محمل الحج الشامي
محمل الحج الشامي، هو الموكب الذي يضم الحجاج الذاهبين لتأدية فريضة الحج من بلاد الشام بعد تجمعهم بمدينة دمشق وصولاً إلى مكة المكرمة. كان المحمل الشامي يخرج من دمشق في منتصف شهر شوال ويصل مكة المكرمة أوئل ذي الحجة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خلفية
كان موسم الحج في مدينة دمشق يعدّ في طليعة موارد العيش، حيث يدرّ الأرباح الطائلة على جميع أهلها طيلة العام. وكانت دمشق أثناء حكم العثمانيين تنعم بأهمية خاصة جداً على اعتبارها باباً للكعبة كما دعوها آنذاك، وكانت الطريق المؤدية من الشام إلى المدينة المنورة فمكة المكرمة هي الأقصر مسافة والأكثر سلوكاً من سائر البلاد المؤدية إلى الحجاز من جميع الأقطار الإسلامية الشاسعة. ولذلك دأب السّلاطين العثمانيون على ترميم هذه الطريق وتعميرها وتوفير الأمن في ربوعها، فجعلوا في كل منزلة من منازلها قلعة لها جنود معينون لحراستها ولتأمين المياه للحجّاج في ذهابهم وإيابهم. وبوجه الخصوص، نال الحج ومعه دمشق عناية خاصة من السلطان عبد الحميد، ولذلك لا نعجب أن منصب محافظ الحج كان لا يقل عن منصب الوالي.[1]
وكانت دمشق نقطة التقاء الحجاج الذي يفدون إليها بطريق البر منذ شهر رجب من كل عام من بلاد ما وراء النهر وإيران والأفغان والسند والعراق والأناضول وسواها، فيجتمعون في هذه المدينة إلى منتصف شهر شوال. وفي خلال هذه المدة يزورون الأماكن المقدسة، ويتاجرون مع أهل الشام فيبيعون ما حملوه معهم من مختلف المتاع، ويشترون لقاءه من المنتوجات الشامية ما يروق لهم للاستعمال والمهاداة والمتاجرة. وكان البعض من تجار حمص وحماه وحلب يأتون إلى دمشق في موسم الحج ويشتركون بهذه التجارة.
ثم يضاف إلى هؤلاء الحجاج من يريد أداء الفريضة من السوريين أيضاً، فيبلغون في بعض السنين زهاء خمسة آلاف حاج بين رجال ونساء وخدّام يؤلفون الركب الشامي الذي يسير بانتظام ويقوده محافظ الحج (أو أمير الحج) الذي كان يعيّن من قبل السلطان شخصياً، لتأمين راحة الحجاج. وكان أمير الحج الشامي آنذاك عبد الرحمن باشا اليوسف، الذي شغل هذا المنصب خلال الفترة الواقعة بين عام 1892-1918.
وكان ركب الحج يبرح مدينة دمشق في المعتاد في منتصف شهر شوال من كل سنة (تحديداً يوم 16 شوال)، ويبلغ المدينة المنورة في أواسط شهر ذي العقدة وبعد أن يمكث في المدينة ثلاثة أيام يشد رحاله منها قاصداً مكة المكرّمة، فيبلغها في أوائل ذي الحجة. وعقب قضاء المناسك يتحرك من مكة عائداً إلى المدينة المنورة فدمشق الشام، حسب المراحل التالية ذهاباً وإياباً:
أمير الحج الشامي
يعتبر “آل سعد الدين” من أعرق العائلات الدمشقية، وأكثرها ارتباطًا بطقوس محمل الحج الشامي، حيث كان لشيوخ الأسرة السعدية موقعهم المميز في احتفالات المحمل؛ لأن دارهم كانت المحطة الأهم لاستراحة المحمل الشريف، الذي كان شعارًا لسيادة السلطان العثماني على الحرمين الشريفين، يوضع (المحمل) على ظهر جملٍ جميل الشكل قوي وعال لا يستخدم لأي عمل سوى الحج، ويحمل إضافة للمحمل الكسوة السلطانية إلى الكعبة الشريفة، وحين كان المحمل يتوقف في دار سعد الدين يتقدم شيوخ الأسرة ووجهاؤها ليلقموا الجمل قطعًا من اللوز والسكر، فيتهافت الناس على التقاط الفضلات من فم الجمل تبركاً وتحببًا؛ لأنه يحمل أعظم شعار يجتمع إليه المسلمون عند ذهابهم إلى الحج، وبعد وصول المحمل إلى العسالي، ينتظر تجمع الحجاج يومًا أو يومين، حيث تسير قافلة أمير الحج في طريقها إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم.
