ماتيلده كريم

(تم التحويل من Mathilde Krim)
ماتيلده كريم
Mathilde Krim
Mathilde Krim.jpg
وُلِدَ
ماتيلده گالاند

9 يوليو 1926 (العمر 98 سنة)
المدرسة الأمجامعة جنيڤ، الدكتوراة عام 1953
المهنةباحثة طبية
رب العملمعهد وايزمان للعلوم، كلية الطب، جامعة كورنل، معهد سولان-كترينگ لأبحاث السرطان
اللقبرئيس مؤسس amfAR، رابطة أبحاث الإيدز
الحركةإرگون
الزوجآرثر كريم
الجوائز16 دكتوراه فخرية، الوسام الرئاسي للحرية، جوائز جفرسون Award for Greatest Public Service Benefiting the Disadvantaged

ماتيلده كريم Mathilde Krim (ولدت 9 يوليو 1926)، هي باحثة طبية أمريكية-إسرائيلية-إيطالية من أصل سويسري. كانت عضوة في تنظيم إرگون الصهيوني. وكانت عشيقة الرئيس الأمريكي ليندون جونسون. والرئيسة المؤسسة للمؤسسة الأمريكية لأبحاث الإيدز.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حياتها وعملها

وُلدت ماتيلدا في 9 يوليو 1926 في كومو، إيطاليا، من أب سويسري اسمه گالاند وأم إيطالية وهو مزيج أعطاها نوعاً من الجمال والحيوية يبدو أن تأثيرهما معاً منحها جاذبية لا تقاوم بشهادة الذين عرفوها عن قرب. وكانت حياتها حافلة، فقد انفصل والدها عن أمها أثناء طفولتها وألحقت في مدرسة داخلية كاثوليكية. ولم تقض غير سنوات في هذه المدرسة حتى غادرتها وظهرت في روا، ثم اختفت من روما لتظهر في إسرائيل ملتحقة بمعهد وايزمان وواقعة في غرام شاب من أعضاء جماعة شتيرن ضمن الحلقة التي كانت تنتمي إليها مجموعة الشباب الذين نفذوا محالة إغتيال اللورد موين وزير الدولة البريطاني في الشرق الأوسط ومقره القاهرة سنة 1944. ولم يكن هذا الشاب – واسمه ديفيد دانون – ضمن الذين نفذوا محاولة الاغتيال مباشرة، بل كان دوره في الصفوف الخلفية من التخطيط والإعداد. وعندما تمكن البوليس المصري من اعتقال الشابين اللذين نفذا عملية الاغتيال وحكم عليهما بالإعدام، ونفذ الحكم فعلاً في سجن الاستئناف بالقاهرة – أصيب دانون بصدمة جعلته يعتزل العمل الإرهابي ويتفرغ لمهام الدعاية السياسية للقضية الصهيونية. وفي ظروف معركة فلسطين 1948 عاد دانون إلى الخدمة في قوات الهاجاناة، وفي ذلك الوقت تزوج دانون من ماتيلدا التي تركت الدين الكاثوليكي، وأصبحت يهودية ومقاتلة صهيونية متحمسة.

وتوفى دانون بعد ذلك في ظروف غير معروفة، وبعد سنوات قليلة ظهرت ماتيلدا في نيويورك، واستقرت في الولايات المتحدة، وهناك تزوجت من رجل أعمل أمريكي يكبرها سناً بكثير، وهو آرثر كريم.


علاقتها بجونسون

ماتيلده كريم مع الرئيس الأمريكي ليندون جونسون.

