مصر فى مواجهة أم المعارك (مقال)
مصر في مواجهة أم المعارك
بقلم: سعيد الخميسي
تقف مصر في هذه الفترة الحرجة الحساسة في مفترق الطرق إما تكون أو لاتكون...! تخوض حربا شرسة على جميع الجبهات والكل يريد أن يجرها من عنقها شطر قبلته وصوب أيدلوجيته, وترسو سفينة الوطن وهى حائرة تائهة في خضم محيط هائج تتقاذفها الأمواج العاتية من كل جانب لاتدرى إلى أي شاطئ ترسو أو تتجه بحمولتها الثقيلة التى تنوء بحملها الجبال. فمؤشر البوصلة قد اختل توازنه وسط العراك الدائر بين ركاب السفينة الذين هم في أسفلها و يريدون خرق أسفلها ليحصلوا على الماء وبين معارضة من هم في أعلاها والذين لو تركوهم يفعلون ذلك لغرقت السفينة وهلكوا جميعا .
لذا فمصر تخوض مواجهة مع غلاة اليساريين والعلمانيين والشيوعيين والاناركيين المهوسين لإغراقها في موج كالجبال من الفوضى العارمة التي لاحدود لها ولاخير من وراءها ولاهدف من إثارتها غير هدم ماتبقى من هذا الوطن البائس الفقير ...! ويعلم الجميع أن بحر الفوضى المضطرب لاشاطئ له ولامعا لم له ولا حدود له ولا أمان له .بحر هائج البقاء فيه للأقوى وليس للأصلح...! .
ويتمترس على شاطئ هذا البحر الهائج فضائيات مأجورة وأقلام مسعورة وعقول تافهة مبتورة , وأجهزة دولة عتيقة تربت في أحشاء النظام السابق ورضعت من ثديه 30 حولا كاملة اتخذوا من الإسلام وشريعته وعقيدته ومبادئه عدوا إستراتيجيا حتى آخر نبضة في قلوبهم وآخر نفس في صدورهم وآخر قطرة في دمائهم...! إنها معركة المصير المحتوم.* ويخوض الوطن معركة أخرى لاتقل ضراوة ولا خطورة عن معركة الهوية ألا وهى معركة غسيل الأموال, وتلك المعركة جذورها ممتدة وأجهزتها مشتدة وأسلحتها ثقيلة ومعدة وفاتحة أفواهها صوب أهدافها بكل دقة وجاهزية, و تنهال قذائفها على الوطن برا وبحرا وجوا...!.
يقود هذه المعركة جنرالات فاسدون تربوا في حظيرة المال الحرام ونبتت أجسادهم الضخمة من وحلها ونشئوا وتربوا في طينها, فأصبح الحلال حراما والحرام حلالا في عرفهم و عقيدتهم وملتهم. هذه المعركة هي معركة مصير , تحدد للوطن كيف يسير , وإلى أي قبلة يتجه .* وثمة معركة أخرى يقودها الوطن ألا وهى معركته مع " البلطجية والبلاك بلوك " مع الذين تربوا على موائد مبارك وفى أحضان أجهزة الأمن الفاسدة العفنة في ذلك العهد البائد و التي حولت الوطن إلى ساحة من الفوضى التبس فيها الحق بالباطل والأبيض بالأسود, وأصبح للبلطجية عصابات منظمة مرتبة تدفع رواتبهم من رجال غسيل الأموال الذين يهمهم أن يستمر جسد الوطن ينزف دما وصديدا لان أجسادهم لاتنموا ولا تتضخم ولا تشبع إلا على رائحة الدم والصديد..! وهذا شأن الخنفساء التي تتأذى من الروائح الطيبة وتموت إذا شمت رائحة القاذورات النتة العفنة...!.
وثمة معركة أخرى تواجه الوطن ألا وهى معركته الأخيرة مع فلول النظام السابق في الإعلام والأمن والإدارة المحلية وكل مفاصل الدولة, وهذه المعركة هي التي ستحدد مستقبل الوطن , فإما يتخلص جسد الوطن من تلك الخلايا السرطانية القاتلة ويتعافى ويقف على قدمين ثابتتين وإما أن تنتشر تلك الخلايا في عقل الوطن وقلب الوطن وأطراف الوطن فيزداد مرضا على مرضه ويركض الوطن يلفظ أنفاسه الأخيرة في غرفة الإنعاش وساعتها لن ينفع الوطن دواء الطبيب ولابكاء الحبيب ولا دهشة الغريب....!
