معركة الشقيقة

معركة الشقيقة (18 يونيو 1915) بالقرب من ترهونة، ضد الجيش الإيطالي.

احتل الإيطاليون ترهونة للمرة الأولى عقب معاهدة (أوشى لوزان) بين إيطاليا و تركيا في يوم 18 1912 وظلت حاميتهم مقيمة بها آلة أن اندلعت ثورة استرداد المناطق بعد هزيمة الإيطاليين في موقعة ( القرضابية الشهيرة) يوم 29 1915 والتي قاتلت فيها قبائل ترهونة تحت قيادة المجاهد( الساعدى بن سلطان الصالحى)حيث ارتفعت الروح المعنوية لليبيين في جميع المناطق وقاموا بمعارك باسلة استردوا فيها كل مناطقهم المحتلة في الدواخل و الجبل الغربي و الجبل الأخضر بلا استثناء وبقيت القوات الإيطالية في بعض المدن المحصنة في الساحل، ونتيجة لمعركة ( القرضابية الشهيرة) سجلت انتصارات باهرة ضد الإيطاليين ولا يعرف في سجلات مركز جهاد الليبيين حتى ألان هزيمة نكراء أكبر من هزيمتهم وسحقهم في (معركة الشقيقة) والتي تعرف عند أهل ترهونة بهذا الاسم وكانت ترهونة آنذاك تحت زعامات متضافرة وهم احمد المريض من قبيلة العواسة ويتزعم المنطقة الشرقية من ترهونة (ربع أولاد أمسلم) والشيخ عبد الصمد النعاس من قبيلة أولاد أمعرف ويتزعم منطقة مجي و(ربع أولاد أمعرف) والمناطق القريبة منها و الهادي المبروك المنتصر من قبيلة الحمادات ويتزعم (ربع الدراهيب) وقد كان للمجاهد ( سويدان الحاتمي ) من(ربع الحواتم) دور المخادع للقوة الإيطالية تماما كما فعل السويحلى في القرضابية وتحقيق الانتصار في معركة الشقيقة.[1]

حيث حوصرت الحامية الإيطالية المتمركزة في ترهونة بكاملها مما دفع الحكومة الإيطالية إلى محاولة إنقاذها وفك الحصار عنها وسحبها إلى الساحل وعمدت القيادة الإيطالية إلى إعداد قوة كبيرة بقيادة ( الكولونيل روستى ) في محاولة لدعم الحامية المذكورة وتزويدها بالإمدادات والتموين بعد أن انقطع عليها كل سبل الاتصال وقد خرجت هذه القوة الكبيرة من العزيزية يوم 12 1915 متجهة نحو ترهونة لفك الحصار عن الحامية المذكورة ولكنها أوقفت في اليوم التالي 13-5-1915 بقيادة المجاهد مسعود الشويخ في سيدي بوعرقوب ( الرقيعات )و ( فم ملغة ) واضطرت إلى الانسحاب من شدة المواجهات وتكبدت خسائر فادحة وأسر فيها 200 أسير إيطالي, وقد هبت قوة أخرى من العزيزية لنجدتها بقيادة كولونيل أخر وهو ( بيليا ) وقد تمكن هذا من الوصول إلى ترهونة يوم 16-5-1915 إلا أن قافلة الإمداد التابعة له قد انفصلت عنه مما زاد عدد أفردا القوات الإيطالية المحاصرة زيادة على الحامية الأصلية فبعد أن انفصلت قافلة الإمدادات التابعة لقوة الكولونيل (بيليا) و التي وصلت إلى ترهونة ولم تتمكن من اللحاق به حيث حوصرت يوم 17-5-1915 في سوق الأحد ترهونة فأبادوها وغنموا ما كان معها من الإمدادات, فاضطرت القيادة الإيطالية إلى تجريد قوة أكبر بقيادة الكولونيل (مونتى ) لحراسة قافلة أخرى من الإمدادات ولكنها هوجمت هي الأخرى وقابلت نفس المصير وبعد فشل كل المحاولات لإنقاذ الحامية المحاصرة في ترهونة اتجه الإيطاليون إلى إرسال قوة أخرى من القصبات (أ مسلاته ) بقيادة الكولونيل (كاسينس) ولكن هذه القوة لم تتمكن من الوصول إلى ترهونة نتيجة للمقاومة العنيفة التي واجهتها في المنطقة ،فأبلغت القيادة هذه القوة بقيادة (كاسينس ) للعمل على شغل المقاتلين في ترهونة وجرهم إلى منطقة الداوون شرق ترهونة وذلك لتسهيل انسحاب الحامية المحاصرة والخروج إلى عين زارة عن طريق سوق الأحد على أن تقوم القوات الإيطالية في العزيزية و عين زارة بعمليات تشغل المقاتلين عن عملية الانسحاب للحامية المحاصرة.


