ماركوس ترنتيوس ڤارو
- للآخرين بإسم مشابه، انظر ڤارو (توضيح).
ماركوس ترنتيوس ڤارو Marcus Terentius Varro (عاش 116 ق.م. - 27 ق.م.)، أكبر عالم موسوعي روماني، ومن أغزر كتاب اللغة اللاتينية إنتاجاً في شتى مجالات المعرفة المتاحة في زمنه. عاش في عصر التحولات الكبرى؛ السياسية والاجتماعية والفكرية، التي طالت المجتمع الروماني في القرن الأول قبل الميلاد، وشهد انهيار النظام الجمهوري وقيام النظام الامبراطوري، وكان له تأثير علمي وثقافي كبير في معاصريه والأجيال اللاحقة.
ولد ڤارو في بلدة رييتي Rieti السابينية قرب روما لأسرة ثرية من طبقة رجال المال والأعمال آنذاك. تتلمذ على الفقيه والعالم اللغوي الرواقي إيليوس ستيلو L.Aelius Stilo، الذي وجهه نحو الدراسات الأدبية والتراثية القديمة. ذهب إلى أثينا لمتابعة تحصيله العلمي؛ فدرس الفلسفة على يد أنطيوخيوس العسقلاني Antiochus of Askalon، الذي كان من كبار فلاسفة الأكاديمية الأفلاطونية، وترك بصمات واضحة لدى عدد من مشاهير الرومان. خاض معترك الحياة العامة وتقلد عدداً من المناصب السياسية والعسكرية توجها برتبة برايتور praetor، وهو ثاني أعلى منصب في روما الجمهورية. أوكل إليه يوليوس قيصر إنشاء المكتبة العامة في روما والإشراف عليها، ولكن بعد مقتل قيصر وضع ماركوس أنطونيوس اسمه على قائمة الخصوم السياسيين، الذين أهدرت دماؤهم عام 43 ق.م. ونجا من الموت بأعجوبة، غير أن بيوته نُهبت وأُتلف كثير من كتبه. وبعد انتهاء الحرب الأهلية انصرف إلى الكتابة والبحث والتأليف وصار حجة ومرجعاً لا يبارى في أثناء حياته المديدة.
كان العصر عصر "الملخصات"، تخرج في كل موضوع من الموضوعات لتفي بحاجات ذلك العصر التجاري السريع. وقد اتسع وقت ماركوس ترنتيوس ڤارو، رغم حملاته الحربية الكثيرة، خلال حياته التي دامت تسعة وثمانين عاماً (116-26 ق.م)، لتخليص كل فرع من فروع العلم يعرفه أهل زمانه. وكانت ملفاته البالغ عددها 620 ملفاً (نحو 74 كتاباً) دائرة معارف عصره كتبها رجل بمفرده. وقد افتتن بالبحث في أصول الكلمات فكتب مقالاً "في اللغة اللاتينية" لا يزال حتى الآن أكبر ما يهدينا إلى معرفة لغة الرومان الأولى. ولعله أراد أن يعاون أغسطس على تحقيق بعض أغراضه فحاول في رسالته " عن الحياة الريفية" De Re Rustica (36 ق.م) أن يشجع الناس على العودة إلى الأرض لتكون خير ملجأ يعصمهم من فوضى النزاع المدني. وقد جاء في مقدمة هذه الرسالة: "إن السنة الثمانين تنذرني بان على أن أحزم متاعي وأستعد للخروج من هذه الحياة"(42)، وهو يرى أن تكون آخر وصيته له مرشداً يهديه إلى الحياة الريفية الهادئة السعيدة، ويعجب بالنساء القويات اللائي يلدن في الحقول ثم يواصلن عملهن من فورهن(43). ثم يبدي حزنه وأسفه على نقص نسبة المواليد بين المواطنين، وهو النقص الذي اخذ يبدل سكان رومه ويقول: "لقد كانت نعمة الأطفال سبب فخر المرأة وإعجابها بنفسها، أما الآن فإنها تفخر بما يفخر به إنيوس Ennius فتفضل أن تواجه الحرب ثلاث مرات على أن تلد طفلاً واحداً". ويقول في "عادياته المقدسة" Divine Antiquities إن كثرة النسل والنظام والشجاعة في أمة ما تتطلب مبادئ أخلاقية تؤيدها عقيدة دينية. ويأخذ بقول المشرع العظيم كونتس موسيوس أسكيفولا Q. Muciu Scarvola إن الدين نوعان- أحدهما للفلاسفة والثاني لعامة الشعب، وينادي بأن ثانيهما يجب أن يقوي وتثبت دعائمه، على الرغم مما فيه من عيوب ونقائص لا يرتضيها العقل، ويشير إلى بذل الجهود لإرجاع عبادة آلهة رومه القديمة إلى عهدها الأول، وإن كان هو نفسه يؤمن بنوع غامض من وحدة الوجود . ولقد تأثر بكاتو وبولبيوس فألقى بنفسه في تيار سياسة أغسطس الدينية وإن لم يكن من المؤمنين بمبادئها، كما نهج منهج فرجيل في تقواه الريفية.
