فن القدود الحلبية
القدود الحلبية من الفنون الموسيقية السورية الأصيلة التي اشتهرت بها مدينة حلب منذ القدم ، وعرفت القدود منذ زمن القس السرياني مار افرام 306 م الذي دعى الناس وعمل على ترغيبهم للحضور إلى الكنيسة وادراج الالحان الدينية التي يألفوها الناس في طقوس يوم الاحد ومن ضمنها كانت انطلاقة القدود وكما هو معروف قدود القس مارافرام في الكنيسة السريانية هي اقدم القدود في حلب .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حلب والموسيقى
عرف عن أهل حلب وسكانها زمان بعد زمان اهتمامهم بالموسيقى وفنونها فمنذ القدم كان لمدينة حلب شأن كبير بفنون الموسيقى واحتلت مساحة كبيرة من حياة أهلها ، لذلك استحقت عن جدارة ان يطلق عليها عاصمة الموسيقى ، وقد كان أهم كتاب في الغناء لمدينة حلب نصيب كبير منه وقدم إلى أميرها سيف الدولة وهو كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني ، كما انجز الفيلسوف الفارابي كتابة الموسيقة الكبير في مدينة حلب ، وعرف الكثير من الموسيقيين من الأساتذة الكبار في حلب وخرجت من حلب الوان الموسيقى العربية .
وفي العصر الحديث كانت حلب مركزا ومدينة اختبار وامتحان لكبار رواد الموسيقى والغناء في عالمنا العربي مثل بديعة مصابني ، عبده الحامولي ، سيد درويش ، سيد السفطي ، سلامة حجازي ، محمد عبدالوهاب ، كارم محمود ، نور الهدى ، سعاد محمد والكثير غيرهم من سوريا ومصر . واخذ الملحنيين والموسيقيين من فنون حلب الكثير الكثير من أشهر المواويل والاغاني وانواع الموسيقى .
أنواع القدود
- القد الشعبي وهو عبارة عن منظومات غنائية متوارثة عن الأجداد، والقسم الأكبر منه لا يُعرف كاتبه أو ملحنه.
- القد الموشح وعادة يكون مبنياً على نظام الموشح القديم من حيث الشكل الفني وبصياغة جديدة، وله ثلاثة مصادر:
- الموشحات والأناشيد الدينية المتداولة في الموالد والأذكار.
- الأغاني الشعبية والفولكلورية والتراثية
- الأغاني والموشحات الأعجمية التركية والفارسية على وجه الخصوص.
القدود في اللغة
القد في اللغة هو القامة والمقدار واصطلاحآ هو ان تصنع شيء على مقدار شيء ، وشيء على قد شيء في الايقاع والموسيقى وما يوافقهم ، وفي القد .. قد تتماثل القافيتان وحرف الروي في المجمل وهذا هو القدفي أحد معانية ، اما القد الحلبي او القدود الحلبية فلها معنى اخر ، فيقال ان القد و الموشح متجانسان ومتشابهان لكن القد نوع موسيقى وغناء يختلف عن الموشح ( المشهور في حلب كذلك ) وهو أكثر تقصيدآ والموشح أمتن تأليفآ وأعلى صنعة وأشد ترابط وأبسط واسهل من حيث ايقاعاته ، هذا من الناحية الموسيقية واللحنية ، اما من حيث النص الشعري فالقدود والموشحات صنوان ، وانت تتابع وتستمع لكلاهما ترى شعرآ رائع الألفاظ رفيع المعاني جميل المحتوى ، وقد برع عدد كبير من شعراء القدود في دمشق وحلب وبعض المدن والمناطق في سوريا .
مشاهير القدود الحلبية
- الشيخ عبد الغني النابلسي - الدمشقي توفي عام 1143 هجري
- الشيخ عمر اليافي - المتوفي سنة 1233 هجري
- الشيخ يوسف القرلقلي توفى سنة 1251 هجري
- الشيخ امين الجندي
- الشيخ أبو الهدى الصيادي المتوفي سنة 1327 هجري
- محمد النشار المتوفي سنة 1328 هجري
- أم محمد التلاوية توفيت عام 1335 هجري
- محمد الدرويش
- محمد خيري
- شاكر الحمصي
- الشيخ عيسى البيانوني
- أبو أحمد اسكيف توفى سنة 1371 هجري
- حمام خيري
- جمال الدين ملص
- حسن حساني
- بكري رجب
- رضا الأيوبي
- خالد ترمانيني
- صباح فخري
- صبري مدلل
- شادي جميل
صبري المدلل
"حين تصغي إلى غنائه، تحسبه تغريداً؛ إذ إنّ فيه من الإحساس باللحن ما يجعلك تحلّق رغم أنه أوتي صوتاً كامل الرجولة، واجتماع للقوة والمساحة والحسّ في صوت واحد يعدُ من النوادر"، هكذا وصف أحدهم صوت المنشد والفنان صبري مدلل الذي ولد في حلب عام 1918 من عائلة ملتزمة، وكان أبوه يصطحبه معه للمساجد وحلقات العلم.
