قاطع الحمة
قاطع الحمة أو الحمة السورية، هي بلدة تقع في أقصى جنوبي مرتفعات الجولان، على الحدود السورية. وتعتبر من أشهر الوجهات السياحية بالمنطقة حيث تشتهر بالينابيع والمياه الكبريتية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الموقع
تقع الحمة على مثلث الحدود السورية-الأردنية-الفلسطينية، ويقابلها حمة أخرى على الحدود الأردنية. وتطل على نهر اليرموك عند مخاضة زور كنعان، على انخفاض 156 متراً عن سطح البحر. وهي محطة من محطات سكة حديد درعا ـ سمخ تاريخياً.
تتألف من مدينة سياحية صغيرة ومنتجع صحي، إضافة إلى الأراضي الزراعية التي تتبع لها، فضلاً عن بعض القرى مثل: التوافيق، الحاوي، الروض الأحمر، روض القطف، البرج، الدوكا، الكرسي، قطوف الشيخ علي.
التاريخ
التاريخ القديم
كانت الحمة في العهد الروماني من اعمال مقاطعة أم قيس Gadara عرفت باسم اماتا Emmatha، وقد ذكرها المؤرخ والجغرافي الروماني استرابو الذي عصا يوليوس قيصر، كما ذكرها غيره من كتبة اليونان.[1]
التاريخ الحديث
في أوائل القرن العشرين مرت فرنسيس املي نيوتن الإنگليزية بهذه الحمامات وذكرتها بقولها: "انحدرنا إلى بحر الجليل مروراً بطبرية، وخيمنا بوادي اليرموك، بين ينابيع الحمة المتدفقة بجانب النهر، وقد عبق الجو بالأبخرة الكبريتية. وفي هذا الغور تمر السكة الحديد الى درعا بانفاقها السبعة وجسورها الخمسة عشر، تذكّر راكب القطار بالسكك الجبلية في الديار السويسرية. وهذه الينابيع المعدنية، الاشبه، اليوم، بمثل سبا من المصاح الاوروبية، كانت يومذاك بؤرة من البرك، ازرقت امواهها. وهي ينابيع عدة، باردة، وحارة، بعضها يغلي فيقلي. وقد ألفها العرب جيدا، وعرفوها عيناً عيناً: فتلك للامراض الجلدية، وهاتيك للأدواء العصبية، واخرى للحبل، أي للعون على أحداثه".
منحت الحكومة الإنگليزية المنتدبة امتيازات منطقة الحمة إلى "سليمان ناصيف (من مواليد بلدة المختارة اللبنانية) بدءً من عام 1936 وحتى 2029. وقد فشلت جميع الجهود التي بذلها اليهود لشراء هذا الامتياز منه. وقد ادخل المرحوم تحسينات جمة على الحمامات، فشق الشوارع وغرس الاشجار وبنى الفيلات.
قليلون يعرفون ان الحمامات المعدنية الموجودة في الحِمّة عند ملتقى الحدود الإسرائيلية والسورية والأردنية هي استثمار لرجل الأعمال والوجيه اللبناني المعروف سليمان بك ناصيف. فبعد أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها وبدأت بتقسيم انتصاراتها فكانت فلسطين من نصيب الحكومة البريطانية وانتشر الشباب اللبناني المثقف في كافة أنحاء البلاد الخاضعة للحكم البريطاني طمعاً بالوظائف والمراكز الحكومية فكنت ترى العديد من اللبنانيين في الاردن والسعودية ومصر وفلسطين.
وكان من نصيب السيد سليمان بك ناصيف ان يعمل موظفاً كبيراً ومسؤولاً انتقل من مصر الى حيفا ثم طبريا وبيسان. وبحكم علمه إطّلع على كل كبيرة وصغيرة في البلاد فقرر الإستقالة من عمله في الحكومة سنة 1929 وفكر بإقامة مشروع كي يضمن له مستقبلاً حرّاً. فدعا عدداً من المهندسين والإقتصاديين للتشاور. وبعد ان عزم على إقامة مشروع الحِمّة المشهورة بمياهها المعدنية والواقعة بين مثلث الحدود: سوريا ، الاردن وفلسطين. وبما انه كان صاحب مركز حكومي بريطاني، كان سهلاً عليه بأن يحصل على إذن من المسؤولين في الأردن وفلسطين. وبما انه من مواليد بلدة المختارة عاصمة العائلة الجنبلاطية في لبنان فقد سهّل عليه موافقة الحكومة الفرنسية. وابتدأ في إقامة المشروع سنة 1930 .
