طبقات الشافعية الكبرى
طبقات الشافعية الكبرى, كتاب لتاج الدين عبد الوهاب بن علي السبكي (ت 771 هـ / 1370 م). كتاب يبحث في علم التراجم في مجال خاص إذ يترجم لجماعة واحدة وهم الفقهاء الشافعيون حسب طبقاتهم، الطبقة الأولى فالثانية وهكذا يذكر اسم الفقيه ونسبه، وروايته ودرجته بين أهل العلم وشيئا من مآثره.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تقسيمه
قسّم السبكي الطبقات إلى سبعة أجزاء ويرى أن كتابه هذا كتاب حديث وفقه وتاريخ وأدب ومجموع فوائد ، ذكر فيه ترجمة الرجل مستوفاة على طريقة المحدثين والأدباء. وكان كلامه حافلا بالأسانيد بذلك جعل كتابه كافيا لمن يقرأه مغنيا ًله عن النظر في كثير من المصادر .
وأحيانا يذكر ـ اسم المترجم ثم يسكت عنه وأحيانا أخرى يذكر ترجمته ناقصة، ولم يكملها فقد وافته المنية . واعتمد أبو نصر في ترتيبه لكل طبقة على حروف المعجم ، وبدأ بذكر الأحمدين ثم المحمدين تبركا وذلك كما فعل في الطبقتين الصغرى والوسطى .
فرتب المترجمين على حروف المعجم مبتدءا بالأحمدين فالمحمدين ولكنه أغفل الترتيب الزمني للطبقات واكتفي بالترتيب على حروف المعجم ما عدا من لقي الشافعية منهم أفرد لهؤلاء بطبقة وذكرهم في صدر الكتاب مرتبين على حروف المعجم.
نشر الكتاب
طبعت هذه الطبقات مرتين بمصر سنة 1324 هـ بالمطبعة الحسينية وهي نسخة مصحفة ورديئة وغير منقحة, وأعيدت طباعتها بتحقيق الأستاذ محمود الطناحى وعبدالفتاح محمد الحلو سنة 1383 هـ ـ 1964 م بمطبعة عيسى الحلبى البابى وصدرت من سبعة أجزاء ولم يكمل بعد وهي طبعة جيدة التحقيق أعادت للكتاب اعتباره .
وأعيد طباعته بنفس المطبعة وصدر منه الجزء الأول في 360 صفحة والثاني في 487 صفحة والثالث في 616 صفحة سنة 1964 -1965 م . وصدر من الجزء الثالث إلى السابع سنة 1966 ـ 1970 بنفس المطبعة والثامن من سنة 1971 م في 616 صفحة والتاسع سنة 1974 ويقع في 596 صفحة ، وطبع الجزء العاشر ( نهاية الكتاب ) بتحقيق الأستاذ محمود الطناحى وعبد الفتاح الحلو في 780 صفحة سنة 1976 .
مصادر
- أنور محمود زناتي : من خزانة التراث.
مراتب العلماء في المذهب الشافعي
1- المجتهد المطلق: ويُشترط فيه أن يكون مُكَلَّفاً، مُسلماً، ثقة، مأمونا، متنزها عن أسباب الفسق، وخوارم المرؤة، فقيه النفس، سليم الذهن، رصين الفكر، صحيح التصرف والاستنباط، متيقظا ، وأن يكون قيِّما بمعرفة أدلة الاحكام الشرعية، من الكتاب والسنة والاجماع والقياس، وما التحق بها على التفصيل، وأن يكون عالما بما يشترط في الادلة، ووجوه دلالتها، وبكيفية اقتباس الاحكام منها، عارفا من علوم القرآن، والحديث، والناسخ والمنسوخ، والنحو، واللغة، والتصريف، واختلاف العلماء واتفاقهم، بالقدر الذى يتمكن معه من الوفاء بشروط الادلة والاقتباس منها، ذا دربة وارتياض في استعمال ذلك، عالما بالفقه، ضابطا لأمهات مسائله وتفاريعه، فمن جمع هذه الأوصاف: فهو المجتهد المطلق المستقل، الذى يتأدى به فرض الكفاية، لانه يستقل بالادلة بغير تقليد وتقيد بمذهب .