يطلق عليها البعض لقب "ماتاهاري" إسرائيل، لأنها قدمت خدمات جنسية لأجانب لصالح إسرائيل.[1]

في الولايات المتحدة تحولت المقاتلة الجميلة إلى سيدة مجتمع بدأ نجمها يلمع في نيويورك وواشنطن. وتعرف ليندون جونسون على الزوجين في الفترة التي كانت فيها نائب رئيس لكنيدي، وربما كان أول ما جمعهما معاً هو الحماسة الزائدة لإسرائيل. فقد كان معروفاً أن ليندون جونسون صديق حميم لإسرائيل، كما أن ماتيلدا كانت تعتبر نفسها صهيونية بالكامل. وقد روت هي مرة أن ليندون جونسون قال لها في أول مرة قابلها بعد إغتيال كيندي: "إنني أعرف أنكم كنتم تعتبرون كيندي صديقاً لإسرائيل، وهذا صحيح، ولكن قولي لأصحابنا أن إسرائيل فقدت صديقاً في البيت الأبيض وربحت صديقاً أفضل منه في نفس المكان". ولم يتضح عمق العلاقات بين جونسون وبين ماتيلدا إلا عندما أصبح جونسون رئيساً وتركزت جميع الأضواء عليه وعلى حركاته وسكناته وعلى الذين يقابلهم ويختلط بهم، باعتبار أن الرئيس هو بؤرة الاهتمام وملتقى الأضواء في العاصمة الأمريكية. وكانت ماتيلدا في ذلك الوقت تقترب من الأربعين وقد وصل جمالها إلى ذروته، وأكسبتها التجارب المتنوعة خبرة في ترويض الرجال.

وفي أيام الذروة من أزمة مايو 1967 كان كل أصدقاء إسرائيل يعزفون الطريق إلى قلب ليندون جونسون. وكان تركيزهم على ماتيلدا شديداً، ولم تكن هي بدورها في حاجة إلى من يقتنها. وهكذا فإنها كانت تعيش داخل صورة الأزمة دقيقة بدقيقة، وعلى اتصال مستمر ودائم بليندون جونسون.

وكان جونسون قد شرح لماتيلدا خطته في الأزمة وكيف أنه يريد أن يبني موقفه على توافق عام مع الكونجرس ووسائل الإعلام والرأي العام الأمريكي، وأن هذا يتأتى بأن يبدو أمام الجميع أنه اتخذ كل المسالك المتاحة له بالسياسة والدبلوماسية قبل أن يلجأ إلى العمل المباشر. ولعدة أيام كانت ماتيلدا على اقتناع بصواب رأيه، ولكن صبرها راح ينفد بسرعة مع مرور الساعات وتزايد الإلحاح عليها إلى درجة أن دونالد نيف ينقل عن الذين عرفوها في تلك الفترة أنها حذرت جونسون من وزير خارجيته رسك ومن بعض كبار المسئولين في وزارة الخارجية قائلة له: "إن هؤلاء الناس ليست لديهم مقومات المقاتلين في أزمة، وأن أعصابهم مستهلكة، وهي تخشى من أنهم يخدرون عزمه وتصميمه بكل هذا الذي يقترحونه عن ضرورة تهيئة الجو لتوافق عام، بل إن ماتيلدا مست صميم حيرة ليندون جونسون حين قالت له أثناء مناقشة بينهما في حضور إيب فورتيس وهو أحد قضاة المحكمة العليا – ويهودي- إنه يستطيع أن يكسب في الشرق الأوسط كل ما خسره في الشرق الأقصى. وقد أضافة بن واتنبرج، وهو رجل أعمال من أصدقاء جونسون وماتيلدا كريم، إلى ذلك قوله موجها كلامه للرئيس: "إن الحمائم في فيتنام صقور في الشرق الأوسط، وإذا استطعت أن تعطيهم ما يطلبونه في الشرق الأوسط فسوف يعطونك ما تطلبه في الشرق الأقصى". وكان واتنبرج يشير بذلك إلى حقيقة أن عدداً كبيراً من المثقفين اليهود كانوا يعارضون حرب فيتنام ذات الوقت الذي كانوا فيه يطالبون جونسون بشن الحرب في الشرق الأوسط. هكذا كان جونسون مستعداً لاستقبال أبا إيبان. وكان يفهم تماماً وجهة نظر الإسرائيلية ودواعي العجلة التي تدفعها. ومن ناحية أخرى كانت اتصالاته مع الكونجرس ومع الاتحاد السوفيتي ما زالت مستمرة.