ولكنه واجه صعوبات جمّة من البدو الموجودين في المنطقة وبدأوا يهاجمون منشآت الشركة ويريدون العمل بالقوة . فتوجّه السيد سليمان بك ناصيف الى حيفا طالباً من الدوائر الحكومية مساعدته بالحراسة ولكن لم يستطع الحراس ردّهم. فكلّف السيد نجيب ابو عز الدين من بلدة العبادية في لبنان ان يكون مساعده ومدير أعماله. وعندما رأى السيد نجيب أبو عز الدين بأن الشركة محاطة بمئات البدو فقرر إستدعاء السيد اديب البعيني من بلدة مزرعة الشوف بلبنان ليكون مديراً للأمن في الحمة. وكان السيد اديب البعيني مشهوراً بقوة بأسه لا يخاف الموت ، جباراً، عملاقاً ، مخلصاً، كريماً، شجاعاً لدرجة الجنون. فنظّم الحراسة وأبعد المتطفّلين والمعتدين. وهدأت الحالة وابتدأ العمل واصبح المشروع يستقبل مئات الزوّار يومياً. وبعد ما يزيد عن عشر سنوات طلبه رئيس الجمهورية اللبنانية ، بشارة الخوري وعيًن أديب قائداً للحرس الوطني في بشامون.
مليون جنيه استرليني. نعتقد انه ثمن معقول. الحمة ليست للبيع. اعتقدوا ان الرفض مناورة لرفع السعر. فتحوا يدهم أكثر، وناولوه شيكاً على بياض: ــ تفضل، حدد السعر الذي تريد. أخذ سليمان ناصيف الشيك بهدوء وكتب عليه: "أرض الحمة ليست للبيع. انها عربية وستبقى عربية". ثار برنارد جوزف وقال بنرفزة: "ما دمت كذلك، لا بد أن نأخذها يوماً، بالقوة". حصل هذا ذات يوم قبل نيف وخمسين عاماً، "اعتقد انه أحد أيام 1946" تقول وداد سعيد ناصيف. أي قبل 21 عاماً من احتلال اسرائيل لمثلث الحمة السوري في عدوان 5 حزيران يونيو 1967. وذلك عندما جاء وفد يهودي الى عمها لأبيها سليمان بك ناصيف ليفاوضه في شراء امتياز "شركة ينابيع الحمة المعدنية المحدودة" لكن عمي رفض. فاوضوه لشراء بعض أسهم الامتياز وأيضاً عمي رفض". تضيف: "الدكتور بولس طويل كان طبيب مستوصف الحمة قال لعمي يومها انه بهذا المبلغ الضخم يستطيع ان يعيش حياة رغيدة في أي مكان من العالم وسمى له سويسرا مثلاً. وأن العديدين باعوا وراح يعرض أمامه أسماء شخصيات ووجهاء وتجار وزعماء ممن باعوا اراضيهم في فلسطين. لكن عمي أدار أذنه لهذا الكلام كله وردّ: "إن هذه البرك عربية وستبقى عربية الى الأبد".
وكان إبن المختـارة سليمـان بك ناصيف أميرالاي حرب في الجيش العثماني وأحد قادة الجيش المصري الذين عملوا في السودان، قبل أن يعين مستشاراً لدى حكومة الانتداب الانكليزي على فلسطين. وحصل على "امتياز" الحمة بعد ان اكتشف مصادفة برك وينابيع الحمة المعدنية وهو في طـريـق على قطار خط الحديد الحجازي الذي يمر وسط منطقة الحمة. اذ لفته تصاعد البخار من بين الأشجار الكثيفة التي كانت تغـطـي المنطقة. فنزل أرض الحمة ليجد بعض البدو فسألهم عن مصدر البخار المتصاعد. قالوا له ان مصدره برك وينابيع المياه الساخنة في الحمة. وكان الوصول الى تلك البرك والينابيع محفوفاً بالصعاب والمخاطر، نظراً لانتشار الحيوانات المفترسة والأفاعي ومختلف الحشرات والقوارض. فسعى للحصول على "امتياز" من حكومة الانتداب لانشاء مشروع سياحي في المنطقة فتم ذلك ولكن لعدة سنوات فقط.
