موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية

موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية
غلاف موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية.jpg
غلاف المجلد الأول من موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية
المؤلفعبد الوهاب المسيري
البلدمصر
اللغةالعربية
الموضوعاليهود، الصهيونية، التاريخ
الناشردار الشروق - مصر
الإصدار1999
نوع الطباعةمجلدة تجليد فني
عدد الصفحات3132

موسوعة اليهود و اليهودية و الصهيونية هي عمل موسعي ضخم قام على إعداده و تقديمه الدكتور الراحل عبد الوهاب المسيري وذلك في سبع مجلدات كبيرة الحجم. بدأ عبد الوهاب المسيري العمل على الموسوعة في منتصف السبعينيات من القرن العشرين، واستمر في ذلك حتى نهاية التسعينيات مستعينا بالمتطوعين والباحثين لجمع شتات المادة.

عن الموسوعة

تتناول الموسوعة الأحوال الاجتماعية والسياسية التى صاحبت الجماعات اليهودية من قديم الأزل و حتى العصر الحديث. تناول الدكتور عبد الوهاب المسيري كافة الشئون الحياتية لهذه الجماعات منذ العبرانيين و انتهاءاً بدولة إسرائيل. وذلك بالتركيز على أحوال هذه الجماعات في البلدان التى تواجدوا فيها ودراسة الظروف المحيطة بهم. أيضاً ضمن الدكتور المسيري دراسته الشخصيات التى أثرت في التاريخ اليهودي من غير اليهود من أمثال نابليون بونابرت وهتلر، وتطرق أيضاً إلى شعائر الديانة اليهودية وتأثرها بالديانات المختلفة.


أهداف الموسوعة

  1. وجود دراسة ورؤية تاريخية واضحة، تقوم على أسس علمية سليمة وصحيحة تقوم على الحياد لمعرفة التاريخ اليهودي بشتى أنحاء العالم في إطار التاريخ الإنساني.
  2. وضع تعريف دقيق لكافة المصطلحات والمفاهيم والأعراف السائدة والتأريخ لها من وجهة نظر جديدة مختلفة عن ما طرح في الماضي وكذلك النظر من مداخل أكثر مما يساعد على تقريب وتوضيح الصورة حول الجماعات اليهودية أكثر من ذي قبل.
  3. التخلي عن التحيز الذي وجد في العديد من الدراسات السابقة ووضع مصطلحات حيادية لا تتسم بالتحيز ضد أو مع هذه الجماعات و يقول الدكتور المسيري عن هذه النقطة تحديدا:
«تم استبعاد مصطلح مثل "الشعب اليهودى" الذى يفترض أن اليهود يشكلون وحدة عرقية ودينية وحضارية متكاملة (الأمر الذى يتنافى مع الواقع)، وحل محله مصطلح "الجماعات اليهودية"»

تقسيم الموسوعة

  • الموسوعة مكونة من ثمان مجلدات متوسط صفحات المجلد الواحد منها نحو 450 صفحة.
  • كل مجلد يتناول موضوعاً منفرداً. المجلد الأول يضم الإطار النظرى الخاص بالموسوعة وقضايا المنهج، المجلدات من الثاني و حتى الرابع تتناول موضوع الجماعات اليهودية، المجلد السادس الصهيونية، المجلد السابع عن إسرائيل.
  • يضم كل مجلد عدة أجزاء بينما يحتوى الجزء على أكثر من باب و للباب عدة مداخل.
  • يشير الدكتور عبد الوهاب إلى أن عدد مداخل الموسوعة قرابة الـ 2300 مدخل.
موسوعة-اليهود-واليهودية-والصهيونية-ج1.pdf
موسوعة-اليهود-واليهودية-والصهيونية-ج2.pdf
موسوعة-اليهود-واليهودية-والصهيونية-ج3.pdf
موسوعة-اليهود-واليهودية-والصهيونية-ج4.pdf
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
موسوعة-اليهود-واليهودية-والصهيونية-ج5.pdf
موسوعة-اليهود-واليهودية-والصهيونية-ج6.pdf
موسوعة-اليهود-واليهودية-والصهيونية-ج7.pdf
موسوعة-اليهود-واليهودية-والصهيونية-ج8.pdf
الجزء الخامس الجزء السادس الجزء السابع الجزء الثامن

محتوى الموسوعة

تألف الموسوعة، من ثمانية مجلدات، يضمّ كل مجلد عدة أجزاء، ويضمّ كل جزء عدة أبواب، ويضمّ كل باب عدة مداخل.