كانت الدولة العثمانية تتحمل نفقات الحج، وتعهد بإمارته لواحد من كبار العسكريين في دمشق، أو من زعماء العشائر العربية في فلسطين، ويهيأ هذا الأمير للخروج بالحج، قبل حلول الموسم بثلاثة أشهر، فيقوم أولاً بـ”الدورة” أي زيارة المناطق الجنوبية من دمشق لجمع المال اللازم، وقد يكون الوالي نفسه أمير الحج، وهي مهمة صعبة وخطيرة لأن من واجباته أن يدفع عن الحجاج اعتداءات القبائل التي تنوي بهم شرًّا، وقد تولّى أسعد باشا العظم –والي دمشق- إمارة الحج مدة 14 عامًا، وكان الباشاوات في مختلف أنحاء السلطنة العثمانية يتوقون إلى هذا اللقب.[2]
تتكون قوافل الحج الشامي من عدة فئات تقوم بخدمة الحجاج والسهر على راحتهم وحمايتهم، ولكن من هذه الفئات وظائفها: فالسقاة، كانوا يحملون القرب لنقل المياه من البرك والآبار إلى الحجيج. والبّراكون، هم أصحاب الدواب التي تنقل الحجاج وتكون من البغال والبراذين. والعكّامة وهم أصحاب الجمال والهوادج التي تنقل الحجاج أيضًا، وأصحاب المشاعل، وهم حملة القناديل ومشاعل الزيت، وطائفة أصحاب الخيم، ولكل هؤلاء رؤساء ومعاونون كثيرون، مهيؤون لتأمين راحة الحجاج فأهل حي الشاغور وقصبة دوما للجمال، وأهل الصالحية كان أكثرهم للسقاية والمشاعل وللبراكة، والبياطرة منهم أيضًا، والجنود يخدمون أنفسهم، أما الأمير وأتباعه فإن مئات الأشخاص يكونون تحت خدمته وخدمة معاونيه.
كان أمير الحج يخرج من سراي الحكم “المشيرية أو العسكرية” على رأس موكب الحج بين 15–17 شوال، ويتخذ طريقه: الميدان، مجتازًا باب المصلى، ثم الميدان الفوقاني، إلى باب الله أو بوابة مصر، في ممر يمتد نحو ثلاثة كيلومترات متجهًا إلى قرية مزيريب، وبعد خروج الحج ببضعة أيام “من يومين إلى خمسة” تخرج قافلة الحج الشامي من الطريق نفسه، يتلوها قافلة الحج الحلبي، ومعهم حجاج العجم، ويبقى الجميع في مزيريب حتى يتم خروج الموكب بأجمعه، وكانت رحلة الحج الشامي تستغرق أربعة أشهر من شوال حتى صفر.
مسار محمل الحج الشامي
دمشق ـ تكية العسالي بالقدم ـ الكسوة ـ خان دنّون ـ الكتيبة ـ المزيريب ـ الرمثا ـ المفرق ـ الزرقا ـ البلقاء ـ القطرانة ـ الحساء ـ عنزة ـ معان ـ العقبة ـ المدورة ـ ذات حج ـ القاع الصغير ـ تبوك ـ الأخضر ـ المعظّم ـ الدار الحمراء ـ مدائن صالح ـ آبار الغنم ـ بئر الزمرّد ـ البئر الجديد ـ هديّة ـ الفحلتين ـ آبار نضيف ـ المدينة المنورة.
المدينة إلى مكة
المدينة المنورة ـ آبار علي ـ بئر الماشي ـ الغرير ـ الريان ـ أم الضياع ـ ظهر العقبة ـ رابغ (عندها يدخل الحجيج في الإحرام) ـ القضيمة ـ عسفان ـ مكة المكرمة.
