عبد ربه سليمان القليوبي
الشيخ عبد ربه سليمان القليوبي (1897 -1968)
عالم جليل من علماء الأزهر الشريف نبغ في الحديث الشريف وعلومه.
ولد في الخامس من شهر رمضان 1314 هجرية يوم الأحد الموافق السابع من فبراير 1897 ميلادية بقرية دباشة بديروط محافظة المنيا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نسبه الشريف
هو من أهل البيت الكرام فهو الشريف الحسنى الحسيني عبد ربه بن الشريف سليمان بن الشريف محمد الدرديري بن الشريف إسماعيل وينتهي نسبه الشريف إلى سيدنا الإمام الحسن بن سيدنا الإمام علي بن أبي طالب زوج سيدتنا فاطمة الزهراء بنت سيد الوجود سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
ميلاده
ولد في الخامس من شهر رمضان 1314 هجرية يوم الأحد الموافق السابع من فبراير 1897 ميلادية بقرية دباشة بديروط محافظة المنيا.
نشأته
ولد فضيلة الإمام القليوبي لأب شريف صالح هو سيدي سليمان رضوان الله عليه وكان من ملاك الأراضي الزراعية إلا أنه كان يعمل بيده في أرضه، عملا بحديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما أكل ابن آدم طعاما قط خير من أن يأكل من عمل يده». ولما أتم شيخنا حفظ القرآن الكريم وهو ابن ثمان سنين أراد والده أن يبقيه ببلده ليعمل معه بالزراعة، إلا أن والده رأى رؤية غيرت مسار حياته، فقد رأى السيدة زينب رضي الله عنها تدعوه بأن يذهب بولده عبد ربه إلى الأزهر الشريف، وهو ما رآه مكتوبًا على جدران المسجد بعد صلاة الفجر وقد كان. وانتظم رضوان الله عليه بالدراسة بالأزهر الشريف وقد ظهر نبوغه وتفوقه في أثناء الدراسة حتى أنه وهو في سن مبكرة ألف شرحًا على متن الأجرومية أعجب به شيخ الأزهر وأمر بتدريسه لطلبة القسم الابتدائي في الأزهر الشريف. وقد حصل فضيلة مولانا على إجازة العالمية سنة 1927، وما لبث أن عين بالأزهر أستاذا ومحاضرا لعلوم الحديث والتصوف وأمينا لمكتبة الأزهر.
أساتذته ومشايخه
تعلم مولانا تجويد القرءان الكريم على أيدي كبار الأشياخ كالشيخ الجريس والشيخ على عامر والشيخ محمد الصيفي. كما تتلمذ رضوان الله عليه في علوم الفقه والحديث على يد أكابر العلماء في زمانه ومنهم الشيخ السمالوطي، الشيخ يوسف الدجوي، الشيخ حسن الطويل، الشيخ محمد بخيت المطيعي، الشيخ الشنقيطي، الشيخ عبد الرحمن عليش، الشيخ أبو الفضل الجيزاوي شيخ الأزهر، والمحدث الجليل الشيخ أحمد رافع الطهطاوي رضي الله عنهم جميعا.
شيوخه في طريق الله تعالى كان مشربه الأصيل رضوان الله عليه خلوتيا، فقد أخذ العهد في بداية طريقه على يد شيخه سيدي عبد الجواد المنسفيسي (صاحب شرح الخريدة)، عن سيدي أحمد أبو الليل الولي، عن سيدي أحمد الصاوي، ومن قبله قطب الزمان صاحب الصلوات سيدي أحمد الدردير أبي البركات، عن سلسلة ذهبية من الأولياء الأكابر تنتهي بسيدنا الإمام الجنيد رضوان الله عليهم جميعا.
وكان له حال من العشق والوله تعلقا بقطب الأقطاب السيد المهاب العطاب باب الحضرة النبوية أبي الفتيان القطب النبوي سيدي أحمد البدوي رضي الله عنه.
