محمد أمين كفتارو

محمد أمين كفتارو

'نص عريض'الشيخ محمد أمين كفتارو بن موسى هو عالم ديني صوفي على الطريقة النقشبندية.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ولادته ونشأته

ولد الشيخ عام 1292هـ الموافق لـ 1875م، في قرية كرمة من قضاءماردين جنوب شرق تركيا المتاخمة للحدود السورية. والده هو الملا موسى وكان عالماً في منطقته قبل هجرته إلى سورية.

هاجر والده إلى الشام ولم يتجاوز محمد أمين السنتين من العمر، فقد كانت الشام ولا تزال محجاً يقصده العلماء والصالحون وطلاب العلم، وذلك لبركتها التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم.[1]

نزل الملا موسى بأهله في سفح جبل قاسيون المطل علىدمشق واستقر في حيركن الدين قرب جامع أبي النور، الذي كان في ذلك الوقت مصلى صغيراً دُفن فيه الأميرزين الدين أبي سعيد قراجا الناصري الملقب بأبي النور عام 604هـ

توفي الملا موسى رحمه الله بعد سنوات قليلة من وصوله دمشق، وهكذا فقد الشيخ محمد أمين وأخويه صالح وعلي الأب والمعيل.


طلبه للعلم

نذر الشيخ محمد أمين حياته منذ نعومة أظفاره لطلب العلم، وأخذ ينهل من معين العلماء والصالحين، وعكف على تحصيل العلوم الشرعية من فقه وأصول وتفسير وحديث، فنجب بين أقرانه، وتميز بين خلَّانه، ثم قام بعد ذلك بعقد حلقات التعليم.

تزوج الشيخ محمد أمين عام 1315هـ ولم يكن قد جاوز الحادية والعشرين من العمر، وهنا بدأت مرحلة جديدة في حياة الشيخ حيث أرشده أخوه الشيخ صالح كفتارو إلى الشيخ العارف بالله عيسى الكردي النقشبندي الذي استقطب علماء الشام لينهلوا من قلبه الواثق بالله، وليأخذوا عنه الطريقة النقشبندية التي تلقاها عن شيخه الشيخ عيسى الهادي، الذي أخذ الطريق عن شيخه الشيخ حسن النوراني المجاز مباشرة من الشيخ خالد النقشبندي. كان الشيخ محمد أمين ملازماً للشيخ عيسى حتى وفاته عام 1331هـ، وقد حصل منه على الإجازة في العلم والتربية والتزكية في : 14/ربيع الأول/ من عام 1330هـ.

يتحدث الشيخ محمد أمين عن لقائه بالشيخ عيسى فيقول: (كنت قد حصَّلْت بعون الله كثيراً من العلوم النقلية والعقلية، وبرعت فيها وعقدت مجالس التعليم في جامع أبي النور حيث نزل والدنا الملا موسى رحمه الله، وكنت أشعر والناس حولي يبتغون الصَّلاح أنني أحوج منهم إلى الصَّلاح، فلم يكن يرضيني ما أنا فيه من امتلاء العقل ونضج القالة، فما جدوى العقل والقلب عطل، وما جدوى فصاحة اللسان والسلوك غائب عن امتثال نصائحه. لما صافحت يدي يد الشيخ عيسى شعرت بدفئها يسري في كياني، وكان أول شيء أوصاني به الشيخ عيسى أن أترك مجالس التعليم التي كنت أعقدها وأعتزل الناس في خلوة مع الله).

قام الشيخ أمين الزملكاني الخالدي بمتابعة مسيرة الشيخ عيسى وذلك بناء على وصيته قبل وفاته، فكان الشيخ محمد أمين أحرص الناس على تنفيذ الوصية والعمل بما أمر به شيخه رحمه الله . ولما انتقل الشيخ الزملكاني إلى جوار ربه قام الشيخ محمد أمين من بعده برعاية الإخوان، وتفرغ كلياً في جامع أبي النور بحسب وصية شيخه الشيخ عيسى رحمه الله تعالى.