تكاليف الحج
وتذكر المصادر أن قافلة الحج الشامي إلى الحجاز لم تخرج في السنتين اللتين اعقبتا الفتح العثماني لبلاد الشام في عام 1516 بسبب التبدل في السلطة الحاكمة واضطراب الأمن في الأرياف وتحرك القبائل البدوية... وبعدما قضى العثمانيون على ثورة جان بردي الغزالي والي دمشق المملوكي الأصل في عام 1521 استبعد المماليك نهائياً من إمارة الحج الشامي، في حين أنهم تسلموا قافلة الحج المصري طوال وجودهم في مصر خلال العهد العثماني.[3]
وعمد العثمانيون في بلاد الشام إلى تعيين أحد الأمراء المحليين من حكام سناجق غزة أو عجلون أو اللجون أو نابلس أو صفد أو القدس التي كانت تتبع ولاية الشام، أميراً على الحج، وممن عين من هؤلاء الأمراء المحليين على القافلة الحج الشامي قانصوه بن مساعدة الغزالي أمير عجلون والكرك، الذي شغل منصب أمير الحج الشامي مدة خمسة عشرة سنة من -1572 / 1587م.
وعمد العثمانيون في بلاد الشام إلى تعيين أحد الأمراء المحليين من حكام سناجق غزة أو عجلون أو اللجون أو نابلس أو صفد أو القدس التي كانت تتبع ولاية الشام، أميراً على الحج، وممن عين من هؤلاء الأمراء المحليين على القافلة الحج الشامي قانصوه بن مساعدة الغزالي أمير عجلون والكرك، الذي شغل منصب أمير الحج الشامي مدة خمسة عشرة سنة من -1572 / 1587م.
المعدّات
تشتغل مدينة دمشق بأسرها طيلة العام بالحجاج المسلمين، وإسكانهم خلال مكثهم فيها وإطعامهم والمتاجرة معهم، ثم بإعداد ما يلزمهم ويلزم الصرة السلطانية من الزيوت والشموع والمياه العطرية كماء الورد وماء الزهر، التي ترسل إلى الحرمين الشريفين لغسل الكعبة والحجرة النبوية (الروضة الخضراء) بهما. ثم بإحضار معدّات الركب من جمال وبغال وخيول ركوب (رهوانات) وخيام (مضارب) ومحاير (محفات) وتختروانات (سرر) وقِرب ومطرات وأقبية (عبي ومشالح) وكفافي وعكل واحرامات وأحذية وثياب وصناديق وأرسان (أعنّة) وسروج ورواحل وحلقات وأجراس وكلاليب وأكمار ومشاعل وفنارات وقطران وشموع، إلى غير ذلك مما يحتجه الحجاج في رحلته.
ثم بتهيئة الزاد والذخيرة بين كعك وقسماط وجبن ولحم مقل ومعجنات وخضار مجففة ومربيات وشرابات وما شاكلها. ثم بعلف الدواب وترتيب الرجال الذين يسيرون في خدمة الركب، فيقودون الجمال ويعلفونها وينصبون الخيام وينقضونها، ويملأون الماء ويجمعون الحطب ويطبخون الطعام، وهؤلاء يقال لهم بصيغة الإفراد: عكّام، مكاري، قاطرجي، مهتار، سقّا، حمّال، أجير.
وتعيّن الحكومة بطريقة المناقصة من بين المقتدرين رجلاً يقال له (المقوِّم)، يقوم بتقديم الجمال وغيرها من المطايا اللازمة للركب في الذهاب والإياب، بحيث إذا هلك أحدها في الطريق يقوم بتقديم غيره في الحال، وذلك لقاء أجرة مقطوعة تعينها الحكومة وتعلنها على الملأ. وتأخذ من المقوِّم كفلاء كي لا يقصّر بواجبه، وإذا قصر تنوب الحكومة عنه بتأمين مطايا الحجّاج في الطريق. وكذلك تعيّن الحكومة سرية من الجند تتألف من مئتي جندي من راكبي البغال وترفقها بمدفعين جبليين مع ذخائرهما لتأمين المحافظة على الحجاج من تعدّي اللصوص في الطريق.
