مدونة:كبسولة معرفية حول فيضان هذه السنة
كبسولة معرفية حول فيضان هذه السنة - فصل الخطاب في تفسير ماحدث، بقلم د. محمد الرشيد قريش، مهندس مستشار سوداني وخبير اقتصادي دولي في مجالات المياه والنقل والطاقة والتصنيع.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المدونة
أهو فيضان نوح مصغر!
وعلي عكس ما حسب البعض، فهذا الفيضان لا صلة له بسد النهضة أو السد العالي!
هذا الفيضان مصدره الأمطار الغزيرة التي هطلت في السودان مفجرة جريان مائي تحت الأرض - وبحكم الطبع - سلك هذا الجريان طريقه إلي مجري النيل الذي لم يستطيع احتواء المياه الزائدة فوق ما حمله إليه السيل خلال حدوث العاصفة المطرية، ليفيض النهر في كل مكان!
دعنا نشرح الأمر بالتفصيل:
ماذا يحدث لكل الماء النازل من السماء؟ ومم يتكون الجريان النهري (Q) المسبب للفيضان؟ "علم المائيات" يقول بأن هذا الماء يتوزع بين أربع أنواع من "الدفق الجاري" (أي Fluxes)، تنبثق منها عدة مسارات (أنظر الرسم أدناه):
المصدر :مركز بروفيسور قريش لهندسة المياه والنقل والطاقة والتصنيع.
فالمطر الغزير الذي هطل في السودان مؤخراً تفرق أيدي سبأ بين:
- مطر نازل مباشرة علي مجري النيل (Cp): وهو عنصر لا يعتد به لصغر حجمه، (إذ تشكل مستطحات النهر 1% من المساحة الأجمالية لحوض النيل مثلاً)
- الخيران ومجاري السيول والحفائر.
- التسريب إ لي تحت الأرض (Infiltration).
- تحول فائض العاصفة المطرية (Precipitation Excess) إلى جريان سطحي (Surface Runoff, RS) يصب مباشرة في النهر، وخلال حدوث العاصفة المطرية، يسهم هذا الجريان السطحي بمعظم التدفق الفوري لتيار النهر.
المياه المتسربة تحت الأرض أخذت مسارين:
- رشح سطحي تحت الأرض (ٍSurface Percolation)، تحول إلي تيارات جانبية مائية (Interflow, RI) تتحرك بصورة أفقية تحت سطح الأرض حتى دخولها مجري النيل.
- رشح عميق تحت الأرض (Deep Percolation) تحول إلي تدفق قاعدي" (RG (Base Flow، تحرك في اتجاه عمودي حتى بلغ مستوي المياه الجوفية باحثاً عن وعاء فوجد ضالته في مجري النيل.
والنيل الأزرق هو نهر "كسبيٍ"، " أي "مصب" Gaining Stream) (Effluent or: (مثله في ذلك مثل المسيسيبي، والأمازون، وكولومبيا): مثل هذه الأنهار يزيد حجم مائها كلما توغل سيرها في اتجاه مصبها النهائي - أنظر الرسم أدناه (مقارنة مع مصادر النيل الأبيض)، حيث يخرج النيل الأزرق من بحيرة تانا (تحت مسمي Abbay) يتيماً هزيلاً ثم يشتد ساعده بصورة متدرجة قبل أن "يأوي الي ركن شديد" هاهنا، "كزرع أخرج شطاه (أي فرخه) فأزره، فأستغلط فاستوي علي سوقه" مستقيماً قوياً سوياً، أي أن نيل السودان الأزرق أخذ بيد شقيقه الإثيوبي اليافع فشده، فاستلغظ المجري وتضخمت ساقه لمقابلة الحمل الإضافي الذي رفده به السودان!
(مع ملاحظة أن سمك الخط الذي يمثل النيل وفروعه، يتناسب مع متوسط الإيراد السنوي للنهر، حيث كل ملي متر في الخط يعادل 2 مليار متر مكعب من المياه)، وذلك بسبب كسبها الماء من خزانات المياه الجوفية المحلية، على سبيل المثال أثناء فترة الجفاف.
ويمكن اجمال ماتقدم بالمعادلة التالية لتصريف نهرالنيل فتصبح:
الجريان النيلي(Q)= (Cp) المطر علي مسطح النيل
(RS)الجريان السطحي +التيارات الأفقية تحت الأرض(RI)( RG +الدفق القاعدي(المياه الجوفية
ومع ضآلة حجم الساقط علي مجري النهر من الأمطار، (Cp) تتقلص المعادلة إلي ما هو موضح في أدناه:
Q= (RS + RI) + RG
أي أن مجري النيل لم يستطيع احتواء المياه الزائدة المتفجرة فيه من تحته [التيارات جانبية (RI) الدفق القاعدي" [(RG)] فوق ما ماصب فيه مباشرة من جريان سطحي (Surface Runofff, RS f) خلال حدوث العاصفة المطرية، ليفيض النهر في كل مكان.
ناشدو الحلول لمشكلة الفيضانات والسيول عليهم أن يلتمسوا الإجابة في دراسات هذا الباحث التالية:
SECOND DOCTORAL DISSERTATION: "The Hydrological Response of Small Watersheds in Southern Minnesota to Climatic, Physiographic and Morphological Influences", 2003, The Theses modeled and analyzed the annual flooding patterns of 20 Minnesota River Basin streams.
وشملت الرسالة تطوير نماذج رياضية لتحليل مسببات الفيضانات والسيول والتنبوء بأحجا مها وتقديم حلول للحد من أضرارهما،
- "جدلية الهوية النيلية للسودان وأبعادها السياسية والفنية والقانونية: دولة مصب أو عبور فقط -- أم دولة “منبع”، واذا كم حجم اسهامها في مياه النيل ؟" والتي أثبتنا فيها:
- أن السودان بعد فصل الجنوب ،وفق "الهيدولوجيا الجديدة" يرفد النيل بـ27.93 مليار م3، وهو ما يعادل 25.25 مليار م3 محسوبة عند أسوان.
- وأن 83% التي تنسب كأسهام إثيوبيا للنيل وفق "الهيدرولوجيا الكلاسيكية" تتضمن اسهام "نيل السودان الأزرق وروافده": فهي في الواقع 52% لإثيوبيا و31% للسودان، بمجمل 83%، اسهاماً من النيل الأزرق والرهد والدندر وعطبرة لنهر النيل، وهي أنهر جل نزلها في الأرض السودانية!
- "شهادتي للتاريخ (11) التحكم في فيضان النيل بين الأساطير والحقائق- هل صحيح بعد بناء سد النهضة لن يكون هناك فيضانات لنهر النيل؟"
- "ترويض السيول الحضرية والبَدَوِيّة ( الريفيّة) والتنبوء بأحجامها وتقديم حلول للحد من أضرارها، Urban Storm Water, Utilities, Traffic & Land Use Services & Problems
- "شهادتي للتاريخ (32-ب): الأثار البيئية الجسيمة لسد النهضة علي السودان ومصر".