2- المجتهد المنتسب : أن لا يكون مُقلّدا لإمامه لا في المذهب ولا في دليله، لاتصافه بصفة المستقل، وإنما ينسب إليه لسلوكه طريقه في الاجتهاد، لما طريقه في الاجتهاد والقياس أسد الطرق .
3- أصحاب الوجوه : أن يكون مجتهدا، مقيدا في مذهب إمامه، مستقلا بتقرير اصوله بالدليل، غير أنه لا يتجاوز في أدلته أصول امامه وقواعده، وشرطه: كونه عالما بالفقه وأصوله وأدلة الأحكام تفصيلا، بصيرا بمسالك الأقيسة والمعاني، تام الارتياض في التخريخ والاستنباط قيما بالحاق ما ليس منصوصا عليه لإمامه بأصوله، ولا يعرى عن شَوبِ تقليد له، لا خلافه ببعض أدوات المستقل بان يخل بالحديث أو العربية . وكثيرا ما أخل بهما المقيد ثم يتخذ نصوص إمامه أصولا يستنبط منها كفعل المستقل بنصوص الشرع، وربما اكتفى في الحكم بدليل إمامه، ولا يبحث عن معارض كفعل المستقل في النصوص .
4- مجتهد الفتوى : أن لا يبلغ رتبة أصحاب الوجوه، لكنه فقيه النفس، حافظ مذهب إمامه، عارف بأدلته، قائم بتقريرها، يصور، ويحرر، ويقرر، ويمهد، ويزيف، ويرجح، لكنه قصر عن أولئك لقصوره عنهم في حفظ المذهب، أو الارتياض في الاستنباط، أو معرفة الأصول، ونحوها من أدوانهم، وهذه صفة كثير من المتأخرين إلى أواخر المائة الرابعة، المصنفين الذين رتبوا المذهب وحرروه، وصنفوا فيه تصانيف فيها معظم اشتغال الناس اليوم، ولم يلحقوا الذين قبلهم في التخريج ، وأما فتاويهم فكانوا يتبسطون فيها تبسط أولئك أو قريبا منه، ويقيسون غير المنقول عليه، غير مقتصرين على القياس الجلي، ومنهم من جمعت فتاويه، ولا تبلغ في التحاقها بالمذهب مبلغ فتاوى أصحاب الوجوه .
5- نظار المذهب : وهم النظار في ترجيح ما اختلف فيه الشيخان النووي والرافعي.
6- نقلة المذهب: ومراتبهم مختلفة بحسب أحوالهم .
انظر المجموع 1/42-47 ، والمرتبتان الأخيرتان زادهما بعض المتأخرين .
طبقات الشافعية :
الطبقة الأولى :طبقة الأصحاب وسأقتصر على ذكر أشهرهم ، وأكثرهم ملازمة للشافعي .
أصحابه في مصر : 1- أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عمرو بن إسحاق المُزَني: مات بمصر سنة أربع وستين ومائتين، وكان زاهداً ، عالماً ، مجتهداً ، مناظراً ، محجاجاً ، غواصاً على المعاني الدقيقة. صنف كتباً كثيرة: "الجامع الكبير" و"الجامع الصغير" و"مختصر المختصر" و"المنثور" و"المسائل المعتبرة" و" الترغيب في العلم" و" كتاب الوثائق" .
كان جبل علم مناظرا محجاجا . وكان زاهد ورعا متقللا من الدنيا ، مجاب الدعوة . وكان إذا فاتته صلاة في جماعة صلاها خمسا وعشرين مرة . وكان يغسل الموتى تعبدا واحتسابا ويقول أفعله ليرق قلبي .
قال الشافعى في وصفه : "لو ناظره الشيطان لغلبه" .
قال الشافعي: "المزني ناصر مذهبي".
طبقات الفقهاء للشيرازي 97 ، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 93- 109 طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/58 السير 12/492 وفيات الأعيان 1/217
2- أبو محمد الربيع بن سليمان بن عبد الجبار المؤذن المرادي، مولى لهم: مات بمصر سنة سبعين ومائتين، صاحِبُ الشافعي ، وراوية كتبه ، والثقة الثبت فيما يرويه . ولد سنة أربع وسبعين ومائة ،واتصل بخدمة الشافعي وحمل عنه الكثير .
