نقاش القالب:September 11 attacks
ألإرهاب د. ماجد احمد الزاملي ألإرهاب ألظاهرة القديمة ألجديدة وهذه الظاهرة ليست فكرة لها طبيعة قانونية بحتة.وإنما اصبح لها واقع سياسي واجتماعي في كثير من الدول مستمدا مصدره من جوهر المفاهيم السائدة في المجتمع الذي يعيش فيه.وقد ادى انتشار الارهاب الى ان يصبح العنف واجهة رئيسية له في العالم تهدد الامن والسلام وتعرض الاستقرار للخطر.وقد اثار انتشار الارهاب في الاونة الاخيرة وخاصة بعد احداث سبتمبر عام2001 في الولايات المتحدة الامريكيةالى زيادة الاهتمام بمواجهة هذه الظاهرة.وظهرت تساؤلات كثيرة ومحاولات خاطئة لربطه بالاسلام ,اوتعليله بتمرد ضحايا العولمة والمجتمع العربي,اوالربط بينه وبين اسباب المافيا والعصابات لتحقيق مصالحها. وقد ادى الغموض الذي يتسم به مفهوم الارهاب الى الاحساس بالقلق الشديد لمواجهة هذه الظاهرة,الامر الذي دعا الى محاولة وضع تعريف للارهاب يمكن في ضوءه الانطلاق الى تحديد اساليب المواجهة للوقوف بحزم في مواجهة هذا الخطر. ويلقى الارهاب نوعين من التحديات ,تحديات امنية تتعلق بالاخطار التي تنبعث منه على الامن والنظام العام,وتحديات تتعلق بحقوق الانسان خشية التضحية بها عند مواجهة التحديات الامنية.لذا كانت مواجهة الارهاب من الموضوعات القانونية الشائكة التي يهتم بها القانون.ولايقتصر الامر على القانون الداخلي فحسب بل يمتد الى القانون الدولي ذاته.والعمليات الارهابية التي ترتكب ضد المدنيين الابرياء من قتل واعمال عنف وتجويع ورعب واغتصاب اراضي وطرد ومحاصرة شعوب وانتهاك حريات واهدار حقوق اصبحت سمة هذا العصر.وازاء تزايد الافعال الارهابية واعتبار ها ظاهرة حقيقية لايمكن تجاهلها اصبح من واجب الدول اتخاذ الاجراءات اللازمة التي ترمي الى منع الارهاب.ولاشك بان لهذه الاجراءات دور كبير في مكافحة الجرائم الارهابية,فالسياسة ذات المردود الجيد في العقاب عن الجريمة بصفة عامة هي التي توقي الجريمة قبل ان تقع وليس الجزاء الذي يفقد السجين حريته بين جدران السجن حتى لايعود الى ارتكاب جرائمه,انما يعتمد كذلك على الوقاية من الجريمة.ومن البديهي ان حل الكثير من المشاكل الاقتصادية والسياسية يختفي معه ماكان معلقا على وجودها من افعال تؤدي بحياة الكثيرين من الابرياء. التشريع الجنائي بشقيه –الموضوعي والاجرائي –يهدف الى احداث توازن بين حماية المصلحة العامة التي تمس كيان المجتمع,وبين حماية الحقوق والحريات الاساسية للافراد ,فمنذ لحظة وقوع الجريمة تتعارض مصلحتان ,مصلحة الافراد في حماية حقوقهم الاساسية في حياتهم الخاصة واسرارهم وحرمة مساكنهم وممتلكاتهم وحرياتهم الشخصية وسلامة اشخاصهم من اي تعذيب اوايذاء اومعاملة غير انسانية من جهة,ومصلحة المجتمع في كفالة حقه في عقاب من يرتكب الجريمة ويخل بامن المجتمع من جهة اخرى. واذا كانت الدعوى الجنائية وسيلة الدولة لملاحقة المجرم وانزال العقاب به,الا انه يتعين الا تكون هذه الدعوى وسيلة تسلط وتحكم او يدا عمياء تمارس القمع في سبيل غايات بعيدة عن القانون والعدالة .لذلك لابد من تنظيم دقيق للاجراءات الجنائية بحيث تحمي حقوق الانسان تجاه المجتمع ومن يمثله في الدعوى الجنائية فلاتهد ر كرامته ولاتمس حياته الخاصة كما لاينتقص من القرينة الشرعية والقانونية التي وضعت حماية له وهي قرينة الاصل في الانسان البراءة مالم يقم مايناقضها. الاان بعض الدساتير وقوانين وانظمة الاجراءات الجنائية العربية اجازت في بعض الاحوال الاستثنائية تعطيل الحريات المكفولة بالدستور والمساس بالحقوق الممنوحة للافراد واقتحام الحياة الخاصة للانسان في سبيل امن المجتمع ,كشفا للحقيقة وبحث عن ادلة الجريمة.ومن هذه الاجراءات الاستثنائية القبض على الاشخاص وتفتيشهم ,وتفتيش مساكنهم وصونا لحقوق الافراد –حتى في هذه الاحوال-يحدد القانون صور استعمال تلك الصلاحيات ,بما لايمس بحرية الافراد الا بالقدر اللازم فقط. والمساس بحقوق الافراد لاتبرره الا مصلحة اعلى هي حماية المجتمع. وتعترف قوانين وانظمة الاجراءات الجنائية بمرحلة اجرائية اولية تسبق تحريك الدعوى العامة وتمهد لها يتم فيها اجراء التحريات وجمع الادلة للكشف عن الجرائم والبحث عن مرتكبيها لتقديمهم للسلطة المختصة لمحاكمتهم. ان مشروعية الاجراءات الجنائية تكمن في احترام حقوق المتهم تلك الحقوق المنصوص عليها في القوانين وانظمة الاجراءات الجنائية وتكفلها الدساتير الوطنية والاعلانات والاتفاقيات الدولية. والاختصاص في الاجراءات الجنائية يرجع الى ان المراد هو معرفة حقوق اطراف الدعوى الجنائية اثناء مجريات الاجراءات التي تقوم عليها اجهزة العدالة الجنائية.وجدير بالذكر ان حقوق المتهم تكون في مواجهة السلطة العامة على اختلاف انواعها ومن بينها سلطات الضبط والتحقيق.ويقصد من اقرار هذه الحقوق تقييد نشاط تلك السلطة والحد من مجالات تدخلها باعتبار ان ممارسة الحرية وفق حدودها المقررة تلقى على السلطة واجب احترامها. والارهاب بعواقبه الوخيمة يلقى تحديات سياسية وامنيةواقتصادية والتحديات القانونية لمواجهةالارهاب هي ايضا هامة وحاسمةفي ظل عصر سادت فيه قيم دولة القانون واحترام حقوق الانسان ومن هنا احتلت مواجهة جريمة الارهاب جانبا مهما من مسؤوليات النظام القانوني حينما تتم المواجهة من خلال التوازن بين متطلبات مكافحة الارهاب في منع الجريمة او العقاب عليها او ضبط الجناة وبين متطلبات حماية حقوق الانسان .