يقال انه استقدم عمالاً مصريين لتنظيف المنطقة وتنفيذ المشروع كما استخدم القطط والكلاب للقضاء على الأفاعي والحشرات والقوارض المنتشرة في المنطقة. الا ان الفترة المتفق عليها انقضت قبل ان ينتهي المشروع الذي سرعان ما اتضحت أهميته وقيمته وجدواه الاقتصادية، الأمر الذي دفعه للمطالبة بعقد اتفاق مع حكومة الانتداب لأمد طويل. وحصل فعلاً على امتياز لمدة 99 سنة. وأنشأ لهذه الغاية شركة محدودة المسؤولية سجلها في فلسطين بموجب قوانين الشركات لسنة 1929 ــ 1936، وذلك برأسمال قدره 200 ألف جنيه فلسطيني مقسوم الى 196000 سهم ممتاز قيمة كل منها جنيه فلسطيني وأربعة آلاف سهم تأسيسي قيمة كل منها أيضاً جنيه فلسطيني واحد.
وفي تفسير لموافقة الانكليز على اعطاء العرب هذا الامتياز وسط تزايد الهجمة الصهيونية على الحصول على المشاريع الحيوية في فلسطين استعداداً لقيام "دولة اسرائيل"، يقال ان الانكليز اعطوا امتياز الحمة للعرب مقابل اعطاء "امتياز" شركة كهرباء روتنبرغ لليهود. ومع ذلك لم تتوقف المساعي الصهيونية المحمومة لشراء امتياز الحمة. فما حصل عام 46 تكرر عام 48 وعام 49 بوساطة بعض ضباط الهدنة. "وكان الرفض الحازم مصير هذه المحاولات جميعاً"، على حد قول السيد هاني الزريني عضو مجلس ادارة الشركة والمفتش فيها.
حمامات الحمة
لقد أقام سليمان ناصيف في الحمة العديد من المنشآت السياحية، مما حولها الى منتجع سياحي يغص بالزائرين خلال موسم الشتاء الذي يبدأ من أواخر تشرين الأول اكتوبر كل سنة حتى منتصف نيسان ابريل من السنة التالية. ومن المنشآت التي أقيمت، يضيف السيد هاني الزريني: "تمت إقامة حوالى 30 فيلا و250 غرفة مفروشة تشتمل كل منها على مطبخ وحمام، اضافة الى فندق سياحي من طابقين يتألف من حوالى 50 غرفة. وعندما تمتلئ الغرف والفيلات والفندق بالوافدين كان يجري نصب الخيم لاستقبال المزيد منهم". وخلال هذا الموسم كانت المنطقة تتـحـول الـى سـوق تجارية بكل معنى الكلمة، اذ تنتشر البسطات والباعة المتجولون لمختلـف انواع المأكولات من الأجبان والألبان والعسل والقشطة والزبدة والدجاج واللحوم والأسماك والفواكه والخضار على أنواعها.
وما كان يعطي للحمة اهمية استثنائية اضافية هو وقوعها عند زاوية تلتقي فيها أراضي كل من سورية وفلسطين والأردن، فهي تقع في منطقة وسط بين نهر اليرموك الذي يمر جنوبها ويفصلها عن جبال الأردن، ومن الجهة الشمالية الشرقية تتصل بالأراضي السورية بمرتفعات متدرجة نحو الأعلى حيث الجولان، ومن الجنوب الغربي أيضاً سورية التي تفصلها عن بحيرة طبريا بحوالى عشرة كيلومترات. والطريق الى الحمة قبل العام 1948 من داخل فلسطين كانت معبدة. أما الطريق عبر الجولان تم تعبيدها بعد العام 1948. وشقت من قبل الجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية بهدف مهاجمة قوات فيشي الفرنسية التي كانت تحتل سورية آنذاك. واستخدمها الجيش السوري في حرب 1948 خلال هجومه على منطقة جنوب شرقي بحيرة طبريا. وهكذا كان الوصول الى الحمة قبل العام 1948 يتم عبر الطرق التي تؤدي اليها من الداخل الفلسطيني. وبعد العام 1948 صار الوصول اليها يتم عن طريق الجولان ــ القنيطرة ــ فيق، وذلك حتى العام 1967 تاريخ احتلال الحمة مع احتلال اسرائيل لمرتفعات الجولان السورية خلال عدوان 5 حزيران يونيو.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حرب 1948
وفي 15 مايو 1948 دخلت القوات العربية السورية منطقة الحمة والمواقع المحيطة بها، خاصة في بلدة كفرحارب، بينما سيطرت القوات الإسرائيلية على الأجزاء من المناطق المجردة من السلاح بلغت ضعف ما سيطرت علية القوات العربية السورية. احتلتها اسرائيل في عدوان حزيران العام 1967. وكانت الحمة تعتبر من المواقع ذات الجذب السياحي في سوريا، وشهدت أراضيها المعسكرات الدائمة لكشاف سوريا وفلسطين على امتداد العام الواحد. كما وشهدت أراضيها أيضاً بعد احتلالها معارك بطولية وعمليات فدائية نفذتها قوات فلسطينية من منظمة الصاعقة ومن حركة فتح، حيث وقعت معركة الحمة الأولى والثانية وأستشهد الملازم أول من حركة فتح الشهيد خالد أبو العلا في العام 1968، بعد أن استطاع مع مجموعته احتلال موقع عسكري إسرائيلي داخلها وإبادة من فيه.