وكان مؤذنا بالمسجد الجامع بفسطاط مصر المعروف بجامع عمرو بن العاص ، وكان يقرأ بالألحان ، وكان الشافعي يُحِبّه .
وقال له يوما : "ما أحبك إلي ".
وقال : "ما خدمني أحد قط ما خدمني الربيع بن سليمان" .
وقال له يوما : "يا ربيع لو أمكنني أن أطعمك العلم لأطعمتك" .
قال الشافعي: "الربيع راويتي".
طبقات الفقهاء للشيرازي 98 ، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 132 – 139، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/65 السير 12/587 تذكرة الحفاظ 2/586
3- أبو يعقوب يوسف بن يحيى البويطي المصري الصعيدي الامام الجليل . وهو أكبر أصحاب الشافعى المصريين . كان إماما جليلا ، عابدا ، زاهدا ، فقيها ، عظيما ، مناظرا ، جبلا من جبال العلم والدين ، غالب أوقاته الذكر والتشاغل بالعلم ، غالب ليله التهجد والتلاوة سريع الدمعة . تفقه على الشافعى واختص بصحبته . مات ببغداد في السجن والقيد في رجله، وكان حمل من مصر في فتنة القرآن ، فأبى أن يقول بخلقه ، فسجن ، وقيد حتى مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين.
قال الساجي في كتابه: كان أبو يعقوب إذا سمع المؤذن وهو في السجن يوم الجمعة ، اغتسل ولبس ثيابه ، ومشى حتى يبلغ باب الحبس ، فيقول له السجان: أين تريد؟ فيقول: حيث داعي الله . فيقول: ارجع عافاك الله. فيقول أبو يعقوب : اللهم إنك تعلم أني قد أجبت داعيك فمنعوني.
وقال أبو الوليد ابن أبي الجارود: "كان البويطي جاري ، فما كنت أنتبه ساعة من الليل إلا سمعته يقرأ ويصلي".
وقال الربيع بن سليمان: "كان البويطي أبداً يحرك شفتيه بذكر الله تعالى، وما رأيت أحداً أنزع بحجة من كتاب الله تعالى من أبي يعقوب البويطي".
وقال الشافعي: "ليس أحد أحق بمجلسي من يوسف بن يحيى، وليس أحد من أصحابي أعلم منه". وروي عنه أنه قال: " أبو يعقوب لساني".
طبقات الفقهاء للشيرازي 98 طبقات الشافعية الكبرى 162 – 170 طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/70 السير 12/58
4- أبو حفص حرملة بن يحيى بن عبد الله بن حرملة بن عمران التُجِيْبي ، ولد سنة ست وستين ومائة كان إماما جليلا رفيع الشأن . وكان من أكثر الناس رواية عن ابن وهب .
قال أبو عمر الكندي : " لم يكن بمصر أحدٌ أَكْتَبُ منه عن ابن وهب ، وذلك لأن ابن وهب أقام في منزلهم سنة وستة أشهر مستخفيا من عباد لما طلبه يوليه قضاء مصر ".
وتوفي بمصر سنة ثلاث وأربعين ومائتين. وكان حافظاً للحديث، صنف "المبسوط" و"المختصر".
طبقات الفقهاء للشيرازي 99 طبقات الشافعية الكبرى 127 – 131 طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/61
5- أبو موسى يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري المقري ، الامام الكبير ، ولد سنة 170 . انتهت إليه رياسة العلم بديار مصر .
ورُويَ عن الشافعي أنه قال : " ما رأيت بمصر أحدا أعقل من يونس ابن عبد الأعلى " .
وقال يحيى بن حسان : "يُونُسكُم هذا من أركان الإسلام " .
وكان يونس من جملة الذين يتعاطون الشهادة ، أقام يشهد عند الحكام ستين سنة. قال النسائي : "يونس ثقة "
مات سنة أربع وستين ومائتين، السنة التي مات فيها المزني.
طبقات الفقهاء للشيرازي 99 طبقات الشافعية الكبرى 170 – 180 طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/72 السير 12/348 تذكرة الحفاظ 2/527 تهذيب التهذيب 4/194
6- أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الحكم بن أعين المصري. ولد سنة 182 ، وسمع من ابن وهب وأشهب من أصحاب مالك، وصحب الشافعي وتفقه به. ولازم الشافعى رضى الله عنه مدة ، وقيل : إن الشافعي كان معجبا به لفرط ذكائه ، وحرصه على الفقه .