السنجق
عندما يتكامل الركب، تخرج أولاً الشموع والزيوت والعطور من دار مستلزمها (متعهدها)، فيحتفلون بها حرمة للمقامات المهداة إليها، ثم يخرج لواء الرسول الأعظم من مسجد الصحابي الجليل أبي الدّرداء (عامر الخزرجي الأنصاري) في قلعة دمشق، ويؤتى به من سوق البوبجية فالأبّارين فالمحايرية فالسروجية فجامع السنجقدار، حيث يصلي القوم صلاة العصر جماعة، ثم يطاف باللواء (السنجق) إلى قصر المشيريّة ويوضع في قاعتها الكبرى، وتتلى قصة المولد النبوي الشريف تيمناً وتبركاً، ويظل اللواء ليلة في هذه الدائرة تحت حراسة الجند. وتطق المدافع عند خروجه من القلعة، ولدى وصوله إلى الجامع، وعند خروجه منه، وحين دخوله من باب السراي.
المحمل
المحمل هو في الأصل الهودج (العطفة) الذي تركبه نساء العرب أيام الحروب لحث الرجال بالنخوة للدفاع عن العرض والوطن، ثم اتخذ في القرون الوسطى كرمز لموكب الحج، وأقرّه سلاطين بني عثمان وصار عنواناً للموكب يروح ويغدو معه في كل عام. وهو عبارة عن محفة كبيرة مجلّلة بالديباج ومنقوش عليها بعض الآيات القرآنية والطغراء السلطانية، ولها رصافات مموهة بالذهب.
وكان الاحتفال بخروج هذا المحمل مع الحجيج وعودته بموكب عظيم على النحو التالي: كان يوم المحمل بدمشق، وهو اليوم الذي يلي خروج السَّنجق، والذي يبدأ فيه جموع الحجّاج بالمسير نحو القبلة، يعدّ من الأيام العظيمة، حيث تعطل فيه الأعمال في دوائر الحكومة وفي أغلب أسواق المدينة، وخصوصاً على الطريق الطويلة المستقيمة (الدَّرب السلطاني) التي يسير عليها موكب الحج من سراي العسكرية إلى بوابة الله فالعسالي على مسافة تقرب من 16 كيلومتراً. وكان يخفّ إلى دمشق عدد غير قليل من أهل البلاد والقرى المجاورة للاشتراك بالفرجة عل الركب والاحتفاء به ووداع الحجّاج الراحلين.
ومنذ بزوغ شمس ذلك اليوم ينهض جميع سكان المدينة تقريباً وروادها من نساء ورجال وشيوخ وأطفال، وينتشرون على تلك الطريق ويملأون الحوانيت والأسطح وطاقات المنازل وشرفات المآذن. وعند الضحى حيث تكون القافلة أخذت بالمسير يُحمل المحمل على جمل ضخم الجثة ويُسار به وبالسنجق من ورائه بموكب رسمي يتقدّمه نقيب السادة الأشراف بملابسه الخضراء، ثم أمين الصرّة السلطانية، ومحافظ ركب الحج الشريف، ثم أصحاب المراتب السلطانية من علمية وعسكرية وملكية، بملابسهم الرسمية على أصول التشريفات السلطانية. وتدوّي التحيّة السّلطانية الشهيرة: «باديشاهم جوق يَاشا». ويغادر هذا الموكب باب السَّراي بين أصوات المدافع وضجيج الخلق، تحفّ به كوكبات الجند من مشاة وسوارية (فرسان) وسرايا الدّرك والشرطة، وتلامذة المدارس العسكرية والملكية، ورجال الطرق الصوفية مهللين مكبرين. ومن أمام المحمل وخلفه تسير جوقتان من أجواق الموسيقى العسكرية تتناوبان العزف بالألحان العسكرية، وعلى نقاط متقاربة على جانبي الطريق تصف فصائل الجنود المختلفة لتحية الموكب الذي يقطع هذه المسافة بحوالي ثلاث ساعات على الأقل. وعقيب وصول الركب إلى المضارب التي تكون قد أعدّت على دكّة المحمل في العسالي، يخف لاستقباله والي الشام (الباشا) ومشير جيشها، اللذان يكونان قد حضرا سلفاً لتشييع الركب. ثم توزّع الحلوى والمرطبات على الحاضرين، ويُسلم المحمل واللواء إلى محافظ الحج، حيث يضمهما في صناديق محكمة يتولى حراستها الجند، ويبيتان ليلتهما في العسالي.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الركب
ينطلق الحجاج الذين يؤلفون الركب ويغادرون دمشق ميممين شطر القبلة، ويرافق بعضهم لفيف من الأهل والأصدقاء بغية وداعهم من مسافات مختلفة تختلف بنسبة استطاعة المودعين، ويتبعون جميعاً تلك المراحل التي ذكرناها آنفاً. وعندما يبلغ الركب أول مرحلة من مراحله، يكون العكامون ورفاقهم قد سبقوا إليه، ونصبوا الخيام وأعدوها على شكل مدينة صغيرة ذات أزقة متعددة، وهيأوا الماء والحطب وسائر أسباب الراحة. فينزل كل حاج في خيمته ويعلم موقعها الذي لا يتبدل طوال الطريق في الذهاب والإياب، وتربط المطايا خلف الخيام وإلى جانبها الرجال والأحمال.