وعدد مداخل الموسوعة حوالي 2300 مدخل، والموسوعة مرتبة حسب التصنيف الموضوعي؛ وهي لا تقتصر عليه، إذ يوجد في المجلد الثامن فهرس ألفبائي عربي بكل مداخل الموسوعة.[1]

المجلد الأول

خصّص المجلد الأول لتحديد الإطار النظري للموسوعة، واستعراض جملة من الإشكالات النظرية ذات العلاقة باليهود واليهودية والصهيونية، وفي مقدمتها مشكلة المصطلح الغربي الذي يتميّز، حسب المسيري، بمجموعة من السمات، أبرزها:

1. "تنبع المصطلحات الغربية من المركزية الغربية؛ فالإنسان الغربي يتحدّث، على سبيل المثال، عن «عصر الاكتشافات»، وهي عبارة تعني أن العالم كله كان في حالة غياب ينتظر الإنسان الأبيض لاكتشافه. والصهاينة يشيرون أيضاً إلى أنفسهم على أنهم «رواد»، والرائد هو الشخص الذي يرتاد مناطق مجهولة، فيستكشفها بنفسه ويفتحها لينشر الحضارة والاستنارة فيها بين شعوبها البدائية".

2. "يَصدُر الغرب عن رؤية إنجيلية لأعضاء الجماعات اليهودية. وحتى بعد أن تمت علمنة رؤية العالم الغربي لليهود، ظلت بنية كثير من المصطلحات ذات طابع إنجيلي؛ فاليهود هم «شعب مقدَّس» أو «شعب شاهد» أو «شعب مدنَّس» أو «شعب ملعون». وبغض النظر عن الصفات التي تلتصق باليهود، فإن صفة الاستقلال والوحدة هي الصفة الأساسية، فسواء كان اليهود شعباً مقدَّساً أم مدنَّساً فهم شعب واحد. وقد ترجم هذا المفهوم نفسه إلى فكرة «الشعب اليهودي»، تماماً كما أصبح «التاريخ المقدَّس» الذي ورد في التوراة هو «التاريخ اليهودي». وتُشكِّل مفاهيم الوحدة والاستقلال هذه، الإطار النظري لكل من الصهيونية ومعاداة اليهود".

3. "انطلق الصهاينة من المركزية الغربية هذه وعمَّقوها بإضافة المركزية الصهيونية، وجوهر هذه المركزية هو أن اليهود كيان مستقل لا يمكن دراسته إلا من الداخل في إطار مرجعية يهودية خالصة، أو شبه خالصة؛ وهو ما أدَّى إلى ظهور ما [يسمّيه المسيري] «غيتوية المصطلح». فكثير من الدراسات التي كُتبت عن الموضوع اليهودي والصهيوني تستخدم مصطلحات من التراث الديني اليهودي (بعضها بالعبرية أو الآرامية) أو من تراث إحدى الجماعات اليهودية (عادةً يهود اليديشية) أو من الأدبيات الصهيونية لوصف الظواهر اليهودية والصهيونية، وكأن هذه الظواهر من الاستقلالية والتفرد بحيث لا يمكن أن تصفها مفردات في أي لغة أخرى".

4. "وهناك بُعد آخر في المصطلح الصهيوني يقف على طرف النقيض من «الجيتوية» وهو ما [يسمّيه المسيري] «التطبيع»؛ وهو محاولة إسباغ صفة العمومية والطبيعية على الظواهر الصهيونية رغم ما تتسم به، في بعض جوانبها من تفرّد، بسبب طبيعتها الاستيطانية الإحلالية".

وليتجاوز المسيري هذه الصعوبات، ويصل "إلى مصطلحات أكثر تركيباً وتفسيرية وشمولاً ودقة"، نحت "مصطلحات تَنبُع من نموذج تحليلي جديد مركّب، لا يتبنى المرجعية الغربية أو الصهيونية؛ بل يستند إلى إدراك عربي إسلامي للظواهر، وإلى مرجعية عربية إسلامية".

