عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتّاب، أبو الأسود (526 - 39 ق.هـ/584م)، من بني تغلب. شاعر جاهلي، من الطبقة الأولى، ولد في شمالي جزيرة العرب في بلاد ربيعة وتجوّل فيها وفي الشاموالعراقونجد. أمه هي ليلى بنت المهلهل بن ربيعة. كان من أعز الناس نفساً، وهو من الفتاك الشجعان، ساد قومه، تغلب، وهو فتىً وعمّر طويلاً. هو قاتل الملك عمرو بن هند. أشهر شعره معلقته التي مطلعها "ألا هبي بصحنك فاصبحينا"، يقال: إنها في نحو ألف بيت وإنما بقي منها ما حفظه الرواة، وفيها من الفخر والحماسة العجب، مات في الجزيرة الفراتية.
قال في ثمار القلوب: كان يقال: «فتكات الجاهلية ثلاث: فتكة البراض بعروة، وفتكة الحارث بن ظالمبخالد بن جعفر، وفتكة عمرو بن كلثوم بعمرو بن هند ملك المناذرة، فتك به وقتله في دار ملكه وانتهب رحله وخزائنه وانصرف بالتغالبة إلى خارج الحيرة ولم يصب أحد من أصحابه».
هو عمرو بن كلثوم بن مالك بن عَتّاب، أبو الأسْوَد، وقيل: أبو عُمير وأبو عباد، التغلبي. شاعر جاهلي قديم معمَّر، يُعدّ من مشاهيرهم لِمَا ارتبط باسمه من أمور عظيمة؛ منها (المعلقة)، ومنها قتْلُه ملك الحيرة، وفروسيتُه، وغير ذلك. وهو شاعر قبيلة تغلب وسيّدها وفارسها. ينتمي إلى بيت عزٍّ وسيادةٍ وشِعر؛ فأبوه كلثوم كان «أفرس العرب»، وأمه ليلى بنت مهلهل بن ربيعة فارس حرب البسوس، وأخوه مُرّة قاتل المنذر بن النعمان، وابناه الأسود وعباد سيدان وشاعران. ولذلك قال عنه القدماء: «من قدماء الشعراء وأعزهم نفساً وحسباً وأكثرهم امتناعاً».
[1]
يصعب تحديد زمن ولادته بدقة، كما هي الحال عند جميع الشعراء الجاهليين، وثمة قصة تُروى حول ولادته وولادة أمه، إذ أراد أبوها مهلهل أن يقتلها لكرهه أن يكون له بنت، ثم رأى رؤيا تُنبئ أنْ سيكون من نسلها ولد يسود قومه، فأبقى عليها، ولما تزوجت رأت أيضاً رؤيا تؤكد رؤيا أبيها، فأنجبت عمراً الذي ساد قومه صغيراً.
كانت نشأة عمرو في بيت سيادة، فربي على الأنفَة والعز والكرامة وطيب المحتد، مما خوّله أن يسود قومه صغيراً كما قيل. وتزوج ابنة ثوير بن هلال النمري، فقد أشار إليها في قوله:
بكَرَتْ تعذلني وسْط الحلال
سَفَهاً بنتُ ثوير بن هلال
وتذكر الأخبار أن له ثلاثة بنين: هم الأسود وعبد الله وعباد، وابنة اسمها نَوَار، وابنها شَبِيب بن جُعيل التغلبي الشاعر. ورث أبناء عمرو المجد والسيادة والشاعرية من أبيهم، واستمر عقبه بعد الإسلام، فمن أحفاده كلثوم بن عمرو العتابي الشاعر، ومالك بن طوق التغلبي الذي تُنسب إليه «رحبة مالك» في بلاد الشام قرب الرقة.
يُعدّ عمرو بن كلثوم من فرسان تغلب والعرب، حمل راية قومه في عدد من الأيام (المعارك) منها: يوم خَوّ على بني فزارة، ويوم وادي الأخرمين على بني صُدَاء من مَذْحِج، ويوم نَطاع على بني سعد من تميم، وهو الذي قتل ملك الحِيرة عمرو بن هند في القصة المشهورة، وإن هذه المنزلة العظيمة له جعلته لايمدح أحداً من الملوك، ولم يرضَ لقومه أن يكونوا تابعين لأحد، و«كانت الملوك تبعث إليه بحبائه وهو في منزله من غير أن يَفد إليها».
عاش عمرو زمناً طويلاً، وقيل إنه عاش مئة وخمسين عاماً، ويبدو أن هذا غير دقيق، ويُرجح أنه مات في أواخر القرن السادس للميلاد، ويذكرون أنه لما كبر ساد ابنُه الأسود قومَه؛ فبعث أحد الملوك بحِباءين لعمرو ولابنه الأسود، فغضب وحلف ألا يذوق دسَماً حتى يموت، فظل يشرب الخمر صِرفاً من غير طعام حتى مات.
وما من شك أن عَمراً كان على الوثنية كمعظم الجاهليين، وحاول بعض الدارسين أن يجعلوه نصرانياً بلا دليل.
يُعدّ من فحول الشعراء الجاهليين، وإن لم يكن في المقدمة، ومع ذلك لم يكن مُكثراً من قول الشعر، وقد جُمع شعره قديماً إلا أنه لم يصل إلينا، ثم جُمع حديثاً وطُبع طبعات عدة، واحدة منها محققة تحقيقاً علمياً.
ولعل أهم ما في شعره قصيدته التي هي إحدى المعلقات السبع ومطلعها:
ألا هُبّي بصَحنِكِ فَاصْبَحِينا
ولا تُبقي خُمُورَ الأندريـنا
وقد ارتبطت هذه المعلقة بقصة قتْلِه عمرو بن هند، وثمة آراء في ذلك يمكن الرجوع إليها في المراجع. وقد حظي شعره بإعجاب القدماء، فقيل قديماً: «لله درّ ابن كلثوم أي حِلْس شعرٍ ووعاء علمٍ لو أنه رغب فيما رغب فيه أصحابُه! وإن واحدته لأجود سبعتهم قصيدة»، وقال عنه الكُمَيت الشاعر: «عمرو بن كلثوم أشعر الناس».
ويندر غَرَضا المدحِ والغزل في شعره، ويشيع فيه الفخر والحماسة والتهديد والوعيد، من ذلك ما جاء في معلقته، وقوله أيضاً متوعداً ملك الغساسنة:
ألا فاعلم أبيتَ اللعن أنّا
لى عَمْد سنأتي ما نريد
تعلّم أن مَحملنـا ثقيـلٌ
وأن زنادَ كَبَّـتنا شديـد
وأنّا ليس حيٌّ من مَعَـدّ
يوازينا إذا لُبس الحديـد
يتسم شعره بالسهولة والوضوح والبعد عن الغريب، وغلب عليه المقطعات، فليس في ديوانه قصيدة مكتملة إلا المعلقة، ولعل هذا مما يفسر سهولة شعره.