واستمع إلى شرح أبا إيبان لآخر تطورات الموقف في هدوء. وترك له الفرصة ليقول كل ما عنده، ثم جاء عليه الدور ليتكلم، وبدأ فقال لإيبان: "إنه يرجو أن تعطيه إسرائيل فرصة تقاس بالساعات وليس أكثر، وأن تتصرف في هذه الساعات بوحي من ثقة كاملة فيه". ثم طلب من إيبان أن يتذكر الإجراءات التي قام بها في الأيام الأخيرة لطمأنة إسرائيل إلى وسائل القوة المتاحة لها وإلى الوقوف الأمريكي إلى النهاية معها. وعد جونسون بعضاً من هذه الإجراءات فذكر أنه أصدر عن البيت الأبيض عدة تصريحات كان آخرها صباح هذا اليوم بإعلان أن ما أقدمت عليه مصر غير قانوني وتعسفي، وأن الولايات المتحدة الأمريكية لا تستطيع أن تقبله كأمر واقع. وأضاف جونسون قائلاً لإيبان: "إنك كدبلوماسي تستطيع أن تزن معنى هذا الكلام". ثم استطرد جونسون فقال له: "إنه أمر بزيادات كبيرة على حجم الأسطول الأمريكي وأضاف إلى قوته في الساعات الأخيرة اثتنين من حاملات الطائرات، هما حاملة الطائرات أمريكا وحاملة الطائرات ساراتوجا، وهما هناك لا تقومان بنزهة بحرية وإنما هما في طريقهما للإنضمام إلى الأسطول الأمريكي لمهام جدية تعرفها إسرائيل ولابد أن تقدرها. ثم أضاف جونسون، إنه وقع قبل يومين على أمر بإسرائيل آخر مجموعة كانت مطلوبة لإسرائيل من طائرات سكاي هوك، وهي أحدث مقاتلة قاذفة في الترسانة الجوية الأمريكية، وبالتالي فقد أصبح لدى إسرائيل أكثر من ثمانين طائرة من هذا الطراز، وذلك إلى جانب شحنات كبيرة وافق على إرسالها بسرعة من المخزون الاستراتيجي للولايات المتحدة في قواعدها الأوروبية. ثم تمهل ليندون جونسون في حديثة قليلاً قبل أن يقل لإيبان: "هناك أشياء أخرى كثيرة، ويستطيع والت (يقصد والت روستو، مستشاره لشؤون الأمن القومي) أن يحدثك عنها تفصيلاً، وإن كنت أظن أن جماعتكم في استطاعتهم أن يحدثوك عنها أكثر منه".

ثم عاد جونسون يقول إنه لا يساوره أي تردد فيما يتعين عليه أن يفعله إزاء تعهداته لإسرائيل، فهو ملتزم بهذه التعهدات، بل وعلى استعداد لأن يذهب إلى أبعد مما تعهد به. لكنه يريد من أصدقائه في إسرائيل أن يتفهموا موقفه الدستوري، فهو مقتنع بضرورة أن يأخذ الكونجرس كله معه فيما يقرره. وتوقف في هذه اللحظة بعض الوقت ثم اعترته نوبة من الحكمة فقال لإيبان بالحرف: "إن ما يفكر فيه الرئيس الأمريكي لا يساوي خمسة سنتات إذا لم يكن الكونجرس والرأي العام واقفين وراءه. بدون الكونجرس والرأي العام فأن رجل من تكساس طوله ستة أقدام وأربع بوصات، وأما بالكونجرس فأنا رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.