فبغير الثقة في النظام القانوني وسيادة القانون يكون الكفاح ضد الارهاب ناقصا اي ان سلاح الارهاب ينبغي ان يكافح بسلاح العدالة والفكرة الفاسدة ينبغي مكافحتها بفكرة صالحة ولايجوز ان يعالج الضرر بضرر مثله وان تتم حماية القانون بالقانون. بعد تزايد الاعمال الارهابية وتباين اغراضها واتخاذها صورا واشكالا جديدة مثل خطف الطائرات واحتجاز الرهائن ...اصبح من واجب المشرع الوطني ان يتصدى لهذه الظاهرة الاجرامية .فشرعت السلطات التشريعية في العديد من الدول قوانين خاصة بجرائم الارهاب قسم من هذه القوانين يتضمن احكاما موضوعية واجرائية والاخر يتضمن احكاما موضعية فقط.وظاهرة الارهاب اصبحت تمثل شكلا جديدا للجريمة المنظمة,ومن بين هذه التشريعات التشريع الفرنسي الجديد, الذي نصت فيه المادة(1421/1)على تعريف للارهاب على انه(تعد جرائم ارهابية عندما يتعلق بمشروع فردي او جماعي بقصد الاضرار الجسيم بالنظام العام عن طريق بث الرعب او الفزع في الجرائم التالية :وحدد المشرع هذه الجرائم على سبيل الحصر وهي جرائم الاعتداء على حياة او سلامة الجسم اوحرية الاشخاص المحميين دوليا والشروع في ارتكابها وجرائم القتل العمد والضرب العمدي المفضي الى عاهة اوموت المجني عليه ,وبعض جرائم العنف العمدي التي تقع على الاحداث الذين لم يتجاوزوا الخامسة عشرة,وجرائم الخطف والاغتيال وخطف الرهائن وخطف الطائرات ,وخطف الاحداث مع استعمال العنف والتهديد بالاعتداء على الاشخاص اوالاموال,وجرائم الاعتداء على الاثار ,والاموال العامة باستعمال المتفجرات او المواد الحارقة ,والسرقة المشددة اذا ارتكبت باكثر من شخصين فاكثر او ليلا مع استخدام العنف واغتصاب الاموال,وجرائم استخدام اي وسيلة كانت لاخراج قطار عن الخط الحديدي او لاحداث تصادم,وجرائم الاتفاق الجنائي بين المجرمين,وجرائم تصنيع وحيازة اسلحة اومواد حارقة. نشرالخوف والفزع.لذلك فهو اتسم بالدقة والتحديد وسير المفهوم السائد للارهاب بانه يتعلق باحداث حالة من الرعب والفزع في نفوس الناس. كما عرف المشرع الجنائي المصري الارهاب في المادة86 من قانون العقوبات المضافة بالقانون رقم97 لسنة 1992 بانه(كل استخدام للقوة او العنف او التهديد او الشروع يلجا اليه الجاني تنفيذا لمشروع فردي اوجماعي بهدف الاخلال بالنظام العام,او تعريض سلامة المجتمع وامنه للخطر,اذا كان من شان ذلك ايذاء الاشخاص او القاء الرعب بينهم,او تعريض حياتهم او حرياتهم او امنهم للخطر ,او الحاق الضرر بالبيئة او المواصلات او الاتصالات اوبالاموال او المباني او بالاملاك العامة او دور العبادة او معاهد العلم لاعمالها,او تعطيل تطبيق الدستور او القونين او الوائح.)وبعد ان عرف المشرع المصري الارهاب وضع نصوصا لبيان الافعال التي تعد ار هابا وحدد العقوبات المقررة لها(المادة 86 مكررا وما بعدهامن قانون العقوبات). نلاحظ ان المشرع المصري ادرج بعض الجرائم واعتبرها ارهابا,مثل قلب نظام الحكم والاعتداء على استقلال البلاد او تعطيل احكام الدستور ولم يربط هذه الافعال بالرعب والترويع لدى الافراد,اي بمعنى اخر ان وصف الارهاب في هذه الافعال لم يكن واضحا. وصدر القانون رقم80 لسنة2003 بشان غسيل الاموال,باعتبار ان غسل الاموال يعد مصدرا اساسيا لتمويل الجماعات الارهابية .وبالاضافة الى ذلك ,حظر القانون رقم84 لسنة2003 باصدار قانون الجمعيات والمؤسسات الاهلية-انشاء الجمعيات السرية التي تمارس نشاط تكوين التشكيلات العسكرية او تهديد الوحدة الوطنية,كما اشترط هذا القانون لتلقي الجمعيات تبرعات من الخارج من الاشخاص الطبيعيين او الاشخاص الاعتباريين موافقة الجهة الادارية. والتشريع الايطالي لمكافحة الارهاب ,فبعد احداث11 سبتمبر2001 في الولايات المتحدة الامريكية صدر مرسوم تنفيذ ي في18 أكتوبرسنة2001اعقبه صدور قانون في 15 ديسمبر سنة2001 بشان التدابير العاجلة ضد الارهاب الدولي.كما صدر المرسوم التنفيذي رقم144 في27 يونيو سنة2005 ,وفي31يوليو2005صدر القانون رقم155 ,الا ان هذا القانون اعتمد قبل كل شيء على تعديل المادة270 مكررا من قانون العقوبات الايطالي.وقد تضمن هذا التعديل معاقبة من يثبت انه قام بتشجيع او انشاء او تنظيم اوادارة او تمويل جماعات ارهابية تعتزم ارتكاب انشطة العنف لاغراض ارهابية,كما تضمن هذا التعديل تجريما لظاهرة الارهاب الدولي حيث تعمل جماعات في ايطاليا لتشجيع العنف ضد دولة اجنبية او منظمة دولية. وعلى الرغم من تعديل المادة270 مكررا من قانون العقوبات الايطالي فان عدم وجود تعريف قانوني لجريمة الارهاب ادى الى عدة مشاكل في التطبيق,ولهذا صدر الامر التنفيذي رقم144لسنة2005 بتعريف الاعمال التي ترتكب بقصد ارهابي لحل هذه المشكلات مستوحيا هذا التعريف من المادة الاولى من القرار الاداري الذي وضعه مجلس الاتحاد الاوروبي بشان مكافحة الارهاب في13 يونيو سنة2002 . وبعد احداث 11 سبتمبر اضطرت بريطانيا الى ادخال عدة تعديلات على قانون مكافحة الارهاب تحت تاثير عدة اسباب تتمثل في الايمان بان هذه الاحداث تشير الى تطور اشكال الارهاب وعدم انحساره في مكان معين,ووقوعه تحت تاثير افكار دينية وثقافية اكثر من مجرد الرغبة في تحديد المصير. وفي سنة 2006 على اثر الانفجارات التي حدثت في لندن سنة 2005 صدر تعديل لقانون مكافحة الارهاب تضمن تجريم افعال جديدة اعتبرت تشجيعا للإرهاب.وفي هذا النص اعتبر تشجيعا للارهاب نشر التصريحات التي يمكن ان تفهم من الجمهور بانها تشجيع مباشر او غير مباشر او تحريض على ارتكاب الارهاب او تحبيذ لاعمال الارهاب او جرائم معينة منه.