نقاش:حصن العقاب
جبال سير مورينا، وهضبة لينارس، بالقرب من بلدة "تولوسا"، ويطلق الأسبان على هذه الوديان اسم "نافاس"؛ ولذا عرفت الموقعة عندهم باسم "لاس نافاس دي تولوسا"، ويسمي المؤرخون المسلمون هذا الموضع بـ"العقاب"، نسبة إلى حصن أموي قائم بالقرب من المكان الذي دارت فيه المعركة.
معركة حصن العقاب (16 يناير,1212)
تعتبر معركة حصن العقاب نقطة تحول كبير في تاريخ شبه جزيرة ايبريا في العصور الوسطي, حيث انضم الملك ألفونسو الثامن ملك قشتالة بقواته مع قوات سانشو السابع ملك النافار وقوات الفونسو الثاني ملك البرتغال وقوات بيتر الثاني ملك آراجون, في معركة ضد قوات الخلافة الموحدية-التي كانت تحكم جنوب اسبانيا وشمال أفريقيا- بقيادة الخليفة محمد الناصر. قام الخليفة محمد الناصر بحشد قوات ضخمة استعداد للمعركة,فأعلن الجهاد العام فجائئه الجيوش من جميع أنحاء دولة الخلافة خصوصا من الجزء الأفريقي من الدولة والذي كان يشمل (تونس,الجزائر,المغرب,موريتانيا,جنوب اسبانيا).
مقدمات المعركة.
في عام 1195,انتصر الموحدين بقيادة ابويعقوب المنصور علي الأسبان بقيادة ألفونسو الثامن, في موقعة حصن الأرك،واستردوا منهم بعض المدن والحصون الهامة.
وانكسار حدة الهجمات النصرانية بعد أن خسرت القوات القشتالية نحو ثلاثين ألفا.
المعسكر الاسلامي
ثم في عام1211, عبر الخليفة محمد الناصر مضيق جبل طارق ومعه قوات عسكرية ضخمة, ووصل إلى إشبيلية، وأقام بها لإعداد جيشه وتنظيم قوته, وقام بغزو أراضي مملكة قشتالة المسيحية واستولي علي حصن شلطبرة إحدى قلاع مملكة قشتالة بعد حصار دام ثمانية أشهر، ثم عاد بجيشه إلى إشبيلية بعد دخول فصل الشتاء رغبة منه في إراحة جيشه.
المعسكر الصليبي
كان الخطر كبير علي مملكة قشتالة, حتي أن البابا انوسينت الثالث دعا فرسان أوروبا الي القيام بحملة صليبية ضد الموحدين, وقال صيحته الشهيرة كلنا صليبيين , فتوافدت على طليطلة جموع النصارى المتطوعين من كافة أنحاء المدن الأسبانية، يقودهم القساوسة والأساقفة.
وقد أثمرت جهود "ألفونسو الثامن" في استنفار أوروبا كلها ضد المسلمين، حيث أنذرهم البابا بتوقيع عقوبة الحرمان الكنسي على كل ملك أو أمير يتأخر عن مساعدة ملك قشتالة، كما أعلن الحرب الصليبية، وتوافدت جحافل الصليبيين من كل أنحاء أوروبا استجابة لدعوة البابا، واجتمع منهم نحو سبعين ألف مقاتل، حتى إن طليطلة لم تتسع لهذه الجموع الجرارة، فأقام معظمهم خارج المدينة.
تحركت هذه الجيوش الجرارة التي تجاوزت مائة ألف مقاتل تحت قيادة "ألفونسو الثامن" من مدينة طليطلة في (17 من المحرم سنة 609هـ = 2 من يونيو 1212م)، فاخترقت حدود الأندلس، وضربت حصارًا حول قلعة رباح، وكانت حاميتها صغيرة نحو سبعين فارسًا، دافعوا عن موقعهم بكل شجاعة وبسالة، واستنجد قائد الحامية "أبو الحجاج يوسف بن فارس" بالخليفة الناصر الموحدي، لكن رسائله لم تكن تصل إلى الخليفة؛ فلما طال الحصار، ورأى "ابن قادس" استحالة المقاومة مع فناء الأقوات وقلة السلاح، ويئس من انتظار وصول المدد، صالح ألفونسو على تسليم الحصن له، على أن يخرج المسلمون آمنين على أنفسهم، واستمر زحف القوات الصليبية؛ فاستولت على حصن الأرك وبعض الحصون الأخرى.