عمله الدعوي

بدأ الشيخ محمد أمين بتأسيس دعوته عملياً قبل أن يبلغ الخامسة والعشرين من عمره في جامع أبي النور، وكان يدرك أنه يمثل خلية من خلايا جسد الدعوة الإسلامية، وأن قوة هذه الخلية وفاعليتها في مدى انسجامها وتفاعلها مع خلايا الجسد الأخرى، فقام بمهمة التربية الروحية وتزكية النفس واستقطب العديد من الناس لقد كانت طريقة الشيخ في الدعوة إلى الله تقوم على الحكمة والموعظة الحسنة، وإحياء القلب بذكر الله، وتزكية النفس التي أشار إليها ربنا سبحانه وتعالى بقوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس:9].

ولقد أكد الشيخ محمد أمين على أهمية التربية الروحية الواقفة عند حدود الكتاب والسنة، في كل أحوالهم، والإخلاص له سبحانه وتعالى، وأن يكون حبهم في الله ، وبغضهم لله، وغضبهم لله عز وجل إذا انتهكت محارمه.

وقد اعتبر أن التصوف والتربية الروحية القرآنية وسيلة لا غاية، وأنه أسلوب تربوي يساعد المسلم على تزكية النفس وتطهير القلب وتقوية الإرادة، فلذلك كان التصوف أحد المرتكزات الأساسية في تكوين مدرسة الشيخ الإسلامية الروحية الفكرية والقرآنية، منطلقاً من متابعة النبي صلى الله عليه وسلم والتمسك بسنته والاقتداء بسيرته.

كما أخذ الشيخ محمد أمين على نفسه مهمة نبذ التعصب المذهبي الذي كان منتشراً في تلك الفترة، حيث شاع أن بعض المصلين يمتنعون عن الصلاة خلف أئمة من غير مذهبهم، فأدرك الشيخ محمد أمين أن عليه أن يرفع صوته بنبذ هذا التعصب، والدعوة إلى الفقه الإٍسلامي وتطويره بالاستفادة من تراث الفقهاء أجمعين، لذلك قرر تدريس كتاب الميزان للإمام الشعراني، وهو كتاب نفيس اعتمد فيه الشعراني على التوفيق بين منهج أهل الفقه ومنهج أهل التربية، كما درّس كتابكشف الغمة عن جميع الأمة، وهو كتاب في الحديث جمع فيه الإمام الشعراني الأحاديث التي يستدل بها الأئمة الأربعة، وكتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد- الحفيد- المالكي، والذي اعتمد فيه منهج الجمع بين الأدلة ومقارنة المذاهب الفقهية.

وقد اشتهر عنه قوله : (المذاهب الإسلامية مظهر ثراء لا مظهر فوضى، ودليل ضبط لا دليل اضطراب، والفقيه هو الذي لا يحول بينه وبين الكتاب والسنة رأي بشر كائناً ما كان).

كما ألف رسالة بعنوان: جواز تعدد الجمعة في البلد الواحد وبيان أنها تقوم مقام فريضة الظهر، حيث أفتى فيها بترك صلاة الظهر عقب صلاة الجمعة إذا تعددت المساجد في البلد الواحد. على أن نشاط الشيخ محمد أمين لم يقتصر على جامع أبي النور، بل قام بعدة دروس أخرى في مساجدسعيد باشا، والمناخلية، و الأحمدية، و الأقصاب. عندما بلغ الثالثة والستين من العمر بدأ المرض يدب في جسده، ولما شعر باقتراب أجله أوصى أن يخلفه من بعده نجله الشيخ أحمد كفتارو.

وفاته

توفي الشيخ رحمه الله يوم الأحد 27/رمضان/1357هـ الموافق 2/11/1938م، حيث دفن في مقبرة الجوعية ثم نقل رفاته إلى مجمع الشيخ أحمد كفتارو (أبي النور سابقاً) عام 1979م. للشيخ رحمه الله خمسة أبناء وبنتان.


تلامذته


المصادر

الموقع الرسمي لمجمع الشيخ أحمد كفتارو

  1. ^ من ذلك قوله في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: »اللهم بارك لنا في شامنا وفي يَمننا« والحديث الذي رواه الترمذي عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: كنا يوماً عند النبي صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : »طوبى للشام«، فقلت : لم ذلك يا رسول الله ؟ قال: »لأن الملائكة باسطة أجنحتها عليها«.