وتنار أزقة المضارب ليلاً بالمشاعل التي توقد بالقطران، وباطن المضارب أيضاً ينار بالفنارات ذات الشموع. وبينما الحاج يتوضأ ويصلي ويتلو أوراده، يكون العكام قد أعد له الطعام فيأكله بلذة وهناء. وفي أوقات الحط والاستراحة يتزاور الحجاج بين بعضهم ويتسامرون ويتحادثون. وقد جرت العادة أن يكون قيام الركب ونزوله بانتظام تام، متجمعاً غير متفرق، كي لا يضل أحد في الطريق التي تماثل بعضها، ولذلك يطلقون المدافع عند الرحيل ووقت اللزوم.
المطايا
مطايا الحجاج ثلاثة أنواع: التختروانات والمحاير والرهاوين. والتختروان كوخ خشبي ذو باب يحمل على جميلين أو بغلبين متقابلين، ويجلس فيه رجل واحد مرتاحاً، والمحارة محفّة تحمل على جمل وتغطى بأقمشة مزخرفة عل طراز أقمشة الخيام من نسيج دمشق، ولها مقعدان يجلس ويرقد فيهما حاجان اثنان. والرهاوين يختارها بعض الحجاج ويفضلونها على المحارة لأنها تساعد على النزول في الطريق، حيث توجد مقاه سيّارة ترافق الركب في مسيره، فيشربون فيها القهوة ويدخنون الأركيلة. وأكثر مسافات المراحل طويلة، لذا يجعلون في منتصف المسافة ساعة استراحة ينزل فيها الحجاج ويقضون حاجاتهم ويصلّون ويأكلون ويشربون ويعلفون دوابهم، ثم يرحلون على أصوات المدافع أيضاً.
الإحرام
لما يبلغ الركب أرض رابغ، وهي من أرض مكة، يدخل الحجاج في الإحرام، أي يبدأون بأداء المناسك، فيخلعون ثيابهم، ويرتدون مآزر بيضاء غير مخيطة.
الجردة
الجردة إرسالية تجارية تنقل للحجيج ما يحتاجه من مأكل وملبس وغير ذلك من اللوازم الضرورية. وهي كانت تبرح دمشق في الأسبوع الأول من شهر ذي الحجة تحت محافظة سرية من فرسان الدَّرك، وتلتقي بالركب في منزلة هديّة، فتقيم في هذه المنزلة وما بعدها من المنازل سوقاً تجارية سيّارة.
عودة الحجاج
يعود ركب الحج الشامي إلى دمشق في منتصف شهر صفر، وقبل وصوله يقوم أهل الحجاج وذووهم بإعداد أسباب الإكرام والضيافة لهم والاحتفاء بهم وبحاشيتهم، فيجهزون لكل حاج وحاجة كسوة جديدة، وقد تتعدد فتكون أكثر من واحدة. ويذهبون لاستقبالهم ويعودون معهم فرحين بلقائهم، وتقام لهم الأفراح عقب وصولهم سبعة أيام بلياليها، والناس تخف إلى دورهم للسّلام عليهم والتبرّك بهم. وقد يأتي الحجاج ببعض الهدايا من المنتوجات والمصنوعات الهندية، ومن تمر المدينة المحبّب المدعو (جبلي)، وهو كبير الحجم صغير النواة لا مثيل هل في سائر الجهات.
انظر أيضاً
المصادر
- ^ الحج الشامي، إكتشف سورية
- ^ "محمل الشام.. صورة من أيام الحج البعيدة". إسلام أونلاين. 2016-09-05. Retrieved 2018-07-03.
- ^ "محمل الحج الشامي .. طقوس مملوكية تعيش في الذاكرة". زمان الوصل. 2015-09-26. Retrieved 2018-07-03.