كونيرز مدلتن
كونيرز مدلتن Conyers Middleton (عاش 27 ديسمبر 1683 – 28 يوليو 1750) كان قساً إنگليزياً. انغمس في الجدالات والخلافات، وذاعت عنه سمعة أنه غير مؤمن، كما اُعتُبر واحداً من أفضل المهتمين بالأسلوب في اللغة الإنگليزية في زمنه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سيرته
وُلِد مدلتن في ريتشموند، يوركشر، وتعلم بمدرسة في يورك وفي جامعة كمبردج.
الجدل الربوبي
واصل كونيَرز مدلتن الهجوم من الزاوية التاريخية. فبعد أن تخرج في كلية ترنتي بكمبردج رسم قسيساً، وبينما كان يكيل الضربة تلو الضربة للأيمان السني، واصل الممارسات الخارجية للعبادة المسيحية. وقد كتب طرفاً من أفضل النثر في عصره، وكتابه "سيرة شيشرون" (1741) ما زال إلى اليوم سيرة رائعة رغم كثرة ما استعاره من سير شيشرون التي سبقته. وقد أبهج زملاءه القساوسة حين أرسل إلى إنجلترا "رسائل من روما" (1739)، التي بين فيها بتفصيل ينم عن علم ودراية رواسب الطقوس الوثنية المتخلفة في مجموعة الطقوس الكاثوليكية-البخور، والماء المقدس، وآثار القديسين، والمعجزات، والقرابين المنذورة والأنوار القائمة أمام المزارات المقدسة، و"كبير الأحبار Pontifex Maximus" القديم الذي أصبح كبير أحبار روما Pontiff.
وصفقت إنجلترا البروتستنتية للرسائل، ولكنها سرعان ما تبينت أن ولع مدلتن بالتاريخ يمكن أن يكدر صفو اللاهوت البروتستنتي كالكاثوليكي سواء بسواء. فلما دافع دانيال واترلاند عن حرفية صدق الكتاب المقدس ووحيه رداً على ماثيو تندال، أنذر مدلتن في "رسالة الدكتور ووترلاند" (1731) اللاهوتيين البروتستانت بأن تشبثهم بكل أساطير الكتاب المقدس باعتبارها تاريخاً فعلياً ليس إلا عملاً انتحارياً، لأن تقدم المعرفة سوف ينبذ أن عاجلاً أو آجلاً مثل هذه الخرافات ويُكره المدافعين المسيحيين على التقهقر في خجل إلى موقف أكثر تواضعاً. ثم لجأ مدلتن إلى حجة فضحت ما كان لدراسته للتاريخ من أثر في إيمانه الديني فقال: "حتى ولو كان اللاهوت المسيحي لا يصدق، فإن المواطن الصالح سيساند المسيحية والكنيسة المسيحية باعتبارهما درعاً للنظام الاجتماعي يوفر روادع ممتازة للهمجية الكامنة في طبيعة البشر(21)".
وأخيراً أصدر مدلتن أهم أعماله ، تحقيق حر في القوى الإعجازية المزعون أنها وجدت في الكنيسة المسيحية خلال العصور المتعاقبة" (1748)-وهو كتاب عدّه هيوم بعد ذلك أسمى من مقالة المعاصر "في المعجزات" (1748). وقد بدأ بالتسليم بحجية المعجزات المنسوبة في الأسفار القانونية من العهد الجديد إلى المسيح أو رسله، وأراد أن يظهر فقط أن المعجزات المنسوبة إلى آباء الكنيسة وقديسيها وشهدائها بعد القرن الميلادي الأول غير جديرة بالتصديق، ومجرد سرد تلك القصص يكفي للكشف عن سخفها. وقد أمّن بعض آباء الكنيسة على مثل هذه القصص وهم يعلمون زيفها؛ ونقل مدلتن عن موزهايم، المؤرخ الكنسي العلامة، تصريحه بالخوف من أن "الذين يبحثون بشيء من العناية كتابات أعظم وأقدس لاهوتيي القرن الرابع سيجدونهم كلهم وبلا استثناء ميالين إلى الخداع والكذب كلما اقتضت ذلك مصلحة الدين(22)".
وفي كتاب مدلتن عيوب كثيرة. فقد فاته أنه هو أيضاً زكى الخداع بالجملة دعماً للمسيحية، وغفل عن أن من التجارب الغريبة، كإخراج "المس الشيطاني"، أو كسماع القديس أنطونيوس للشيطان واقفاً ببابه، ما يمكن أن ينشأ عن قوة الإيحاء أو الخيال، وربما بدت هذه التجارب من قبيل المعجزات لمن رووها بأمانة. على أي حال كان من أثر هذا "التحقيق الحر" أنه سلّط على معجزات العهد القديم ثم على معجزات العهد الجديد، طرق النقد ذاتها التي طبقتها مدلتن على عصر آباء الكنيسة، وكان خصومه الكاثوليك محقين تماماً حين زعموا أن حججه من شأنها إضعاف كل الأساس الإعجازي للإيمان المسيحي. ولعل مدلتن قد قصد إلى هذا. ولكنه احتفظ بترقياته الكنسية إلى النهاية.
المراجع
- Sir Leslie Stephen, English Thought in the Eighteenth Century, ch. vi.
الهامش
- الإعزاء
- ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.