أما المعركة الفاصلة فهي معركة الوطن في التحرر من التبعية السياسية والاقتصادية للعالم الغربي المتآمر على مصر وهذا لايخفى على احد في العالمين , فقد تنازل النظام السابق عن إرادة مصر وقرار مصر وكرامة مصر وشرف مصر وباع قرارها السياسي مقابل تثبيت خنجر حكمه في ظهرا لوطن . حتى صار الوطن هشا ضعيفا لايقدر على شئ .وأصبح الوطن يتسول لقمة عيشه من أرذل الأمم في وقت كان النظام الحاكم كالأبكم والأصم والضرير الذي لايستطيع مجرد الالتفات للخلف أو النظر للأمام وإنما كان دوره فقط هو أن يضرب لأسياده في البيت الأبيض تعظيم سلام ويقول لهم كله يافندم تمام.....!! ؟؟
أما معركة الوطن الأكثر حساسية فهي معركته المصيرية في تحقيق الاكتفاء الذاتي في ميدان الغذاء والدواء والسلاح . لأنه لايمكن للوطن أن يكون حرا كريما وهو يعتمد على غيره في استيراد مايحتاج إليه من غذاء ودواء وسلاح .ولقد رضخت مصر في برزخ النظام السابق رضوخ العبيد الأذلاء وعاشت أياما كالحة السواد في كهف ظلماته وعاشت في نفق الحرمان سنينا عديدة وعقودا مديدة بعدما حولوا مصر إلى فلاة جرداء تنوح فيها غربان الفساد السوداء وهى تقف على أطلال وطن وبقايا شعب كان يوما قبلة للمظلومين ووجهة للحائرين وحائط صد للمقهورين , وقد استطاعوا أن يحولوا مصر من حديقة فيحاء إلى ارض جرداء لانبت فيها ولإماء..!! حولوها إلى واد غير ذى ذرع...!
ومصر اليوم بشعبها وحكومتها ورئيسها مطالبة بخوض هذه المعارك المصيرية في كل الجبهات غير مترددة ولاخائفة ولا مرتعشة , وان يكون لديها القدرة على إجبار العالم على احترامها وتقديرها فمن لايملك قوته لايملك حريته, فما بالكم بمن لايملك قوته ولا غذاءه ولا سلاحه ولا قراره...ّ! ماذا تبقى له ؟
إن مصر اليوم إما أن تنتصر في هذه المعارك المصيرية وتنجو وتخرج عفية نقية من قاع محيط الفساد العميق لتلحق بركب الحضارة والتقدم وإما أن تنهزم مصر بالضربة القاضية من أول جولة من غول الفساد المفتول العضلات فتدخل في دائرة المهاترات ولن ينفع الوطن ساعتها أن نذرف عليه العبرات وسيتجرع الكل الحسرات وستعم الفوضى وسيغرق الوطن في موج كالجبال من الأزمات والمعضلات التي لاقبل لنا بها.
يقول احد الحكماء: لاتشكو ضعفك لعدوك فيشمت فيك وتطمعه فيك...! لو اشتكى الوطن ضعفه وهوانه على الناس إلى أرذل الأمم لطمعوا فيه وحاصروه واحتلوه سياسيا واقتصاديا ولأوضعوا خلاله يبغون الفتنة ولن يفرط أعداء الوطن في تلك اللحظة التاريخية التى هرموا وشاخوا انتظارا لها...! فهل يفرطوا فيها إذا جاءتهم على طبق من ذهب....؟. ويوجد في داخل الوطن من ينتظر تلك اللحظة على أحر من الجمر لان الذئاب المفترسة لاتعيش إلا على الجثث...! لكن ليعلموا جميعا أن مصر لن تتحول أبدا إلى جثة هامدة تنهش فيها الذئاب المسعورة والأفواه المأجورة لان الله حفظ هذا الوطن بعز عزيز أو بذل ذليل.
قولا واحدا :
لن تنهزم أمة بدينها وبأعرافها وتقاليدها متمسكة إلى يوم الدين.* لن ينهزم شعب هزم كل القوى الاستعمارية وطرده من وطنه مذموما مدحورا يجر وراءه أذيال الخزي والعار والهزيمة .* لن ينهزم شعب قام بثورة عظيمة هزت عروش الظالمين وأسقطت أوتاد خيمة المستبدين .* لن ينهزم شعب ذاق ويلات الحروب فلم تلن له عزيمة ولم تنكسر له إرادة.* لن ينهزم شعب ذاق مرارة الفقر والفاقة وصبر ولم يتآمر ضد وطنه مقابل حفنة من الدولارات ولم يرفع شعار الدولارات تبيح المحظورات....!*ستنهزم كل القوى التى تريد بل وتحاول تلطيخ وجه الأمة المضئ وتلويث ثوبها النظيف واقتياد الأمة إلى طريق الهلاك . إذا كانت القوة حقهم فالحق قوتنا وستعلو راية الحق وستصل سفينة الوطن إلى بر الأمن والأمان.