في البدايات كان صبري تلميذًا في المسجد ليكتشف شيخه صوته الرخيم في تلاوة القرآن مما استدعى الشيخ بأن يسمح له الصعود للمأذنة ويطلق أذان الظهر من كل يوم، تتلمذ المدلل فنيًّا بمدرسة الشيخ عمر البطش الذي اشتهر بألحانه وموشحاته، وتعلّم منه أصول الغناء والتقاسيم، وعلوم الأوزان والمقامات وصار يأخذه معه إلى الحفلات الغنائية، للمشاركة بها، حتى صار المدلل يمسك الحفلات ويقودها.
ذاع صيت المدلل في مدينة حلب بجمال صوته وأدائه الفريد، حتى افتتحت إذاعة حلب ليذهب إليها ويكون له مكانًا بين أهل الطرب وأداء الفقرات فيها، إلا ان اختلاطه بالفنانات جعل أبوه غير راضٍ عن عمله، حينها لبّى صبري دعوة أبيه بترك الإذاعة، والتفت لتأسيس فرق الإنشاد والابتهالات الدينية، وأصبحت فرقته من أكثر الفرق شهرةً على مستوى سوريا، وأجرت العديد من الحفلات على مستوى العالم، توفي المدلل عام 2006 تاركًا تاريخًا من فخامة الصوت وحُسن الأداء.
صباح فخري
ولد صباح الدين أبو قوس في مدينة حلب عام 1933 في أسرة ملتزمة وأبوه قارئ للقرآن ومنشد، واكتسب لقبه الفني من الزعيم السوري فخري البارودي الذي دعاه للبقاء في سوريا وعدم السفر منها. درس صباح في أكاديمية الموسيقا العربية في حلب وانتقل إلى فرع الأكاديمية في دمشق، وتخرج من المعهد الموسيقي الشرقي عام 1948، ليكون قد أتمّ دراسة الموشحات والإيقاعات والعزف على العود، كان فخري في صغره مؤذنًا في جامع الروضة في حلب.
وكما المدلل فقد تتلمذ فخري على يد الشيخ عمر البطش، بالإضافة إلى الشيخ علي درويش، ومحمد رجب وعزيز غنام، وكانت أول عروضه الهامة في القصر الرئاسي السوري في عهد الرئيس شكري القوتلي، حاز صباح على شهرةٍ واسعة في العالم العربي، غنى فخري العديد من أغاني حلب التقليدية، والمأخوذة كلماتها من قصائد لشعراء قدماء.
قال الموسيقار محمد عبد الوهاب للمطرب الحلبي "مثلك بلغ القمة، ولا يوجد ما أعطيك إياه"، ومنح فخري جوائز عدّة كما أنه غنّى في عدّة أماكن مهمة كقاعة جائزة نوبل في السويد، وقاعة بيتهوفين في مدينة بون الألمانية، ودخل موسوعة جينيس كأطول وصلة غنائية تواصلت لمدة ساعات، في العاصمة الفنزويلية كاراكاس، ويعرف عن فخري عن تفاعله مع جمهوره بالرقص والحركات، ويقول فخري ، "الجمهور يلعب دورًا أساسيًا في إخراج القدرة الإبداعية لدى المؤدي".
من أشهر أغانيه:يا حادي العيس، ومالك يا حلوة مالك، وخمرة الحب، وقدّك المياس، ويا مال الشام، وابعتلي جواب.
أديب الدايخ
"راهب العشاق" و"زرياب" و"مطرب الملوك"، هذه ألقاب أطلقت على المطرب أديب الدايخ الذي ولد في حلب عام 1938، تعلم الدايخ من أبيه أصول الكلام والحفظ و القراءات السبع للقرآن الكريم بالإضافة إلى المراتب والتلاوة، إذ أن أبوه هو المقرئ محمد الدايخ الذي اكتشف موهبة صوت ابنه فدفعه لحفظ القصائد العربية القديمة التي تتناسب مع موهبته.
يقول الدايخ عن نفسه: "منذ الطفولة وأنا متعمق في القصائد الصوفية والغزلية وقد دعيت إلى إحياء حفلات القرآن على الرغم من صغر سني وضعف بنيتي آنذاك، فقد كانوا يضعون تحتي وسادتين حتى أبرز فوق المنصة وقد تمكنت من إبراز موهبتي إلى درجة اعتباري أعجوبة مدينة حلب".