(وفى يوم 18 ) تحركت الحامية المحاصرة بعد أن وفرت لها كافة الضمانات من القيادة الإيطالية باللاسلكي زيادة على يأسهم من وصول النجدة اضطروا إلى الخروج بعد نفاذ ما عندهم من زاد وتموين محاولين الوصول إلى طرابلس مهما كانت التضحية, وقد تركهم المجاهدون عمدا يخرجون إلى المنطقة الجبلية بعد اتصالهم بدليل القوات الإيطالية( على سويدان الحاتمي ) والذي تولى نفس دور ( رمضان السويحلى في ( القرضابية ) وهو خدعة العدو وذلك حينما أخبر المجاهدين بمسار القوات عن طريق طلبه من قائد الحامية إحضار والدته لتوديعها فسمح له بذلك تحت حراسة مشددة فاخبر والدته بكلمة السر وهى ( وادي الشقيقة ) ثم أخبرت المجاهدين بما قاله لها ابنها و وادي الشقيقة واد صغير ضيق يقع بالقرب من عين الشرشارة في منطقة ( الثلة ) أولاد بوزيد ويمكن لأي شخص زيارته عن طريق مفرق يقع بحوالي 1 كم قبل مفرق مجي سيدي الصيد إلى اليسار من الطريق المزدوج المؤدى إلى ترهونة المدينة وعندما ملأت الحامية هذا الوادي الضيق وأصبحت في منطقة يصعب التحرك فيها انهال الرصاص على الإيطاليين من كل حدب وصوب وأصبحوا محاصرين في قاع الوادي, وبذلك تم القضاء على معظم أفراد الحامية البالغ عددهم (5000) مقاتل وقد أسر في هذه المعركة المسماة وادي الشقيقة 473 جنديا و 31 ضابطا أي ما مجموعه 504 أسير إضافة إلى 200 أسير المحتجزون من قبل في معركة بوعرقوب و فم ملغة وقتل في الشقيقة (4061) من الحامية الإيطالية.

وقد بقى الأسرى أل 700 خدما عاملين لمدة سنة خدما عاملين لدى عائلات المجاهدين.

و بمناسبة تبادل الأسرى في ترهونة بعد ما يزيد من عام على المفاوضات يوم 28 1916 أذاعت وكالة ستيفانى الإيطالية ما يلي -

(على اثر مفاوضات طويلة أجراها والى طرابلس الغرب بكثير من الصبر والحكمة بموافقة وزير المستعمرات الإيطالية تم تبادل الأسرى العرب الذين لدينا بعدد من رجالنا الأسرى في ترهونة وقد بلغ عددهم 31 ضابطا و 704 جندي كلهم أسرى وجميعهم في حالة جيدة وقد قوبلوا بمظاهر الفرح والترحاب وقد أبرق معالي رئيس مجلس الوزراء ووزير المستعمرات إلى الجنرال (اميلليو)والي طرابلس الغرب وأعرب له باسم الحكومة عن التهاني الحارة.

وتلقت نفس الوكالة يوم 30 1916 إشعارا يفيد الأتي (تشعر الجالية الإيطالية بارتياح كبير لإطلاق الأسرى الإيطاليين في ترهونة وتعرب عن ابتهاجها وعرفانها بالجميل والتقدير لحكمة الجنرال (اميليو) السياسية وقد أشرفت لجنة من نخبة من المواطنين تحت رعاية لجنة البلدية على احتفالات اشترك في موكبها مختلف فئات الإيطاليين وعدد من العرب و اليهود يتقدمهم الجنود النافخون في الأبواق وحملة الإعلام الوطنية وبيارق مختلف المدن الإيطالية وقد أخترق الموكب شوارع المدينة هاتفا بحياة الوالي في حماس شديد وقد ألقى كل من مندوب البلدية الأول والحامي كارتينى خطابين نوها فيهما بالمفاوضات المضنية التي دامت لمدة سنة والتي أجراها الوالي وأشاد بالنجاح الباهر الذي أعلن إحرازه الجنرال اميلليو والي طرابلس الغرب الحازم والمتسم بالصبر الجميل على حد قولهم) هكذا أرادت إيطاليا أن تجعل من هزيمتها النكراء نصرا واحتفالا باسترداد أسراهم المحتجزين في ترهونة في المعركة المنسية (الشقيقة)

ولا يعرف إلى ألان لماذا تهمش هذه المعركة من تاريخ الجهاد ضد الغزو الإيطالي رغم نتائجها التي تزيد عن نتائج ( القرضابية ب 10 أضعاف) فقد كان قتلى الإيطاليين في القرضابية 400 فقط أما في الشقيقة فقد كان العدد 4061 قتيل إيطالي, لقد كانت معركة الشقيقة نتيجة من نتائج الانتصار العظيم في القرضابية ولقد كانت القرضابية فعلا بداية لرفع الروح المعنوية لليبيين في جميع مناطق ليبيا وبداية لاسترداد كل المناطق المحتلة في ليبيا كلها بل أنها كانت مدرسة لخدعة الحرب التي ها رمضان السويحلى ومن بعده علي بن سويدان الحاتمي في الشقيقة والذي أعدم البطل الشجاع ( على سويدان الحاتمي ) في ساحة السوق ترهونة بترهونة بمجرد احتلال ترهونة من جديد يوم 6 1923 والتي أعد لها قراتسيانى خطة تطويق والتفاف على ترهونة طبقا للإستراتيجية التالية -

1- قوات الجنرال گراتسياني 3700 جندي 350 فارس 4 قطع مدفعية. وهذه القوة تهاجم المناطق الجنوبية من ترهونة وتقطع المدد من بنى وليد .

2-قوات (الجنرال بيتسارى)3100 جندي 300 فارس 4 قطع مدفعية وهذه القوة تهاجم ترهونة من جهة الخمس و مسلاته .

3-قوات الجنرال بيللى 1400 جندي 200 فارس 4 قطع مدفعية وهذه قوة تهاجم ترهونة من جهة غريان إلى وادي ويف ترهونة ومن العزيزية إلى وادي فم ملغة ترهونة.

كل هذه القوات كان دليلا واضحا على حجم المقاومة التي يحسبها الإيطاليون لمقاتلي ترهونة وقد ورد في كتاب (العمليات العسكرية في طرابلس الغرب 1911-1924 النص التالي (و بسقوط ترهونة تلقت حركة المقاومة في المنطقة الغربية من ليبيا ضربة عنيفة قاسية).

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الهامش

  1. ^ "معركة الشقيقة". شبكة نيرمي الإعلامية.