حرب 1967
وتعتبر الحمة من المناطق الواقعة بين الخط الفاصل بين سوريا وفلسطين الانتدابية في الطرف الفلسطيني، ومن المناطق الواقعة إلى يمين خط 4 حزيران 1967 في الجانب السوري، وتقع إلى الجنوب الغربي بشكل يحاذي الشاطىء الجنوبي الشرقي لبحيرة طبريا، وهي تمتد شرقا على شكل بيضوي عند مثلث الحدود السورية – الأردنية – الفلسطينية، ويقع القسم الثاني منها ضمن الحدود الأردنية ملاصقا لبلدتي سمخ الفلسطينية والعدسية الأردنية. ينابيع الحمة الحارة هي: "المقلى- حمام سليم"، وقديماً كان يعرف باسم "حمة الشيخ" او "حمام الشيخ" ، "الريح"، "البلسم"، و"الجرب". والينابيع الثلاثة واقعة بين محطة السكة الحديدية وضفة نهر اليرموك اليمنى على ملتقى الحدود بين فلسطين وسورية وشرق الاردن. وتختلف عن ينابيع طبرية الحارة في انها تحتوي على نسبة من الكبريت اعلى كثيراً، بينما نسبة الملح الاعتيادي فيها اقل الى درجة كبيرة من تلك في ينابيع طبرية. وحرارة هذه الينابيع الثلاثة هي في نبع المقلى 47 درجة، وفي نبع الريح 35.8 درجة، وفي نبع البلسم 39.4. فمياه نبع المقلى يجب تبريدها قبل الاستحمام فيها، وهو اغزر هذه الينابيع الثلاثة، اذ انه يفرغ نحو 3.4 المتر المكعب في الثانية، وهذا يفوق بأضعاف الينابيع الحارة في طبرية ايضاً، ومع ان هذه الينابيع كانت مستعملة كثيراً في زمن اليونانيين والرومانيين، تدلنا على ذلك الحفريات الاخيرة وذكرها في الكتب التاريخية، فانها هجرت ولم يعد يزورها الا القبائل الرحل زيارات سنوية ليستفيدوا من خاصيتها. حمامات الحمة المعدنية الحارة تُشفي الأمراض العصبية الحادة والمزمنة وعرق الانس(النسا) والأمراض الجلدية عموماً بما فيها القروح المزمنة والبواسير والجذام واللبوس وأمراض الحمى الكلوي والرمل وأكثر أمراض الرحم والمعدة مع تقوية الأعصاب والجسم عموماً. وجوهرة الراديوم الموجودة بكثرة في هذه الينابيع التي لا مثيل لها هي العامل الأكبر لسرعة شفاء هذه الأمراض.
الاشعاع "الراديومي" ينبعث من مياه الحمة، ومصدر هذا الاشعاع "الاورانيوم" او غيره من العناصر المشعة. والاورانيوم معدن ابيض فضي، فهو واملاحه، والمواد الخام التي توجد فيها، تبعث اشعة تمكن من اختراق الورق الاسود. ويستفاد من الاورانيوم في صنع سبائك فولاذية ذات صفات خاصة، وفي صناعة بعض انواع الزجاج ودهان الاواني الخزفية الملونة. كما ان الارقام على ميناء الساعة تحتوي على بعض الاورانيوم المشع ليصبع بالامكان مشاهدتها في الظلام. ولما ظهرت فوائد الاورانيوم في تحقيق القنبلة الذرية كثر الطلب عليه، واخذ المنقبون يبحثون عن مناجمه، فليس من المستبعد ان يكون هذا المعدن موجوداً بكثرة في منطقة الحمة.
