مي سعيفان
مي سعيفان (مواليد 1981 ) أول راقصة باليه محترفة في سوريا، والسورية الوحيدة الحاصلة على دبلوم في الرقص الكلاسيكي والمعاصر من معهد حكومي مختص في أوروبا. ولها تمثال في المعهد العالي للموسيقى والفنون المسرحية بدمشق.
انتسبت مي سعيفان إلى أول مجموعة بالية تابعة للمعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق عام 1988، واستمرت دراستها فيه حتى عام 1999. ثم حصلت على منحة دراسية من منظمة الKAAD الألمانية وانتقلت إلى ألمانيا لتحصيل شهادة الدبلوم في الرقص الكلاسيكي والمعاصر من المعهد العالي للفنون المسرحية- فرانكفورت 2003.
بعد ذلك عملت كمدرّسة للرقص المعاصر في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق حتى عام 2004، كما أسست فرقتها الخاصة هناك.
عام 2005 انتقلت إلى مدينة نورنبرگ الألمانية حيث تدرّس الآن في معهد "ورشة الرقص" Werkstatt fuer tanz بالإضافة إلى العديد من المشاريع الخاصة. كما أسست أيضاً مع شريكها إنگو شڤايگر فرقة ميوسوتس للمسرح الراقص .
عملت مع عدة مصممين عالمين مثل: أولگا كوبوس، پيتر ميكا، ماركو سانتي، مارك سبرادمينگ، نانسي سايتر مك-إنتاير، أورنيلا دياگوسينو و غيرهم، وقدمت عروضاً في ألمانيا، بولونيا، لوكسمبورگ، هولندا وسوريا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سيرتها
عام 1988 افتتحت في دمشق أول مدرسة لتعليم رقص الباليه، فانتسبت سعيفان إليها مع المجموعة الأولى من الأطفال، هكذا بعد أربع سنوات لم يبق غيرها من تلك الدفعة التي تراجع أطفالها عن حلمهم كما يبدو (لأسباب كثيرة!؟)، ما منحها الفرصة لتكون راقصة الباليه السورية الأولى حسب القيود الموجودة في المعهد.[1]
لا يزال الجمهور في دمشق يتذكر عرض «كسارة البندق»، وهو أول عرض باليه متكامل يقدم في سوريا عام 1997، يومها كان لابنة السادسة عشرة عاماً مجموعة من الأدوار فيه، وظل أكثرها ثباتاً في الذاكرة، تلك الرقصة الشرقية التي قدمتها سعيفان على المسرح، تأثير العرض في الجمهور دفع النحات السوري ياسر العمري لأن ينجز تمثالاً للراقصة الشابة بالحجم الطبيعي، وهو اليوم موجود في المعهد العالي للفنون المسرحية: «كان عرض كسارة البندق من التجارب الجميلة في تلك المرحلة، خصوصاً أنه أول عمل سوري متكامل، بعدها بدأت ألمس صدى عملي بشكل مباشر»، تبتسم. ولا تريد أن تعتبر تنصيب تمثال لها حدثاً يحتاج إلى كثير من التأويل، إنما كان صدى لتفاعل الجمهور معها فقط بعد ذلك العرض.
عام 1999 انتقلت مي سعيفان للدراسة في ألمانيا بعد حصولها على منحة، وقبل وصولها إلى هناك لم يكن لديها فكرة عن الرقص المعاصر، فالفتاة الشابة تربت وتأسست على تقاليد الرقص الكلاسيكي الصارمة، التي تركز على أهمية الشكل والاستعراض، كل هذا جعلها تعيش مرحلةً من الصراع استمرت قرابة سنة ونصف السنة من عمر رحلتها الأولى إلى ألمانيا: «في تلك الفترة عشت مراحل ومستويات عدة للصراع، منها ما هو عضلي من أجل إعادة تطويع الجسد، وبنائه من جديد، ومنها ما هو فكري أيضاً وثقافي».
في النهاية حسمت أمرها في اتجاه الرقص المعاصر، فهو ما بحثت عنه في السابق ولم تجده، هذا المجال الذي تؤكد أنه: «خلخل ما لدي من قناعات وطريقة تفكير ومسلمات كنت أعيش معها في البدايات، لحظتها أعدت التفكير بالتفاصيل وما كنت أظنه من البديهيات».
واصلت سعيفان الدراسة في ألمانيا حتى عام 2003، بعدها عادت إلى دمشق لتدخل المعهد العالي للفنون المسرحية كمدرّسة، لكنها اصطدمت في هذه الفترة بكثير من الحواجز الشخصية ومن المحيطين، فهنا انتقل التعاطي معها إلى مرحلة الرقابة، لأنها غدت مسؤولة عن تدريس مجموعة كاملة من الطلاب، رغم أنها لم تتجاوز 22 سنة: «خلال تلك السنة لم أكن قد أنجزت شيئاً في دمشق، ولم يكن الجو مريحاً بالنسبة لي، فالضوء المسلط علي كقادمة جديدة من ألمانيا كان أكبر من قدرتي على الاحتمال».
هكذا قررت العودة إلى ألمانيا لاستكمال ما بدأته، فعادت لتعمل مع عدة فرق كراقصة حرة، وكريوغراف، ومن ثم لتزيد معارفها، فدرست وجربت سواء أكاديمياً أو مع فرق ألمانية وضمن ورشات عمل، كيفية العمل على المسرح، والاستماع إلى الأصوات، وطرق الإضاءة، وطرق تعليم الرقص المعاصر، كما درّست مع طلاب وهواة ومعاقين وأطفال وفئات عمرية مختلفة، وشاركت في مجموعة من ورشات العمل مع عدة فرق عالمية في مجال الرقص المعاصر.