كما تضمن هذا القانون جرائم التدريب على الارهاب والتحضير له . وفي الولايات المتحدة الامريكية حينما تعرضت لاعمال ارهابية تمثلت في التفجير الاول لمركز التجارة العالمي سنة 1993 وتفجير المبنى الفيدرالي في اوكلاهما سنة 1995 ,وضع الكونكرس الامريكي قانونا لمكافحة الارهاب سنة1996,تضمن مساسا بالضمانات التي نص عليها الدستور الامريكي. والعديد من التشريعات الوطنية وضعت قوانين خاصة للارهاب مثل التشريع الاسباني,حيث صدر في عام1978 قانون لمكافحة الارهاب عندما بلغ تصعيد النشاط الارهابي ذروته.وضم ذلك القانون بنودا خاصة حول زيادة الاحكام بالادانة وزيادة مدة الحبس الاحتياطي ووضع القيود على ضمان اذن القضاء بتفتيش المساكن واعتراض الاتصالات الخاصة.ثم صدر تشريع جديد لمواجهة الارهاب في ديسمبر عام 1984 يسير على نفس النمط والعرف السائد انذاك.وهذا التشريع الذي ربما كان الاهم والاكثر اثارة للجدل تم تطبيقه عامي1985 و1986.وتم الغاء ذلك التشريع المضاد للارهاب بشكل نهائي في مايو 1988 ليس فقط بسبب عدم دستورية بعض مواده,بل بسبب عدم التوافق السياسي حول اجراءات مكافحة الارهاب التي تم التوصل اليها في مطلع عام1988 عندما وقعت الاحزاب الرئيسية في اسبانيا,اتفاق اتاخوريا انيا. اما المملكة المغربية فقد جاء في التقرير العام لمشروع القانون رقم03.03 المقدم للجلسة العمومية لمجلس النواب(1) .وفي الصياغة النهائية لهذا المشروع حددت مفهوما اخر للافعال الارهابية متمثلا في عناصر اساسية منها:- ا-جريمة او جرائم محددة بالمعنى القانوني للجريمة وبعناصرها التقليدية. ب-مشروع- فردي او جماعي-يهدف الى المساس الخطير بالنظام العام. ج-استعمال التخويف او الترهيب او العنف. وهذا يعني لوجود فعل ارهابي يتوجب وجود اوقيام جريمة بالمعنى التقليدي,وبعده يتم بحث العناصر الاخرى المشار اليها اعلاه,وعند ثبوت قيامها مجتمعة يمكن القول اننا امام فعل اوافعال ارهابية,تطاله03.03) ,لكن هذا التحديد لم يتم التقيد به عند تعديل مواد قانون المسطرة الجنائية المغربي ومنها المادتان (66و108)اللتان استعملتا عبارة (جريمة ارهابية)بدلا من(فعل او افعال)ارهابية.وهذا القانون03.03 رغم انه اورد بعض حالات وانواع الافعال الارهابية,فانه اعتمد تقنية الاحالة على مجموعة القانون الجنائي بشكل يكون قد أعطى مجموع مقتضيات التجريم والعقاب فيه بحيث تصبح الجنايات والجنح وحتى المخالفات الواردة في مجموعة القانون الجنائي افعالا ارهابية اذا كانت لها علاقة بمشروع فردي او جماعي يهدف الى المساس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف او الترهيب او العنف كما جاء في المادة1-218 . والقانون الجنائي السوداني لسنة1991 وعلى سبيل المثال المادة (65)منه نصت على(من ينشيء اي يدير منظمة تدبر لارتكاب اي جريمة ومن يشارك او يعاون قصدا في تلك المنظكة,سواء كانت تعمل داخل السودان ام خارجه,يعاقب بالسجن مدة لاتتجاوز خمس سنوات او بالغرامة او بالعقوبتين معا,فاذا كانت الجريمة التي تدبر لها المنظمة في الحرابة او النهب او من الجرائم المعاقب عليها بالاعدام او الارهاب بتهديد الجمهور او السلطة العامة,يعاقب بالسجن مدة لاتتجاوز عشر سنوات كما تجوز معاقبته بالغرامة. من خلال قراءتنا لنص هذه المادة يتبين لنا ان المشرع السوداني اشار لتعريف الارهاب ضمنا باعتباره تهديد الجمهور والسلطة العامة,واتصافه بالطابع المنظم.وبعد تنامي الظواهر الارهابية في العالم عموما,وظهور بوادر النزاعات المسلحة في السودان,وتعاون السودان مع المجتمع الدولي في مكافحة الارهاب ,ادى لضرورة اعداد قانون لمكافحة الارهاب.وفي عام2001 صدر قانون مكافحة الارهاب السوداني,يحتوي هذا القانون على(21)مادة واربعة فصول , الفصل الاول يحتوي على احكام تمهيديةوتفسيرات لبعض المصطلحا ت والكلمات,وسريان القانون من حيث الزمان والمكان والاشخاص. المادة(2)من القانون المذكور نصت صراحة على تعريف الارهاب(يقصد به كل فعل من افعال العنف او التهديد به ايا كانت بواعثه او اغراضه يقع تنفيذا لمشروع اجرامي فردي او جماعي ويهدف الى القاء الرعب بين الناس او ترويعهم بايذائهم او تعرض حياتهم او حرياتهم وامنهم للخطر او الحاق الضرر بالبيئة او بالاموال العامة او الخاصة,او باحد المرافق او الممتلكات العامة او احتلالها او الاستيلاء عليها اوتعرض احد الموارد الوطنية او الاستراتيجية القومية للخطر.الملاحظة ان تعريف الارهاب في القانون السوداني لسنة 2001.مشابه للتعريف الذي جاءت به الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب الصادرة عام1998 حيث عرفت هذه الاتفاقية الارهاب بانه(كل فعل من افعال العنف او التهديد به,ايا كانت دوافعه او اغراضه,يقع تنفيذه لمشروع اجرامي فردي او جماعي,يهدف الى القاء الرعب بين الناس اوترويعهم أو تعريض حياتهم اوحرياتهم وامنهم للخطر,او الحاق الضرر بالبيئة او باحد المرافق والاملاك العامة والخاصة او احتلالها او الاستيلاء عليها او تعريض احد الموارد الوطنية للخطر. أما دولة الامارات العربيةالمتحدة فقد أصدرت مرسوم بقانون لمكافحةألإرهاب(1/2004)وجاء في المادة الثانية من هذا المرسوم بقانون مايلي(يقصد بالعمل ألإرهابي في تطبيق أحكام هذا المرسوم بقانون كل فعل أو إمتناع عن فعل يلجأ اليه الجاني ,تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أوجماعي يهدف ايقاع الرعب بين الناس أو,ترويعهم ,إذا كان من شأن ذلك الإخلال بالنظام العام أوتعريض حياتهم أوحرياتهم أو أمنهم للخطر بما في ذلك ملوك ورؤساء الدول والحكومات والوزراء وافراد عائلاتهم واي ممثل او موظف رسمي لدولة او لمنظمةدولية ذات صفة حكومية وافراد اسرهم الذين يعيشون في كنفهم والمقررة لهم الحماية وفقا للقانون الدولي أو الحاق الضرر بالبيئة أوبأحد المرافق أو الاملاك العامة أوالخاصة أو احتلالها أوالاستيلاء عليها أو تعريض أحد الموارد الطبيعية للخطر.