للحمة أراض مساحتها 10700 دونماً، منها 382 للطرق والوديان. كان في الحمة في عام 1931 م 172 نسمة. وفي عام 1945 م ارتفع العدد الى 290. والحمة موقع اثري قديم يحتوي على موقع قديم، قسم منه تل انقاض، انقاض مسرح، أنقاض حمامات، وكنيس ارضه مرصوفة بالفسيفساء، مبان، مدافن، اعمدة، قواعد اعمدة، تيجان اعمدة، ومزار واحد. فيها مواقع أثرية عديدة منها: خربة الدوير: تحتوي على تل انقاض، أساسات، وجدران قلعة متهدمة من البازلت (حجر بركان)، شقف فخار، وأدوات صوانية على سطح الأرض. خربة ابو كبير: تقع في الغرب من خربة الدوير. تحتوي على اساسات مبنية بحجارة ضخمة، شظايا صوان. أبو النمل: تقع في الغرب من خربة أبو كبير، وتعرف ايضاً باسم "ابو نار"، تحتوي على تل انقاض صغير، جدران من الدبش، آثار طريق قديم يمتد من الشرق الى الغرب.
وتعتبر الحمة من المناطق الواقعة بين الخط الفاصل بين سوريا وفلسطين الانتدابية في الطرف الفلسطيني، ومن المناطق الواقعة إلى يمين خط 4 حزيران 1967 في الجانب السوري، وتقع إلى الجنوب الغربي بشكل يحاذي الشاطىء الجنوبي الشرقي لبحيرة طبريا، وهي تمتد شرقا على شكل بيضوي عند مثلث الحدود السورية – الأردنية – الفلسطينية، ويقع القسم الثاني منها ضمن الحدود الأردنية ملاصقا لبلدتي سمخ الفلسطينية والعدسية الأردنية. ينابيع الحمة الحارة هي: "المقلى- حمام سليم"، وقديماً كان يعرف باسم "حمة الشيخ" او "حمام الشيخ" ، "الريح"، "البلسم"، و"الجرب". والينابيع الثلاثة واقعة بين محطة السكة الحديدية وضفة نهر اليرموك اليمنى على ملتقى الحدود بين فلسطين وسورية وشرق الاردن. وتختلف عن ينابيع طبرية الحارة في انها تحتوي على نسبة من الكبريت اعلى كثيراً، بينما نسبة الملح الاعتيادي فيها اقل الى درجة كبيرة من تلك في ينابيع طبرية. وحرارة هذه الينابيع الثلاثة هي في نبع المقلى 47 درجة، وفي نبع الريح 35.8 درجة، وفي نبع البلسم 39.4. فمياه نبع المقلى يجب تبريدها قبل الاستحمام فيها، وهو اغزر هذه الينابيع الثلاثة، اذ انه يفرغ نحو 3.4 المتر المكعب في الثانية، وهذا يفوق بأضعاف الينابيع الحارة في طبرية ايضاً، ومع ان هذه الينابيع كانت مستعملة كثيراً في زمن اليونانيين والرومانيين، تدلنا على ذلك الحفريات الاخيرة وذكرها في الكتب التاريخية، فانها هجرت ولم يعد يزورها الا القبائل الرحل زيارات سنوية ليستفيدوا من خاصيتها.
الاستيلاء على الحمة
احتلت اسرائيل الحمة في العاشر من حزيران 1967 ولم يكن في القرية سوى شخصين فيها . بعد ان هرب منها الضباط والجنود السورين ومعهم كافة المزارعين والعمال الذين عملوا في الحمة، وبلغ عددهم المئات . والشخصين المتبقين فيها كانا ابن الشيخ سليمان ناصيف صاحب فندق وشركة حمامات الحمة وينابيعها وزوجته وداد سعيد ناصيف " ختيارة القنيطرة " الذي بقى يدير اعماله من داخل الحمه، وخلال التحقيق معه قال ان الحمة كانت تستقبل المئات من الزوار العرب بهدف الاستجمام وكذلك خبراء عسكريون روس وسوريون ومن المانيا الشرقية، وكان هناك داخل الفندق نادي صغير خُصص من اجلهم ولاجل راحتهم وادخال البهجة في نفوسهم كما كان يطلب قادة الجيش السوري. وتم طرد الابن والزوجة بمرافقة رجل الاعمال الاسرائيلي" زءيف سبير" الذي ادعى احقيته في املاك الشيخ ناصيف، وقدم اوراق مزورة يدعى فيها الشراكة مع الشيخ سليمان ناصيف، وحطوا في مدينة القنيطرة. حيث بقيت وداد ناصيف في المدينة ورفضت الخروج منها حتى اعادتها الى سوريا في اتفاقيات الفصل عام 1974.