قال أبو عمر الصدفى : "رأيت أهل مصر لا يعدلون به أحدا ، ويصفونه بالعلم والفضل والتواضع ".
وقال أبو بكر بن خزيمة : " ما رأيت في فقهاء الإسلام أعرف بأقاويل الصحابة والتابعين من محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ".
قلت :رجع محمد بن عبد الحكم الى مذهب الامام مالك بعد وفاة الشافعي لخلاف وقع بينه وبين البويطي .
وحمل في المحنة إلى بغداد ، ولم يُجب إلى ما طلب منه ، وَرُدَّ إلى مصر، وانتهت إليه الرياسة بمصر، ومات في سنة نيف وستين ومائتين.
طبقات الفقهاء للشيرازي 99 طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 67 - 171 طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/69 السير 12/497 تذكرة الحفاظ 2/546 الوافي بالوفيات 3/338 الديباج المذهب 231
7- الربيع بن سليمان بن داود الجيزي ، أبو محمد الأزدي مولاهم المصري . كان رجلا فقيها صالحا . توفي سنة 256 وقيل 257 .
طبقات الفقهاء للشيرازي 99 طبقات الشافعية الكبرى 132 طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/64 السير 12/591 وفيات الأعيان 2/292 - 294
ومن أصحابه المكيين :
8- أبو بكر عبد الله بن الزبير بن عيسى القرشي الأسدي الحميدي المكي ، محدث مكة وفقيهها .
كان قد أخذ عن مسلم بن خالد الزنجي ، والدراوردي ، وابن عيينة شيوخ الشافعي، ورحل مع الشافعي إلى مصر ، ولزمه حتى مات الشافعي ، ثم رجع إلى مكة.
قال أحمد بن حنبل: "الحميدي عندنا إمام جليل " . وقال أبو حاتم : "أثبت الناس في ابن عيينة الحميدي " .
وقال محمد بن إسحاق المروزي : سمعت إسحاق بن راهويه يقول : "الأئمة في زماننا الشافعي والحميدي وأبو عبيد " .
وقال علي بن خلف : سمعت الحميدى يقول : "ما دمت بالحجاز ، وأحمد بالعراق ، وإسحاق بخراسان لا يغلبنا أحد " .
قال الحاكم أبو عبد الله : "الحميدي مفتي أهل مكة ومحدثهم ، وهو لأهل الحجاز في السنة كأحمد بن حنبل لأهل العراق " .
مات بمكة سنة تسع عشرة ومائتين،
وقال يعقوب بن سفيان الفسوي: ما رأيت أنصح للإسلام وأهله من الحميدي.
طبقات الفقهاء للشيرازي 99 و 100 طبقات الشافعية الكبرى 140 – 143 طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/66 السير 10/616 تذكرة الحفاظ 2/413 العقد الثمين 5/160
9- أبو الوليد موسى بن أبي الجارود المكي ، راوي كتاب الأمالي عن الشافعي ، وأحد الثقات من أصحابه والعلماء . كان فقيها جليلا أقام بمكة يُفتى الناس على مذهب الشافعى .
قال أبو عاصم : "يرجع إليه عند اختلاف الرواية " .
طبقات الفقهاء للشيرازي100 ، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 161 – 162 طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/70
ومن أصحابه البغداديين :
10- الامام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل إمام المذهب الحنبلي أمير المؤمنين في الحديث . ومناقبه لا تُحَد ولا تُحصر
قال الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني: "ما قرأت على الشافعي حرفاً إلا وأحمد حاضر، وما ذهبت إلى الشافعي مجلساً إلا وجدت أحمد فيه".
وقال إبراهيم الحربي: "الشافعي أستاذ الأستاذين، أليس هو أستاذ أحمد؟ "
وقال صالح بن أحمد: "مشى أبي مع بغلة الشافعي فبعث إليه يحيى بن معين فقال: أما رضيت إلا أن تمشي مع بغلته؟ فقال: يا أبا زكريا، ولو مشيت إلى الجانب الآخر كان أنفع لك".