وبعض مواد هذا المرسوم بقانون حددت العقوبات المقررة للجرائم التي يتم تكييفها بانها جرائم ارهابية وفقا لهذا المرسوم بقانون,والمادة 33منه حددت الجهة التي يتم التظلم لديها من قبل من صدر ضده قرار النائب العام وذلك عملا باحكام المادتين(31و32)والمادة35 منه مددت الحبس الاحتياطي من النيابة العامة في الجرائم التي تنطبق عليها احكام هذا المرسوم بقانون.والمادة 36 من المرسوم بقانون لجنة تسمى اللجنة الوطنية لمكافحة الارهاب ويصدر مجلس الوزراء قرارا يحدد فيه رئاسة اللجنة ونظام عملها واجتماعاتها والية اصدار قراراتها وغير ذلك من الامور التي تحتاج اليها لقيامها باعمالها.والمادة37 من المرسوم بقانون حددت اختصاصات هذه اللجنة .-التنسيق بين الجهات المختصة بالدولة في جميع المسائل المتعلقة بمكافحة الارهاب. -تبادل المعلومات باية عملية تتصل باحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا المرسوم بقانون مع السلطات المختصة. -متابعة تنفيذ قرارات مجلس الامن المتعلقة بمكافحة الارهاب وغيرها من القرارات الدوليةذات الصلة. أما بالنسبة للثشريع الجنائي العراقي فقبل صدور قانون مكافحة الإرهاب في العراق فان التشريع العراقي ,مثل اي تشريع وطني ,تناول الجرائم الارهابية في اطار قانون العقوبات رقم(111)لسنة 1969 .وقد ورد تعبير الجرائم الارهابيةفي المادة(21)التي عددت الجرائم التي لاتعتبر جرائم سياسية ولو ارتكبت بباعث سياسي,وما يترتب على ذلك من ان مرتكبها لايتمتع بالمزايا السياسية التي يتمتع بها مرتكب الجريمة السياسية ,ومنها ابدال عقوبة الاعدام بالسجن المؤبد وعدم حرمان مرتكبها من الحقوق المدنية والسياسية وعدم اعتبار الجريمة سابقة في العود.ونص المادة (21)هو(ا-الجريمة السياسية هي الجريمة التي ترتكب بباعث سياسي اوتقع على الحقوق السياسية العامة اوالفردية وفيما عدا ذلك تعتبر الجريمة عادية .ومع ذلك لاتعتبر الجرائم التالية جرائم سياسية ولو ارتكبت بباعث سياسي..........5-الجرائم الارهابية. ب-على المحكمة ان هي رأت ان الجريمة سياسية ان تبين ذلك في حكمها. ) كما نص قانون العقوبات العراقي على تجريم بعض الافعال التي اعتبرها ارهابية والعقوبة المقررة لها.ومن ذلك على سبيل المثال ان الماذة (156)تنص على ان(يعاقب بالاعدام من ارتكب عمدا بقصد المساس باستقلال البلاد اووحدتها او سلامة اراضيها او التحق بجماعة معادية للعراق عمدا بقصد المساس باستقلال البلاد اووحدتها اوسلامة اراضيها او التحق بجماعة معادية للعراق ليس لها صفة المحاربين).والمادة(190)تنص على ان(يعاقب بالسجن المؤبد او المؤقت من شرع بالقوة او العنف في قلب نظام الحكم الجمهوري اوتغيير دستور الدولة او شكل الحكومة .وتكون العقوبة الاعدام اذا وقعت الجريمة من عصبة استعملت المواد المتفجرة او الاسلحة النارية وكذلك اذا ادت الى موت انسان. والمواد(191و192و193و194و195و196و197و198والمادة200)من قانون العقوبات العراقي نصت على العقوبات المقررة لهذه الجرائم.والواقع ان الغاية من هذه النصوص ,كما جاء في التقرير المرفوع من العراق الى لجنة مكافحة الارهاب التابعة لمجلس الامن عام2002 هو(مكافحة اعمال الارهاب الموجهة ضد امن الدولة الداخلي والخارجي وقلب نظام الحكم بالقوة) والتصدي للتنظيمات الارهابية العديدة التي تلقى تاييدا ودعما خارجيا وارتكبت العديد من اعمال الارهاب ضد العراق ومواطنيه. اما المرحلة الثانية فهي اصدار قانون خاص لمكافحة الارهاب .فبعد عام 2003 تزايدت الاعمال الارهابية نتيجة تردي الاوضاع الامنية .فتم اصدار اوامر من سلطة الائتلاف المؤقت بصدد مكافحة اعمال العنف التي استشرت في البلاد. وفي عام2005 وبعد ان تزايدت الاعمال الارهابية التي تهدد حياة وارواح المواطنين العراقيين فقد بدت الحاجة ماسة الى اصدار قانون خاص ومستقل لمكافحة الارهاب . ووافقت الجمعية الوطنية العراقية على هذا القانون رقم(13)في7/11/2005 .ويتضمن هذا القانون تعريفا للارهاب(المادة رقم1),وقائمة بعدد من الافعال الارهابية(المادة رقم2),بالاضافة الى الجرائم التي تمس امن الدولة (المادة رقم3)والعقوبات(المادة رقم4)والاعذار (المادة رقم5)والاحكام الختامية(المادة رقم6).وقد حددت الجمعية الوطنية الاسباب الموجبة لاصدار القانون(فداحة الاضرار الناتجة عن العمليات الارهابية الى الحد الذي باتت تهدد الوحدة الوطنية و الساعي الى اقامة نظام ديمقراطي تعددي اتحادي يقوم على سيادة القانون وضمان الحقوق والحريات ودفع عملية التنمية الشاملة والتي تتطلب اصدار تشريع من شانه القضاء على العمليات الارهابية والحد من التفاعل مع القائمين بها باي شكل من اشكال الدعم والمساندة).والخصائص التي تميز هذا القانون هي :- ان العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون ترمي الى تحقيق هدفين هما ردع الافراد وزجرهم لعدم الاقدام على ارتكاب اي اعمال ارهابية.كما انها تسمح بالتوبة اوالاعفاء,حيث اجاز المشرع للشخص تفادي العقوبة او تخفيفها ,رغبتا منه في الحد من نتائج اعمال الارهاب في حالة وقوعها. ان القانون خلا من قواعد اجرائية خلافا للقوانين المماثلة لمكافحة الارهاب.وهو امر اثار ولايزال يثير انتقادات واسعة من جانب الفقه اوالهيئات المعنية بحقوق الانسان.