وقد اهتم المسيري، في هذا المجلد، بتحديد مجموعة من المفاهيم والمصطلحات؛ منها على سبيل المثال لا الحصر: المرجعية النهائية المتجاوزة والكامنة، والمسافة والحدود والحيز الإنساني، والمركز، والمبدأ الواحد، والتجاوز والتعالي (مقابل الحلول والكمون)، والمطلق والنسبي، والمركب والبسيط، والسببية الصلبة واللاسببية السائلة، والواحدية الكونية: المادية أو المثالية/ الروحية، والإنسانية المشتركة، والطبيعة/ المادة، والعقلانية المادية واللاعقلانية المادية، والعلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة، والجماعات الوظيفية... وغيرها من المفاهيم. كما تناول فيه قضايا متعددة؛ منها: قضية الفرق بين الظاهرة الطبيعية والظاهرة الإنسانية، وإشكالية الموضوعية والذاتية.

المجلد الثاني

يحمل المجلد الثاني من الموسوعة عنوان: "الجماعات اليهودية.. إشكاليات". وقد تعرّض فيه المسيري لمجموعة من القضايا والإشكالات ذات الصلة بالجماعات اليهودية؛ منها طبيعة اليهود عبر التاريخ وما يرتبط بها من مفاهيم، من قبيل "الجوهر اليهودي"، و"العبقرية اليهودية"، و"الخصوصية اليهودية"، و"الوحدة اليهودية". كما توقف عند هجرات أعضاء الجماعات اليهودية وانتشارهم منذ العصور القديمة حتى العصر الحديث، مؤكداً ما عرف به العبرانيون من أنهم "شعب متجول" تتسم حياتهم بالتنقل من مكان إلى آخر، وبالانتشار في مختلف بقاع الأرض.

وقد تحدث المسيري - بنوع من التفصيل - عن هجرات اليهود قديماً منذ حوالي ألفي سنة قبل الميلاد إلى حدود بداية عصر النهضة، ولاحظ أن هذه الهجرات تميزت خلال هذه المرحلة بالتدريج وبالبطء الشديد، بسبب عدم توفر وسائل التنقل السريعة، كما أن اليهود المحليين كانوا غالبا ما يتصدون للوافدين من اليهود بسبب ما يشكلونه من خطورة اقتصادية.

أمّا هجرات اليهود في العصر الحديث، فقد قسّمها المسيري إلى أربع مراحل؛ هي:

المرحلة الأولى: وتبتدئ من القرن السادس عشر وتنتهي مع بداية القرن التاسع عشر، وتصادف "مرحلة البدايات الأولى للثورة الصناعية الرأسمالية بأوربا"، وقد "شهدت توطين السفارد من يهود المارانو في هولندا وفرنسا وإنجلترا، كما شهدت بدايات الهجرة الاستيطانية اليهودية إلى العالم الجديد". المرحلة الثانية: وتمتد من بداية القرن التاسع عشر إلى حدود عام 1880، وقد شهدت وقوع "الحروب النابليونية وما أعقبتها من اضطرابات سياسية تسببت في هجرة بعض الجماعات اليهودية من ألمانيا وبوهيميا والنمسا إلى فرنسا وإنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية". المرحلة الثالثة: وتمتد من عام 1881 إلى عام 1939، وتتسم بكونها "مرحلة الهجرة الكبرى اليهودية وغير اليهودية، والتي بدأت عام 1881 مع تعثر عملية التحديث بروسيا وتزايد العنصرية في كل أوربا، وانتهت عام 1939 بصدور قوانين عام 1924 التي حدَّت من هجرة يهود شرق أوربا، ثم بالكساد الاقتصادي، وإغلاق أبواب الهجرة من روسيا تماماً". المرحلة الرابعة: وتمتد من عام 1948 إلى تاريخ الانتهاء من إعداد الموسوعة، وتتميز بتكتل اليهود في الولايات المتحدة الأمريكية وتناقص أعدادهم في أوربا وظهور الكتلة اليهودية الاستيطانية بفلسطين المحتلة. وهكذا، أصبح هناك قطبان يتنازعان هجرة اليهود، هما: الولايات المتحدة و"إسرائيل" (فلسطين). وخصص الباحث المجلد الثالث، الموسوم بـ"الجماعات اليهودية: التحديث والثقافة"، للحديث عن ثقافات أعضاء الجماعات اليهودية وعلاقة التفاعل بينهم وبين الثقافة الغربية في عصور التحديث والاستنارة وما بعد الحداثة. وقد توقف المسيري - في هذا السياق - عند العلاقة الوثيقة بين البروتستانتية من جهة، وبين العقيدة اليهودية وأعضاء الجماعات اليهودية من جهة أخرى. كما تحدّث عن علاقة العلمانية بالجماعات اليهودية وعن دورهم في ظهورها وانتشارها، وعما تركته من آثار عميقة في اليهودية، خاصة بعد تصاعد معدلات العلمنة في المجتمع الغربي، حيث دخلت اليهودية الحاخامية مرحلة الأزمة بسبب هيمنة القبالاه الحلولية على اليهودية، فأصبحت رؤيتهم للكون حلولية متطرفة. كما توقف عند مفهوم التحديث، وتحدّث عن دور اليهود فيه وعن تأثرهم به، إلى جانب علاقتهم بالرأسمالية الغربية.

