المناورات الروسية والغربية حول الأزمة النووية الإيرانية
المناورات الروسية والغربية حول الأزمة النووية الإيرانية
روسيا تدعو إلى عدم الاقتراب من المنشآت العسكرية الإيرانية
واشنطن ترفض تمديد المفاوضات وفرنسا تصر على تفتيش المنشآت
د. أشرف الصباغ
تتواصل المناورات بين روسيا وإيران من جهة، وبين الدول الغربية من جهة أخرى حول ملف طهران النووي، وذلك قبل أقل من شهر واحد على انتهاء المهلة المحددة للتوصل إلى اتفاق نهائي لتلك الأزمة.
فقد دعا وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى عدم مطالبة طهران بتعرية كافة منشآتها، لأن ذلك يتعلق بالأمن الوطني الإيراني. وذلك على اعتبار أن ذلك يدخل أيضا تحت بند احترام الأمن القومي لإيران وحصر عمليات تفتيش المنشآت العسكرية الإيرانية بتلك المتعلقة مباشرة بالبرنامج النووي.
لافروف أشار إلى أن موسكو تدعم عملية تفتيش المنشآت النووية الإيرانية، مؤكدا استعداد الجانب الروسي للمساهمة في إيجاد حل للخلاف حول تفتيش المنشآت العسكرية الإيرانية من خلال إجراء مفاوضات بين إيران والغرب. وأوضح أن خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية يعلمون ما هي المنشآت التي يجب تفتيشها باستمرار. هذا الأمر فسرته التقارير بأنه مناورة جديدة من روسيا لتأجيل التوصل إلى اتفاق نهائي إلى ما بعد 30 يونيو الحالي من جهة، ومحاولة ضمان أكبر قدر من المصالح بنتيجة هذه الصفقة التي لا يعرف أحد إلى أين تتجه بالضبط في ظل الأزمة اليمنية تحديدا ودور إيران البارز فيها. إضافة إلى طموحات طهران الجيوسياسية في الشرق الأوسط وتورطها في العديد من المغامرات التي تعطي انطباعا بأنها تنفذ لصالح قوى أكبر.
وللتأكيد على المناورات الروسية التي لا تخلو من تبريرات يتعلق بعضها بالقانون الدولي، والبعض الآخر بالأمن الوطني، والبعض الثالث بالإرادة السياسية، أكد سيرجي لافروف أنه يمكن التوصل إلى اتفاق نهائي الملف النووي الإيراني في حال عدم طرح شروط جديدة من قبل أطراف المفاوضات وتمسكها بالاتفاق السياسي الذي تم التوصل إليه في لوزان.
من جهة أخرى، وفي نفس سياق مناورات موسكو، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف أن الخلافات التقنية التي لا تزال عالقة بين إيران والسداسية حول برنامج طهران النووي يمكن تسويتها، لكنها تستدعي حلولا سياسية. وقال ريابكوف إن جميع الحواجز غير القابلة للتجاوز قد تمت إزالتها قبل شهر، لم يبق سوى تلك القضايا المعقدة تقنيا. واعتبر الدبلوماسي الروسي أن الخلافات العالقة بين الطرفين قد لا تحول دون توصلهما إلى اتفاق حول الوثيقة النهائية بحلول أواخر الشهر الحالي، وذلك في حال وجود ما وصفة بـ "الإرادة السياسية".
وفي ما يتعلق برفع حظر السلاح عن إيران، ذكر ريابكوف أن دول السداسية (الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وألمانيا) لم تتوصل بعد إلى توافق حول هذا الموضوع. وأشار إلى أن روسيا تصر على ضرورة أن يكون حظر توريد الأسلحة من بين العقوبات الأولى التي يجب أن ترفع عن طهران فور التوصل إلى اتفاق نهائي.