ويبدو ان المشرع العراقي رأى ان الضمانات المتوافرة في قانون الاجراءات الجزائية كافية او انه رأى اعطاء الغلبة لاعتبارات الامن على حقوق الانسان. وتطبيق القانون المذكور شهد تطورا ملموسا حيث جرى انشاء نظام خاص لتعويض ضحايا الارهاب.ومن المعلوم ان هذا الاجراء منصوص عليه في المادة الرابعة من الاتفاقية العربيةلمكافحة الارهاب وطالما نادى الفقه بان تأخذ التشريعات العربية بهذا النظام. وقد وقع العراق واودع وثائق التصديق على خمس اتفاقيات دولية من الاتفاقيات الاحدى عشر الاساسية المتعلقة بقمع الارهاب على الصعيد العالمي على البروتوكول الخاص بقمع اعمال العنف ضد سلامة الطيران المدني.وعلى الصعيد الاقليمي فان العراق هو طرف في الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب بتاريخ22/4/.1998.كما تظمنت اغلب اتفاقيات التعاون القانوني والقضائي الثنائية التي ابرمها العراق مع مختلف دول العالم.ويتضح ان المشرع العراقي في النص على الجرائم الارهابية وبمراجعة قانون العقوبات وقانون مكافحة الارهاب قد صنف الجرائم الارهابية الى طائفتين اولاهما هي الافعال الارهابية والثانية هي الجرائم الماسة بامن الدولة. وقانون مكافحة الارهاب في العراق لاينطوي على تعريف للارهاب بقدر ما ينصب على وصف العمل الارهابي. اما بالنسبة للركن المادي للجرائم الارهابية فان القانون الجنائي العراقي يتطلب ان يكون هناك عمل اجرامي ,اي بمعنى اخر ان يكون هناك نص قانوني يجرم الفعل ويعاقب عليه سواء القانون الجنائي الداخلي او القانون الجنائي الدولي .وبالرغم من ان التعريف الوارد في قانون مكافحة الارهاب العراقي لايشير صراحة الى الوسائل المستخدمة في الفعل الاجرامي,الا ان مراجعة الافعال الواردة في كل من المادتين الثانية والثالثة تشير الى ان العمل الارهابي قد يتم من خلال العنف او التهديد به او من خلال التحريض. نرى ان المشرع الجنائي العراقي قد وسع من مساحة المصالح التي يحميها القانون لان الاخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع للخطر تتسم بالمرونة والاتساع وتستعصي على التحديد,ولاتساعد كثيرا في تمييز جرائم الارهاب.ولاشك ان عدم وضوح هذه التعبيرات سوف يفضي الى نتيجة مؤداها صعوبة اثبات هذا القصد. ان الارهاب لعب دورا خطيرا في الحياة السياسية على المستوى الدولي والإقليمي .وقد تضاعفت هذه الظاهرة بعد أن تجاهل المجتمع الدولي الأخطار التي تولدت عن الأزمات التي مرت بها مناطق حساسة في كل من أوروبا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط دون تحقيق اي نجاح في استئصال الشعور بالظلم ,والاضطهاد الذي صاحبها وتتطلب مواجهة الإرهاب التعامل مع التحديات التي تمليها دولة القانون وهي تحديات تنبعث من مباديء الديمقراطية وحقوق الإنسان وقيم العدالة التي يهددها الإرهاب .والعمليات الإرهابية تستهدف اليوم ,وبصفة رئيسة الرعب في نفوس كافة الدول ,مما دفع الكثير من الدول إلى تشريع قوانين لمكافحة الإرهاب ,مثل العراق ,ودولة الامارات العربية المتحدة وقطر والدنمارك وايطاليا وفرنسا ...ألخ . وتتطلب عملية مكافحة الإرهاب –وكذلك تمويله ودعمه – التعاون الدولي على المستوى المالي والسياسي والاقتصادي وكذلك على مستوى إنقاذ القانون ودوائر المخابرات ,ويتعين على عناصر القطاع الخاص كالبنوك ووكالات السفر إبداء التعاون في هذا المجال أيضا. وفي المناطق التي يكون فيها دور الحكومة ضعيف فان التنظيمات الإرهابية والاجرامية تحافظ على علاقات وثيقة فيما بينها كالمنظمات الاجرامية التي تعمل في مجال المخدرات ,او غسيل الاموال ,او تجارة الاسلحة لأغراض تمويل الإرهاب . ومع ذلك لايوجد هناك دليل قاطع على قيام الإرهاب الدولي بتمويل نفسه من خلال مشاركة منظمة وواسعة النطاق في تجارة المخدرات , كما انه لم يتم وجود علاقة بين نشاط منظم في تجارة المخدرات ومنظمة القاعدة . كذلك نستنتج أن الإرهاب من القضايا الامنية البا لغة الخطورة التي تواجه العالم بأسره ,فقد عم الإرهاب في العصر الحديث شتى أنحاء العالم ولم يعد مقتصرا على بقعة دون أخرى ,ولم يصبح مجرد أحداث فردية سواء على المستوى الداخلي أو المستوى الدولي ,وانما أصبح ظاهرة شديدة الخطر تقوض كيان المجتمعات وتهدد السلم وألأمن بين الدول وتنال من علاقاتها وتصيبها بالخلل ,وان كان الإرهاب في الوقت الحاضر قد اختلف عنه في الماضي من حيث الأسباب والمكان وأسلوب التنفيذ,الامر الذي أصبح معه باعثا على القلق لكل البلدان فان لكل عمل إرهابي أسبابه ودوافعه .ورغم ان الإرهاب موجود منذ أمد بعيد ,إلا ان المجتمع الدولي لم يتفق بعد على تعريف محدد له لعدم وجود قواعد محددة ,وان كان ثمة إتفاقا على بعض الاعمال التي تعتبر إرهابا واختلافا على البعض الاخر . وتباينت الاراء والاتجاهات حول مفهوم الإرهاب وإيجاد تعريف جامع مانع له لاختلاف وجهات النظر الفقهية حوله وعدم وجود اتفاق واضح ومحدد لدى الباحثين والمتخصصين فيه .