محمود سعيد (سياسي)
هو محمود محمد سعيد سعيد، ولد يوم الاثنين 23 جمادى الثانية عام 1340 الموافق 21 فبراير / شباط 1922، في قرية العباسية من قضاء يافا – فلسطين. نشأته خبازا وفلاحا، وشبابه مجاهدا وداعيا، كهولته معلما ومربيا، ومشيبه قيادي سياسي واجتماعي بارز، لا بل من الأبرز على مستوى الضفتين. توفي الحاج محمود في 8 يوليو / تموز 2007 في مزرعته في عين الباشا في الأردن، ودفن في مقبرتها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قرية العباسية وجذور عائلة سعيد
لأن العباسية جزء لا يتجزأ من حياة الراحل الحاج محمود سعيد، ولأن كان لها الأثر الأكبر في تشكيل شخصيته ومستقبله فيجب تفصيلها بدقة على الأقل من النواحي الجغرافية والتاريخية السياسية.
- جغرافيا: تقع العباسية على الساحل الفلسطيني المطل على البحر الأبيض المتوسط قرب مدينة يافا (عروس المتوسط)، تبعد القرية عن يافا 13 كم شرقاً. تحدها من الشمال الشرقي قرية رنتيه ومن الجنوب الغربي قرية كفرعانه ومن الغرب قرية ساقية، أما المستوطنات المجاورة فهي: من الجنوب الشرقي مستوطنة ويلهلما (مستوطنة جرمانية سميت بالحميدية وعليها الآن مستوطنة بني عطاروت) ومن الشمال الغربي مستوطنة تل لتفنسكي (مقامة على معسكر بريطاني) وإلى الشمال مستوطنة بتاح تكفا (المقامة على أراضي قرية ملبس). ولأن العباسية على الحدود الجنوبية الشرقية لقضاء يافا فإن لها حدود مشتركة مع مدينة اللد. تقدر مساحة قرية بـ 20540 دونم على ارتفاع 50 متر عن سطح البحر، وتعرف أراضيها بخصوبتها العالية، ولذا كانت العباسية موئلا للبيارات والأراضي الزراعية. يذكر تاريخياً أن تعداد السكان في العباسية في القرن السادس عشر كان حوالي 700 نسمة، وفي القرن التاسع عشر حوالي 800 نسمة، وفي عام 1931 وصل التعداد إلى 3258 نسمة. وتواصل الوفود العربي إلى القرية وزادت نسبة الخصوبة لدى نساء العباسية إلى أن وصل تعداد سكانها عام 1948 إلى 6554، ولا يعتقد انه كان بها ما يتجاوز المائتان يهودي. في عام 1998 قدر اعداد اللاجئين بما يزيد عن 40000 لاجئ، ولكن يعتقد أن نسل العباسية الذين هم على قيد الحياة في العام 2007 يزيد عن 150000 فرد موزعين في شتى أنحاء العالم.
- تاريخيا وسياسياً: تقول إحدى النظريات أن قرية العباسية كان مكانها قرية اسمها "يهود" وهي كلمة كنعانية بمعنى "مدح"، ويذكر أن الرومان سكنوها واطلقو عليها اسم " Iudaea"، وبعد ذلك سميت باليهودية، ويقال أن سبب هذه التسمية جاء نسبة لمقام النبي هودا في القرية، وينسبه سكانها إلى التبي يهودا بن يعقوب، ولكن هذا ينافي المجرى التاريخي، إذ إن يهودا – عليه السلام – ولد وعاش في شمال سوريا ثم ذهب إلى مصر مع كامل عائلته، ويذكر انه توفى في مصر. التاريخ المعروف للعباسية يبدأ من القرن العشرين، حيث بدأ العرب ينتقلون إلى العباسية لخصوبتها وجمال طبيعتها. بقي السكان مستاؤون من اسم اليهودية إذ أنه كان وقعه على الآذان ثقيلاً، إلى أن غيروا اسم قريتهم إلى العباسية، وكان ذلك عام 1932 حيث نسبوها إلى مقام رجل صالح يسمى الشيخ العباس. ومنذ ذلك العام