حفظ الدايخ ما يقرب من 10 آلاف بيت من الشعر، من العصر الجاهلي والأموي والعباسي، وحتى بعض الشعراء المعاصرين، يقول الشاعر اللبناني الشهير جورج جرداق متحدثًا عن صوت الدايخ: "صوت قادم من عمق الصحراء العربية، يستحضر قوة أداء زرياب والفارابي وكل أساطين الغناء في التاريخ العربي، ولذلك كانت مهارته تظهر عندما كان ينشد منفردًا أي بدون مصاحبة آلات موسيقية".
والتزم الدايخ في غناء القصيدة ذات المعاني السامية وتعلّق بنغمة الحجاز، ويقال عنه "أنه يمتلك مساحة صوتية تغطي ثلاث أوكتافات، وكان من الذين يستطيعون الانتقال من النغمة المرتفعة الحادة إلى المنخفضة وهذا نادر من نوعه كما عرف عنه انتقاله من مقام إلى آخر ببراعة فائقة"، توفي الدايخ في عام 2001، وكانت آخر حفلاته في معرض دمشق الدولي.[1]
قدود وفنون حلبية شاعت واشتهرت
في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين اضاف الحلبيون إلى تراثهم الموسيقي الغني جدآ اضافوا أغاني شاعت ، وأساليب غناء تطورت وعرفت من ضمن الوان الغناء العربي مثل القدود و الموشحات و الموال و الطقطوقة التي تطورت بعد ذلك على يد سيد درويش و احمد صبري و محمد القصبجي ورياض السنباطي وداود حسني وزكريا احمد ، ويعتبر الشيخ عمر البطش - 1885 - 1950 م من أهم من لحن الموشحات وكان من منشدي الزوايا الهلالية في حلب وقد اجتمع وتعلم على يديه مشاهير المطربين والملحنين والموسيقيين مثل صبري مدلل و عبدالقادر الحجار و بهجت حسان و صبري الحريري ومن التلاميذ بعد ذلك محمد خيري جليلاتي و عبدالرحمن عطية .
احياء التراث
في 16 ديسمبر 2021، أدرجت منظمة اليونسكو، صناعة الناعور التقليدية في العراق والقدود الحلبية السورية ضمن قائمتها للتراث الثقافي غير المادي، وقالت اليونسكو عبر صفحتها الرسمية بفيس بوك "إدراج جديد فى قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي.. المهارات والفنون الحرفية التقليدية لصناعة الناعور، مبارك العراق"، كما نشرت عبر صفحتها أيضاً "أدرجت القدود الحلبية في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي.. مبارك سوريا".[2]
والناعور هي عجلة خشبية تدور حول محورها، يتم استخدامها على مجاري نهر الفرات بالعراق، حيث يكون منسوب المياه أقل من الحقول المجاورة، من أجل رفع مياه النهر إلى الحقول. تتكون العجلة من أربعة وعشرين عمودًا من العصي الخشبية وأربعة وعشرين إبريقًا من الفخار ملحقة بالمحيط الخارجي بحبال من سعف النخيل، يتراوح قطرها بين 8 إلى 12 متراً، ويتم تثبيت العجلة عمودياً بين قاعدتين حجريتين على مجاري النهر، وفقا للموقع الرسمي لليونسكو. وعندما يتسبب التيار فى دوران العجلة، تجمع الأباريق الماء من النهر، وتحمل المياه إلى أعلى العجلة، وتصبها فى الممرات المائية المؤدية إلى الحقول، يتميز يوم تصاعد الناعور بالاحتفالات، بما فى ذلك عروض الشعر والغناء والرقص. وفي الآونة الأخيرة، تم استخدام الطاقة التي تنتجها عجلة الناور لتوليد الكهرباء وتشغيل طواحين المياه المستخدمة لطحن الحبوب للحصول على الدقيق.
أما القدود الحلبية فهي شكل من أشكال الموسيقى التقليدية في حلب مع لحن ثابت، تُغنى لأغراض دينية وترفيهية، وتختلف الكلمات حسب نوع الحدث، ويمكن للمطربين المتمرسين ارتجال كلماتهم وفقًا لما يحدث حولهم، من المعروف أنهم يستخدمون غناءً عميقًا ويصلون إلى الذروة أثناء الإمساك بملاحظة طويلة أو تكرار عبارة، وإرسال جماهيرهم إلى ما يشار إليه باسم الطرب أو الابتهاج.
مرئيات
القدود الحلبية، صباح فخري. |
- ^ "القدود الحلبية.. النشأة والمسيرة وأبرز الرواد".
- ^ "إدراج صناعة الناعور العراقية والقدود الحلبية بقائمة التراث غير المادى". جريدة اليوم السابع. 2021-12-16. Retrieved 2021-12-16.