فما قد يعتبره البعض إرهابا يراه الأخرون عملا مشروعا كما ان هناك بعض المفاهيم المشابهة والقريبة في المعنى من الإرهاب مما يؤدي الى تداخل تلك المفاهيم مع مفهوم الإرهاب ,مثل مفهومي الإرهاب والمقاومة المشروعة. والحد من العمليات الإرهابية رهن بالقضاء على العوامل الدافعة إلى ارتكابها ,ولايقع ذلك على عاتق الدولة حكاما ومحكومين فقط ولكنه يقع على عاتق المجتمع الدولي ,يقع على عاتق المنظمات الإقليمية والمنظمات العالمية ,الحكومية وغير الحكومية ,كما يقع على عاتق المؤسسات الاجتماعية والمؤسسات الامنية ,يقع على عاتق كل انسان بالغ رشيد بصفته الاسرية والمهنية والاجتماعية في إطار من التعاون على البر والتقوى ,والتعاضد ضد الجريمة والعدوان وعلى هذه القوى ان تتسلح بالعلم والايمان في مواجهة الجماعات ألإرهابية وخاصة بعد استخدامها أحدث ما وصل اليه العلم من تقنيات في ارتكاب عملياتها الإجرامية ,وعلى مؤسسات مكافحة الإرهاب ان تعي ان المعلومات تمثل خط الدفاع الأول ضد الإرهاب. وإذا كانت القوانين تطالب بضرورة معاملة الإرهابي كإنسان له حقوقه وحرياته فاننا يتعين علينا ألا نغفل عن حقوق ضحايا الإرهاب من أناس أبرياء وعاملين في نظام العدالة الجنائية دفعوا حياتهم راضين مرضيين في الحرب الضروس ضد الة ألإرهاب التي لاتعرف سوى لغة القتل والتدمير والاعتداء على الاموال والاعراض وعلى السلطات المسؤولة ان توفر حماية فعالة للذين تستهدفهم العمليات الإرهابية وخاصة مصادر المعلومات وشهود الرؤية وكل من شهر قلمه او سلاحه في وجه الإرهابيين حماية للامنين. و نرى ان هناك ماخذ على السياسة الجنائية الوضعية ,ومن هذه المأخذعدم القدرة على النظرة المستقلة عن الميول الشخصية من قبل المقنين والمنظمين وقد أفضى ذلك الى العجز عن مواجهة العوامل المنتجة للجريمة فإن الطموح إلى تحقيق أعلى مستوى من الأمن والتقليل من الجرائم ألى أدنى حد لايصحبه في الغالب التخلي عن ألأهواء والشهوات وهو ما إنتهى إلى المحال لأن الجمع بين الضدين مستحيل فإن إباحة المسكرات والمخدرات وضعف الوعي خاصة بين الشباب ,هذا لايحقق الوقاية من الجريمة ولايوصل إلى ألأمن المنشود. كما ان حصر القوانين الوضعية للعقوبة في السجن ,بمختلف مسمياته والغرامة بأنواعها غالبا ما يضيع فرصة الإستفادة من العقوبات المتنوعة وبدائل مختلفة للردع والإصلاح والعلاج. أما ثوابت السياسة الجنائية في الشريعة الاسلامية فهي إقامة الحدود والحكم بالقصاص في جميع التشريعات العربية والإسلامية فإنها حصن حصين وسد منيع وسيف قاطع لدابر الجريمة. وقد بدأت الجريمة عموما ببداية الحياة على المعمورة وتطورت معها كظاهرة إجتماعية وإنسانية واستمرت باستمرار الحياة حتى أضحى التخوف قائما من ان تنتهي الحياة أيضا بالجريمة. فقد اتخذت الجرائم التقليدية أبعادا جديدة في صورها وأحجامها واسلوب إرتكابها ومن هذه الانماط الإجرامية الجديدة ما ظهر خلال السنوات الأخيرة تحت عنوان " جرائم الإرهاب. " وقد ارتبط هذا النمط الإجرامي الجديد إرتباطا وثيقا بما يشهده العالم بأسره من حركة تصنيع مذهلة في كافة المجالات واستخدام وسائل النقل السريعة التي أضفت على الجريمة طابعا " عبر قومي " يشكل تهديدا كبيرا لشتى جوانب الحياة. ومع تعدد ألأخطار وتفاقم الثار والأضرار أختلفت وجهات نظر الدول في مواجهة هذه الظاهرة الإرهابية الجديدة بقدر تحملها لها ومعاناتها منها فبين دولة أعدت للإرهاب نصوصا خاصة متكاملة " ألمانيا " للمواجهة إلى أخرى استعانت ببعض النصوص المتعجلة السريعة لمكافحته نجد معظم الدول قد اكتفت بما تملكه من نصوص في المدونة العقابية لمواجهة هذه الجرائم. ولكن أثبتت الحوادث الأخيرة قصور هذه النصوص أمام بعض الأحداث التي روعت ولمدة طويلة نفوس المواطنين الامنين فتولدت الحاجة الى إستحداث تشريعات جنائية جديدة متميزة عن النصوص التقليدية بالإضافة إلى تحديث أجهزة المكافحة وتطوير أساليب عملها. وأيا كانت السياسات التشريعية والأمنية في مواجهة الظاهرة الإرهابية فتكاد الجهود العلمية تجمع على ضرورة التعاون الدولي لصد تيار هذه الظاهرة الإجرامية على الصعيدين الوطني والدولي . وتظافرت الجهود ونجحت في إبرام العديد من المعاهدات الدولية المناهضة لأعمال الإرهاب المختلفة وتوالت تصديقات الدول على هذه المعاهدات. وتؤكد وقائع التاريخ ان الجذور العميقة للإرهاب قد بدأت في الظهور في أعمال فردية منعزلة خارجة عن أي تنظيم استخدمته بعض الجماعات كاسلوب عمل لتحقيق مأرب ومصالح شخصية أو عقائدية نابعة عن فلسفات خاصة بكل فرد .ثم تفاقم هذا الاسلوب واتخذ صورا جديدة. وقد أكدت الدراسات العلمية أن الظاهرة الإجرامية الإرهابية قديمة قدم الزمان ,ولكن لم تستلفت نفس الدرجة من الاهتمام العالمي الحالي , إلا بعد أن إتخذ الإرهاب عموما والجرائم الإرهابية خصوصا أبعادا جديدة أضرت بالأمن العام الوطني والدولي مستخدمة في وسائلها ولتحقيق أهدافها كل معطيات العلم الحديث والتكنولوجيا المعاصرة. وتصاعدت حدة وخطورة الاعمال الإرهابية عندما تعاطف وتضامن أباطرة الإرهاب مع بعضهم البعض في تنفيذ تلك الاعمال الوحشية ثم تمجيدها بعد إتمامها. وإزاء هذا الوضع المتردي بات من الضروري تعزيز التعاون بين الدول على النطاق الإقليمي والنطاق الدولي لصد هذا التيار المتصاعد بعد أن قصرت الوسائل والاساليب في المواجهة الناجعة. فالقوانين العقابيةالحديثة تستهدف الوقوف على كيفية تحديث أساليب المواجهة القائمة وتفعيلها ,وإزالة العوائق أمام التعاون الدولي الحتمي لمواجهة الإرهاب. تتبعنا تطور الإرهاب وإنتقاله من النطاق الفردي إلى النطاق الدولي ,ومن الإجرام البسيط إلى الاجرام المنظم وإستتاره تحت عباءات الدين والسياسة والايدلوجية وغيرها من الأحوال والظروف التي صاحبت أجيال الإرهاب وكان التشخيص العلمي لهذه الظاهرة ضرورة للوقوف على الجذور التحتية العميقة لها ويمكن الاعتماد في التشخيص الأولي للظاهرة على المنهج التحليلي الوصفي الذي استقر عند فقهاء علم الإجرام والإجتماع والاخلاق ,وعند بعض