ثم أشار جونسون إلى أن الكونجرس يتحرك بسرعة ليأخذ مكانه وراء إسرائيل وكذلك الرأي العام في الولايات المتحدة، ولكن علينا أن نجيء إلى صفنا بالرأي العام لنضمن تأييده وعزلة الاتحاد السوفيتي، وهذا هو سبب اهتمامنا الوحيد: "المناقشات التي تجري في مجلس الأمن وتقرير يو ثانت الذي هو الآن على وشك أن يعلن".

وأبدى أبا إيبان ضيقه من أي شيء يصدر عن الأمم المتحدة، وأضاف إن تجارب إسرائيل مع الأمم المتحدة جميعاً، وأسوأها ما جرى سنة 1956، ورد عليه جونسون قائلاً: "ولكن سنة 1967 ليست هي سنة 1956".

وسأله أبا إيبان في النهاية ماذا يقوله لزملائه في مجلس الوزراء الذي سيحضر اجتماعه يوم الأحد المقبل، ورد عليه جونسون: "قل لهم إن إسرائيل لن تكون وحدها إلا إذا أرادت هي أن تكون وحدها". وكان أبا إيبان يريد تعهداً محدداً فسال جونسون: "هل أستطيع أن أنقل للمجلس أنكم سوف تستعملون كل وسائل القوة المتاحة لكم لدعم موقفنا؟"، وقال له جونسون: "نعم"، ثم أضاف: "نعم" ثلاث مرات، وضع كل واحدة منها خطاً لمزيد من التأكيد". وهم جونسون بالقيام وقد انتهت المقابلة تقريباً، ثم توقف لحظة وعادة يقول لإيبان: "قل لهم إن إسرائيل تستطيع أن تعتمد علي. إنني لن أنكص عن وعد ولن أنسى كلمة قلتها. ولكي لا أريد أن أترك ثغرة لاحتمال تدخل سوفيتي لأنكم سئمتم الانتظار عدة ساعات". بعد سفر أبا إيبان من واشنطن بيوم واحد – كتب والت روستو مستشار الأمر القومي مذكرة إلى الرئيس جونسون يقول فيها:

«

"السبت 27 مايو 1967

الساعة 3.3 بعد الظهر

من والت روستو إلى الرئيس

(كان الرئيس مع بعض أصدقائه، ومن بينهم ماتيلدا كريم وزوجها، قد ذهب لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في مزرعته في تكساس).

رأيتك إحاطتك بنقطتين بشأن ما تنوي السكرتارية العامة للأمم المتحدة أن تفعله:

1- التثبت كأمر واقعي بأنه ليس هناك سفن ترفع العلم الإسرائيلي يتوقع مرورها في الخليج لمدة ثلاثة أسابيع.

2- واستناداً إلى هذه المعلومات سيطلبون من الجمهورية العربية المتحدة أن تواصل جميع السفن الأخرى عبور الخليج، باستثناء تلك التي تحمل مواد إستراتيجية. ولم يتضح ما إذا كان هذا يشمل ناقلات البترول أم لا. وهناك ضغوط تبذل في نيويور بإتمام صفقة مع مصر تقضي بأن يسمح لجميع السفن باستثناء تلك التي ترفع علم إسرائيل بعبور الخليج دون تفتيش. وقد عارض وزير الخارجية رسك هذا الاتجاه على ضوء بياناتكم الواضحة مع إبان إيبان مساء أمس. ولن تقبل إسرائيل مركز مواطن من الدرجة الثانية في الخليج. كما أن الإسرائيليين يخشون أن يمتد الوقف الاختياري (طبقاً لاقتراح يو ثانت) إلى أكثر من ثلاث أسابيع ليصبح تسوية أمر واقع. 3- تتجه الآن سفينة أمريكية هي السفينة جرين آيلاند وهي محملة بأسلحة إلى الأردن، وهي على وشك دخول الخليج الآن إلى ميناء العقبة الأردني. وقد صدرت إليها التعليمات بأن تقف في وسط البحر حتى تتاح لكم الفرصة لسماع توصيات وزير الخارجية ووزير الدفاع، وكلاهما يقوم بإعداد توصياته لكم في اللحظة الراهنة. وقد يبدو دخول هذه السفينة إلى مواقع الحصار المصري نوعاً من الاختبار بدون إعداد. كما أن حمولة السفينة كلها من الأسلحة المتوجهة للأردن، وهذا يثير رأياً آخر يستحسن عدم الموافقة على أن تواصل السفينة رحلتها إلى ميناء العقبة. هذا مع العلم أن سفيرنا في الأردن يوصي بأن تمضي السفينة قدماً إلى هدفها بسبب الآثار النفسية المعاكسة التي يمكن أن يحسب بها الأردنيون نتيجة لتوقفها. مع رجاء ملاحظة أن الإذاعات العربية تكرر الآن بصوت عالي أننا حولنا اتجاه السفينة لأنها تحمل أسلحة للأردن.

