سلاّم (كتاب)
المؤلف | هاني نقشبندي |
---|---|
البلد | لندن |
اللغة | عربية |
الموضوع | تاريخ الأندلس |
الناشر | دار الساقي للطباعة والنشر |
الإصدار | 2009 |
عدد الصفحات | 239 |
رواية سلاّم هي رواية من تأليف الروائي السعودي هاني نقشبندي ، تتناول الرواية رؤية مؤلفها ، في سر زوال دولة العرب والمسلمين من بلاد الأندلس (هكذا كانت تسمى شبه الجزيرة الإيبيرية بأسبانيا في حكم المسلمين من 711م إلى 1492م).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فكرة الرواية
تتحدث عن الأندلسوتصف مآثرها وطرقاتها ونعيمها من خلال بطل الرواية وهو أمير سعودي يسعى لبناء قصر الحمراء في الرياض ، فتتجلى المواقف وتتشعب وتختلط البوليسية بالتاريخ وبالحكايات الأسطورية. [1]
إستعراض الرواية
تدول أحداث الرواية حول سر زوال دولة العرب والمسلمين في بلاد الأندلس حيث يروي:
للمرة السادسة يستقل أمير سعودي يدعى عبدالرحمن وحاشيته سفينة تبحر بهم إلى أسبانيا .. تلك البلد التي يحبها كثيرا ، ولكنه دائما أيضا كان يتجنب زيارة المدن الأندلسية ، ربما لأنها تذكره بإمبراطورية العرب الإسلامية في تلك البقعة والتي ضاعت منهم وإلى الآن. [2]
لكن قبطان السفينة في هذه المرة يدعو الأمير لكسر هذا الحاجز النفسي وعدم استحضار التاريخ ونصحه بأن يبدأ بزيارة غرناطة ، وهي على كل حال قريبة الشبه بمدينة ماربيا التي يعشقها الأمير ، وقال له أن غرناطة تحوي الكثير مما يستحق رؤيته تجد بها الطبيعة الساحرة والأسواق التاريخية والبوابات المغربية الضخمة والأهم .. قصر الحمراء .
رماح كان أبرز مرافقي الأمير وأقربهم منه ، وفوجيء رماح بمحادثات تليفونية كثيرة تجري بين الأمير والرياض وبعدها اتخذ الأمير قرارا بشراء التل الكبير في الرياض تمهيدا لبناء قصر كبير عليه يشابه قصر الحمراء في غرناطة .
خلال جولتهما بقصر الحمراء قام رماح بتزويد الأمير بقصص بعضها حقيقي والآخر خيالي عن كل ما شاهدوه بالقصر ففي حديقة السباع أكد البعض أن صرخات أكثر من عشرة رجال من بني سراج ، وهم أمراء بني الأحمر ووزراؤهم ، تتردد في جنبات الحديقة بعد أن قطعت رؤوسهم فيها ، وتابع : هذا القصر شهد عز العرب في الأندلس وهو أيضا من شهد ذلهم ، ومنه طُرد آخر ملوكهم أبو عبدالله الصغير ، الذي بكى عليه كما تبكي النساء ، قبل خمسة قرون .
كانت التذاكر في حوزتهم تخولهم الدخول إلى أقسام قصر الحمراء الثلاثة : جنة العريف ، حيث الحديقة الملكية في الأعلى ، ثم القلعة العسكرية للقصر إلى الغرب ، ثم القصر ذاته في الجهة الشمالية .
شيئا ما دفع الأمير إلى أن يصعد أعلى القلعة ، وتبعه رفيقاه في داخل القلعة طريق حجري يقود إلى سطحها، هم الثلاثة بالإنصراف عن المكان ، لولا أن شيئا دفع الأمير إلى أن يصعد إلى أعلى القلعة ، وعندما توقف ليلتقط أنفاسه وقد بلغ السطح ، وجد نفسه أمام جرس يشبه جرس الكنيسة ، بل هو جرس كنيسة بالفعل ! " ما يفعل الجرس هنا ؟" سأل رماح . "وضعه الإسبان بعد سقوط غرناطة " . أجاب الأمير وهو يقرأ في كتيبه .