فقهاء القانون ,وبعض الساسة أيضا . إلى ان الإرهاب مستوحى من الاخلاق ,فهناك مايسمى " الخلق الإرهابي الخاص " أي عمل كل مايجب عمله مهما حدث من عواقب. وأن هذا " الخلق الخاص " -كسلوك – هو تعبير عن غريزة " العدائية " الكامنة في ألإنسان التي تنفجر في أعمال عنف بسبب الظلم ,والاضطهاد ,والكبت ,والحرمان ,والبؤس وأفتقاد العدالة الأخلاقية. ان أساليب مكافحة الإرهاب من خلال المحور القانوني الداعم للمحور الأمني والمحور القضائي , يتضح لنا قصور المعالجة القانونية الاولى للظاهرة لأنها كانت مجرد حلول مؤقتة ,أو مستهدفة لمصالح محددة , أوجاءت استجابة لضغوط دولية . ويواجه علم الجريمة تحديات في تفسير ومكافحة جرائم التقنيات ,وقد يكون بحاجة إلى نموذج نظري جديد ,فالتقنية قد أظهرت مجرم المعلومات ,والمجتمع التخيلي ,وعولمة الجريمة والجريمة عن بعد ,الجرائم بلا حدود وكل هذه أنماط ومفاهيم جديدة بحاجة إلى تفسيرات غير تقليدية. فمفهوم الجريمة التقليدية لن يكون مقبولا في المستقبل القريب ,وظهور هذا النوع من الجرائم حدى بخبراء الأمن المعلوماتي وصانعي السياسات الحكومية ومسوقي الحاسوب ,والافراد المهتمين في هذا الموضوع إلى تغيير نظرتهم تجاه جرائم التقنيات ,لا لأنها مشكلة وطنية فقط وإنما كمشكلة عالمية . تتطلب الإجراءات الجنائية الوطنية تعاونا في مجال القطاعين العام والخاص ,فعلى القطاع الخاص الإلتزام بإجراءات الوقاية ,وعلى القطاع العام تنفيذ الإجراءات اللازمة لمكافحة الجريمة .ولمواجهة ومكافحة هذا النوع من الجرائم يتعين التعاون بين الدول. ويتعين على الجهات المختصة أو المعنية لمكافحة الإرهاب أن تقوم بتأهيل المتهمين والمحكوم عليهم في قضايا الإرهاب وكيفية تنفيذها مع الوضع في ألإعتبار أنه لايمكن العلاج إلا بعد معرفة الداء وتحديد جرعات الدواء. ان عملية التأهيل للمعتقلين والمحكوم عليهم في قضايا الإرهاب هي عملية مركبة ومتشابكة يمتزج فيها الجانب القانوني والجانب الاجتماعي ,فضلا عن الخبرة الأمنية المتخصصة ,وهذا يفرض على القائمين على أمر هذه العملية.ان يكونوا مؤهلين تأهيلا يمكنهم من أداء تلك الرسالة المهمة التي تعد الهدف الرئيس للعقوبة في الفكر العقابي الحديث. ضرورة التخصص لتصحيح المفاهيم لدى أصحاب الفكر المتطرف وللشباب عامة نظرا لأنهم هم الشريحة المجتمعية المستهدفة للتجنيد لصالح تنظيمات الفكر المتطرف ,والتي من الضروري تصميم برامج تدريبية وتثقيفية لحمايتهم من العودة إلى الفكر الضال وتلقينهم الفكر الصحيح القائم على وسطية الاسلام ,إعتمادا على أصحابها الذين عدلوا عن هذا الفكر. و النموذج المطور للمواجهة التشريعية ومحاولات تحديثة وتفعيله بعد ان ثبت قصور التعديلات التشريعية الحديثة في مواجهة الارهاب بسبب سرعة تصاعده وتباينه من بيئة لأخرى وأتخاذه أبعادا جديدة لم تستطع الترسانات العقابية التقليدية الإحاطة بها. ان أساليب المواجهة التي تعتمد القمع من خلال منح سلطات واسعة لقوات الشرطة كما في ا لنموذج الإيطالي ثم للتحديثات الجديدة في القانون الألماني الحالي المعروف بقانون " أتو " الذي قدمه وزير الداخلية باعتباره القانون الأمني الشامل لمكافحة الإرهاب. وقد تضمن هذا النموذج الأمني المستحدث "حزمة " من الإجراءات الأمنية التي تكفل تفعيل كثير من النصوص والإجراءات الموضوعية في قوانين مكافحة الإرهاب ولاسيما تجاه الأبعاد الجديدة للإرهاب المعاصر. ويستهدف هذا النموذج المستحدث أحكام التكامل بين المحور القانوني والمحور الامني في المواجهة. واستجابة لضرورات التعاون الدولي بين دول المجموعة الأوروبية ,طرأت استحداثات جديدة في القوانين الأوروبيةمنها الاستراتيجية الأوروبية الشاملة لمكافحة الإرهاب ,وكذلك النموذج الانكليزي ,الذي اعتمد على إقرار مجموعة من "التدابير الأمنية " التي تنتج مزيدا من السلطات والصلاحيات لأجهزة الأمن والتي وصلت إلى حد الأعتقال "بالظن " والاحتمال وبدون توجيه أي اتهام ,ولفترات طويلة. واستجابة لضرورات التعاون الدولي بين دول المجموعة الأوروبية ,طرأت استحداثات جديدة في القوانين الأوروبية.واستعرضنا الاستراتيجية الأوروبية الشاملة لمكافحة الإرهاب ,وكذلك النموذج الانكليزي ,الذي اعتمد على إقرار مجموعة من "التدابير الأمنية " التي تنتج مزيدا من السلطات والصلاحيات لأجهزة الأمن والتي وصلت إلى حد الأعتقال "بالظن " والاحتمال وبدون توجيه أي اتهام ,ولفترات طويلة. كما منحت التدابير الأمنية الحق لوزارة الداخلية في حظر أية اتحادات أو نشاطات لمجرد تصنيفها أنها "غير مرغوب فيها " ودون مناقشة الأسباب كما لوزارة الداخلية الحق في تضمين بطاقات الهوية الشخصية وجوازات السفر بيانات مهمة مثل بصمة الاصابع وبصمة العين وغيرها. أما في القانون الفرنسي فقد استحدث نظام " التضامن العملي " مع ضحايا الإرهاب وذلك عن طريق استحداث "صندوق خاص لتعويض الضحايا " يضمن تدارك اثار الاعمال الارهابية كما يضمن تعاطف كافة المواطنين ومشاركتهم في صد تيار الإرهاب وبالتالي تفعيل مؤازرتهم للدولة في تصديها للإرهاب. ولكن الأهم في النموذج الفرنسي هو التركيز على مكافحة الإرهاب منذ بذوره الأولى ولو كانت أعمالا دعائية أو اعلامية أو ثقافية تمجد الإرهاب والعنف ولو تمثلت في مجرد إرتداء الحجاب أو الرموز الدينية إذا كان ذلك بشكل غير طبيعي ولافت للنظر ويسبب الإضرار. وعلى نهج السياسات المعاصرة في مواجهة الإرهاب كان للنظام الأمريكي أسلوبه الخاص في التصدي وحاول فرضه على كل الدول بترويج ما عرف "مشروع