وصف حاله ومجالس علمه وعبادته
لم ينقطع مولانا الجليل يوما عن تلاوة كتاب الله تعالى، فكانت له ثلاث ختمات: ختمة كل ستة أيام يهديها إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وختمة لآل البيت رضي الله عنهم وأموات المسلمين عامة، وختمة لعبادته الخاصة. كما كان له مجلس يومي يصلي فيه على النبي صلى الله عليه وسلم ألفي مرة بالصيغة المقربة إلى قلبه و هي (اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي الحبيب العالي القدر العظيم الجاه وعلى آله وصحبه وسلم)، وكان لا يقوم من هذا المجلس أبدًا حتى يرى حضرته صلى الله عليه وسلم، وذلك تصديقًا للحديث الشريف «من رآني في المنام فقد رآني حقًا فإن الشيطان لا يتمثل بي، ومن رآني في المنام فسيراني في اليقظة». وعاش في وصل دائم لمقامات آل البيت رضي الله عنهم كل أسبوع من بعد صلاة الفجر وحتى آذان العشاء سيرًا على قدميه، فضلًا عن زيارته اليومية لمسجد سيدنا الإمام الحسين رضي الله عنه .وكان لفضيلته مجلس في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسجد سيدي أحمد الدردير أبي البركات رضي الله عنه كل يوم خميس بعد صلاة العشاء، ودعا إليه سائر العلماء الأفاضل حتى أضحى الحاضرون للمجلس من العلماء أكثر من العامة، فبات مجلسا مباركا ميمونا بالصلاة على سيد السادات صلى الله عليه وسلم وبحضور العلماء والصالحين رضي الله عنهم فيه. كما لم ينقطع عن قراءة بردة المديح للإمام البوصيري رضي الله عنه. وكان له دروس في يومي الجمعة والأحد بالأزهر الشريف من العصر إلى العشاء؛ درس من العصر إلى المغرب في علوم التفسير، أما درس بعد المغرب فكان لشرح أحد كتب التصوف مثل الحكم العطائية والشفاء للقاضي عياض، وكان له درس أسبوعي في الفقه والتوحيد بمسجد سيدي علي بيرم رضي الله عنه. وقد كان رضي الله عنه له خاتمة في نهاية درسه قليلة الكلمات عظيمة المعنى قوية الأثر فقد كان رضي الله عنه يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيط ثوبه ويكنس داره ويحمل حاجياته من السوق فانظروا أين أنتم من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبهذا نجد أن شيخنا رضي الله عنه لايفتر أن يقضي ساعات يومه إما مصليا، أو ذاكرا، أومستغفرا، أو مصليا على سيد السادات صلى الله عليه وسلم، أو قارئا لكتاب الله، أو متعلما من فيض الله، أو معلما لعباد الله، أو ساعيا لقضاء حوائج الناس. رضي الله عنك وأرضاك يا سيدي يا أبا الدرديري، لَنعم الفعال ونعم الرجال. وكان منزله العامر لا يخلو من الزوار من السادة العلماء والمريدين والمحبين، وكان يحتفل في منزله بمولد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومولانا سيدنا الإمام الحسين، وسيدتنا الكريمة زينب، وآل البيت رضي الله عنهم لمدة ثلاثة أيام في كل مولد يدعو فيها في اليوم الأول خَدَم الجامع الأزهر، وفى اليوم الثاني العلماء، وفى اليوم الثالث المريدين والمحبين، وذلك في سعة وإكرام وبهجة.
من صفاته وشمائله
أنه كان مهاب الطلعة، كامل العقل، غزير العلم، قوى الحجة، سديد الرأي، بوجهه ملاحة، بلسانه فصاحة، حسن الشيب، جهوري الصوت، حلو المنطق، سخي اليدين، شديد الانكسار لله تعالى متواضعا لله، عظيم الأدب والاحتشام عند التحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وآل بيته وصحابته رضي الله عنهم، شديد الغيرة على جناب رسول الله صلى الله عليه وسلم وآل بيته وصحابته رضي الله عنهم.
مؤلفاته
- كتاب فيض الوهاب في بيان أهل الحق ومن ضل عن الصواب وهو أشهر كتبه رضي الله عنه، وهو في ذات الوقت من أشهر وأقوى الكتب في الرد على الخوارج والفرق الضالة المارقة، انبرى فيه مؤيَّدًا بالله تعالى وعونه ومدده، متسلحًا بكتاب الله العزيز وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وآراء العلماء وأدلتهم وإجماع المسلمين، في الرد على الشبهات التي وقعت فيها هذه الفرق، مبتدئًا بالدليل العقلي ثم أعقبه بالدليل النقلي من الكتاب والسنة.