هذه المنطقة الاستراتيجية والمتميزة بوفرة المياه اضافة الى كون هذه المياه معدنية وكبريتية ودافئة التي يمكن ان تحتوي على مادة اليورانيوم وتستخدم في الأبحاث الذرية. هذه المزايا والعوامل ضاعفت من أطماع اسرائيل في الحمة وتدفعها اليوم الى التمسك بها والسعي الى ابقائها ضمن دائرة احتلالها وعدم الانسحاب منها كونها تقع ضمن أراضي وحدود 4 حزيران العربية السورية حتى في حال تم الانسحاب من الجولان. وهذا ما دفع باسرائيل الى اعتبارها نقطة خلاف مع الجانب السوري ومطالبته بالانسحاب الكامل حتى حدود 4 حزيران بما في ذلك الانسحاب من منطقة الحمة نفسها.
ويذكر ان اسرائيل انشأت بعد احتلال الحمة شركة اطلق عليها اسم "حمة جيدر"عام 1977 وهي شركة خاصة تملكها مستوطنات "مفو حمة" و"كفار حاروب" و"ميتسر وافيك" بمساحة 150 دونم تضم : المسابح والحمامات والفندق والمطاعم ومركز استشفاء حديقة التماسيح وحديقة الحيوان، وتستقبل حوالي 600 الف زائر سنوياً. وان هذه الشركـة اعلنت عن نيتها استثمار 100 مليون شاقل في تطوير منتجع الحمة وتوسيعه. ويزعم مدير الشركة روني لوتن "ان الحمة تقع داخل الحدود الدولية لفلسطين كما حددتها الأمم المتحدة في العام 1948". وهذا ما حمله وممثلي الشركة على الاقتناع بأن الحكومة الاسرائيلية لن تعيد منطـقـة الحمة الى سورية. وذلك على حد ما جاء في كتاب "لا أحد يشرب" للدكتور طارق المجذوب صفحة 107.
وسياسة اسرائيل الراهنة تجاه الحمة كان لها ما سبقهـا قبل حصول الاحتلال. ولعل سياسة الإغراء بعرض أسعار خيالية للمنطقة ومحاولة شرائها التي اصطدمت بإصرار سليمان ناصيف على التمسك بها وعدم التخلي عنها مهما كان الثمن لم تكن بلا بديل، اذ لجأت في العام 1951 للاستيلاء على هذه المنطقة الحيوية بالقوة في معركة الحمة الشهيرة. وقائع هذه المعركة يرويها المقدم المتقاعد في الجيش السوري حسن أبو رقبة الذي كان مسؤولاً عن القطاع الجنوبي للجبهة الذي يشمل من الناحية التعبوية منطقة الحمة وذلك حتى العام 1958 يقول: "عصر أحد ايام شتاء 1951 تحركت قوة مدرعة اسرائيلية مؤلفة من سبع مصفحات وسيارات نقل جنود على طريق سمخ ــ مخفر الحاصل ــ الحمة، فتصدى لها قائد الحرس الوطـني في الحمـة الضـابـط رشيد جربوع الذي كان يتقـن اللغة العبرية وموجود مصادفة في مخفر الحاصل المرتفع، رفض السماح للقوة بالتقدم متعللاً بمحاولة أخذ موافقة قيـادته. وهنـا سمـع قائد القوة الاسرائيلية يبلغ قيادته بالعبرية عبر اللاسلكي بوجود محاولة لمنعه من التقدم وباعتـزامه اقـتحام المخفر ومواصلة التقدم لاحتلال الحمة. عندها بادر الضابط رشيد جربوع باعطاء الأوامر الى قواته المحدودة المستنفرة بفتح النار وبمختلف الأسلحة المتوافرة على القوة المهاجمة. كما اتصل هاتفياً بالمخافر السورية القريبة وطالبها بالاشتراك فوراً باطلاق النار، ما أوقع اصابات كثيرة في القوة المهاجمة وتم اعطاب اربع مصفحات. فارتبك العدو واضطر للانسحاب جاراً العربات المصفحة المعطوبة وحاملاً قتلاه الذين بلغ عددهم على ما أذكر 11 قتيلاً عدا الجرحى. فيما لاحقته نيران المدافعين عن المنطقة حتى عادت قواته الى نقاط انطلاقها. وسارع الضابط جربوع الى ابلاغ قيادته تفاصيل ما حدث طالباً المبادرة الى اخلاء مئات الزوار الذين كانوا في الحمة آنذاك، وذلك تجنباً لما قد تتعرض له المنطقة بكاملها من اعتداءات وأعمال قصف انتقامية. وتم فعلاً اجلاء هؤلاء الزوار ليلاً وبواسطة القطار الى دمشق والقنيطرة، والى الأردن بواسطة الزوارق على نهر الشريعة. وفي اليوم التالي صح ما توقعه جربوع، فقام الطيران الاسرائيلي بقصف منطقة الحمة والمخافر المحيطة بها بشدة. ولكن الاحتياطات المتخذة فوّتت على العدو فرصة ايقاع اية خسائر فعلية في وسط الزوار والأهالي. ونتيجة هذه المعركة البطولية كرّمت القيادة السورية الضابط رشيد جربوع بمنحه "الوسام الحـربي" السوري.
