نصب الحرية (العراق)
نصب الحرية في العراق من تنفيذ النحات العراقي المشهور جواد سليم الموجود في ساحة التحرير في منطقة الباب الشرقي في بغداد. قام الفنان جواد سليم في 1959، مع المعماري رفعت الجادرجي والنحات محمد غني حكمت، بتحقيق نصب الحرية القائم في ساحة التحرير ببغداد وهو من أهم النصب الفنية في الشرق الاوسط ولجسامة المهمة ومشقة تنفيذ هذا العمل الهائل ففد تعرض إلى نوبة قلبية شديدة أودت بحياته في 23 كانون الثاني يناير عام 1961م، الموافق 6شعبان 1380هـ، وشيع بموكب مهيب ودفن في مقبرة الخيزران في الاعظمية.
نصب الحريه عباره عن سجل مصور صاغه الفنان جواد سليم عن طريق الرموز اراد من خلالها سرد احداث رافقت تاريخ العراق مزج خلالها بين القديم والحداثه حيث تخلل النصب الفنون والنقوش البابليه والاشوريه والسومريه القديمه اضافه إلى رواية أحداث ثورة 1958 ودورها واثرها على الشعب العراقي وكثير من الموضوعات التي استلهمها من قلب العراق ولعل أهم ما يجذب الشخص عندما يطالع النصب للوهله الاولى هو الجندي الذي يكسر قضبان السجن الذي يتوسط النصب لما فيه من قوه واصرار ونقطة تحول تنقل قصة النصب من مرحلة الاضطراب والغضب والمعاناة إلى السلام والازدهار.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قصة النصب
وبعد ثورة 14 تموز كلف مجلس أمانه العاصمة الأستاذ رفعت الجادرجي بوضع تصميم هذا النصب التذكاري لتخليد ثوره 14 تموز. كان موقع نصب 14 تموز قد عينه مجلس أمانة العاصمة في صباح ذلك اليوم بالذات الذي وقع فيه التكليف. والموقع هو حديقة غازي (حديقة الأمة لاحقا) في الباب الشرقي. فتقرر أن تكون اللافته بطول عرض الحديقه بأسرها أي خمسين مترا وارتفاع اللافته عشرة أمتار ويكون ارتفاعها عن مستوى الارض سته امتار وتملاء هذه اللافته بأشكال برونزية تمثل يوم 14 تموز. وقد تم ترتيب الرموز البرونزية على النحو التالي (الحصان، رواد الثورات، الطفل، الباكية، الشهيد، أم وطفلها، المفكر السجين، الجندي، الحرية، السلام، دجلة والفرات، الزراعة، الثور، الصناعة)
في البدايه نلاحظ الحصان وهو رمز عربي كثيرا مايرمز للاصاله والشجاعه والقوه حيث يبدو الحصان هنا مفعم بالحيويه يرقد على قائمته الخلفيتين بعد أن ألقى براكبه، وحول الحصان يوجد ثمة رجال يبدو عليهم التوتر الشديد ربما كان يرمز الى الجماهير الكادحة. وبعد أن كانت الحركه مضطربة تتجه نحو اليسار وتنتظم نابضة بالعزيمه والاصرار بصوره انسان يتقدم بصوره واسعه الى الامام وبعدها ترتفع اللافتات والرايات الجديده في السماء (رواد الثورات).
النصب يحتوي على 14 قطعه من المصبوبات البرونزيه المنفصله وعندما نطالعه تكون الروايه قد ابتدأت من اليمين إلى اليسار كما في الكتابه العربية. وبعد ان كانت الحركه مضطربه يمين النصب، فانها ومع التحرك نحو اليسار تنتظم و تصبح نابضه بالعزيمه والاصرار بصورة انسان يتقدم بصوره واسعه إلى الامام وبعدها ترتفع اللافتات والرايات الجديده في السماء. بعد ذلك يطالعنا رمز البراءه والامل على هيئة طفل صغير يشير إلى بداية الطريق. تطالعنا بعدها امرأه مشحونه بالانفعال والغضب والحزن، و من ثم منظر مؤثر حيث تحتضن الام ابنها الشهيد وتبكي عليه ولعل هذا الامر كثير الورود في التاريخ العراقي سواء كان القديم ام الحديث. تليها صورة الامومه التي تغمر الحياة الجديده بالحب والحنان فقد تكون للثورات والمأسي ضحاياها لكنها تملك في الوقت ذاته اجيالها الجديده لعل في ذلك التفاته جميله من الفنان لنبذ اليأس.
بعد ذلك يصل إلى الجزء الأوسط وهو الجزء الأهم في النصب حيث يشير إلى نقطة التحول حيث يتألف من ثلاثة تماثيل على اليمين يطالعنا تمثال السجين السياسي الذي تبدو الزنزانه فيه على وشك الانهيار تحت تأثير رجل مزقت ظهره السياط ، ولكن القضبان لاتنفصل في النهايه الا باصرار وقوة وجهد الجندي الذي يظهر في الوسط وذلك اعترافا باهمية دور الجيش في ثورة (1958).
بعد ذلك تنقلب صفحة المعاناة والمأسي لتحل صفحة السلام والازدهار والحريه حيث تظهر لنا امرأة تمسك مشعلا" وهو رمز الحريه الاغريقي وتندفع نحو محررها وبعد الانفعال ياتي الهدوء فيتوقف الغضب ومواجع الثوره وتحل الراحه والسكينه في القلوب وتتحول بعدها القضبان الحديديه إلى اغصان. وكذلك نهرا دجله والفرات واللذان يعتبران العمود الفقري لحضارة وادي الرافدين لم يغيبا عن النصب حيث يفسر البعض ان دجله الذي يعني في العربيه اشجار النخيل والفرات بمعنى الخصب تمثلهما امرأتان احداهما تحمل سعف النخيل والاخرى حبلى وثمة فلاحان يرمزان إلى العرب والاكراد ولكن احدهما في زي سومري والثاني رداء اشوري وهما يتطلعان نحو رفيقيهما دجلة والفرات ويحملان مسحاة (مجرفة) واحده فيما بينهما تعبيرا" عن وحدة البلد الذي يعيشان في كنفه وكذلك هنالك رمز عراقي اخر وهو الثور الذي يعد رمز سومري بينما يظهر الجانب الصناعي في اقصى اليسار على هيئة عامل مفعم بالثقه.