بدأت العباسية بالتحول من قرية بسيطة إلى بذرة مدينة، وبدأ الاعداد لأجيال المستقبل فبنيت بها مدرستان ومسجدان ومقر بلدية والعديد من مباني البنى التحتية، وزاد عدد المنازل فيها عن 1550 منزل في عام 1948. كما ذكر بالأعلى لم يتجاوز عدد اليهود في القرية عن 200 يهودي، وبسبب بساطة الفلاحين في العباسية لم يكونوا يعلمون ماذا يحدث خلف الكواليس، فكانوا لا يعادون اليهود ولا يحتكون بهم بشكل عدواني، إلا أن اليهود نفسهم كانوا نوعا ما منعزلين على بعضهم. في عام النكبة ظل الطرفان اليهودي والعربي في معارك صغيرة تحسم تارة لليهود وتارة للعرب، كان جيش العرب عبارة عن السكان المحليين واسلحتهم عبارة عن بعض بنادق الصيد والسكاكين، أما الطرف اليهودي فاعطى المهمة فرقة من قوات الدفاع الوطني الإسرائيلي المسلح وكان اعضاء الفرقة مدربون على السلاح، ثم باشرت الفرقة ما يسمى بالعملية داني والتي أدت إلى احتلال القرية نهائيا يوم 4 مايو / ايار 1948. ونزح اهل العباسية بعد قتال دام طويلا. ودمرت العباسية إلا ما رحم ربي، ومباشرة بعد الاحتلال غيروا اسم العباسية إلى "يهودا"، وباشروا ببناء المستوطنات على هذه المستعمرة، فأقاموا مستوطنة مغيشيم وغني يهودا وغني تكفا وسيفيون، اعوام 1949، 1951، 1953، 1954 على التوالي. كما اقاموا جزء من مطار بن غوريون – مطار اللد سابقا – على الاجزاء الجنوبية من القرية.
- جذور عائلة سعيد: إن عائلة سعيد من العائلات الأكثر شهرة على امتداد الساحل الفلسطيني، بل أن الشهرة تنقلت مع العائلة أينما ذهبت من العباسية إلى اريحا ومن ثم إلى عمان. بالأصل كان اسم العائلة "أبو يوسف" إلا أنه وبعد اللجوء إلى عمان انتسب كل كبير عائلة إلى اسم جده، إذا فالعائلة الممتدة لعائلة سعيد هي عائلة "أبو يوسف"، وتأتي هذه العائلة من قبيلة (حمولة) المناصرة من العباسية (حمائل العباسية هي: المناصرة، المصاروة، الدلالشة، البطانجة والحميدات)، ويعتقد بالنسل التاريخي، أن أصل المناصرة هو قبيلة بهراء العربية (التي ينتمي لها الصحابي المقداد بن عمرو)، ويقال أن جزء من قبيلة بهراء نزلوا في منطقة بصرى الشام بحوران، ومن ثم انتقلوا إلى دير ديوان من قضاء رام الله، ويعتقد من هذا السرد التاريخي أنهم أتوا إلى قرية العباسية ما بين عام 1700 وعام 1750 للميلاد. عائلة أبو يوسف تضم اليوم كل من العائلات التالية: أبو يوسف، سعيد، سرحان، أبو روبين......
حياته في العباسية
ولد محمود سعيد لوالده محمد ووالدته الحاجة آمنه مقداد، وكان هو ثاني الأبناء بعد أخيه الشهيد زكي سعيد، ومن إخوانه أيضا علي وحلمي وعمر وسعيد وبكر و.........، لكن بالتحديد أخيه زكي سعيد كان له الدور الأكبر في نشأة وتربية الحاج محمود، فكان - مع ان والدهم كان حي آنذاك - خير الأب ونعم المعلم واقرب الاصدقاء وأحن واحب الاخوان - سيفصل لاحقا -. كان الوالد محمد سعيد يملك مطحنة، حيث كان يطحن القمح إلى طحين، كما كان مثل جميع فلاحين الساحل يملك بيارات برتقال وحمضيات. فكانت هذه البيئة المحيطة بمحمود سعيد في صغره، مما أدى إلى عشقه للسحل والزراعة والتراب الفلسطيني.