لا ترى سعيفان أن الرقص المعاصر فن نخبوي في سوريا، وترفض هذه الفكرة من أساسها، لذا تعمل في العروض التي تقدمها على تحميل مضامين ورسائل في سعي واضح لإيصالها إلى الجمهور، هكذا أتى عرضاها اللذان قدمتهما في دمشق حتى الآن، الأول بعنوان (عواقب) وفيه كان الصوت يقرأ وبشكل خافت أجزاءً مطولة من الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، واختتمته بمشهد مؤثر مسلطةً أضواءً قويةً على جمهور العرض، أما في عرضها الثاني (كونتراكت) فاعتمدت على نصوص (تاريخ يتمزق بجسد امرأة) للشاعر السوري أدونيس ملقاةً بصوته، لتعبر من خلال جسدها عن معاناة المرأة الشرقية وسعيها المتواصل من أجل تأكيد خصوصيتها واستقلاليتها في وجه مجتمع ذكوري يقف في وجهها دائماً، لذا ترى أن تقبل الجمهور لعروضها جعلها تقف ضد الحكم على الرقص المعاصر بالنخبوية: «أنا أقدم في أعمالي حالات، ولكل فرد تفسيرها وإسقاطها على ما لديه من مخزون وتجارب وثقافة، وعندما تصلني ردات فعل من أشخاص لا علاقة لهم بالرقص المعاصر لكن تفسيرهم للعرض يوحي دائماً أن الرسالة التي أريدها وصلت، هذا ما يجعلني متأكدة أن ما يقدم ليس نخبوياً أو متعالياً على الجمهور.
وتضيف هنا: بالعكس النخبة أحياناً هم من لديهم أحكام مسبقة وطاقة سلبية، تسعى إما للتحطيم أو للتأويل الفائض للعرض وتحميله ما لا يحتمل.
تصطدم كلمة راقصة في المجتمع الشرقي، بمفاهيم وعادات وتقاليد وأحكام مسبقة، أتت نتيجة موروث فكري وثقافي وتاريخي للشرق بشكل عام، لكن رغم هذا الحكم الذي يكون قاسياً أحياناً، وفي غير مكانه بمعظم الأحيان، ترى سعيفان أنه: يجب أن تقنع الآخرين برأيك وتمشي في طريقك، إذا كنت صاحب مشروع حقيقي، وأنا كنت أريد إنجاز مشروعي ولم يكن من المسموح أن أتأثر بردة فعل الآخرين سواء كانت سلبية أو إيجابية.تنظر سعيفان إلى الحراك القائم في ساحة الرقص المعاصر ضمن سوريا بإيجابية، وتقارن الوضع اليوم بما كان في التسعينات، لتؤكد أن الرقص في سوريا قطع مراحل مهمة، لكن ما ينقصه هو وجود الدعم والاهتمام الحقيقي بهذا المجال، من خلال وجود مدرسة مختصة ومجهزة ببنية تحتية تساعد الراغبين في تعلم هذا الفن، وتسعى لتأسيس جيل جديد من الراقصين، وعلى أيدي مدرسين من ذوي الخبرة: فتدريس الرقص وبالتحديد للأطفال يحتاج إلى معرفة واطلاع، لأنه بصراحة ليس عسكرية وفنون قتال وكاراتيه.
بعد عودتها عام 2008 من ألمانيا، وضمن مشروعها المستمر، أسست مي سعيفان «تجمع تنوين للرقص المعاصر»، هذا التجمع الذي لم يتأسس على شكل فرقة حتى الآن، ولذلك بقي على شكل تجمع، لكنه منضو في تجمعات أخرى ضمن شبكة مساحات الإقليمية والتي تضم مجموعة دول في المنطقة هي لبنان والأردن و(رام الله) من فلسطين إضافة إلى تنوين من سوريا.كما أطلقت في عام 2009 مهرجان الرقص المعاصر، الذي لاقى نجاحاً مهماً، ما دفعها إلى تكرار تجربتها في العام التالي، ليصبح المهرجان دورياً وفي موعد ثابت خلال الشهر الرابع من كل عام: «المهرجان الأول كان بسيطاً ومن باب التجربة فقط، لكن ردة الفعل الإيجابية من الجمهور هي التي دفعتني للاستمرار به وتثبيته على قائمة المهرجانات، وبالفعل استطعنا هذا العام استقدام فرق مهمة إلى سوريا لم نكن قبل سنوات نحلم بقدومها إلى المنطقة.اليوم تنشغل سعيفان باختيار مجموعة من الراقصين، لتأسس معهم لعملٍ جديد ستكون هي الكريوغراف فيه فقط، وتأمل أن تعرض عملها في المهرجان القادم، لكن ما الذي سيدور حوله العمل الجديد؟ تجيب: سيطرح أسئلةً لها علاقة بالبديهيات، وبكل شيء نعتبره من مسلماتنا، بالأشياء الشخصية والقرارات الحياتية وبالتأكيد له إسقاطات مجتمعية أيضاً.
المراجع
- ^ عمر الأسعد (2011-01-02). "مي سعيفان.. الرقص حين يحرر الجسد". صحيفة البيان الإماراتية.