وعرف المسيري مفهوم الثقافة اليهودية، حيث خلص إلى أنه لا توجد ثقافة يهودية خالصة مستقلة وعالمية تعبّر عن وجدان أعضاء الجماعات اليهودية وسلوكهم، وإنما توجد ثقافات يهودية تختلف باختلاف التشكيل الحضاري الذي يوجد فيه اليهود. وهكذا، يمكننا الحديث عن ثقافة غربية يهودية، أو ثقافة عربية يهودية. كما ذكرت الموسوعة - في هذا المجلد- عدداً من المفكرين والفلاسفة والعلماء والأدباء والفنانين من أعضاء الجماعات اليهودية.

المجلد الرابع

وجاء المجلد الرابع من الموسوعة يحمل عنوان "الجماعات اليهودية: تواريخ"، وهو مخصص للحديث عن تاريخ الجماعات اليهودية في العالم الغربي وفي العالم الإسلامي قديماً وحديثاً.

وهكذا، تناول الجزء الأول من هذا المجلد تواريخ الجماعات اليهودية في العالم القديم، بينما تطرق جزؤها الثاني إلى تواريخ هذه الجماعات في العالم الإسلامي قديما وحديثا. أما الجزء الثالث والأخير من هذا المجلد، فتحدث عن تواريخ اليهود في عدد من بلدان العالم الغربي، مثل فرنسا وإنجلترا وألمانيا والنمسا وإيطاليا وروسيا وأمريكا اللاتينية والولايات المتحدة.

وقد أثار المسيري في هذا المجلد جملة من القضايا، منها: الرؤية الصهيونية للتاريخ، وهي رؤية تنبع من مصدرين أساسيين؛ أولهما عقائدي، ويتمثل في الحلولية اليهودية بما تحويه من مزج بين المطلق/ الإلهي والنسبي/ الإنساني، وبكل ما تضفيه على الشعب اليهودي من قداسة تجعله مطلقا. والمصدر الثاني تاريخي، يتمثل في التجربة التاريخية التي خاضتها الجماعات اليهودية في شرق أوربا بوصفها جماعات وظيفية؛ وهي تجربة قدمت ما يمكن وصفه بالبرهان الواقعي الملموس، الذي يؤكد صحة الرؤية الصهيونية للتاريخ اليهودي. كما أن الرؤية الصهيونية للتاريخ لا تختلف عن الرؤية الحلولية الواحدية اليهودية له، إذ إن الفارق الوحيد بينهما هو أن الرؤية الصهيونية قد عُلْمِنت.

المجلد الخامس

يتضمن المجلد الخامس، المعنون بـ"اليهودية: المفاهيم والفرق"، ثلاثة أجزاء رئيسية. وقد غطى الجزء الأول بعض الإشكالات المرتبطة باليهودية، مثل إشكالية "الحلولية اليهودية"، وعلاقة الغنوصية والصهيونية باليهودية. وتناول الجزء الثاني مجموعة من المفاهيم والعقائد الأساسية في اليهودية؛ من قبيل "الإله"، والشعب المختار والنبوة والقباله والشعائر والحاخام وغيرها. وتوقّف الجزء الثالث عند الفرق الدينية اليهودية، مثل الحسيدية واليهودية الإصلاحية واليهودية الأرثوذوكسية واليهودية المحافظة. عالج هذا الجزء، إلى جانب ما سبق، قضيّةً خطيرةً جداًّ قلما التفت إليها الباحثون في العالم العربي؛ وهي قضية العلاقة بين اليهودية وأعضاء الجماعات اليهودية بتيار ما بعد الحداثة، إذ لاحظ المسيري أن كثيراً من مؤسّسي ما بعد الحداثة ودعاتها ينحدرون من أصول يهودية (جاك دريدا، إدموند جابيس، هارولد بلوم، إيمانويل ليفيناس...)، وأن صلة هؤلاء بموروثهم العبري وثيقة. وذهب إلى أن ثمة "تبادلاً اختيارياًّ" بين اليهود واليهودية من جهة وما بعد الحداثة من جهة أخرى، والسبب هو أن ثمة عناصر في اليهودية وفي وضع أعضاء الجماعات اليهودية تجعلهم يتجهون نحو ما بعد الحداثة، فيتأثرون بها ويساهمون في فكرها إسهاما ملحوظا.