أحداث المعركة
وفي (15 من صفر 609 هـ= 17 من يوليو 1212م) نشبت المعركة بين الفريقين، وأقبلت مقدمة جموع الصليبيين الضخمة، فاجتاحوا الجند المتطوعة وكانوا في مقدمة الجيش، فأبادوهم عن آخرهم، وتمكنوا من الوصول إلى قلب الجيش الموحدي واشتبكوا معه، لكن القلب صمد لهذا الهجوم الجامح، ولاح النصر للمسلمين.
فلما رأى ذلك ملك قشتالة اندفع بقواته وقوات مملكتي ليون والبرتغال وكانت تمثل قلب الجيش الصليبي، واندفع وراءه ملكا "أرغون" و"نبرة" بقواتهما وكانا يمثلان جناحي الجيش، فأطبقا على الجيش الموحدي من كل جانب، فاضطربت صفوف الجيش، ولاذ الجند بالفرار؛ مما أربك أوضاع الجيش الذي استسلم للهزيمة القاسية.
وفر الناصر من ساحة القتال مع مجموعة من رجاله، وخسر المسلمون امائة ألف مقاتل وعددا كبيرا من خيرة العلماء والفقهاء والقضاء، واستولى النصارى على معسكر الموحدين بجميع محتوياته من العتاد والسلاح والخيام والبسط والأقمشة والدواب. ولا تزال بعض أعلام الموحدين وخيمهم في معركة العقاب محفوظة في إسبانيا.
نتائج المعركة
عجّلت هزيمة ساحقةُ الموحدين بسقوط دولتهم في المغرب وجنوب اسبانيا , وشجعت الممالك المسيحية في اسيانيا علي غزو أراضي الاندلس الاسلامية، حيث استرد القشتالييننُ أبدة، وثمّ، أببيدة، وحصن القشتاليين مدنهم الرئيسية واستعدوا لغزو باقي مدن الاندلس، حيث استولي فيردناند الثّالث ملك قشتالة علي القرطبةِ في 1236, وعلي جيان في 1246، وإشبيلية في 1248؛ ثمّ أَخذَ الآرك، وقادش. وغيرها من المدن الهامة, ولم يوقف سيل غزوات فيرديناند الا موته حيث قبل وفاته كان ينوي غزو الموحدين في عقر دارهم في المغرب.
، مضي جيمس الاول كونت برشلونة وملك آراجون في فَتْح جُزُرِ البليار(مِنْ 1228 على السَنَواتِ التاليةِ الأربع) واستسلمت بلنسية بعد حصار طويل 28, 1238)، انتهت الدولة الموحدية تقريبا سنة 1252, وحل محلها علي حكم المغرب دولة بني مرين, وحكموا تقريبا كل المدن التي كان يحكمها الموحدون من قبلهم, وحاولوا استعادة سيطرتهم علي الاندلس, إلا إنه اصطدموا بقوات سانشو الرابع ملك قشتالة الذي هزمهم شر هزيمة في موقعة سالادو, وكان موقعة سالادو اخر موقعة سالادو كبري بين المسلمين والاسبان في الاندلس. استولي سانشو الرابع علي حصن طريف مفتاح جبل طارق, واصبح له كل السيطرة علي الاندلس عدا غرناطة وتوابعها مثل ألمرية, مالقة, التتي كانت بيد المسلمين وتشكل نواة الدولة النصرية, حتي استولي عليها فرديناند وايزابيلا عام 1492 وأنهوا عصر الاسلام في اسبانيا.