قلت : كلاهما استفاد من الآخر .
طبقات الفقهاء للشيرازي 100 ، طبقات الشافعية الكبرى 27 - 63 طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/56 ستكون له ترجمة مفصلة ان شاء الله في ملتقى المذهب الحنبلي
11- الحسن بن محمد بن الصباح البغدادي الامام أبو علي الزعفراني: أحد رواة القديم كان إماما جليلا فقيها محدثا فصيحا بليغا ثقة ثبتا .
قال الماوردي : "هو أثبت رواة القديم" .
قال ابن حبان : "كان أحمد بن حنبل وأبو ثور يحضران عند الشافعي وكان الحسن الزعفرانى هو الذى يتولى القراءة " .
قال زكريا الساجي : سمعت الزعفراني يقول: " قدم علينا الشافعي فاجتمعنا إليه فقال : التمسوا من يقرأ لكم فلم يجترئ أحد أن يقرأ عليه غيري ، وكنت أحدثُ القوم سنا، ما كان في وجهى شعرة ، وإني لأتعجب اليوم من انطلاق لسانى بين يدى الشافعى ، وأتعجب من جسارتى يومئذ ، فقرأت عليه الكتب كلها إلا كتابين ، فإنه قرأهما علينا : "كتاب المناسك" و"كتاب الصلاة"
وقال أحمد بن محمد بن الجراح : سمعت الحسن الزعفراني يقول : "لما قرأت كتاب "الرسالة" على الشافعي ، قال لي : من أي العرب أنت ؟ قلت : ما أنا بعربى ، وما أنا إلا من قرية يقال لها الزعفرانية ، قال : فأنت سيد هذه القرية " .
مات سنة ستين ومائتين، وهو الذي ينسب إليه درب الزعفراني ببغداد، وفيه مسجد الشافعي. قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي رحمه الله: " وهو المسجد الذي كنت أدرس فيه بدرب الزعفراني ولله الحمد والمنة" .
طبقات الفقهاء للشيرازي 100 ، طبقات الشافعية الكبرى 114 – 117 طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/62 السير 12/262 تذكرة الحفاظ 2/525 وفيات الأعيان 2/74
12-أبو ثور إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان ، أبو ثور الكلبي البغدادي . الإمام الجليل أحد أصحابنا البغداديين قيل كنيته أبو عبد الله ولقبه أبو ثور .
قال أبو بكر الأعين : " سألت أحمد بن حنبل ما تقول في أبي ثور ؟ قال : أعرفه بالسُّنَّة منذ خمسين سنة ، وهو عندى في مسلاخ سفيان الثوري" .
وقال ابن حبان : "كان أحد أئمة الدنيا ، فقها ، وعلما ، وورعا ، وفضلا ، وخيرا ، ممن صنف الكتب وفرع على السنن وَذَبَّ عنها ، وَقَمَعَ مُخالفيها " .
وقال أبو ثور : "كنت من أصحاب محمد بن الحسن ، فلما قدم الشافعي علينا جئت إلى مجلسه شبه المستهزئ ، فسألته عن مسألة من الدور فلم يجبني . وقال: كيف ترفع يديك في الصلاة؟ فقلت: هكذا. فقال: أخطأت. فقلت: هكذا . قال: أخطأت، قلت: فكيف أصنع؟ فقال: حدثني سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " كان يرفع يديه حذو منكبيه ، وإذا ركع وإذا رفع" . قال أبو ثور: فوقع في نفسي ذلك ، فجعلت أزيد في المجيء ، وأقصر من الاختلاف إلى محمد بن الحسن . فقال محمد لي يوماً: يا أبا ثور أحسب هذا الحجازي قد غلبنا عليك . قلت: أجل، الحق معه. قال: فكيف ذاك ؟ قلت: كيف ترفع يديك في الصلاة؟ فأجابني على نحو ما أجبت الشافعي . فقلت: أخطأت . قال: كيف أصنع ؟ قلت: حدثني الشافعي عن سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم " كان يرفع يديه حذو منكبيه ، وإذا ركع وإذا رفع ". قال أبو ثور: فلما كان بعد شهر ، وعلم الشافعي أني قد لزمته للتعلم منه قال: يا أبا ثور، خذ مسألتك في الدور فإنما منعني أن أجيبك يومئذ لأنك كنت متعنتاً.