ويمكن تلخيص العناصر الموجودة في التراث اليهودي، في ما يلي:

العقيدة اليهودية غير متجانسة، بل إنها تضم عدداً من العقائد المتناقضة. ومن ثَمَّ، يمكن الحديث عن اليهودية بوصفها "تركيبا جيولوجيا تراكميا"، يتكون من عدة طبقات جامدة ومستقلة لا تمتزج فيما بينها ولا تتفاعل؛ ولكنها في الوقت نفسه لا تلغي الواحدة منها الأخرى. إضافة إلى ذلك، يفتقد اليهود إلى تعريف محدد لمن هو اليهودي؟ فقد عرّف تارة بأنه "من يصفه الناس بأنه كذلك"، وعرّف تارة أخرى بأنه "من يشعر في قرارة نفسه بأنه كذلك"؛ وهي تعاريف لا تشير إلى شيء محدد، وهو ما يجعل اليهود يفتقرون إلى "هوية يهودية" وإلى معيارية محددة، ما يسمح بإمكانية أن يشير دال واحد إلى مدلولين متناقضين أو أكثر. تعدّ التوراة الشريعة المكتوبة في العقيدة اليهودية، ولكنها ليست الشريعة الوحيدة، إذ توجد إلى جانبها "الشريعة الشفهية" التي توارثها الحاخامات، والتي تمثلها التفسيرات الحاخامية المدونة في التلمود. وتذهب العقيدة اليهودية، (في شكلها الحاخامي)، إلى أن الشريعة الشفهية أكثر أهمية من الشريعة المكتوبة. وهذا يعني تحول الأصل إلى فرع، والثابت إلى متغير، والمطلق إلى نسبي، كما يعني أن الدال الإلهي لا يتحدد معناه إلا من خلال تفسيرات الحاخامات؛ وهي تفسيرات متعددة ومختلفة. تذهب بعض المدارس اليهودية في التفسير إلى أن المعنى الحقيقي للعهد القديم هو المعنى الباطني الذي لا يوجد إلا في بطن المفسر، وهذا يفتح المجال أمام نسبية لا نهاية لها. هناك مدارس أخرى ترى أن تفسير التوراة يشبه حالة الجماع، والمعرفة في التراث القبالي مماثلة للجنس وذات طابع شهواني. وفي هذا السياق، يقول دافيد باكان David Bakan: "لمفهوم الكابال عن الـ Daath، أو المعرفة، أهمية خاصة أيضاً، الـ Daath في الكابال هي نصف Sephira نتجت عن اتحاد اثنين من الـ Sephiroth، هما Chokmah أي الحكمة وBinah أي الفهم؛ Chokmah هي مبدأ مذكر، وBinah مبدأ مؤنث، Daath هي الابن المقدس لاتحادهما الصوفي. تستعمل كلمة Daath أيضا للدلالة على العلاقات الجنسية، على الجماع، مثلاً: «وعرف الإنسان حواء، زوجته، وحبلت». وهكذا، تتماثل المعرفة والجنس في توليف، حيث تذوبان لتصبحا شيئاً واحداً". وقد تكون لهذا التصور علاقة بما نراه من اهتمام، مبالغ فيه، بالجنس واللذة من قِبَل كثير من المفكرين والنقاد ما بعد الحداثيين، إلى درجة أن هذه المفاهيم صارت لها الأسبقية على كل شيء؛ وحتى على اللغة ذاتها، التي كانت إلى عهد قريب مركز اهتمام الغربيين. فاكتسح الجنس النقد الأدبي، وكثر الحديث عن "لذة النص"، و"نص اللذة"، وعن أن اللغة الحقيقية هي اللغة "المتقطعة"، اللغة "الإيروسية".

ومن أبرز الأمثلة على ذلك المنحى حديث بارت عن "لذة النص"، باعتبارها لذة جنسية مرتبطة بـ"جسم المتعة" المصنوع "من العلاقات الإيروسية وحدها"، والتي تحدث نتيجة تفاعل جسد النص (النص صورة بشرية) وجسد القارئ؛ فتصبح "لذة النص هي تلك اللحظة التي يسير فيها جسدي وراء أفكاره الخاصة". كما يشبّه بارت عملية الكتابة بـ"العملية الجنسية التي لا تنجب"، وكذلك يفعل دريدا حين يشبهها بـ"المني العاجز عن الإنجاب".