على أثر هذه المعركة قامت اسرائيل بمحاولات متتابعة للسيطرة على المنطقة المنزوعة جنوب شرقي بحيرة طبريا وسمخ بذريعة استصلاح أراضيها للزراعة. لكن المخافر السورية كانت تتصدى بالنار لهذه المحاولات فتتدخل قوات مراقبة الهدنة لتوضح ان هذه الاعتداءات الاسرائيلية انما هي "أعمال مدنية" ولا صفة حربية لها. في حين كان الرأي السوري ان هذه الأعمال كان لها دائماً الصفة الحربية وتشمل شق الطرق الجديدة وإقامة الخنادق العديدة بحجة تأمين المياه الجارية لمزروعاتهم. وكانت قوات المراقبة تكتفي بالتشديد بعدم تكرار فتح النار. ونذكر هنا ان القوات السورية عملت على تشجير طرقات المنطقة كما أقامت بيوتاً للمواطنين الموجودين في قريتين أماميتين هما العامرية والناصرية عام 1958. الا ان معركة الحمة كانت المحاولة العسكرية الاسرائيلية الأولى والأخيرة قبل العام 1967 لاحتلال الحمة".
لقد حاولت اسرائيل ضم الحمة الى الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 يقول هاني الزريني ولكنها فشلت بسبب وقوع الحمة ضمن الأراضي السورية وتحت حماية الجيش السوري. وحاولت عام 1951 القيام بعملية عسكرية لاحتلال الحمة فشلت أيضاً.
وبعد العام 1948 تركز اهتمام مجلس ادارة الشركة على تنظيم وتوسيع المشروع ليكون قادراً على استقبال اكبر عدد ممكن من الزائرين والرواد وتوفير كافة التسهيلات اللازمة والممكنة لهم. ركزنا أيضاً على الحؤول دون أن يحقق العدو الاسرائيلي أي اختراق للشركة. فأصدر مجلس الادارة قراراً يمنع بموجبـه بيع اي سهم لأي كان من دون موافقة مجلس الادارة. ودخل الى مجلس الادارة مساهمون جدد كان أبـرزهم ممثلون لخط الحديد الحجازي في سورية اضافة الى أعضاء ومساهمين جدد من لبنان والأردن.
وانسجاماً مع نفسه وتعبيراً عن صدق ارتباطه بأرض الحمة وتعلقه بها، شاء سليمان ناصيف ان يرقد فيها عن عمر تقول وداد انه "بلغ 104 سنوات". وقبل وفاته أوصى بأن يدفن في الحمة وتقول انه اشرف بنفسه على اعداد القبر وتحضير البلاطة الرخامية. وقام بتحديد مواصفات القبر ومكانه بالضبط وحدد درجة انحناء البلاطة التي ينبغي ان تشكل سطح القبر. وفي حياته طلب ان تكتب عليها أبيات من الشعر نظمها لهذه الغاية. وبموكب رسمي اقامته الحكومة السورية وبمواكبة شعبية كبيرة سلكت جنازة سليمان ناصيف طريقها الى مثـواه الأخيـر في الحمـة في شباط فبراير 1959 بعد وفاته في الشام تاركاً وراءه زوجة وإبنين وابنتين وتاريخاً حافلاً بالذكريات والمواقف والانجازات الكبيرة التي ستبقى كلها علامات مضيئة في حياة رجل كبير من بلادنا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
السياحة
تعتبر الحمة من أشهر الوجهات السیاحیة في المنطقة، فالمكان ساحر بمعالمه الطبیعیة، وبساتینه الخضارء، وآثاره القدیمة، وینابیعه المعدنیة الحارة، وممیز بانخفاضه عن مستوى سطح البحر.
