يلبغا السالمي
يلبغا السالمي (ت. 811 هـ/1409م) هو أبو المعلي، يلبغا بن عبد الله، السالمي الظاهري برقوق، الأمير سيف الدين الفقيه الصوفي الحنفي، الوزير «الأستدار» المشير (أي قائد المدفعية). كان يذكر أنه حر الأصل من أهل سمرقند، سماه أبواه «يوسف»، وأنه سُرق ثم سُبي فاشتراه التاجر سالم، فنُسب إليه، ثم اشتراه الملك الظاهر برقوق فحظي عنده، وصيره من «الخاصكية» (حاشية السلطان)؛ لمهارته ورتبه لقراءة كتاب «الكلم الطيب» عنده.
كان ذكياً فطناً عفيفاً محباً للعلم وأهله، مائلاً إلى طريق الصوفية، يبالغ في تعظيمهم.
ثم أحب الحديث وطلبه، فسمع بحلب من أيدغمش مولى ابن النصيبي، وبدمشق من أبي هريرة بن الذهبي، وبالقاهرة من جماعة من الشيوخ.
كان طول عمره يلازم الاشتغال بالعلم ولكنه لم يفتح عليه منه بشيء سوى أنه يصوم يوماً بعد يوم ويكثر التلاوة وقيام الليل والذكر والصدقة ويحب العلماء والفضلاء، وفيه مروءة وهمة عالية مع كونه سريع الانفعال طائشاً لحوحاً مصمماً على الأمر الذي يريده ولو كان فيه هلاكه، ويستبد برأيه غالباً ويبالغ في حب ابن العربي وغيره من أهل طريقته ولا يؤذي من ينكر عليه , وكان من محاسن أبناء جنسه.
ولما خُلع السلطان برقوق من السلطنة سنة 791هـ أخذ له الأمير يلبغا مدينة صفد باسمه من أميرها النظامي، فحفظ له ذلك بعد عودته إلى الملك وولاه النظر على خانقاه سعيد السعداء في جمادى الأولى سنة 797هـ، ووعده برقوق بالإمرة ولكن لم يجعلها له، فلما كان في صفر سنة ثماني مئة ولاه إمرة عشرة، وقرره في شعبان من السنة نفسها ناظر المدرسة الشيخونية، ولما احتضر الظاهر برقوق جعله أحد الأوصياء، فكان يلبغا الذي أخذ يمين بيعة الجند للناصر فرج بن برقوق سلطاناً، فولي الاستدارية مراراً أي الإشراف على شؤون قصر السلطان وسار فيها سيرة عفيفة مع عسف وشدة، ومن محاسنه في عمله أنه رد سعر الفلوس إلى الوزن، وكانت قد فحشت جداً بالعد حتى صار وزن الفلوس خروبتين، وفعل من المحاسن ما يطول شرحه وسار في الاستدارية سيرة حسنة عفيفة، وأبطل مظالم كثيرة، وسافر في سنة ثلاث وثماني مئة إلى منية الشيرج وناحية شبرى من أرض مصر وكسر جرار الخمر فيها على كثرتها، وهدم كنيسة النصارى وتشدد في النظر في الأحكام الشرعية، وخاشن الأمراء وعارضهم فأبغضوه.
وقام في سنة 308هـ فجمع الأموال لمحاربة تمرلنك فشنعت عليه الناس، ولم يلبث أن قُبض عليه في رجب من السنة نفسها وتسلم الاستدارية ابن الغراب فأهانه، وعُوقب يلبغا ونفي إلى دمياط ثم أُحضر في سنة 508هـ، وقُرِّرَ في الوزارة والإشارة فباشرها على طريقته في العسف، وقبض عليه وعوقب أيضاً وسجن ثم أفرج عنه في سنة 708 وعمل مشيراً، فجرى على عادته، وسُلم للأمير جمال الدين الاستدار، وكان قد ثار بينهما الشر فعاقبه ونفاه إلى الإسكندرية، فرجمته العامة في حال سيره في الليل، ثم سجن إلى أن بذل فيه جمال الدين للناصر فرج مالاً جزيلاً فأذن في قتله، فقتل في سجنه خنقاً، وهو صائم في رمضان.
أحمد الحميد العنزي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
للاستزادة
- ابن حجر العسقلاني، الدرر الكامنة، تحقيق عدنان درويش (منشورات منظمة التربية والتقانة والعلوم العربية، القاهرة 1992م).
- ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة (دار الكتب المصرية، القاهرة 1348هـ).
- السخاوي، الضوء اللامع (مكتبة القدسي، القاهرة 1353م).