5. سيطر الفكر القبالي الحلولي على الفكر الديني اليهودي، وثمة في تراث القباله عدد من المفاهيم التي تقترب من مفاهيم ما بعد الحداثة مثل: مفهوم شفيرات هكليم (تهشم الأوعية)، وتسيم تسوم (الانكماش)، وتيقون (إصلاح الخلل الكوني)؛ وهي مفاهيم ترى أن عملية الخلق لم تكتمل بعد، وأن الذات الإلهية نفسها لا تزال في مرحلة البناء؛ وهو ما يعني سقوط العالم في حالة من الصيرورة لا نهاية لها، وينفي بتعبير دعاة ما بعد الحداثة تحقق الحضور الكامل للذات.

أما الأسباب المرتبطة بوضع أعضاء الجماعات اليهودية في الحضارة الغربية، والتي ساهمت في تسهيل اختيار اليهود لفكر ما بعد الحداثة وتفاعلهم معه، فهي- حسب المسيري- :

1. "النفي هو التجربة التاريخية الأساسية لليهود (...) فقد اقتلع اليهود من وطنهم الأصلي وتم إحلال شعب آخر محلهم، كما تم توطينهم في بلاد غريبة عنهم. واليهودي يعيش في بلاد الأغيار وكأنه مواطن فيها مندمج في أهلها مع أنه في واقع الأمر ليس كذلك؛ فهو فيها وليس منها؛ فهو الغريب المقيم أو المقيم الغريب؛ الحاضر الغائب (...) فهو في حالة صيرورة ولا معيارية، الدال المنفصل عن المدلول أو الدال الذي له مدلولات متعددة بشكل مفرط".

2. ينظر المسيحيون إلى اليهود على أنهم قتلة عيسى، ولكنهم في الوقت ذاته شعب شاهد على عظمة الكنيسة؛ فهم شعب منبوذ ولكن لا بد من حمايته. كما أن اليهود يعيشون في المجتمع المسيحي الذي يحميهم، ولكنهم يرفضون التجسد، فهم لا يزالون بانتظار الماشيح (Messiah) المخلص، وهم أيضاً "شعب الله المختار" كما يقول كتابهم المقدس، ولكنهم منبوذون من قبل الأغيار. وكل هذا يجعل من الصعب على أعضاء هذا الشعب تبني مرجعية ثابتة أو معيارية واحدة. واليهود، بهذا، يصبحون دالاًّ بدون مدلول.

3. "يُشار إلى اليهودي، باعتباره صاحب هوية واضحة، ولكنه في واقع الأمر مفتقد تماماً للهوية، فهو يزداد اندماجاً في الحضارة الغربية رغم كل محاولات الإفلات من قبضتها. ومن المفارقات أن إسرائيل قامت للدفاع عن الهوية اليهودية ولكنها أصبحت الآلية الكبرى لطمس معالم هذه الهوية. ومن ثَمَّ، فإن العودة التي كان المفترض فيــها أن تكـون نقطــة التحقـق والحضور الكامل أصبحت لحظة الغيـاب الكامل؛ وهو ما يعني اختـلاط المـدلولات وتعـددها".

4. "وممّا زاد من زعزعة ما يُسمَّى "الهوية اليهودية" تزايد تعريفات اليهودي؛ فهو يمكن أن يكون إصلاحياًّ أو محافظاً أو تجديدياًّ. وهناك اليهودي الملحد واليهودي غير اليهودي واليهودي المتهوِّد، واليهودي بالاختيار (...) ولعل سؤال «من اليهودي؟»، المطروح بحدة في الدولة اليهودية، هو تعبير عن هذا الفصل الحاد بين الدال والمدلول واستحالة التعريف بسبب سقوط الدال في قبضة الصيرورة".

إن هذه العناصر ساهمت في ظهور "الهرمنيوطيقا المهرطقة"، أو "التفكيكية اليهودية" وتشير هذه العبارة إلى سعي بعض المثقفين اليهود نحو تفكيك النص المقدس وتقويضه.

