ماريا كالاس
ماريا كالاس Μαρία Κάλλας (عاشت 1923 - 1977) مغنية أوبرا وسوبرانو ولدت في الولايات المتحدة لأبوين يونانيين. بعد إنفصال أبويها عادت مع أمها إلى اليونان ودرست هناك الغناء في أثينا.
احدى اشهر مغنيات الأوبرا. في السادسة من العمر تعرضت ماريا لحادث سيارة دهستها وسحلتها على الشارع الطويل، إلا أن البنت نجت من الموت بأعجوبة. وكان مقدّراً لها أن تعيد إلى الأوبرا بريقها السابق في عصر باتت تعتبر فيه فناً ولى زمانه. أشهر أدوارها كان في أوبرا "عايدة".
وغدت قصة حب المليونير الكبير أرسطوطل اوناسيس وماريا كالاس موضوعا للأفلام والروايات. ولم تعرف ماريا بنبأ زواج حبيبها من جاكلين أرملة الرئيس الأميركي كندي إلا من الصحف.
درست العزف على البيانو وأصول الغناء وبدأت مسيرتها الفنية في أواخر الثلاثينيات، فبلغت ذروة عطائها في الخمسينيات والنصف الأول من الستينيات... وذلك في عالم الأوبرا دون سواه! لقد ابتعدت عن عوالم أخرى في الموسيقى الكلاسيكية يدخل الغناء في أساسها. ونشير هنا إلى الأعمال الغنائية المهمة في التاريخ التي لم تدخل ضمن اهتمام كالاس مثل الأغنيات التي راجت أواخر القرن الثامن عشر وفي القرن التاسع عشر، إضافة إلى الأعمال الدينية مثل القداديس الاحتفالية والجنازات وغيرها (منها جنازة الموتى لموزار أو فيردي). وأسقطت من اهتمامها ـــــ لسوء الحظ ـــــ السمفونية التاسعة لبيتهوفن التي يدخل الغناء استثناءً في حركتها الرابعة (نشيد للفرح). والسبب يعود هنا إلى فن آخر تتقن كالاس لعبته، ولا يدخل في هذه الأشكال الموسيقية، وهو محصور في فنّ الأوبرا في عالم الموسيقى، أي التمثيل.
إلى جانب صوتها العظيم، كانت كالاس تضفي على أدائها التعبير الداعم للكلمة والموسيقى من خلال التمثيل. ولهذا السبب، تؤلّف التسجيلات الحيّة الجزء الأهم (مقابل تسجيلات الاستوديو للأعمال نفسها)، في «الديسكوغرافيا» التي تركتها أيقونة فنّ الأوبرا. وهذه الميزة في مسيرة كالاس الفنية دفعت مجلة «ديابازون» الفرنسية المتخصصة في الموسيقى إلى مفاجأة قرائها الذين لا يقلّون اختصاصاً بالموسيقى الكلاسيكية عن محرّريها، من خلال الاعلان في عدد نيسان (أبريل) 2006 عن اصدار نادر يجمع كالاس (غناء) وغلن غولد (بيانو) في أداء سلسلة الأغنيات الشهيرة «رحلة شتاء» لشوبرت... لتعود وتشير إلى أنها كانت «كذبة أول نيسان» في العدد التالي! لكن ما الذي يميز صوت كالاس؟ تُقسم الأصوات النسائية إلى قسمين أساسيين: العالي أو الرفيع ويسمّى سوبرانو، والمنخفض أو الجهور ويسمّى ميزو ـــــ سوبرانو (أو ألتو بفارق بسيط). والسوبرانو نفسه يُقسم إلى أقسام عدّة أبرزها السوبرانو الخفيف أو التلويني، وهو عام وثاقب وقادر على أداء الألحان التي تحتوي على نوتات عالية وتلوينها. السوبرانو الغنائي (الأكثر شيوعاً) وهو دافئ ومعبّر، وأيضاً متوسط من حيث المساحة والخفة. والسوبرانو الدرامي وهو قاتم جداً، خاصة في الطبقات المنخفضة حيث يقترب في التعبير من الميزو-سوبرانو، لكنّه ثقيل وبالتالي لا يسمح بالمهارات التلوينية. من هنا، تأتي ميزة كالاس التي كان صوتها سوبرانو ـــــ درامياً يتمتع بقدرة عالية على التلوين وأداء المهارات الصوتية. هكذا، استطاعت أداء أدوار أوبرالية تؤديها عادةً المغنيات اللواتي يتمتّعن بصوت سوبرانو خفيف أو غنائي.
اشتهرت كالاس بكثير من الأدوار وخصوصاً للمؤلفين الإيطاليين الذين ختموا فنّ الـ«بل كانتو» (Bel canto) في القرن التاسع عشر، مثل «نورما» لبلّيني و«توسكا» و«مدام باترفلاي» لبوتشيني و«عايدة» و«ماكبث»، إضافة إلى «لاترافياتا» و«حفلة تنكرية» لفيردي (أخرجهما للأوبرا السينمائي الإيطالي الشهير لوتشينو فيسكونتي)، وغيرها. كذلك أدّت بالفرنسية «كارمن» رائعة المؤلف الفرنسي جورج بيزيه، وبالألمانية «تريستان وإيزولد»، و«دي فالكوره» و«بارسيفال» لفاغنر... إضافة إلى أعمال أخرى من العصر الكلاسيكي (القرن الثامن عشر) وصولاً إلى القرن العشرين. أما الدور الأهم الذي لم تؤدّه الـ «ديفا» الكبيرة، فهو «ملكة الليل» في أوبرا «الفلوت السحري» لموزار. ولو أنّها فعلت، لأحدثت زلزالاً في العالم. إذ إنّ ما كتبه موزار من ألحان لهذه الشخصية الأساسية، مفصّل بأدقّ خيوطه على قياس الاستثناء الصوتي الذي يتمثل بالسوبرانو الدرامي الماهر والقادر على التلوين.