ظلال طفل
قرر الأمير أن يبني قصرا يشبه الحمراء تماما على التلة التي اشتراها في الرياض ! فجأة أحس الأمير بانقباض صدره .. صعد لحجرته ,, لم يكن نائما هكذا أكد .. عندما تراءت له ظلال طفل يبكي ,, كان أجعد الشعر .. في منزل يشبه الحمراء تماما .. كان هناك نافورة وفناء وماء .. ماء غريب اللون .. لم يكن ماءا كان دما ".
جاء الأمير إلى قصره ابن برجان ، رجل قمحي البشرة دقيق الأطراف والأنف بارز الوجنتين ، له لحية بيضاء خفيفة ، وعينان عسليتان هادئتان ، يوحي مظهره بوقار يتناسب وعمره الذي يقترب من السبعين ، وقال له : " لن آخذ الكثير من وقتك أيها الأمير ، لكني سمعت أنك تريد أن تبني قصرا يشبه الحمراء ! " فرد عليه " نعم .. سأبنيه ليكون مقرا لي في الرياض" فقطب الشيخ جبينه وبنبرة ودودة وإن بدت آمرة قال : " لا تفعل أيها الأمير " !
حاول ابن برجان أن يقنع الأمير بأن القصر يأبى أن يقلده أحد ، وإن لعنة تصيب من يحاول أن يستنسخه ، ولا ينبغي له أن يبني قصرا يشابهه في الرياض .
ابن برجان هو شيخ علم أسرار الأندلس غير المكتوبة ، وشعر أن عليه أمانة تحذير الأمير من لعنة تصيبه إذا قلد الحمراء ، بالطبع سأله الأمير عن السبيل لبناء القصر والخروج من العنة ، فكانت إجابة الشيخ : " أن يبني الحمراء في الرياض من بنى الحمراء في غرناطة "! استخف بحديثه رماح قائلا : " وفي أي مقبرة يمكن العثور على من بنى الحمراء ؟" فرماه ابن برجان بنظرة أستاذ يعنف تلميذا له : " لن تبحث عنه في مقبرة .. فلا يزال الرجل حيا "! . لم يكن هذا الرجل سوى " سلّام"
تبدأ من الآن الرحلة الشاقة والمرهقة للذهن بحثا عن سلّام والمفترض أنه الوحيد القادر على بناء القصر في الرياض بدون أن تحل اللعنات بالجميع ، يقول ابن برجان أن أباه رآه آخر مرة قبل أن يتوفاه الله منذ خمسين عاما.
وجه الشيخ رماح لمدينة تطوان القديمة ليسأل عن سلّام . وفي طريق رماح نقرأ : " في الحادية عشرة والنصف بتوقيت المغرب ، بدأت تطوان الملتصقة على ظهر جبلها الكبير تظهر للرانج روفر ، مدينة صغيرة ، ا0ستوطن الجزء القديم منها أندلسيون هربوا من قمع الأسبان لهم منذ خمسة قرون . وهذا ما يبرر التشابه بين طرقات غرناطة وأزقة المدينة القديمة لتطوان .
الصندوق الصغير
قطع ابن برجان على نفسه عهدا بمواصلة الليل والنهار حتى يلقى سلام ، وبعد طول انتظار من الأمير ورماح وابن برجان في المدينة المغربية مضى ابن برجان يحكي ما حدث " نظرت فإذا برجل يستحم قرب النبع . كان واقفا يرتدي سروالا طويلا أبيض اللون . لم أتبين ملامحه . اقتربت منه حتى سمعت صوت صليل معدن . ما كدت أضع عيني في عينيه حتى أدركت أنه هو .. " ! وعاد يبكي .حيث اختفى سلام من أمامه بلحظات ، وبعدها يختفي ابن برجان باحثا عن سلام وتزداد حيرة رماح والأمير .