إمضاء والت روستو".»

ويوم 29 مايو أحال والت روستو مستشار الأمن القومي لليندون جونسون إلى رئيسه (الذي كان لا يزال في مزرعته بتكساس) تقريراً عن آخر التطورات، وكان نصه كما يلي:

«

"يتطلب المخطط الخالي منا استنفاد الاحتمالات الممكنة في الأمم المتحدة، ثم نصدر بعد ذلك إعلاناً من قبل الدول البحرية، ثم نقوم باختبار مباشر لحرية الملاحة في خليج العقبة بأنفسنا. وثمة تقدير ضئيل من الثقة في أن يسفر طريق الأمم المتحدة عن حل. وإن كان من المتوقع في أغلب الظن هو استنفاده من قبيل التسجيل. وهناك ضغوط شديدة من جانب أصدقائنا الذين لا يؤمنون بفعالية الأمم المتحدة، وكلهم يرون أن نتجنب طريق الأمم المتحدة بما في ذلك عدم الإصرار على استصدار قرار من مجلس الأمن بتأكيد حق المرور البريء (أي مرور السفن غير العسكرية).

إن أي قرارات من الأمم المتحدة قد يكون لها مذاق معين داخل وخارج الأمم المتحدة، لكنه حال أن تنطلق تحركاتنا خارج الأمم المتحدة فسيكون في استطاعتها أن تستحوذ على كل الأضواء. هذا مع أنني بالطبع أفهم ضرورة استخدام كل آليات الأمم المتحدة، وإن كنت قد بدأت أشعر أن إمكانياتها جميعاً قد استنفدت."

إمضاء والت روستو".»

وفي الساعة التاسعة من مساء نفس اليوم الأحد 29 مايو، اتصل الدكتور رالف بانش مساعد السكرتير العام للأمم المتحدة بالسفير حمد عوض القوني. وكتب السفير القوني بعد هذا الاتصال برقية شفرية إلى القاهرة، كان نصها:

«

"إلحاقاً لبرقية البعثة رقم 3108/149 بتاريخ 29/5:

أبلغني الدكتور بانش أن السكرتير العام قد عدل عن توجيه النداء (إلى الرئيس جمال عبد الناصر بشأن إعلان الوقف الاختياري في الخليج لمدة أسبوعين) كما عدل عن توجيه النداء الآخر إلى أشكول. وطلب سحب الندائين لأنه لا يود أن يقوم بعمل يسيء إلى الموقف بدلاً من تخفيفه.أضاف أن يو ثانت لم يصله كتابة قبل سفره من القاهرة من السيد وزير الخارجية بتأكيد ما تم الاتفاق عليه.

شكرت السكرتير العام وقدرت له هذا التصرف الأخير، فقد جنبنا عواقب خطيرة.