وكأنما أراد فارو أن يتم أعمال كاتو الأكبر في جميع الميادين فأكمل كتاب الرقيب المعروف باسم "الأصول Oirgines" في كتابه المهم المسمى "حياة الشعب الروماني"- وهو كتاب في تاريخ الحضارة الرومانية. ومما يؤسف له أن الدهر لم يبق على هذا الكتاب بل أباده كما أباد كل مؤلفات فارو تقريباً، على حين أنه أبقى التراجم التي كتبها كورنليوس نپوس Cornelius Nepos، والتي لا تزيد قيمها على ما يكتبه صبية المدارس. لقد كان التاريخ في روما فناً، لم يضم إلى صفات الفن خصائص العلم، ولم يرق حتى في كتابات تاكيتوس Tacitus إلى درجة البعث الإنتقادي وإلى تلخيص المصادر.
وتشمل أعماله أبحاثاً مختلفة في التاريخ والبلاغة والقانون والفلسفة والجغرافية والطب والعمارة وتاريخ الأدب والفن والفكر الديني؛ وهي تدل على موهبته الفذة وعلمه الواسع الغزير. من أهم مؤلفاته (المتبقية):
1 - عن الزراعة De re rustica؛ في ثلاثة كتب يصف فيها حالة الزراعة في إيطاليا والمشكلات التي كانت تعانيها في بداية العصر الامبراطوري، ويدعو إلى النهوض بها وممارسة العمل الزراعي والتمسك بالحياة الريفية انسجاماً مع سياسة أغسطس الزراعية التي وجدت صدى لها أيضاً في أشعار ڤرجيليوس وقصائده الزراعية. ويعبر ڤارو في مؤلفه هذا الذي كتبه بأسلوب الحوار عن مصالح كبار الملاك من طبقة الشيوخ الرومانية ويذكر فيه ثبتاً حافلاً بالمؤلفين الإغريق زاد عددهم على الخمسين، وختمه بقوله: «ولكن ماگو Mago القرطاجي يفوقهم شهرة، فقد جمع في 28 كتاباً، كتبت باللغة الفينيقية، كل الموضوعات التي عالجوها مستقلين، ولذلك أُطلق عليه لقب أبي الزراعة». ويتسم الكتاب عموماً بالحوار الممتع واللغة البسيطة السهلة وهو من نتاج سنواته الأخيرة.
2 - عن اللغة اللاتينية De lingua Latina وضعه في 25 كتاباً لم يبق منها سوى ستة كتب (5-10)، وقـد أهداه إلى صديقه شيشرون، أي أنه صدر قبل 43 ق.م.، وهو يعد أول بحث متكامل عن اللغة اللاتينية وقواعدها وصرفها ونحوها يفرق فيه بين أربعة أنواع من الكلمات تشمل الأسماء والأفعال والمشتقات والأدوات. ويتطرق إلى اشتقاق الكلمات وتصريفها وحالات الإعراب المختلفة مع استشهادات كثيرة من الشعر اللاتيني. وقد اعتمد ڤارو على أبحاث علماء اللغة الإسكندرانيين ودراساتهم عن اللغة الإغريقية، شقيقة اللاتينية في أسرة اللغات الهندية الأوربية.
أما كتبه ومؤلفاته الأخرى المفقودة فلم يتبقَ منها سوى مقتطفات وشذرات واستشهادات مختلفة لدى الكتاب المتأخرين، وقـد وصلت قائمة ـ وإن لـم تكن كـاملة ـ بأسماء كتبه في إحدى شذرات عالم اللاهوت هيرونيموس Hieronymus، ومن أشهرها:
- الأهاجي المِنپيَّة Saturae Menippeae (نسبة إلى الفيلسوف منيپوس Menippos) في 150 مقطوعة، يمتزج فيها الشعر بالنثر وتدور حول مناسبات مختلفة، وقد تأثر فيها بالفيلسوف الكلبي منيپوس (الذي عاش في القرن الثالث ق.م وكان من أبناء گدارا، إحدى مدن الديكاپوليس في جنوبي سورية). ويظهر فيها ڤارو منتقداً الترف ومساوئ عصره مشيداً بالأخلاق القديمة والأزمنة السالفة، وهي تشبه هجائيات الشاعر هوراسيوس. كما ألف ڤارو كتباً أخرى عن الشعر والشعراء ومسرحيات پلاوتوس Plautus وكثير غيرها في هذا الباب.