القرن الجديد " ووصف الدول الخارجة عن الاستجابة للمشروع بمحور الشر أو الدول المارقة. ان التحديات التي شهدها النموذج الامريكي في مجابهة الإرهاب ,من أساليب جديدة والتي اعتمدت على التوسع في سلطات الأمن الداخلي في مرحلة ما قبل الإتهام ,وكذلك في مرحلة المحاكمة وذلك بتوالي المنشورات العدلية التي تخلص إلى نتائج عملية محددة تضفي صفة المشروعية على كثير من التجاوزات البوليسية تحت التذرع بالضرورة وحماية الأمن القومي. و مدى انفراد سلطات الأمن "الوكالة الجديدة " بمهام التحري والتنقيب والمجابهة لكل ما يوصف بالنشاطات الإرهابية ,وتحصين تصرفاتهم وعدم إخضاعها لأي نوع من الرقابة القضائية. فلسلطات الأمن الحق في " التنصت " على كل الأحاديث والمراسلات والبريد الألكتروني والإنترنيت دون الحاجة للحصول على إذن قضائي. وقد ترتب على تحصين الأدلة وحتميتها تراجع وإنهيار كثير من الضمانات الفردية والحقوق المنصوص عليها في الدستور الأمريكي ,واستحدثت النصوص الإجرائية شكلا جديدا من " المحاكم السرية " يندب إليها بعض القضاة ,وتحدد لها أماكن خاصة قد تقع خارج الإقليم الأمريكي أو تكون في بعض الجزر المنعزلة أو تقع فوق بارجة حربية أو في مستشفى خاص. وتواترا لتداعيات النصوص صدر الأمر الرئاسي باستحداث " محاكم عسكرية " خاصة يناط بها محاكمة الأشخاص المشتبه فيهم من غير المواطنين الأمريكيين. وتعقد هذه المحاكم جلساتها في أماكن سرية ,ولاتتقيد بإجراءات النظام والدفاع وتكون أحكامها " نهائية " غير قابلة للطعن بها و"بالاغلبية " ولو كانت العقوبة " الإعدام. " وقد كان للسياسة الأمريكية أثر كبير في السياسات الأخرى ولاسيما الاستراتيجية الأوروبية الحديثة في مجابهتها للإرهاب. لقد حصل تحول يكاد يكون جذريا في موقف الدول الأوروبية عند تصديها للظاهرة الإرهابية ولاسيما عقب الإعلان صراحة عن قيام "الاتحاد الاوروبي " وتفعيل الإتفاق على حتمية التعاون الدولي بين دول المجموعة الواحدة والتنسيق بين أجهزة المكافحة للتصدي للنشاطات الإرهابية. وقد جاءت نقطة البدء والانطلاق في " الاستراتيجية الاوروبية " في الاعتراف بنتائج الدراسات العلمية السابقة عليها ,والاعتراف بقصور كل المواجهات الأمنية والعسكرية,وضرورة تظافر كل مؤسسات الدولة والمجتمع المدني في مجابهة الإرهاب وتحجيمه "مشروع سولانا. " وبناءا على الاعتراف بدأت الاستراتيجية الأوروبية تضع خططها الكفيلة بالمنع والمكافحة ,ثم بالقمع والمواجهة .وقد تجسدت أهمية التعاون الدولي بين دول الاتحاد الاوروبي خلال المؤتمر العالمي الذي عقد في "مدريد " العاصمة الاسبانية عام 2005 م .وقد ترجم هذا المؤتمر قراراته واستحدث ألياته تحت مسمى ماعرف " أجندة مدريد " منها ما يلي: أولا :ضرورة تفهم الظروف المسببة للعنف والإرهاب والتطرف والتعامل مع كل منها منفردة قبل اللجوء إلى الخيارات العسكرية مثلما فعلت الولايات المتحدة. ثانيا :ضرورة تفعيل التعاون الأمني والقضائي من خلال المحور التنشريعي الذي يضمن توحيد الجهود والنتائج بدءا من استحداث التجريم الجديد وتنظيم إجراءات تبادل القوائم والمعلومات حتى أساليب " التسليم والابعاد. " ثالثا : استحداث الأتحاد الأوروبي وظيفة "المنسق العام " لمكافحة الإرهاب ,تكون مهمته تفعيل وتحويل التعليمات والتوجهات إلى تشريعات وضعية تضمن تنفيذ الاستراتيجية بأقصى قدراتها بحلول عام2008 أما بالنسبة للنظم الإجرائية الجنائية في الدول العربية ,فان هناك حقيقة لابد من الاعتراف بها وهي ان النظم الإجرائية الجنائية العربية قد تأثرت بصورة كبيرة بالنظم الإجرائية اللاتينية والنظم الإجرائية الانكلوسكسونية وبالإجراءات التي سار عليها الفقه الاسلامي. ويبين ان هناك تشابه في المشاكل التي تقف في سبيل تنظيم العدالة الجنائية في الدول العربية والدول الأخرى التي استمدت منها هذه النظم ,وخاصة بالنسبة لوحدة العمل الإجرائي,وفقدان السياسة المنعية ,وأزمة البحث العلمي في نطاق العدالة الجنائية ,وحل مشاكل حماية الحقوق الفردية ,وتكدس القضايا في المحاكم. والتأخر في البت في القضايا الجنائية وتأثر مسار العدالة بالتيارات السياسية. ولابد من الاعتراف بأن هناك تنافس خفي مهني بين جهات التحري وجمع الاستدلالات وجهات التحقيق والمحاكمة ,فإذا كان الكل يبحث عن الحقيقة فان كل جهة تعتبر انها صاحبة الحق الأصيل ولاتعتد بما جاء به الأخرون كحقيقة مسلم بها ,وهذا الصراع يتطلب وحدة المنظور والاهداف لتنظيم العدالة الجنائية. ان ضرورة صياغة مرشد يتضمن القواعد والتوجيهات والنماذج الخاصة بالتحري وجمع الاستدلالات حتى لاتنتهك الحريات والحقوق الاساسية للمواطن ,وحتى لايتم إساءة استخدام السلطة من جانب الهيئات القائمة على هذه العمليات.ويتعين عدم جواز حبس أو تقييد حرية المشتبه في أمره أو تعذيبه,ولايستساغ القول بأن الاستيقاف هو حماية للأجهزة بل هو حماية للمجتمع ووسيلة للوصول الى الحقيقة .ولايتم التقييد للحرية إلا إذا كان هناك مجموعة من الدلائل الجدية تؤدي إلى الاعتقاد بأن هناك جريمة وان شخصا محددا أو أشخاص محددين هم الذين يظن انهم قد إرتكبوا السلوك الإجرامي أو ساهموا في إرتكابها.وقد تكون القواعد القانونية الخاصة بالاستيقاف والقبض كافية ومانعة لتحكم الهيئات القائمة على تنفيذه ,ومع ذلك لإستبعاد الشبهة وخاصة بالنسبة لأساءة استخدام السلطة من الضروري وضع معايير مقننة تعمل هذه الجهات في نطاقها ,وتوفير رقابة قضائية على هذا الاستخدام ,وتوفير نظام طعن في القرارات الصادرة في هذا الشأن.