إمضاء

مندوب دائم

محمد عوض القوني"»

كان السفير القوني متعجلاً في إرسال هذه البرقية للقاهرة حتى لا تبني مصر فألها على الإنطباع بان حالة الوقف الاختياري لا تزال قائمة ومنفذة. وبالتالي فإنه لم يضمن برقيته كل تفاصيل حديثه مع بانش متعجلاً أن يصل مضمونها إلى القاهرة بأسرع ما يمكن لكي تعيد تقدير حساباتها. ثم عاد بعد ذلك فكتب برقية شفرية أخرى إلى القاهرة يقول فيها "إنه حاول ان يستوضح بانش عن الأسباب التي دعت السكرتير العام إلى تغيير رأيه في ظرف عدة ساعات، ولم يحصل منه على جواب شاف سوى أن بانش كرر له ما سبق أن قاله من أن السكرتير العام يسعى إلى حل أزمة ولا يريد أن يضيف إليها أزمة أخرى. وهو يشعر أن تدخله في هذه المرحلة ليس مناسباً، وإنما هو سيكتفي بتقريره إلى مجلس الأمن ويترك للمجلس إذا شاء أن يطلب هو أية حلول يقترحها أعضاؤه ويتوصلون إليها من خلال مناقشاتهم.

ثم روى السفير القوني في برقيته أنه أثار مع بانش نقطتين:

1- أنه لم يكن هناك اتفاق على أن يقوم وزير خارجية الجمهورية العربية المتحدة بتبليغ يو ثانت كتابة قبل سفره من القاهرة بأي شيء. وأن فهم القاهرة هو أن يو ثانت كان في تلك المرحلة من مهمته يحاول تنسيق أفكار وجهود الأطراف.

2- الدليل على ذلك أنه بعد عودة السكرتير العام إلى نيويورك بعث بندائه إلى كل من الرئيس جمال عبد الناصر وإلى رئيس الوزراء الإسرائيلي ليفي أشكول، وأنه هو شخصياً (أي السفير القوني) أبلغ يو ثانت بموافقة الرئيس على ندائه ولم يسمع منه سوى كلمات الشكر والتقدير.

ثم خلص القوني إلى أن الموضوع بدا له مستغرباً. وزاد من استغرابه أن يو ثانت هو الذي كان يجب عليه بروتوكولياً "أن يبلغه بنفسه أنه غير فكره وعدل عن توجيه ندائه". وكان واضحاً من هذا كله أن الضغوط على يو ثانت أصبحت أكثر مما يحتمل. ولم يكن أحد يتصور في ذلك الوقت أن مصدر هذه الضغوط المتزايدة هو مزرعة ليندون جونسون في تكساس.

وذات يوم في نهاية 1967 حضر بدعوة من جونسون سفراء السعودية وتونس ولبنان والكويت، في محاولة من جونسون لأثبات عدم عزلة أمريكا عن العالم العربي. جلس السفراء إلى المائدة يأكلون ويتحدثون في الوضع في الشرق الأوسط ، بينما جونسون يداعب كلبه المدلل (بيجل) ويطعمه من فتات النائدة إذ ذاك قال جونسون[2]:

«دعونا من الكلام في السياسة، ولنجعل من غذائنا مناسية اجتماعية تماماً.»

وحين تغير الكلام .. لم يستطع جونسون مسايرة هذا التغيير، حتى نادى كلبه وبدأ يتحدث إليه:

«ماذا أستطيع أن أفعل؟ رجل يضايق جاره ضيقاً شديداً إلى أن فرغ صبر الجار، فأمسك به وضربه (علقة) ساخنة. فماذا أستطيع أن أفعل من أجله.»


الهامش

  1. ^ Michael Santomauro (2011-09-29). "Servicing the Commander-in-Chief". REPORTERSNOTEBOOK.COM.
  2. ^ هل يمكن أن تتغير أمريكا؟ السياسة الأمريكية من (بيجل) إلى تعهدات (أوباما)، الفكر القومي العربي

وصلات خارجية