طبقات الفقهاء للشيرازي101 ، طبقات الشافعية الكبرى 174 – 180 طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/55 السير 12/72 تذكرة الحفاظ 2/512 الوافي بالوفيات 5/344
13- الحارث بن سُرَيج النقال: مات سنة ست وثلاثين ومائتين، وهو الذي حمل كتاب الرسالة إلى عبد الرحمن بن مهدي الإمام ، ولهذا قيل له النقال .
طبقات الفقهاء للشيرازي 102 طبقات الشافعية الكبرى 112 – 113 طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/60
14- أبو علي الحسين بن علي الكرابيسي . كان إماما جليلا جامعا بين الفقه والحديث . تفقه أولا على مذهب أهل الرأي ، ثم تفقه للشافعي
قال الخطيب : "حديث الكرابيسي يَعِزُّ جدا ، وذلك أن أحمد بن حنبل كان يتكلم فيه بسبب مسألة اللفظ ، وهو أيضا كان يتكلم في أحمد ، فتجنب الناس الأخذ عنه لهذا السبب " .
قال السبكي : " كان أبو علي الكرابيسي من متكلمي أهل السنة ، أستاذا في علم الكلام ، كما هو أستاذ في الحديث والفقه ، وله كتاب في المقالات " .
مات سنة خمس وقيل ثمان وأربعين ومائتين، له تصانيف كثيرة في أصول الفقه وفروعه. طبقات الفقهاء للشيرازي 102 ، طبقات الشافعية الكبرى 117 – 126 طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/63 سير أعلام النبلاء 12/79
15- عبد العزيز بن يحيى بن عبدالعزيز الكناني: المكي المتكلم، وهو الذي ناظر بشراً المريسي عند المأمون في نفي خلق القرآن.
قال داود بن علي: "هو أحد أصحاب الشافعي، أخذ عنه وطالت صحبته واتباعه له ، وخرج معه إلى اليمن ".
قال الخطيب : "وكان من أهل العلم والفضل ، وله مصنفات عدة ، وكان ممن تفقه بالشافعى ، واشتهر بصحبته " .
قال السبكي : " وعلى أنه كان ناصرا للسنة في نفي خلق القرآن ، كما دلت عليه مناظرته مع بشر ، وكتاب "الحيدة" المنسوب إليه فيه أمور مستشنعة ، لكنه كما قال شيخنا الذهبى : لم يصح إسناده إليه ، ولا ثبت أنه من كلامه ، فلعله وضع عليه " .
طبقات الفقهاء للشيرازي103 ، طبقات الشافعية الكبرى 144 – 145
16- علي بن عبد الله بن جعفر المَدِيني .
أحد أئمة الحديث ورفعائهم، ومن انعقد الإجماع على جلالته وإمامته وله التصانيف الحسان.
مولده سنة إحدى وستين ومائة .
كتب عن الشافعي كتاب "الرسالة " وحملها إلى عبد الرحمن بن مهدي فأعجب بها.
قال أبو حاتم : "كان ابن المدينى علما في الناس في معرفة الحديث والعلل ، وما سمعت أحمد سماه قط إنما كان يكنيه ، تبجيلا له " .
وعن ابن عيينة: "يلوموننى على حُبِّ ابن المديني،والله لما أتعلم منه أكثر مما يتعلم مني".
وعنه : "لولا ابن المديني ما جلست " .
وعن عبد الرحمن بن مهدي أنه قال : "ابن المديني أعلم الناس بحديث رسول الله وخاصة بحديث ابن عيينة " .
طبقات الفقهاء للشيرازي 103 طبقات الشافعية الكبرى 145 – 150 تاريخ بغداد 11 / 458، السير 11/41 473 ، طبقات الحنابلة 1 / 225، 228، تذكرة الحفاظ 2 / 428، 429، العبر 1 / 418، البداية والنهاية 10 / 312، تهذيب التهذيب 7 / 349، 357، النجوم الزاهرة 2 / 276، 277، طبقات الحفاظ: 184، خلاصة تذهيب الكمال: 275، شذرات الذهب 2 / 81.