- العاديات (الآثار والشؤون) الإنسانية والمقدسة القديمة Antiquitates rerum humanarum et divinarum وتدور حول الناس والآلهة في روما القديمة، وهي أهم مؤلفاته التاريخية وأشدها تأثيراً، وقد صدرت عام 47ق.م في 41 كتاباً، تعالج الكتب (1-25) الأمور الإنسانية المتعلقة بسكان إيطاليا وأسماء الأماكن والأزمنة وأعمال الناس والمؤسسات. أما الكتب الباقية (26-41) فتهتم بالأمور الإلهية وتتحدث عن الكهنة والمعابد والمقدسات وأيام الأعياد والألعاب والآلهة، وتعد المصدر الرئيسي للديانة الرومانية القديمة، وقد أهداها ليوليوس قيصر بوصفه الكاهن الأعظم، كما كتب ڤارو أبحاثاً أخرى عن حياة الشعب الروماني وأصوله وأساطيره محاولاً أن يضع للرومان تراثاً أسطورياً على نمط التراث الإغريقي.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التقاويم
ويعود إلى ڤارو الفضل في وضع التاريخ التقليدي لتأسيس مدينة روما، الذي تم وفقاً لحسـاباته في عـام 753 ق.م.، وعدَّ هذا التاريخ بداية للتقويم الروماني بدءاً من تأسيس المدينة ad urbe condita.
أما كتابه «الصور» De imagines فهو من أقدم المؤلفات في هذا المجال، ويضم مجموعة صور حول مشاهير اليونان والرومان ومنه حصل المؤرخون على أغلب المعلومات حول تلك الحقبة.
كانت مصادر ڤارو إغريقية، ومع ذلك فقد كان عريقاً في رومانيته، التي تجلت خاصة في دراساته الأدبية والتاريخية. وهو يعد مع لوكريتيوس وشيشرون وڤرجيليوس من أعظم المعلمين الرومان الذين علموا الفلسفة والعلوم الإغريقية باللغة اللاتينية. وقد عني بطلب المعرفة أكثر مما عني بالشهرة الأدبية وكان هدفه الرئيسي أن يعلم على الدوام. كان يمتلك عقلية موسوعية مكنته من تمثل التراث الإغريقي الفكري والعلمي وتطبيق نظرياته على الشؤون الرومانية. وأثرت دراساته وأبحاثه تأثيراً كبيراً في كبار معاصريه، وكانت مؤلفاته أشبه بدوائر المعارف ومنجماً غنياً بالمعلومات للكتاب الوثنيين والمسيحيين على حد سواء. وقد قرأه آباء الكنيسة وعلى رأسهم القديس أوغسطين الذي قال عنه إنه كان بلا شك أعظم رجال عصره علماً ومعرفة.
أعماله المتبقية
- De lingua latina libri XXV (أو في اللغة اللاتينية في 25 مجلد؛ منهم ستة (V-X, وصلونا، وهم ممزقون جزئياً)
- Rerum rusticarum libri III (أو في الزراعة في ثلاث مجلدات)
أعمال معروفة اندثرت
- Saturarum Menippearum libri CL or Menippean Satires in 150 books
- Antiquitates rerum humanarum et divinarum libri XLI
- Logistoricon libri LXXVI
- Hebdomades vel de imaginibus
- Disciplinarum libri IX (An encyclopedia on the liberal arts, of which the first book dealt with grammar)
- De rebus urbanis libri III
- De gente populi Romani libri IIII (cf. Augustine, 'De civitate dei' xxi. 8.)
- De sua vita libri III
- De familiis troianis
- De Antiquitate Litterarum libri II (addressed to the tragic poet Lucius Accius; it's therefore one of his earliest writings)
- De Origine Linguae Latinae libri III (addressed to Pompey; cf. Augustine, 'De civitate dei' xxii. 28.)
- Περί Χαρακτήρων (in at least three books, on the formation of words)
- Quaestiones Plautinae libri V (containing interpretations of rare words found in the comedies of Plautus)
- De Similitudine Verborum libri III (on regularity in forms and words)
- De Utilitate Sermonis libri IIII (on the principle of anomaly or irregularity)
- De Sermone Latino libri V (?) (addressed to Marcellus, on orthography and the metres of poetry)
- De philosophia (cf. Augustine, 'De civitate dei' xix. 1.)
Most of the extant fragments of these works (mostly the grammatical works) can be found in the Goetz-Schoell edition of De Lingua Latina, p.199-242; in the collection of Wilmanns, p.170-223; and in that of Funaioli, p.179-371.
المصادر
- محمد الزين. "ڤارو (ماركوس ترنتيوس -)". الموسوعة العربية.
وصلات خارجية
كتابات ڤارو نفسه
- de Re Rustica (Latin and English at LacusCurtius)
- de Re Rustica (باللاتينية)
مواد ثانوية
- Persondata templates without short description parameter
- مواليد 116 ق.م.
- وفيات 27 ق.م.
- موسوعيون
- كتابات زراعية يونانية-رومانية
- كتاب لاتينية العصر الذهبي
- كتاب اللغة اللاتينية
- كتاب رومان قدماء
- Ancient Roman scholars of religion
- جنود رومان قدماء
- لغويون قدماء
- Ancient Roman antiquarians
- مربو نحل
- رومان القرن الأول ق.م.
- طلبة في أثينا بالعصر الروماني
- أشخاص من رييتي
- حاصلون على عفو روماني قديم