وتذهب سوزان هاندلمان إلى أن الحضارة اليونانية حضارة مكانية، تتسم بالثبات والوضوح، وهي حضارة أفلاطونية تؤمن بالثبات وتنظر إلى العالم في إطار الثنائية الأفلاطونية: عالم المثل، وعالم الحس. من هنا، تمركزها حول "اللوغوس" الذي يعدّ نقطة ثبات هذه الحضارة، ومرجعيتها المتجاوزة التي تمد العالم بالمعنى، وتضمن للذات الحضور الكامل. وما دامت المسيحية استمراراً لتقاليد الحضارة اليونانية، فقد سعت التفسيرات المسيحية إلى الوصول إلى معنى ثابت وواحد للنص. ومن هنا، فقد ظل النص المقدس أكثر أهمية من تفسيراته، كما هو الشأن في كل العقائد التوحيدية.

أمّا اليهودية فتقف على النقيض من ذلك؛ لأن الحضارة العبرية، من منظور دعاة ما بعد الحداثة، حضارة زمانية غير مرتبطة بالمكان (الأرض). وإن اليهودي يستحيل عليه الاستقرار في مكان واحد، لأنه ليس مكانه. ومن ثَمَّ، فهو يعيش متجولا في الزمان، بل إن هذا الزمان نفسه يتم إلغاؤه لأنه ليس زمانه؛ فاليهودي يعيش في بداية الزمان وفي نهايته، دون أن يعرف أصله بوضوح ودون أن يصل إلى النهاية. ومن هنا، تعبر اليهودية عن رفضها للحظة التجسد والحضور والثبات، سواء كانت أفلاطونية أم مسيحية.

وتتحقق هذه "التفكيكية اليهودية" من خلال آليتين، هما:

1. رؤية يهودية محددة للنص، حيث يفقد النص المقدس حدوده ويتداخل مع النصوص الأخرى ويصبح من الممكن تحميله بأي معنى يشاء المفسر. ومن ثم، فهو يصبح نصا مفتوحا.

2. عند هذه اللحظة، يمكن تحميل النص المفتوح بالهرطقة، باعتبارها المعنى الحقيقي.

تهدف الآلية الأولى إلى فتح النص المقدس "الموحى" به من الإله، حيث يتم إسقاطه في عالم الصيرورة الكاملة، ونفي صفات القداسة والثبات والحضور والمطلق عنه، فتحل تفسيرات المفسرين المتغيرة والمتعددة محل النص المقدس الثابت والمطلق. ويتم نفي صفة الأصلي عن النص المقدس وعن أي تفسير له حين تسود حالة من التناص والتداخل بين النص المقدس والتفسيرات الإنسانية من جهة، وبين تفسيرات الحاخاميين من جهة ثانية. أما الآلية الثانية، الأكثر عمقا وجذرية، فهدفها إعطاء النص المقدس، بعد فتحه، معنى مُهرطقاً، باعتماد عدة خطوات تسير في اتجاه فرض تفسيرات المفسرين عليه، بعدما اكتسب المفسر القداسة، وأصبحت تفسيراته تتحرك نحو المركز، ونحت منحى غنوصياًّ قبالياًّ.

من هنا، تكون "الهرمينوطيقا المهرطقة" تعبيراً عن رغبة اليهود في الانتقام لأنفسهم من العالم اليوناني المسيحي، الذي يزعم أن العالم يدور حول اللوغوس وحول نقطة ثبات نهائية؛ ذلك العالم الذي قام باقتلاع اليهود وفرض عليهم النفي والتحول والصيرورة. ولذا فهو، ردا على ذلك، يفرض اليهود على النص المقدس الذي يفترض فيه الثبات "التفسير" و"سوء القراءة" المتعمد، وهذا في واقع الأمر تفكيك وتقويض له وفرض للصيرورة عليه.

من هذا المنطلق، نجد أن المثقفين اليهود ينجذبون نحو التفكيكية، ويحاولون اتخاذ مواقع لهم خارج التقليد اليوناني، وخارج التراث الغربي المتمركز حول اللوغوس، متهمين إياه بالذاتية، ومحاولين تحطيمه؛ فقد قوّض ماركس فكرة الفردية واستقلالية الذات، وأكد مقابل ذلك قيمة البنية والطبقة والعلاقات الاجتماعية، فأحل بذلك المجتمع محل الفرد. كما أحل فرويد اللاوعي محل الوعي. وقوّض دريدا التمركز حول اللوغوس والكلمة المنطوقة وأحل محلهما الكتابة، وبيّن أن الهامش (Marge) أفضل من المركز، وأنه يمكن أن يكشف عن كثير من التناقضات أو المغالطات التي يحاول المؤلف إخفاءها في المتن (المركز).

