناقة، مضى مُغضباً وهجاه هجاءً مُرّاً.
اتصل أبو نخيلة برجالات عصره من بني أمية فمدح مَسلمة، والوليد، وهشام أبناء عبد الملك بن مروان، والوليد بن يزيد بن عبد الملك، ومروان ابن محمد، ولمّا آل الأمر إلى بني العباس اتصل بأبي العباس السفاح، وأبي جعفر المنصور ومدحهما.
وفاته
مات الشاعر قتلاً على يد عيسى بن موسى بن محمد العباس، وكان سبب ذلك أنه طمع في نوال الخليفة أبي جعفر المنصور، فقال رجزاً يحثه على خلع عيسى من ولاية العهد، وعقدها لابنه المهدي؛ وذلك قوله:
بلْ يا أمينَ الواحدِ الموحَّدِ إنَّ الذي ولاَّك ربُّ المسجدِ ليسَ وليُّ عهدِنا بالأسعدِ عيسىَ فزحلفْها إلى محمَّدِ
فخصه الخليفة بجائزة كبيرة، ولمّا توجه لاستلامها، جرد عليه عيسى مولى له لحق به وقتله ذبحاً.
الشعر
وكان الأغلب على أبي نخيلة شعر الرجز، وله قصيد ليس بالكبير، وكان المدح أبرز أغراضه، أسبغه على بعض الخلفاء والقواد ورجالات الدولة في العصرين، ولم يكن مدحه إعجاباً بأحد منهم بل طلباً لعطاياهم وشكراً عليها، كقوله يمدح مسلمة بن عبد الملك:
شكرتُكَ إن الشُّكرَ حبلٌ من التُّقى وما كل من أوليتَهُ نعمةً يقضي وألقيتَ لمَّا أن أتيتُك زائراً عليّ لحافاً سابغَ الطولِ والعرضِ
أما الهجاء فطال به من امتنع أو شح في إعطائه المال، وتعرَّض لبعض شعراء عصره كالعجاج وشاعر مغمور آخر يدعى الأبرش، ورثى عدداً من الرجالات القادة كالجنيد بن عبد الرحمن المري، والمهاجر بن عبد الله الكلابي، وافتخر أبو نخيلة بنفسه وشاعريته، ووصف الإنسان والحيوان والطبيعة، وكان غزله تقليدياً تقدم بعض أراجيزه الطويلة.
رأي النقاد
اهتم بعض النقاد بشعر الشاعر فوصفه صاحب «الأغاني» بأنه «شاعر، محسن، متقدم في الرجز والقصيد»، وقال عنه صاحب «طبقات الشعراء»: «من أفصح الناس وأشعرهم، وكان مطبوعاً مقتدراً كثير البدائع والمعاني غزيراً جداً».
تصلح أشعاره أن تكون من الشواهد على معاني الشعر وأغراضه في القرن الهجري الأول، غلب عليها التقليد والمحاكاة، وتضمنت كثيراً من غريب اللغة وفصيحها، فتناثر كثير من أبياته في كتب اللغة والنحو والأدب شواهد على ما رمى إليه المصنفون، وعكست طيفاً من ألوان الحياة السياسية والاجتماعية.
ولأبي نخيلة ديوان مطبوع بعنوان «شعر أبي نخيلة الحماني» حققه عدنان عمر الخطيب وراجعه فيصل الحفيان.
المصادر
- ^ عبد الرحمن عبد الرحيم. "أبو نُخَيلة (الراجز)". الموسوعة العربية.
للإستزادة
- الأصفهاني، الأغاني (دار الكتب العلمية، بيروت 1992).
- ابن قتيبة الدينوري، الشعر والشعراء(دار الكتب العليمة، بيروت 1985).
- البغدادي، خزانة الأدب، تحقيق عبد السلام هارون (مكتبة الخانجي، مصر 1981).
- المسعودي، مروج الذهب ومعادن الجوهر، تحقيق عبد الأمير علي مهنا (بيروت 2000).