مضى وقت طويل بعدها وبينما الأمير على هذه الحالة إذ بعينيه تجمدان باتجاه القصبة . كان منظر الرجل غريبا : شعر فضي مشدود إلى الوراء بربطة مطاطية . قميص نظيف مفتوح على الصدر ، بألوان زاهية مشجرة ، وبنطلون جينز.. كان أقرب إلى سائح أو فنان هيبي !
وقال له الرجل للأمير أنه لن يحظى بقصر مثل الحمراء ولو دفع مال الدنيا لأنه لن يستطيع شراء التاريخ ، وسأله لماذا تريد أن تبني القصر ، فقال الأمير أنه يرى فيه سحرا لا يضاهيه سحر كما أنه رمز مجدنا .. جزء من ذاكرتنا .. أندلسنا الذي ضاع ، ولم يتبق إلا هذا القصر .
ترقب سلام للحظة ردا من الأمير ، ثم تابع حديثه " عندما بني القصر ، لم يكن الإسلام قويا في الأندلس . ومن اجل ذلك تم بناؤه ، كي يعكس قوة زائفة لإسلام الذي كان على وشك السقوط . الجرس الذي يعلو القصر الآن له قيمة أكبر من حجمه الصغير ومن قرقعة صوته . فقصر الحمراء الذي قصد به أن يرمز إلى إسلام قوي ، وضع على رأسه جرس كنيسة ليرمز إلى إنتصار المسيحية على هذا الإسلام القوي " !
بقي الأمير واجما يستمع .. فيما تابع سلام حديثه :
- "هل فهمت أيها الشاب اللعنة التي أقصدها ؟ إنها هنا ، إنها في تاريخ القصر . في كل حجر منه . المعركة لا تزال قائمة بين دينين ، وهذا القصر يرمز إليها في استمرارية ساخرة . المعركة لم تنته بعد . الحمراء هناك جندي مسلم . والجرس جندي مسيحي . كلاهما ملتصق بالآخر ، ويصطدم به في اللحظة ذاتها . هل فهمت أيها الشاب عن أي لعنة أتحدث " ؟
أبو عبد الله آخر ملوك غرناطة المسلمين
" عفوك أيها الشيخ .. " قال الأمير وقد علته ملامح استنكار وغضب " أتقول احتلالنا للأندلس .. ؟ وهل كنا غير فاتحين " ؟
" فاتحون .. " ؟ تساءل سلام في سخرية .
" نعم .. فاتحون . فلم السخرية "؟
" لو كنا كما تقول لنشرنا إسلاما يبقي حتى اليوم في الأندلس لا أن نطرد منها .. " واخذ يقلب ناظريه بين رماح وأميره " عندما دخلنا الأندلس ، ادعينا أننا ننشر دينا سماويا . ادعينا أننا مبشرون بالدين العظيم . لكننا لم نفعل شيئا من ذلك " . وارتفع صوته في حدة " تسع مئة عام قضيناها هناك ولم نفعل شيئا " ؟ ..
.. يمضي الحوار ثم يقول الأمير: " هم أيضا يحاربوننا باسم الدين" ؟ سلّام : " هم أيضا مخطئون . لكن هل نعالج خطأ بخطأ".
وفي مداخلة لا تتفق وقناعات رماح الدينية قال يعنف الشيخ : " كيف تقول عن المسلمين إنهم محتلون وهم ينشرون الإسلام ؟ "
سلّام : " دعه ينتشر بالحب بالحوار لا بالصدام " ونظر للأمير وأشار بإصبعه إلى البعيد " هل أدركت الآن اللعنة التي تسكن ذاك القصر . إنه صدام الجرس مع القرآن " ؟
تباطأت الكلمات من فم سلّلام ، وبدا عليه التعب " قبل أن نبني الحمراء مرة أخرى علينا أن نطهر أنفسنا . حان للمعركة أن تنتهي . لن ننتصر على أحد . لن ينتصر أحد على أحد . لأنه لا يمكن أن نحيا دون آخر نستمد منه بقاءنا.