كما ذهب المسيري إلى أن مجموعة من المفاهيم التفكيكية وما بعد الحداثية ذات أساس يهودي، وتتشابه مع بعض المفاهيم القبالية؛ ومن هذه المفاهيم: "الحضور"، و"التمركز حول اللوغوس"، و"الاختلاف"، و"الأثر"، و"تناثر المعنى (التشتيت)"، و"الكتابة الأصلية"، و"الثنائية"، و"العمل والنص".

المجلد السادس

وخصّص المسيري المجلد السادس للحديث عن الصهيونية، إذ توقف في جزئه الأول عند مفهوم الصهيونية وتياراتها، وتحدث عما سمّاه بـ"العقد الصامت" بين الحضارة الغربية والحركة الصهيونية، وعن علاقة الصهيونية بالعلمانية الشاملة. وتناول في جزئه الثاني تاريخ الصهيونية، مبرزاً السياق التاريخي والاقتصادي والحضاري لظهورها، وذاكرا مختلف المحطات الأساسية في تاريخها، ومعرفا بمؤسسيها وقادتها البارزين. أما الجزء الثالث فتحدّث فيه عن تاريخ المنظمة الصهيونية العالمية التي أسست عام 1897 في المؤتمر الصهيوني الأول، وعن هيكلها التنظيمي. كما تحدث فيه عن اللوبي اليهودي والصهيوني، وعن الحركة الصهيونية بالولايات المتحدة الأمريكية. وخصّص الجزء الرابع للحديث عن موقف الصهيونية وإسرائيل من الجماعات اليهودية في العالم، وعن موقف هذه الجماعات من الصهيونية، كما ذكر فيه مجموعة من الشخصيات والمنظمات اليهودية المعادية للصهيونية.

المجلد السابع

ويسلّط في المجلد السابع الضوء على إسرائيل؛ الدولة الصهيونية الوظيفية. ويتألف هذا المجلد من خمسة أجزاء تعالج القضايا والإشكالات الآتية: إشكالية التطبيع والدولة الوظيفية، والدولة الاستيطانية الإحلالية، والعنصرية والإرهاب الصهيونيان، والنظام الاستيطاني الصهيوني، وأزمة الصهيونية والمسألة الإسرائيلية.

المجلد الثامن

خُصّص المجلد الثامن والأخير للملاحق والفهارس. وتضمّن العناوين التالية: آليات الموسوعة، وتعريفات المفاهيم والمصطلحات الأساسية، وثبت تاريخي بأهم الأحداث في تاريخ البشرية عموماً والأحداث التي تخصّ فلسطين والجماعات اليهودية في العالم، وفهرس موضوعي: فهرس شامل بمحتويات الموسوعة مرتبة حسب ورودها في الموسوعة أي موضوعياً: المجلدات والأجزاء والأبواب والمداخل، وفهرس ألفبائي عربي، ومؤلف الموسوعة والمشرف عليها، وفهرس ألفبائي إنجليزي.[2]

الموسوعة متلفزة

قامت قناة النيل للأخبار بمحاولة لجعل الموسوعة أكثر جذباً للجمهور، وذلك من خلال محاولة جعلها موسوعة حية، فسجلت مع الدكتور عبد الوهاب المسيري ما يربو عن 20 ساعة. تحدث فيه باستفاضة عن موسوعته، و ذلك بمصاحبة الأفلام التسجيلية والتقارير المصورة التى اتخذت الموسوعة مرجعاً أساسيا لها، مما أضفى على العمل بريقاً.

  • سمي هذا العمل المتلفز من قبل قناة النيل للأخبار باسم "بنت صهيون".
  • قامت على إعداده و إخراجه لمياء جوده و هي مخرجة بالقناة.
  • حاز العمل المتلفز على نسبة مشاهدة عالية فاقت التوقعات بحسب ما ذكرت القناة.

قامت دار الشروق بمصر على طباعة الموسوعة و كذلك قامت نفس الدار بطباعة نسخة تتكون من مجلدين فقط تسمى الموسوعة الموجزة بسعر 130 جنيهاً مصرياً.

وصلات خارجية

المصادر

  1. ^ "الدكتور عبد الوهاب يتحدث عن موسوعته". موقع الدكتور عبد الوهاب المسيري.
  2. ^ علي صديقي. "موسوعة "اليهود واليهودية والصهيونية: نموذج تفسيري جديد"". مؤمنون بلا حدود.