المعروف أن أطراف المفاوضات النووية الإيرانية قد توصلت في مدينة لوزان السويسرية في مطلع أبريل الماضي إلى اتفاق إطاري حول هذا الملف يحدد تدابير محددة لضمان سلمية البرنامج النووي الإيراني من خلال تقييد عمليات التخصيب ووقف النشاطات في منشأة "فوردو" وضمان عدم إنتاج البلوتونيوم في مفاعل "أراك". غير إن العميد أمير على حاجي زاده قائد قوة "الجوفضائية" في الحرس الثوري الإيراني قد أعلن في 22 مايو الماضي رفض طهران المطالب الغربية بدخول مفتشي وكالة الطاقة الذرية إلى مواقع عسكرية إيرانية في إطار الاتفاق النووي النهائي، مؤكدا أن ذلك أقرب إلى التجسس على إيران. علما بأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ستواصل تقديم تقارير دورية عن البرنامج النووي الإيراني من شأنها تزويد الدول الست ومجلس الأمن الدولي بمعلومات عن أنشطة طهران لتمكينها من تقييم مدى التزامها بالاتفاق.
وعلى الرغم توصل الدول الست الكبرى التوصل إلى صيغة لتسوية الأزمة النووية الإيرانية، إلا أنها اتفقت، الأحد 31 مايو الماضي، على إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة ضد طهران في حال مخالفتها شروط أي اتفاق نووي يتم التوصل إليه مستقبلا.
ولم يوضح المسؤولون بدقة الصيغة التي سيتم اعتمادها لتطبيق العقوبات، حيث تصر الدول الغربية على ضرورة حدوث ذلك دون تصويت من مجلس الأمن بناء على بنود سيتم إدراجها في قرار جديد لمجلس الأمن الدولي يتم إصداره بعد إبرام الاتفاق.
وعلى الجانب الغربي، تبدو المناورات أكثر اتساعا وخلطا للأوراق. فقد نفت الخارجية الأمريكية في 27 مايو الماضي إمكانية تمديد مهلة التوصل لاتفاق نهائي حول البرنامج النووي الإيراني. وصرح المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جيف راتكي بأن بلاده لا تفكر حاليا في تمديد المفاوضات إلى ما بعد 30 يونيو، معولا على أن المفاوضات الحالية مع إيران قادرة على التوصل إلى اتفاق بنهاية المهلة المحددة. غير أن عباس عراقجي مساعد وزير الخارجية الإيراني قال إن المفاوضات يمكن أن تمتد إلى ما بعد الموعد المحدد لانتهائها. واعترف بأن هناك صعوبات في صياغة نص الاتفاق النهائي.
وعلى الفور أعلنت فرنسا بأنها لن توافق على أي اتفاق نووي مع إيران ما لم تسمح طهران بعمليات تفتيتش لمنشآتها العسكرية. وشدد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بأن بلاده لن تقبل الاتفاق إذا لم يكن واضحا بأن عمليات تفتيش يمكن أن تتم في "كل المنشآت الإيرانية، بما في ذلك المواقع العسكرية"، دعيا الدول الكبرى المشاركة في المفاوضات إلى تبني الموقف الفرنسي حول هذه النقطة.
في هذا السياق تحديدا قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو إن الوكالة تأمل بأن تتمكن من دخول جميع المواقع بما فيها العسكرية. وأوضح أن تفتيش المواقع ممكن بموجب البروتوكول الإضافي لمعاهدة الحد من الانتشار النووي التي تعهدت طهران بتطبيقها في حال التوصل إلى اتفاق دولي قبل نهاية يونيو الحالي، لأن جميع الدول التي تطبق البروتوكول الإضافي (البالغ عددها 120 دولة) تعتبر أنه يحق للوكالة الدولية المطالبة بدخول جميع المواقع بما فيها المواقع العسكرية.
والمعروف أن الوكالة الدولية تطالب بدخول موقع "بارشين" العسكري القريب من طهران حيث يشتبه في أنه كان ساحة لتجارب تتعلق بتفجيرات تقليدية يمكن تطبيقها على الصعيد النووي. وقد أعلنت الوكالة الدولية أنها لم تتلق بعد أي توضيحات بشأن سؤالين من أصل 12 سؤالا كان من المطلوب توضيحهما في أغسطس 2014.
<comments />