وهي مشتى نموذجي، منحته الطبیعة كل مقومات جذب الإنسان، من المیاه الحلوة للشرب، والمعدنیة الساخنة للمعالجة، والتربة الخصبة للز ارعة، ولاسیما الحمضیات، والموز، وبواكیر الخضاروات، إضافة إلى المناخ المعتدل شتاءً.
بدأت الحمة تشتهر منذ العصر اليوناني، وذاع صیتها في العصر الروماني البیزنطي، حتى تسابق القیاصرة والولاة والحكام الرومان، على تخلید أسمائهم، في الكتابات التي نقشت على جد ارن الحمامات. أن الحمة احتلت حیز كبیر في اهتمامات العصرین الروماني والبیزنطي، ویشیر ازدهارها وتطورها اللافت للنظر، ولاسیما في العصر البیزنطي، إلى عدة أمور هامة، من أهمها: «وجود حضارة مادیة تمتلك مستوى عالیاً نسبیاً من التكنولوجیا، ولاسیما في مجالات هندسة البناء، وجر المیاه وصرفها، والنوافیر، وغیرها من الجمالیات. وجود ممولین أدركوا أهمیة الموقع فساهموا في تطویره. الإیمان بقدرة میاه الحمة على المعالجة، على خلفیة عجز الطب آنذاك عن معالجة العدید من الأمارض.
الينابيع
ثمة نوعان من الینابیع في هذا الموقع، ینابیع تتدفق منها میاه حلوة نسبیاً، صالحة للشرب، وأخرى تتدفق منها میاه معدنیة حارة، غیر صالحة للشرب.
- الینابیع الحلوة: هناك نبعان، یعرف الأول باسم "عین سعد الفار"، أو "عین السخنة"، ویقع في الجزء الشمالي الشرقي، وتبلغ نسبة الكلور في میاهه نحو 75 ملل في اللیتر، وتصل غازرته إلى 1100 م3 في الساعة، ویعرف الثاني ب"عین بولص" نسبة إلى بولص الرسول، ویقع على بعد أمتار إلى الجنوب الشرقي من بركة الجرب، التي تصب فیها میاهه
بولص، وتبلغ حاررة میاه هذا النبع نحو 25 درجة مئویة، وقد توحدت میاهه مع میاه "نبع البلسم.
- الینابیع المعدنیة الساخنة: وهي ثلاث مجموعات من الینابیع المعدنیة الحارة وتقع جمیعها في النصف الجنوبي الغربي من المنبسط السهلي وهي:
- حمة الریح: نبعان في شرقي النصف الجنوبي الغربي من المنبسط السهلي، وشمال نهر الیرموك، تصل نسبة الكلور في میاههما إلى (240 مل/ل)، وتبلغ حرارة میاههما نحو 37 درجة مئویة، أي إنها تعادل الحاررة الطبیعیة لجسم الإنسان وتخدم میاههما قاعتین للاستحمام.
- عین المقلى: تقع إلى الغرب من حمة الریح، أقیمت علیها بركة جمیلة من الحجارة البازلتیة، تصل نسبة الكلور في میاهها إلى (540 مل/ل)، وتبلغ ح اررة میاهها نحو 51 درجة مئویة، وبذلك تكون الأكثر حرارة، وتعرف هذه "حمة الشیخ" و" بركة الحبل".[2]
- عین البلسم: تبلغ حرارة میاهها نحو 42 درجة مئویة، وتصل نسبة الكلور في میاهها إلى (300 مل/ل)، وبذلك نجد أن هذه العین تحتل مركزا وسطا بین حمة الریح، وعین المقلى، من حیث الحاررة ونسبة الكلور، تحتوي میاه هذه الینابیع على مواد كبریتیة، وكلوریة، وصودیة، إضافة إلى مواد أخرى كال اردوم المشع بمقیاس صغیر، وال اردیوم، والهیدروجین الكبریتي، وتفید هذه المواد في معالجة أمارض عدة، كالروماتیزم والأمارض الجلدیة والنسائیة وأمارض الجملة العصبیة.
وعن الحمامات الموجودة في الموقع فقد عثر حتى الآن على سبع برك للسباحة والاستجمام، مختلفة من حیث الشكل والحجم ودرجة الح اررة ونوعیة الماء،