- كتاب المعقول والمنقول شرح جامع الأصول لابن الأثير الجزري وفيه شرح فضيلته السنة النبوية شرحا مفصلا
كتاب القول الصريح فيما جاء في الكتاب والسنة عن سيدنا عيسى المسيح وفيه يثبت فضيلته بالدليل القاطع من الكتاب والسنة أن سيدنا عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام رفع حيا إلى السمٰوات وينزل أخر الزمان ردا على من قال بخلافه.
كتاب الأعراف الشذية في شرح متن الأجرومية.
مجموع الصلوات المباركات على سيد السادات قام فيه فضيلته بجمع كنوز ودرر صلواتِ أكابر الصالحين على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كلمات مباركات مأثورات عن فضيلته
اعرف الحق تعرف أهله.
- الاستقامة خير من مائة ألف كرامة.
- عقيدة وحسن أدب، وصول بدون تعب.
- لايصل ملتفت ولايفلح متشكك.
- وكان كثيرا ما يردد فضيلته القول المأثور: إن الولي يستحي من الكرامة كما تستحي المرأة من حيضها.
- وكان رضي الله عنه يقول من ألم به كرب ونزلت به شدة فليقل: غريق بحر أوزارى دخيلك يا سيدي يا رسول الله ويكرر دخيلك يا سيدي يا رسول الله حتى يزول الكرب.
العلوم التي برع فيها
برع في علوم كثيرة كعلوم الطب والتداوي والفلك وعلم الكيمياء وترقية المعادن وعلوم أخرى، دليل على كثير عطاء الله تعالى له وتكريمه إياه.
الوفاة
فى يوم الإثنين المبارك الموافق الثاني والعشرين من صفر 1388هجرية الموافق العشرين من مايو 1968ميلادية انتقل فضيلته إلى رحمة ربه، وكانت آخر كلمات خرجت من فمه الشريف كلمات طيبات مباركات من كتاب الله العزيز « لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار». وصُلي على فضيلته مرتين؛ مرة بالجامع الأزهر ومرة في مسجد مولانا الإمام الحسين رضي الله عنه، ودفن في مقامه الحالي ببستان العلماء.
أقوال علماء عصره عنه
- قال عنه الشيخ محمد بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية سابقاً: "علامة عصره ووحيد دهره الشيخ عبد ربه سليمان أكثر الله من أمثاله من نجباء هذا العصر".
- فضيلة الأستاذ الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي: "الأستاذ الحاذق، النبيه المحقق الفائق، أحد أفاضل علماء الأزهر الشريف الشيخ عبد ربه بن سليمان المشهور بالقليوبي".
- الشيخ محمد السمالوطي عضو هيئة كبار العلماء،الشيخ محمد شاكر وكيل الجامع الأزهر سابقاً، محمد سبيع الذهبي شيخ السادة الحنابلة،والشيخ أحمد محمد رافع الحسيني القاسمي الطهطاوي؛ قالوا عنه في تقريظ كتاب المعقول و المنقول: "رجل موهوب، ومحب للرسول محبوب، نبتت معه المحبة كما نبت، وساوقت شعلة ذكائه ومضة شوقه التي ما خبت، وخالطت الرغبة شغاف قلبه، فتوكل بصدق العزيمة على ربه، ودلف إلى ميدان السنة تحت لواء جامع الأصول، رافعاً بيمينه شرحه عليه الذى دعاه جامع المعقول والمنقول، فكان كتابه بيمينه وثوابه بيقينه، لمعة إيمان يمانية، ونفحة إحسان قرانية، تجلى بهما العليم الخبير، على عبده الذي هو بالعلم قمين، وبالفضل جدير، فضيلة الأستاذ العلامة النحرير، الشيخ عبد ربه بن سليمان بن محمد المشهور بالقليوبي، أحد العلماء بالأزهر الشريف، وفقه الله دائماً في كل ما تولاه.
- الأديب الشاعر محمد كامل عبد العظيم يوسف أنشد بعض أبيات منها::
يا كاسي الإسلام حلة سؤدد
يا عبد ربي يا شريف المقصد لله أنت فمكرماتـــــــــك جمـة كل العفــاة لهـا تروح وتغتدي عــش للحديث وللنبي وآلـــه تبني وغيرك للمخـازي يرتــدي
- كما قال اخر مدحا فيه:
رضعت لبان العلم يا طيب الأصل
فصرت أبا الدردير والمجد والفضل
أحياك رب الناس تحمــى حماهم
وألهمك التوفيق فى القول والفعل
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .